9 ÷ 9

شريف هادي في الخميس ٢٦ - أبريل - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

أخي الكريم حسام
لقد قمت بتفسير كلمة قلب وتوصلت لنتيجة أن القلب هو العقل الذي في الجمجمة ، وكان لزاما عليك أن تعيد تفسير كلمة صدر لتتوافق مع طرحكم ، ثم طلبت مني منحك درجة من تسع درجات ، وقد شرعت في كتابة مقالة لعرض فكرتي في تفسير نفس الكلمة ثم أترك لك تقييم نفس تطبيقا لقاعدة قرآنية أن الانسان على نفسه بصيرا، ولكن قبل أن يكتمل بحثي وجدتك نشرت بحثا كاملا ، ثم قرأت تعقيب أخي الحبيب حسن عليك ، فعرفت أنه طبيبي النفسي الذي يقرأ أفكاري ولو نظر لعيني سيعرف كل أسراري على رأي الس&;يد اللواء / محمد عبد الوهاب.
فقرت أولا أن أستعير ما كتبه أخي حسن بالنص وقد قال (كلمة قلوب ( بدون ألف لام ) جاءت بالقرآن 15 مرة , وجاءت معرفة بأل ( القلوب ) 6 مرات , أما كلمة صدور بدون أل فقد جاءت 4 مرات , وجاءت كلمة الصدور معرفة بأل 16 مرة .فى جميع الآيات التى جاءت فيها كلمة قلوب كانت ترتبط بالعقل والتدبر والتفكير مما يؤيد ما تذهب إليه من أن القلب هو العقل ولكن قوله تعالى فى سورة الأحزاب الآية 10: (( وبلغت القلوب الحناجر )) , ثم قوله تعالى فى سورة غافر الآية 18 (( إذ القلوب لدى الحاجر كاظمين )) .. نفهم من هاتين الآيتين أن القلب هو ذلك العضو الذى يسكن الصدر .ثم يؤيد ذلك قوله تعالى فى سورة النازعات الآية8 (( قلوب يومئذ واجفة )) . أما كلمة الصدور فهى تسير مع منهجك أيضاً البحثى وتؤيد ما تذهب إليه من أن الصدر هو الرأس ولكنك عندما تقرأ قول الحق تعالى فى سورة هود الآية 5 (( ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه )) تفهم أن الصدر هو ذلك المكان الذى يوجد به الأضلاع والقفص الصدرى .. وفى تكوين جيوش القدماء كان الجيش يتكون من المقدمة والصدر وهو والميمنة والميسرة والمؤخرة بما يشبه جسم الإنسان .. وإننى أرى أن العقل هو ذلك العضو الموجود فى الرأس وأن القلب هو ذلك العضو الموجود فى الصدر , ولكن هناك إرتباط عصبى خطير وسريع بين كل إنفعالات العقل وبين القلب فتنعكس عليه لدرجة أن الحزن أو الصدمة العصبية أو الصدمة النفسية قد تتسبب فى توقف فجائى لعضلة القلب ووفاة الإنسان . فمن شدة إنعكاس أى إنفعل عقلى على القلب ربط الله تعالى بين العقل والقلب كأنهما نفس الشىء . ولكن هذا لا يمنع من أن القلب هو العضلة التى تضخ الدم بالجسم وأن العقل هو ذلك المايسترو الموجود فى الدماغ والذى يتحكم فى كل شىء فى جسم وفكر الإنسان)
واسمحا لي أن أضيف وبالله التوفيق.
أولا أتفق تماما مع التعريف الذي ذهب اليه أخي الحبيب حسن ، ولكن كان لزاما على الباحث المنصف (أي باحث) قبل أن يجهد نفسه في التعريف أن يضع ماهية للوظيفة التي يقوم بها المسمى الذي تم إطلاق الاسم عليه ومطلوب تعريفه.
وهنا نجد أنفسنا أمام ثلاث كلمات
القلوب ( التي في الصدور) "أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور"
العقول (التي في الرؤوس) " افتطمعون ان يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون " وقوله " ثم صبوا فوق راسه من عذاب الحميم "

الألباب ،واسمحوا لي أن استشهد بآيات ثلاث وهي قوله تعالى " وتزودوا فان خير الزاد التقوى واتقون يا اولي الالباب" و قوله تعالى " يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد اوتي خيرا كثيرا وما يذكر الا اولوا الالباب" وقوله تعالى " لقد كان في قصصهم عبرة لاولي الالباب ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون "
أما العقل فهو وعاء المعرفة وله وظيفة أساسية هي تجميع المعارف والعلوم المكتسبة من الخبرة والتجريب ووسائلها الحواس فهي التي تتلقى المعرفة وترسلها للعقل وفي العقل مخزنين أحدهما كبير وهو مخزن المهمل ويسمى (هامش الشعور) والآخر أصغر بكثير وهو مخزن المستخدم ويسمى (بؤرة الشعور) ، ودليلي أخذه من القآن استنباطا في قوله تعالى " واقسموا بالله جهد ايمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن اهدى من احدى الامم فلما جاءهم نذير ما زادهم الا نفورا " وقوله تعالى " تكاد تميز من الغيظ كلما القي فيها فوج سالهم خزنتها الم ياتكم نذير(8) قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء ان انتم الا في ضلال كبير" الملك ، الشاهد في الآيات الكريمة أن الكفار عندما يساقون إلي النار يعترفون أن جائهم نذير ، ولكن كذبوا ، فالعلم بالنذير موطنه العقل أما التكذيب فله شأن آخر ولنسير مع كلمات الله لنعرف أكثر ، فتون وظيفة العقل هي المعرفة.
أما القلب فهو مركز الشعور والاحساس ، ووظيفته الأساسية الإدراك والتعقل بالقبول أو الرفض ، مع تغيير الحالة المزاجية للفرد ، ونستخلص هذه النتيجة من قوله تعالى " فمن يرد الله ان يهديه يشرح صدره للاسلام ومن يرد ان يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كانما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون " وطبعا الصدر هنا مقصود به القلب والشاهد على ذلك قوله تعالى " افلم يسيروا في الارض فتكون لهم قلوب يعقلون بها او اذان يسمعون بها فانها لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور".
وتأكيدا لذلك يمكنك أن تراجع على نفسك في حالات الخوف والفرح والحزن والغضب ،ستجد دائما جميع هذه الحالات مركزها القلب ، وجميع حالات التقلب المزاجي يكون القلب والصدر هو مركز الشعور بها ، وقد قسم الله سبحانه وتعالى القلوب إلي أنواع كثيرة فمنها
القلب السليم في قوله تعالى " الا من اتى الله بقلب سليم" وهو القلب الذي يعقل التمييز بين الحق والباطل فيقبل الحق ويرفض الباطل
القلب المريض في قوله تعالى " فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا" ، وهو قلب قد يعرف الحق ويقبله ولنه يحب ورود المعاصي من بب قبول الشهوة وحبها
القلب المتكبر الجبار في قوله تعالى" كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار" وهو قلب ساديً نرجسياً ل ما يهمه التحكم والتسلط حتى ولو كان على حساب الحق الواضح الذي يعلمه ولكنه يخفيه ويكمره ، ما فعل فرعون الذي آمن عند الغرق وظهر ما في نفسه أنه يعرف الحق ويعرف لااله إلا الله
القلب المختوم في قوله تعالى" افرايت من اتخذ الهه هواه واضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله افلا تذكرون" وهو قلب علم وقد بلغه العلم نقلا بالحواس ولكن رغم العلم لم يعقل لأن الله ختم على قلبه أن يعقل ، وفي هذه الآية تقريب أكثر للمعنى المراد توصيله ، فالعقل مرز العلم ووسيلته الحواس أما القلب فهو مرز التعقل
القلب المنيب في قوله تعالى" من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب" وهذا القلب يجعلنا نتسائل أناب من ماذا ولماذا؟ أناب من الباطل وللحق ، من المعصية وللطاعة بالاقلاع والاستغفار
فتعريفنا لوظيفة القلب وإدراكنا لأنواع القلوب كافٍ لتقريب المعنى المراد توصيله لنتأكد أن القلب هو تلك العضلة المكونة من بوطينين ، وأذنيين وبها صمامين ويتصل بها الشرايين والأوردة وتقوم بضخ الدم انبساطا وانقباطا ، وهي مركز الشعور والإحساس كما انها مركز الادراك والتعقل
ولكن هنا وظيفة ثالثة تجمع القلب والعقل معا أو ما يسمى بالألباب ، ولب الشيء هو داخلة ولب الانسان قلبه وعقله معا ، أما الوظيفة التي يقوم بها فمشتقة من الآيات التي استشهدنا بها في هذا البحث وهي التقوى والذكرى والعبره ، وبماأن الأصل في التقوى مخافة الله فتكون استنباطا من تراكمنا المعرفي عنه سبحانه وتعالى ، كما أن الذكرى استقراء الحوادث والعلوم للوصول لنتيجه ومحوها الاستنباط ، والعبرة هي مرادف فعلي للاستنباط ، فتون وظيفة الالباب الرئيسية هي الاستنباط وهي وسيلة العلماء في الارشاد للهداية أو الغواية ، ولما كان العقل مخزن والقلب أمين هذا المخزن فكلاهما يقوم بهذه العملية المعقدة مجتمعين ليس منفردين ، وقد أوجز الله سبحانه وتعالى كل ذلك في آية معجزة فقال " الم تر ان الله انزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الارض ثم يخرج به زرعا مختلفا الوانه ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يجعله حطاما ان في ذلك لذكرى لاولي الالباب" أنظر كيف أن الله سبحانه وتعالى ضرب لنا مثلا بعلم حياة النبات منذ نزول المطر حتى الحطام وهي ظاهرة شائعة يعرفها الناس بعقولهم ، ويدرونها بقلوبهم ولكن لايحدث منها الذكرى إلا لألي الألباب ، ومن هم أولي الألباب ، قال تعالى " ان في ذلك لذكرى لمن كان له قلب او القى السمع وهو شهيد " فالشهادة علم وإلقاء السمع تحصيل للمخزون الثقافي والتراكم المعرفي ، وكلاهما وسيلة العقل في التحصيل ، والقلب للقيام بعملية الإدراك والإحاطة ثم يأتي دور الألباب للاستنباط والذكرى ، والألباب هما جماع العقل والقلب معا ، مع الوضع في الاعتبار أن وسائل التحصيل لا تنفصل عن المخزن وتأخذ حكمه فالحواس تأخذ حكم العقل في عملية الاستنباط المعقدة والتي وهبها رب العزة للإنسان دون غيره.
أحب أن أوجه كلمة للسيد المهندس / على عبد الجواد أقول حسنا فعل القائمين على الموقع بوضع مقالاتك في مكان خاص بصدر الصفحة الأولى ، فأنا لم أعلق لك من قبل ليس إهمالا حاشا لله ولكن استئناسا بما تكتب وتمتعا به وأقول في نفسي آنى لجاهل مثلي أن يعلق على عالم مثلك ، كلنا ندعوا لك ولصحبك في القضية المرفوعة ضدكم ، مهما كان الحكم فيها فأعلم أن حكم الله ماضٍ فيكم وفينا وفي الخلائق ، فلا ترهبك قضية ولا يخضعك حكم ، فطريقنا طريق تعب فيه آدم وناح لأجله نوح وألقي في النار ابراهيم وأضجع للذبح اسماعيل وشق البحر بعصاه موسى وسار مع الوحوش عيسي وأذي فيه محمد عليهم جميعا أكمل صلاة وأفضل تسليم.
وكلمة أخرى لأخي حسام وأخي محمد شعلان وباقي الإخوة ، أنت يا حسام بحثت في معنى كلمة قلب وبوبت لنفس فقه الكلمات ، وأنت يا شعلان تبحث في كلمة أنفسكم ، أرى يا أخواني أننا نسير في الطريق الصحيح ، فوالله الذي لا إله إلا هو كنت أشتاق للوصول لهذه المرحلة وهي مرحلة المنهجية ،فموقعنا الكريم بدأ وكل منا يكتب ما بدا له ، فان عبارة عن خواطر أناس يبحثون عن الطريق ، وقد جذبهم جميعا منهج الدكتور أحمد ، ولكن دون أن يحاول أحدنا تقييم المنهج أو تعلمه وأكتفينا بالنتائج التي توصل إليها العالم الجليل والاستاذ القدير الدكتور أحمد حتى دون أن نعرف لماذا ، والآن بدأت الصحوة الحقيقية فأدعوا الله أن تستمر ويشترك معنا باقي الإخوة الكرام كل منهم ينفعنا الله بما يفتح عليه من علم حصله فأدركه ثم أحاط به ووعاه وأعمل النظر والفكر فاستنبط منهجا بهدينا جميع إلي سراط رب العالمين ، فالحمد لله ، الحمد لله ، الحمد لله
وكلمة أخيره لأساتذتي فوزي فراج ، وعلى عبد الجواد وأبن عساكر المصري وغيرهم ، لقد منحكم الله علما حصلتموه ووهبكم قلوباً سليمةً أدركته وفطرة طيبة فقمتم بالاستنباط والبحث حتى عرفتم الطريق واخترتموه بمحض ارادتكم عن إيمان وثقة ، أنتم الآن تعطونا ماتوصلتم إليه من نتائج وهذا عظيم ولكن نحب أن نشارككم منهجكم الفكري الذي من خلاله توصلتم لهذا الطريق فلا تبخلوا علينا به ، نريد أن نعرف فلسفتكم بل ونقطة التحول في حياتكم ، وأنا على تقة أن مجموع تجاربكم إذا وعيناها ستكون حصنا حصينا لنا من الذلل والشطط ، وتبقى في ميزان حسناتكم حتى تلقوا عليها الله ، فنحفظ موقعنا من الشطحات والمتاهات ، وعندها فقط ستكون درجتنا جميعا وليس حسام فقط 9÷9
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته أخوكم / شريف هادي

اجمالي القراءات 16876