الوزر المضاعف على الكهنوت يوم القيامة
مقدمة
1 ـ يمكن أن نضع عنوانا عمليا واقعيا عصريا بديلا هو ( الوزر المضاعف على شيوخ الأزهر وأئمة ودُعاة وشيوخ الوهابية السلفية والشيعة والتصوف، والبابوات وسائر مراتب الكهنوت المسيحى واليهودى ، وسائر أئمة المؤسسات الدينية فى العالم من البوذية والهندوسية والبهائية ..الخ ) ـ بما يشمل أى دين له مؤسسات دينية يؤمن بها الناس ، ويعتقدونها واسطة بينهم وبين الله ــ جل وعلا .
2 ـ هؤلاء يتعيشون من الكذب على الناس ومن إضلالهم ، يركبون ظهور الناس ليقودوهم الى الخلود فى النار ، يخضع لهم أتباعهم فى الدنيا ثم يلعنونهم وهم معهم فى النار .
3 ـ حفظا على مكانتهم يقوم الكهنوت بمحاربة من يفضح أمرهم ويكشف زيفهم ودجلهم ، يقومون بالصّدّ عن سبيل الله ، يبغون الضلال لأنهم دُعاة الضلال . بسببهم ترزح شعوبهم تحت الاستبداد فهم مطية المستبد ، وإذا رأوا ضعفا من المستبد تآمروا عليه ليحكموا بدلا منه بدولة دينية شيطانية ، بطاغوت هو أفظع من الطغيان العادى .
4 ــ بسببهم يتعرض المحمديون الى حمامات دم وقهر وتعذيب وإذلال فى بلادهم، ثم إذلال خارجها إذا رحلوا فارين من بلادهم لاجئين الى دول أخرى ، حيث يجدون سُمعتهم السيئة تسبقهم ، ويدفعون ثمن جرائم الكهنوت فيهم . الكهنوت يدفعهم الى قتل أنفسهم والتضحية بأبنائهم بينما يخاف رجال الكهنوت على أولادهم ، يربونهم ليرثوا الثروة والسلطة بعدهم . مهما بلغت ثرواتهم فسيتركونها ، ومهما بلغ حرصهم على متعة الدنيا فإن عذابهم فى جهنم لا يمكن تصوره .
4 ـ ماذا قال رب العزة عن عذابهم يوم القيامة ؟ .
اولا : توصيف الكهنوت هو الذى يحترف الدين ليتكسب بإضلال الناس :
1 ـ هناك دُعاة للحق لا يسألون الناس أجرا لأنفسهم ، وهم فى نفس الوقت يأمرون الناس بالبر ولا ينسون أنفسهم ، يقولون ما يفعلون ، أى يدعون للهداية وهم متمسكون بالهداية ، هذا شأن الرسل الذين كانوا لا يسألون الناس أجرا . بعدهم يسير دعاة الحق على هدى الرسل ، لا يسألون الناس أجرا وهم مهتدون : ( اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ (21) يس ). حتى يصل صوت الهداية الى عموم الناس يجب أن يعمل المصلحون مع أنصارهم يتحالفون معا لأن الكهنوت وأتباعهم يتحالفون معا للصّدّ عن سبيل الله جل وعلا . وهذا منعا لأن يسود الفساد فى الأرض وحتى لا تسود الفتنة اى الإكراه فى الدين ، يقول جل وعلا :( وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ (73) الانفال )
2 ـ من هذا النوع كان ــ ولا يزال ــ دُعاة للحق فى أهل الكتاب قال جل وعلا عنهم : ( وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (199) آل عمران )
3 ـ هناك من يعرف الحق ولكن يكتمه خوفا أو مراعاة لعلاقات دنيوية . هؤلاء يلعنهم الله جل وعلا ويلعنهم اللاعنون إذا ماتوا على كتمانهم الحق . أما من تاب منهم وأعلن للناس الحق معتذرا عن كتمانه وأصلح من شأنه فإن الله جل وعلا يتوب عليه. قال جل وعلا : ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمْ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمْ اللاَّعِنُونَ (159) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (160) البقرة )
4 ـ وهناك من يستمر فى حياته يتاجر بالدين محترفا الاضلال الى أن يموت على هذا . مصيرهم عذاب يتعجب الرحمن جل وعلا من صبرهم عليه . قال جل وعلا : ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنْ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (174) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوْا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ (175) البقرة )
5 ـ هذا هو الفارق بين الناس العاديين والمتخصصين فى الدين . المتخصصون فى الدين مسئوليتهم كبيره ووضعهم شائك ، وهم على الحافة ، يوم القيامة سيكون أحدهم إما فى أعلى عليين وإما فى أسفل سافلين. هم صنفان : صنف يكتم الحق وقد يتطرف فينشر الباطل ، وصنف يقول الحق متمسكا بالصبر ، لا يكتم الحق ولا يداهن فيه ولا تأخذه فى حق الله جل وعلا لومة لائم ، لأن العادة أن اللائمين يتكاثرون عليه يخوفونه ويتظاهرون بالقلق عليه وينصحونه بقول بعض الحق وكتمان الباقى ، أو أن يقول كلاما مبهما عائما غائما دون توضيح . الداعية للحق لا تأخذه فى حق رب العزة لومة لائم يصدع بالحق عاليا مدويا محطما خرافات الكفر وأساطير الشرك ومبينا حقيقة الآلهة المعبودة .
مثلا : الفتوحات التى قام بها الصحابة ابو بكر وعمر وعثمان والفتنة الكبرى التى وقع فيها الصحابة على والزبير وطلحة وعائشة وعمرو ومعاوية ــ إذا تم عرضها على القرآن الكريم جاء التأكيد بأن أولئك جميعا هم أعدى أعداء الرحمن . ولكن الناس توارثوا تقديسهم . الداعية للحق يقول الحق بقوة أن أبا بكر وعمر وبقية الصحابة هم بما فعلوا أكبر أعداء للاسلام وكفرا به . الداعية الكهنوتى لا يهتم بحق الله جل وعلا لأن تقديسه للصحابة هو الذى يملأ قلبه . لا يمكن أن يقوم بحق الله جل وعلا لأنه لا يجرؤ أن يتبرأ من الصحابة . لذا ينحاز الى الصحابة ويلصق ظلم الصحابة بالله جل وعلا ويجعل دين الله يأمر بالعدوان والقتل والسبى والسلب والظلم .
6 ـ لا مجال للتوسط هنا . إمّا حق الله جل وعلا وإمّا تقديس الخلفاء والصحابة الذين ظلموا الناس وكانوا ينسبون هذا الظلم الى رب العزة ودينه .
لا مجال للتوسط هنا : مجرد الكتمان ممنوع ومستحق للّعنة الله جل وعلا . فماذا إذا إرتبط كتمان الحق بالصّد ّ عن سبيل الله ونشر الباطل ونسبته لرب العزة جل وعلا .
7 ـ البشر العاديون غير المتخصصين فى الدين منهم من يبحث عن الحق ويتبعه ، ومنهم من يستريح للضلال ويصبح تابعا لهم . فى الحالين فهم ليسوا فى الوضع الدقيق للمتخصصين فى الدين .
ثانيا : عذابهم يوم القيامة :
1 ـ لأن عملهم هو الصّد عن حق الله جل وعلا وسبيله فهم واقعون فى الضلال البعيد ـ وليس الضلال العادى الذى يقع فيه أتباعهم ، قال جل وعلا : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلالاً بَعِيداً (167) النساء ). ولأنهم ضلوا ضلالا بعيدا فقد ( أضلّ ) الله جل وعلا أعمالهم ، أى أحبط أعمالهم ، قال جل وعلا : ( الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (1) محمد )، وهذا معنى قول رب العزة جل وعلا : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الهُدَى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ (32) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ (33) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ (34) محمد )
2 ـ عن زيادة عذابهم فوق عذاب الآخرين يقول جل وعلا : ( الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَاباً فَوْقَ العَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ (88) النحل ).
ثالثا : تخاصم الكهنوت وأتباعهم وهم فى العذاب
1 ـ يقول جل وعلا عن إلقائهم ـ كالزبالة ـ فى جهنم : ( فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ (94) وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ (95) الشعراء ) وقال جل وعلا عن تخاصمهم وهم فى النار تحت العذاب : ( قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ (96) تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (97) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (98) وَمَا أَضَلَّنَا إِلاَّ الْمُجْرِمُونَ (99) الشعراء ) أى يقولون لمن كانوا يعبدونهم فى الدنيا ( كالصحابة والبخارى والشافعى ومالك ..الخ ) : (تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ ). ثم يقولون للدعاة المُضلّين (وَمَا أَضَلَّنَا إِلاَّ الْمُجْرِمُونَ ) . ثم يتذكرون خرافات الشفاعات المزورة التى خدعهم بها دُعاة الضلال ، فيقولون متحسرين:( فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ (100) وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ (101) فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ (102) الشعراء )
2 ـ فى تقلب وجوههم فى النار يدعو أتباع الكهنوت على سادتهم ، يقول جل وعلا : ( يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَ (66) وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَ (67) رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنْ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً (68) الاحزاب )