أكّدت مصادر مطلعة لشبكة CNN أنّ ملف قضية المرأة السعودية التي أوقفت قبل أيام لجلوسها في أحد المقاهي مع زميلها في العمل من قبل رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بحجة أنه ليس من محارمها، قد أغلق تماما.
وبدأت القضية عندما شوهدت سعودية من جدة، تدعى يارا، متزوجة منذ 27 عاماً، ولديها عائلة من ثلاثة أطفال، تجلس في أحد مقاهي "ستاربكس"، الذي قصدته مع زميلها في العمل، وهو سوري الجنسية، إثر انقطاع التيار الكهربائي في مكاتب الشركة التي كانت تنوي افتتاحها في العاصمة السعودية أثناء عمليات الصيانة، وذلك بانتظار إصلاح العطل.
وجلست "يارا" مع زميلها في القسم المخصص للعائلات، وهو القسم الوحيد الذي يسمح فيه بالاختلاط في الأماكن العامة بالسعودية.
وقالت يارا إنّها إلى التوقيف في الرياض على أيدي عناصر من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الذين طلبوا منها توضيح صلتها بزميلها، وما إذا كان أحد محارمها.
وعندما اتضح أن الزميل لا يرتبط بها بعلاقات قربى تم القبض عليها واقتيادها في عربة دفع رباعي مظللة الزجاج إلى قسم النساء في سجن "الملز"، حيث أُرغمت على خلع ملابسها والخضوع لتفتيش صارم، وطلب منها التوقيع على أنها كانت في وضع "خلوة مع أجنبي،" ومنعت لساعات من الاتصال بزوجها في جدة.
وبعد ذلك، أرغمت يارا على الاستماع لنصائح دينية من أحد الشيوخ، الذي حاولت، دون جدوى، التأكيد له بأن زوجها يعرف بوجودها في الرياض، وذلك قبل أن يُفرج عنها، بعد تدخل زوجها الذي عرف بالقضية من أحد الأصدقاء.
وفي وقت لاحق، ذكرت مصادر شبكة CNN أن زميل يارا، والذي يشغل منصب خبير اقتصادي، أفرج عنه بدوره، بعد أيام قضاها في زنازين هيئة الأمر بالمعروف.
وبالمقابل، أبدى مصدر في منظمة دولية لحقوق الإنسان(HRW)، هيومان رايتس ووتش لموقع CNN بالعربية استنكاره الشديد للحادث التي تعرضت له المرأة علناً، والتي تم تفتيشها لاحقاً، بعد إرغامها على خلع ملابسها، مشدداً على أن هيئة الأمر بالمعروف "خارجة عن القانون" لمخالفتها الأنظمة، ولعدم وجود مظلة ترعى عملها.
وقال كريستوف ويلكي، المختص بشؤون السعودية في منظمة هيومان رايتس ووتش: "أنا مقتنع بأن هيئة الأمر بالمعروف غير قانونية لأنها لا تتقيد بأحكام القانون، ومنها عدة قرارات من وزارة الداخلية، ولا يوجد قانون يحدد لها عملها."
وكشف ويلكي أنه التقى خلال زيارته للسعودية بهدف إعداد تقارير عن حقوق الإنسان بالبلاد، يتوقع أن يصدر قريباً، برئيس هيئة الأمر بالمعروف، الشيخ إبراهيم الغيث، حيث أثار معه قضية التوقيفات التي تقوم بها الهيئة، طالباً تحديد السند القانوني الذي يتم بموجبه توقيف النساء.
وزعم ويلكي أن الغيث، "عجز عن الإجابة."
ووصف ويلكي هيئة الأمر بالمعروف، التي يعرف عناصرها بـ"المطاوعة" بأنها "خارجة عن القانون"، وأنها تتصرف وكأنها "فوق أحكامه،" وقال إن الشعب السعودي "خائف من طغيانها،" على حد تعبيره.
وأكد ويلكي أنه يعمل على إعداد تقرير سيصدر قريباً يتناول فيه الهيئة من باب النظام القضائي والقانون المطبق في السعودية، والقواعد المكتوبة وغير المكتوبة التي تتحكم بعملها، والتي وصفها بأنها "غامضة."
وذكر أن توصيات التقرير ستثير، ما اعتبره "عشوائية" في قانون العقوبات، والذي قال إنه "غامض" حيال قضايا، مثل العقوبة الواجب تطبيقها حيال عدم أداء الصلاة في وقتها مثلاً، إذ لا يتضح فيه ما إذا كانت العقوبة تقتصر على التحذير أم تمتد لتصل إلى السجن، معتبراً أن تصنيف العقوبات بين المخالفة والجنحة والجناية "غير واضح،" على حد تعبيره.
وأضاف قائلا: "طلبنا وضع قانون عقوبات مكتوب ينسجم مع المعايير الدولية لناحية تجريم الأفعال بوضوح، فهيئة الأمر بالمعروف تعاقب من ينطق ضدها مثلاً، وعندنا قلق شديد بما يتعلق بكونها سلطة مستقلة باتت لا تحترم قرارات وزارة الداخلية نفسها."
واستدل ويلكي، الذي كان يتحدث من مكاتب المنظمة في نيويورك، على صحة كلامه بقرار وزير الداخلية الذي صدر عام 1981، والذي يتضمن تعليمات حول نظام عمل الهيئة، ووجوب منع حالات السجن والاعتقال.
وخلص المختص بالشؤون السعودية في منظمة "هيومان رايتس ووتش" إلى التشكيك في إمكانية إصلاح الهيئة، غير أنه عاد وقال إن طلب حلها ليس من حقه، باعتبار أن ذلك يعتبر "قرارا سعوديا صرفا."
غير أنه طالب، على الأقل، ألا تقوم الهيئة بتجريم أفعال تعتبر حقوقاً مكتسبة في ظل القانون الدولي، كحرية اللباس واختيار الأطعمة والأشربة.
ويذكر أن تقرير منظمة حقوق الإنسان الدولية عن السعودية هو الأول، ويأتي بعد سجل حافل من خروقات حقوق الإنسان المختلفة، تدخّل في بعضها العاهل السعودي، الملك عبدالله بن عبد العزيز لإيجاد حلّ لها.