القاموس القرآنى ( الصراط المستقيم )

آحمد صبحي منصور في الثلاثاء ٢٣ - مايو - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

أولا : نبدأ القصة من أولها :

1 ـ حين طرد الله جل وعلا ابليس من الملأ الأعلى بسبب رفضه السجود لآدم ، قال إبليس عن مكيدته لبنى آدم : (قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ) الاعراف 16 : 17 ). قوله بنون التوطيد الثقيلة : (لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ) يعنى عزمه الأكيد على تحويل دين الله جل وعلا الحنيف أى المستقيم الى طرق متعوجة متفرقة . قوله (ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ ) يعنى إنه لن ييأس ولن يتوانى فى خداع بنى آدم بكل السّبُل . وفى النهاية سينجح ( وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ).

2 ـ كيف سيتمكن من إقعاد الطريق المستقيم ؟ . إبليس نفسه أوضح هذا : ( وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ) النساء 118 : 119 ). أى بالاضلال مع التمنى بدخول الجنة بالشفاعات ، وتقديم القرابين للأولياء والأوثان والأنصاب ، و ( تغيير خلق الله ) .

3 ـ ماذا يعنى تغيير خلق الله ؟ ليس كما قال المفسراتية تغييرات الجسد وتسريحات الشعر والوشم ..الخ . الكلام هنا على تغيير ( لا إله إلا الله ) لتكون مجرد الايمان بالله مع الايمان بشركاء معه فى الألوهية ، وهذا ما يقع فيه الأغلبية الساحقة من البشر الذين لا تجد أكثرهم لرب العزة جل وعلا شاكرين .

4 ـ إن الله جل وعلا قد فطر الناس على ( لا إله إلا الله ) ، هذه هى الفطرة التى قال عنها رب العزة جل وعلا : (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ) الروم 30 ). الفطرة هى الصراط المستقيم الحنيف الذى لا ميل فيه ولا عوج ولا إعوجاج . لا يستطيع الشيطان تبديله بالكامل ، لا يستطيع جعل البشر ينكرون وجود الخالق جل وعلا ، لأنهم عند الأزمة والشدة يفيقون من غفلتهم ويستجيرون بربهم ، أى تستيقظ فيهم الفطرة الى غطّاها إيمانهم بآلهة أخرى ، والكفر يعنى التغطية ، أى تغطية الفطرة المزروعة فى النفس البشرية بالايمان بأولياء وأرباب وآلهة مع الله جل وعلا ، فالكفر والشرك مترادفان ( التوبة 1 : 3 ، 17 ،غافر 42 ). ولأن تبديل الفطرة مستحيل فلا يبقى للشيطان إلا تغييرها ، فيصبح الايمان الحنيف إيمانا مشركا بالله جل وعلا وآلهة مزعومة معه ، وبحيث لا يتخيل أحدهم أن الله جل وعلا وحده مستحق للعبادة ، لا بد أن يكون معه شريك ، فلا يؤمن بالله إلا إذا كان مشركا بالله جل وعلا، أو كما قال جل وعلا عنهم (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ (106) يوسف ) . إذا دعوتهم الى الايمان بالله جل وعلا وحده كفروا ، إذا دعوتهم الى الايمان بالله جل وعلا والايمان بشريك معه آمنوا . لو قلت لهم شهادة الاسلام هى ( لا إله إلا الله فقط ) كفروا بها ، لا بد أن يرفعوا ألههم محمد الى جانب رب العزة يرفعونه فوق مستوى الرسل ، مع إنه عليه السلام كان مأمورا أن يعلن أنه ليس بدعا متميزا من الرسل :( الأحقاف 9 ) . إذا ذكرت الله جل وعلا إشمأزت قلوبهم ، إذا ذكرت إسم محمد هللوا وإستبشروا (الزمر 45 ).

فى تصميمهم على الكفر بالله وحده سيقال لهم يوم القيامة (ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ (12) غافر). هذا هو تغيير خلق الله الذى يفعله الشيطان بالفطرة التى فطر الله جل وعلا الناس عليها ، ولكن أكثر الناس لا يعلمون : فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ) الروم 30 ). وحتى ننجو من كيد الشيطان هذا ومن تغييره الفطرة ( الصراط المستقيم الحنيف ) نتوقف مع معانى الصراط المستقيم .

ثانيا : معانى الصراط المستقيم:يعنى(لا إله إلا الله) ويعنى (الكتاب السماوى) الداعى الى لا إله إلا الله .

1 ـ (لا إله إلا الله ) بمعنى الصراط المستقيم :

1 / 1 :جاء فى قول عيسى عليه السلام لقومه : ( إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ ) آل عمران 51 ) (وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ  ) مريم 36 ) ( إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ ) الزخرف 64 ). هذا ما قاله عيسى  عليه السلام ليرد مقدما على من زعم أنه ابن لرب العزة تعالى عن ذلك علوا كبيرا .

1 / 2 : والذى يعتصم بالخالق جل وعلا وحده فقد إهتدى الى الصراط المستقيم:( وَمَن يَعْتَصِم بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ )آل عمران 101 ). هذا خطاب للبشر جميعا .

2 ـ الصراط المستقيم بمعنى الكتاب الالهى :

2 / 1 : جاء فى قوله جل وعلا عن التوراة التى أوتيها موسى وهارون : (وَآتَيْنَاهُمَا الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ (117)  وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) الصافات 118).

2 / 2 : وجاء بمعنى القرآن الكريم . قال جل وعلا عن القرآن الكريم الصراط المستقيم : ( فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) الزخرف 43 ) (وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ  ) الانعام 126 ) ( وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) الانعام 153 ).

2 / 3 :  فكما أنه إله واحد نؤمن به فهو أيضا حديث واحد نؤمن به هو القرآن الكريم : (تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ (6) الجاثية )

ثالثا : الرسول بالقرآن الكريم ( الصراط المستقيم ) يدعو الى ( لا إله إلا الله ) الصراط المستقيم :

1 ـ تكرر طلب مشركى العرب معجزة حسية ( آية حسية ) من خاتم النبيين عليه السلام ، مثل الآيات التى كانت مع عيسى وموسى، كان هذا رفضا منهم للقرآن الكريم . قال جل وعلا مؤكدا الاكتفاء بالقرآن الكريم آية معجزة : (وَقَالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (50) أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (51) قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ (52) العنكبوت ). طلبوا أن ينزل عليهم كتاب من السماء، وكان الرد أنه لو نزل هذا الكتاب ولمسوه بأيديهم فسيقولون أنه سحر : (وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَاباً فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ (7) الانعام ) وطلبوا أن ينزل عليهم ملك من السماء ، فكان الرد أنه لو نزل ملك فهذا يعنى الموت ، ولو نزل ملك فسيكون فى هيئة شخص منهم:( وَقَالُوا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكاً لَقُضِيَ الأَمْرُ ثُمَّ لا يُنظَرُونَ (8) وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكاً لَجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ (9) الانعام ). وجاء ردُّ آخر بأن الله جل وعلا لو شاء لجعل البشر ملائكة لها ذرية ، وأكّد رب العزة على آية القرآن الكريم بأنه (علم للساعة ) التى إقترب أجلها ، قال جل وعلا : ( وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الأَرْضِ يَخْلُفُونَ (60) وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61) الزخرف). الشاهد هنا هو وصف القرآن الكريم بأنه علم للساعة وأنه الصراط المستقيم الذى ينطق به رسول الله ، والذى يجب إتباعه .

2 ـ وعليه فالرسول بالقرآن الكريم ( الصراط المستقيم ) يدعوهم الى ( لا إله إلا الله ) الصراط المستقيم ، وهذا معنى قوله جل وعلا للرسول عليه السلام : (وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) المؤمنون 73 )، وقوله جل وعلا له : (وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا ۚ مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَٰكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا ۚ وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) الشورى 52 ) .

3 ـ وجاء نفر من الجن الى الرسول يسمعون القرآن: (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِنْ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (29)الاحقاف  ) ماذا قالوا لقومهم عن القرآن الكريم ؟ : (قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَىٰ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَىٰ طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ) الاحقاف 30 ). وصفوا القرآن الكريم بأنه يهدى الى الطريق المستقيم . وآمنوا بالطريق المستقيم : (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنْ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً (2) الجن ).  

رابعا :الله جل وعلا ( على صراط مستقيم ) والرسول ( على صراط مستقيم )، والمؤمن يدعو ربه أن يهديه الى (الصراط المستقيم ):

1 ـ قالها رب العزة جل وعلا لابليس حين عصى : (قَالَ هَٰذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ ) الحجر 41 ) وجاء التوضيح لهذا الصراط المستقيم : (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنْ اتَّبَعَكَ مِنْ الْغَاوِينَ (42) وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ (43) الحجر)، أى هو شرع الاهى واحد ومستقيم ، تتنزل به الكتب الالهية ، من أتبعها فلن يكون للشيطان سلطان عليه .  

2 ـ قالها رسول الله (هود) عليه السلام لقومه (عاد ) : ( إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم ۚ مَّا مِن دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا ۚ إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) هود 56 ) .

3 ـ وقالها جل وعلا لخاتم النبيين :  (يس (1) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (2) إِنَّكَ لَمِنْ الْمُرْسَلِينَ (3) عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (4) تَنزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (5) يس). (وَادْعُ إِلَىٰ رَبِّكَ ۖ إِنَّكَ لَعَلَىٰ هُدًى مُّسْتَقِيمٍ) المؤمنون 67 )

4 ـ ويقولها المؤمن فى صلاته فى الفاتحة (بسماللهالرحمنالرحيم (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ (7))

( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) يعنى أن كل الحمد هو لرب العزة جل وعلا الذى هو رب العالمين ، ليس فقط المؤمنين أو البوذيين أو المحمديين او المسيحيين بل هو جل وعلا رب كل المخلوقات من جن وأنس وملائكة وشياطين ، ما نعرف وما لا نعرف . ثم هو : ( الرَّحْمَنِ ) أى المهيمن (الرَّحِيمِ ) من الرحمة . ثم هو ايضا (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ )، حين يأتى هذا اليوم لا تتكلم نفس إلا بإذنه . هذا ما يقوله المؤمن فى صلاته عن ربه جل وعلا يحمده ويصفه بأنه رب العالمين الرحمن الرحيم مالك والمتحكم فى يوم الدين. ثم يوجّه المؤمن خطابه لربه جل وعلا يؤكد أنه لا يعبد إلا إياه ولا يستعين إلا به جل وعلا وفقط:(إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ). هنا مؤمن بالله جل وعلا وحده يعبده جل وعلا وحده ولايستعين إلا به جل وعلا وحده ، ومع ذلك يدعو ربه جل وعلا أن يهديه الصراط المستقيم : (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ )، يعنى أن يظل على الصراط المستقيم الى نهاية حياته . إنها الدعوة القائلة المؤمنين أولى الألباب : (رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (8) آل عمران ). أى يدعون ربهم أن يعينهم على إستمرارهم الهداية الى موعد موتهم ، يقولون: (وَتَوَفَّنَا مَعَ الأَبْرَارِ (193)  آل عمران ) (وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ (126)  الاعراف  )، وألا ينحرفوا عن الصراط المستقيم الى صراط المغضوب عليهم الضالين: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ (7))

أخيرا : تبقى مشكلة :

1 ـ بلايين ( المسلمين ) الآن وقبل الآن يقرأون الفاتحة فى كل ركعة يدعون (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ )، ومع ذلك هم عن الصراط المستقيم منحرفون .. كيف .؟ ولماذا ؟

2 ـ نناقش هذا فى المقال التالى عن الصراط والمشيئة . 

اجمالي القراءات 8853