فارق بين الأخلاق والواقع

سامح عسكر في الأحد ١١ - يونيو - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

يوجد فارق بين الأخلاق والواقع

يعني ممكن شئ يكون واقعي لكن غير أخلاقي والعكس صحيح

عاوز مثال؟

طلب معاوية القصاص لدم عثمان بن عفان، هذا شئ أخلاقي... مين ضد القصاص؟..لكن في نفس الوقت هذا الطلب (غير واقعي) لأن اللي قتل عثمان كانوا كتير و بالبلدي كدا (كانت هوجة) يعني ثورة وفتنة لا يمكن تحديد المتهم بدقة، ولو حصل هتجيبهم ازاي ومين هايسمحلك؟

أصبح طلب معاوية مستحيل..ولأن الإمام علي بن أبي طالب عزله من ولاية الشام أصبحت الأجواء غير طبيعية، والطلبات المستحيلة في أجواء غير طبيعية تسمى .."جنون"..من هنا ظهر مبدأ.."قميص عثمان"..كرمز للتجارة بالأشياء..الفعل نفسه أخلاقي لكن أدى لمجموعة شرور لا زلنا نعاني منها إلى الآن بسبب جهل واقعيتها وكيفية تنفيذها..

أغلب الظن إن معاوية كان زي حكام الخليج الآن يفكر بالسيطرة والهيمنة دون النظر للعواقب مما أدى لإشعال الفتن، والكلام دا كلام أهل السنة نفسهم قبل ما يكون كلام الشيعة، بمعنى إن معاوية موضوع ضمن (الفئة الباغية) عند جميع المسلمين، وسلوكه كحاكم يوضع ضمن نظريات الحكم المستبدة..رجل متطلع (للتكويش) على كل شئ ولم يجد سوى دم عثمان لحشد الناس..وطبعا أنصاره ظنوا إن الإمام علي هو اللي قتل عثمان كونه يرفض أولوية القصاص على العزل.

في السياسة قبل ما تفكر في أخلاقية الفعل فكر أولا في (واقعيته) رونالد ريجان أشعل حروب في أمريكا الوسطى وقتل مئات الآلاف عشان الليبرالية ..كذلك هدد بضرب سوريا وإيران لنفس السبب..وأسقط المجرم طائرة مدنية إيرانية وقتل 300 مدني في لحظات، نفس الشئ فعله جورج بوش الأب والإبن في العراق وأفغانستان..

ماذا كانت النتيجة؟

لا شئ..أمريكا ما زالت مكروهة في أمريكا اللاتينية والشرق الأوسط، والليبرالية سمعتها زي الزفت عندنا..إنما دول أخرى تقدمت ونهضت بالليبرالية من غير حروب عن طريق التبشير ودعم الثقافة، وأمريكا بينها وبين الثقافة ما صنع الحداد..هؤلاء براجماتيون غير مهتمين بالفكر والنقد والتنظير..كل همهم صلاحية الشئ فقط للتطبيق ، ويستعينوا بالتجربة لإثبات ذلك..

والكارثة أن هذا الفعل (الأخلاقي) الأمريكي نتج عنه (شرور) دعم الأصوليين وإحياء الفكر الإرهابي ونشر القيم المادية المحضة..حتى يمكن القول أن السلفية المادية في الخليج تناغمت بشكل غريب مع البراجماتية المادية أيضا في أمريكا، ودا سر التحالف السعودي الأمريكي الآن..كلاهما يفكر بنفس الطريقة..هذا مسلم وهذا مسيحي..وفي الحقيقي كلاهما ماديون..

الخلاصة: إن يجب التفريق بين الفعل من جهة الأخلاق ومن جهة التطبيق، قد يكون الفعل نفسه أخلاقي ذو مبادئ طيبة، لكن تطبيقه ينتج عنه شرور لا حصر لها..والنقطة دي مختلطة عند كثير من الناس..تجده مثلا يرفع مبدأ القصاص من فلان ويجتهد في ذلك..لكن ناسي إن فلان هذا مش صعلوك..هذا رئيس دولة قوية لها نفوذ وانتشار.

كذلك يرفع مبدأ محاكمة الإرهابيين..بينما داعش مسيطرة على محافظات في بلده..ياأخي طب حرر بلدك الأول منهم وبعدين حاكمهم..
اجمالي القراءات 7424