هل كانت رسالة دكتوراه عمر عبد الرحمن وثيقة تأسيس القاعدة؟

سينثيا فرحات في الخميس ٠٤ - مايو - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

في جريدة "المقال اليومية،" قمت بطرح تلك الأسئلة الخطيرة التي يجب أن نواجه الدولة المصرية بها والتي أستلهمتها من موت الشيخ عمر عبد الرحمن. أولها، هل كان عمر عبد الرحمن العقل المدبر لتأسيس تنظيم القاعدة؟ والأخطر منه، هل كانت رسالة الدكتوراه التي منحها له الأزهر وثيقة تأسيس القاعدة؟ 

توفي الأسبوع الماضي، عمر عبد الرحمن، المشهور ب"الشيخ الضرير" في أمريكا، أثناء قضاء عقوبة السجن مؤبد في احدي السجون الفدرالية لتورطته في أغتيالات سياسية وتفجير مركز التجارة العالمي عام 1993. فعمر عبد الرحمن لم يكن إرهابيا عاديا، ولكنه كان الشيخ والفقيه والمنظر الأهم لكافة الجماعات الأسلامية السنية المسلحة في حياته. لقد درس عمر عبد الرحمن في جامعة الأزهر الي أن حصل علي رسالة الدكتوراه منها عام 1971، وبمرتبة الشرف الأولي. وكان أحد المشرفين علي الرسالة عمر عبد الرحمن، شيخ الأزهر السابق الدكتور محمد سيد طنطاوي. 
لقد قامت دار مصر المحروسة بنشر الرسالة عام 2006 وعنوانها، "موقف القران من خصومه." فور نشر الرسالة قمنا بشرائها فقط ليتم منع تداولها في الأسواق بعد حوالي 24 ساعة من طرحها في الأسواق، ولعل سبب منع تداولها هو أن يمكن أعتبارها وثيقة أعلانية لتأسيس تنظيم القاعدة، فهي أول ويثقة تحمل أسم تنظيم القاعدة، قام عبد الرحمن فيها بوضع دليل مفصل وخارطة طريق عن كيفية أنشاء وتدريب وإدارة التنظيم الأرهابي في خمسة أبواب في رسالته المطولة المكونة من 830 صفحة. 

ذكر عبد الرحمن لفظ القاعدة 25 مرة في مقدمة رسالته. حيث ذكر أنها، "القاعدة الصلبة الخالصة الواعية الأمينة،" وأحيناً فقط "القاعدة الصلبة،" أو "القاعدة الأصيلة،" سماها أيضاً، "الجماعة الأولي." 
قال عبد الرحمن في مقدمته: "إنه ابتداء يجب توجيه الحرص كله لإقامة القاعدة الصلبة من المؤمنين الخلص، الذين تصهرهم المحنة فيثبتون عليها، والعناية بتربيتهم تربية إيمانية عميقة تزيدهم صلابة وقوة ووعيا، ذلك مع الحذر الشديد من التوسع الأفقي قبل الأطمئنان إلي قيام هذه القاعدة الصلبة الخالصة الواعية المستنيرة.. فالتوسع الأفقي قبل قيام هذه القاعدة خطر ما حق يهدد وجود أي حركة لا تسلك طريق الدعوة الأولي من هذه الناحية ولا تراعي طبيعة المنهج الحركي الرباني النبوي الذي سارت عليه الجماعة الأولي. علي أن الله سبحانه هو الذي يتكفل بهذا لدعوته، فحيثما أراد لها حركة صحيحة عرض طلائعها للمحنة الطويلة وأبطأ عليها النصر، وقللهم، وبطأ الناس عنهم حتي يعلم منهم أن قد صبروا وثبتوا، وتهيأوا وصلحوا لأن يكونوا هم القاعدة الصلبة الخالصة الواعية الأمينة." (ص 21-22)

خصص عبد الرحمن أول بابين في رسالته الي قتل المسيحيين واليهود وطرق تعذيبهم وأزلالهم قبل نحرهم. فمثلاًعنوان الفصل الأول في الباب الأول: "الموقف النهائي من المشركين: الأسلام... القتل." وعنوان الفصل الثاني من الباب الثاني: "جرائم أهل الكتاب الداعية لقتالهم،" وعنوان الفصل الثالث من نفس الباب، "من جرائم أهل الكتاب أيضاً الداعية لقتالهم."
ويقول أيضاً عن المسلمين المسالمين: "لا تكريم لموتاهم بصلاة أو أستغفار. لقد دعا رسول الله صلي الله عليه وسلم الي أن يسعي في تخذيل المنافقين، وأهانتهم وإذلالهم، فكما أمره تعالي بأن لا يسمح للمتخلفين في ساعة العسرة أن يعودوا فينتظموا في الصفوف – وهو سبب قوي من أسباب أزلالهم وأهانتهم." (ص 505)
ويكمل عبد الرحمن رسالته بتكفير كافة المسلمين الغير منتميين للجماعات الأرهابية في العال تحت عنوان، "الدعوة الي الجهاد والترهيب من تركه،" في الباب الخامس، حيث يحرض عبد الرحمن علي أبادة المسلمين الغير محاربين، قائلاً: 
"الأمة كلها جيش، وعني الله عناية تامة بتطهير الجيش من عناصر الفتنة والخزلان وأذا كان الجيش في الأسلام هو كل الأمه فتطهيره هو تطهير الأمة." (ص 682)

و حرص عبد الرحمن في رسالته الي مناقشة كيفية تأسيس الجماعة الأرهابية تحت ما أسماه، "تنظيم القتال في الأسلام،" (ص 645) من خلال تطبيق الخطوات الأتية التي يناقش كل واحده منها بأستفاضه ولكن نعرض لكم الأن فقط عناوينها كما ذكرهم عبد الرحمن: 
1- تقوية المعنويات
2- إعداد القوة المادية 
3- التنظيم العملي للقتال
وأما عن إداره التنظيمات الأرهابية قام تلخيصها عبد الرحمن في النقاط الأتيه تحت عنوان "الناحية العسكرية،" (ص: 751) والتي نذكر لكم عنواينها فقط: 
1- الحرب الجما عية أو الحرب المطلقة
2- التدريب العنيف
3- المسير الليلي السري 
4- الضبط
5- المعلومات
6- المعنويات

ويناقش عبد الرحمن هنا كل ما الأمور اللوجيستيكية لتأسيس تنظيم أرهابي حربي من حشد الموارد البشرية والمادية، والتجنيد، والتدريب العسكري، وجمع المعلومات الاستخبارية، وطرق تعزيز معنويات المقاتلين. والتي كتبها بأستفاضه عبد الرحمن عام 1971 فقط لتتحق كلها في العقد التالي لتكون خارطة طريق تنظيم القاعدة وغيرها من الجماعات الإرهابية.
و حتي تبني التظيم للأسم الذي كرره عبد الرحمن في المقدمة وفي الفصل الرابع والفصل الخامس من رسالته التكفيرية. من ما يشرح سبب دفاع أسامة بن لادن عنه في أكثر من موقف منها وطلب بن لادن للأفراج عنه من السجن في فيديو عرضته قناة الجزيرة في سبتمبر 2002. 
لقد تضمنت تلك الرسالة القاتلة مئات من الصفحات أيضاً التي كرسها عبد الرحمن لتكفير والتحريض علي قتل وتعذيب الغالبية الساحقة من سكان كوكب الأرض من غير المسلمين وخاصة المسيحيين واليهود والذي ناقش فيها فنون القتل والنحر والتعذيب، بالأضافة الي كيفية تكوين وإدارة التنظيمات الأرهابية المسلحة وبأموال دافعي الدضرائب من المسيحيين والمسلمين المصريين الذي تذهب أموالهم لتمويل مؤسسة الأزهر التي تعطي رسالة دكتوراه في وثيقة خطيره مثل هذه. 

رسالة دكتوراه عمر عبد الرحمن تضع الدولة المصرية في موقف خطير. مطالبة الأزهر بما يسمي بتجديد الخطاب الديني، أمر مهين وغير قانوني. يجب أتخاذ الأجرائات القانونية والتحقيق في تلك الكارثة إذا كانت مصر تريد أدعاء انها دولة تحارب الأرهاب، بعد أن تم كشف أن احدي اجهزة الدولة يحتمل تورطتها بشكل مباشر في خلق تنظيم القاعدة وتتساوي مسؤليتها مع بن لادن في كافة الجرائم التي أركبها التنظيم في العالم.

اجمالي القراءات 9882