الأزهر وتجارة الرقيق
بسم الله الرحمن الرحيم
كان بمصر رقيق تم تحريره وكان الرقيق يخدمون في بيوت الأعيان المصريين والأتراك ويفلحون في أرض مصر ، والنساء منهم كانوا يُتخذون كمحظيات لأغنياء القوم ، وكان لهم أوضاع قانونية تحدد معيشتهم وحقوقهم، وطرق شرائهم وبيعهم، وتحدد أسعارهم.
في عصر “عباس الأول” الذي كان يكره الرق وتجارته، عمل الرقيق في وظائف عالية، كحكام محافظات وموظفين في الحكومة.
وفرض “سعيد باشا” حظراً على تلك التجارة، وجعل الرقيق البيض يعملون كضباط في الجيش المصري، والسود منهم كانوا جنوداً.
واستمر الوضع فى تلك التجارة مستقرا في مصر حتى اندلاع الحرب الأهلية الأمريكية. حين بدأت حركات حقوق الإنسان [وليس الأزهر] تنادي بتحرير العبيد وإلغاء تجارة الرقيق.
فكان على “إسماعيل باشا” ضرورة اتخاذ موقف يكسب به نقاط وسط الأمواج الدولية المتلاطمة آنذاك، فكان قراره بإلغاء الرقيق ومحاربته، رغم أن معظم جنوده في فيالقه التي حاربت تلك التجارة كانوا من العبيد المجندين، والذي استخدمهم في جيشه حتى عزله.
وفي 4 أغسطس 1877، وقعت الحكومتين البريطانية والمصرية على اتفاق بالإسكندرية يقضي بقمع تجارة الرقيق، وطبقا لذلك تم منع استيراد أو تصدير العبيد السودانيين والأحباش، كما استلزم الأمر فرض عقوبات مشددة على تجارة الرقيق.
وشكل قرار إلغاء الرقيق أهم التغيرات الرئيسية التي عرفها التاريخ الاجتماعي المصري في القرن التاسع عشر بعد أن رأت مصر أن تجارة الرقيق وصمة إنسانية يجب الخلاص منها ، وناقش مجلس شورى النواب قوانين يناير 1896 المتعلقة بالعبودية وتجارة الرقيق و لم يظهر رأي واحد يعارض قمع العبودية وتجارة الرقيق. ومع لك لم يتم إلغاء الرقيق بمصر
وفي عام 1926 عقدت “اتفاقية إلغاء الرق والعبودية” في مؤتمر الرق العالمي International Slavery Convention الذي عقد في جنيف (25 سبتمبر 1926م)، وعملت بريطانيا جاهدة بعد توقيع الاتفاقية على التأكد من إلغاء الرق والعبودية في مصر، بما أنها الدولة صاحبة السيادة والسيطرة. على أن يكون تاريخ بدء النفاذ: ٩ آذار/مارس ١٩٢٧ ، طبقاً لأحكام المادة ١٢ من الاتفاقية.
والسؤال كيف ترك الأزهر المجال لغير المسلمين أن يقوموا بهذه المبادرة ؟، ألم يكن أساطين علماء الأزهر أولى أن يكون لهم الدور والريادة في هذا الأمر؟، لا شك بأن منظومتنا الإيمانية تحتاج لمراجعة.
ولقد كان الأزهر من أشد المعارضين لاتفاقية منع الإتجار في الرقيق باعتباره في مفهومهم تغيير لشريعة الله بقوانين وضعية واتفاقات بشرية....ولقد تم إلغاء الرق بالمملكة العربية السعودية جبرا في ستينيات القرن الماضي بل ولا يزال الرق موجودا بموريتانيا المسلمة حتى يومنا هذا.
وأعجب كل العجب من مشايخ الأزهر الذين يثورون حين نقوم بتحديد سن زواج الفتيات حتى نلغي عادة نكاح الصغيرات التي ابتدعها الفقهاء ومع توالي العهود ظنتها العامة والدهماء انها شريعة الله، بل قاموا بليّ تفسير كتاب الله ليتناغم تفسيرهم مع نكاح الصغيرات دون الحُلُم وافتروا زورا على الله بأن الله شرع نكاح الطفلة التي لا تحيض....وكذلك الأمر في العبيد
فلماذا لم يثور الأزهر قبل ثورة جمعيات حقوق الإنسان وعصبة الأمم المتحدة على تجارة الرقيق بالعالم؟، أين المشايخ والفقهاء من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟، وأين هم من صحيح فهم الإسلام....بل إن الأزاهرة ما يزالون يتصورون أن الرق والاسترقاق وسبي النساء أنه شريعة الله.....فهل يعبد الأزاهرة ربا غير الذي أنزل القرءان.
مستشار/أحمد عبده ماهر
محام بالنقض ومحكم دولي وكاتب سلامي