أزمة الأزهر..عبدالله رشدي نموذج

سامح عسكر في السبت ١٥ - أبريل - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

أمس استمعت للقاء د عبدالله رشدى، هذا الشاب الأزهري كثير المناظرات والمكلف من الأزهر بالحديث في شأنه بالإعلام المصري..

وبعيدا عن شخصيته المختلف عليها واستفزازه لخصومه بابتسامته الصفراء، وشخصنته لمعظم محاوراته..لكن لفت انتباهي عدة أشياء..

أولا: الرجل يستخدم منطق التبرير لتصحيح كل رواية أو أثر مروي في كتب الصحاح، وهو نفس المنطق الذي اتبعه أهل الحديث قديما في الرد على خصومهم كابن قتيبة الدينوري، وهو منطق ملئ بالأحكام المرسلة التي تسقط مع أول شبهة عقلية..

مثال:

يقول أن زواج الصغيرات كان مناسب لبيئة العرب الصحراويين في زمن الرسول، واستشهد باختلاف البيئة في نمو الأجسام، واستدل حديثا بزواج صفية زغلول في سن 13 عاما.

والسؤال مباشر: هل ورد عن العرب تزويجهم للبنات في 9 سنوات غير حادثة عائشة؟..

وسؤال آخر: ما الضامن أن زواج صفية زغلول لم يكن مستنكرا وقتها (كعادة خاطئة) زي الختان مثلا؟..

كلنا شهدنا زواج البنات في سن صغيرة، أي الاستشهاد بزواج صفية زغلول تحكم بلا دليل ومصادرة على المطلوب..

ثانيا: د عبدالله رشدي لم يحل المشكل بين النقل والعقل، ففي اللقاء شهد أن حرية العقيدة في الدين مطلقة واستشهد بالقرآن، بينما لم يتحدث عن (حكم قتل المرتد) الوارد في البخاري، والمذيعة كانت جاهلة لم تسأله، حتى الضيوف الآخرين لم ينتبهوا لهذا التعارض..

إشكالية العقل والنقل هذه أزلية وستظل ملازمة للشيوخ طالما أرادوا بسط أقوال أئمتهم المتوفين منذ قرون وفرض مذاهبهم، هو للإنصاف شهد بتلك الحرية المطلقة في سياق حديثه عن تجديد الخطاب الديني، فقد كان ذلك موضوع الحلقة..لكن عدم تحرير المشكلة من أصلها ومقاربتها عقليا يجعل من المناقشة فارغة، وغير مبنية على أساس علمي..

ثالثا: الرجل يصر على إصدار الأحكام النهائية لمجرد خطأ لغوي أو لفظي، شأنه كشأن أسامة الأزهري في حادثته الشهيرة مع إسلام بحيري، سجّل نطق خاطئ من المتصل واستنتج عليه عدم أهلية الخصم..

هذا أسلوب الأزهرية كثيرا..وهو عيب ..ليس ميزة، فاللغة هي ترجمة للثقافة والفكر أو هي تعبير عن الخاطر، ومحاكمة التعبير والترجمة..ونسيان أصل الفكرة يكرس الجهل والجمود ويطعن في صحة النقاش من عدمه، فلا نقاش بدون فكر..اعتبر ياأخي أن الذي يسألك رجل عادي غير متخصص في لغتك التي أكل الدهر عليها وشرب..ولم تعد متداولة إلا في نطاق المدونات..

شئ مثير للاستهجان أن يسأل رجل صيني آخر انجليزي بلغته الإنجليزية ويخطئ في اللغة إما تشكيل حرف أو نصب أو زمن مضارع أو تأنيث خطاب المذكر ..وهكذا ، فيقوم الإنجليزي باحتقاره وازدراء جهله..رغم أن الصيني قد يكون مفكر وأكثر ذكاء من الإنجليزي..

رابعا وهو الأهم: الرجل كثير الخرافة، فما زال يدافع عن أكذوبة المهدي المنتظر التي كانت تليق بحواديت القهاوي والعزب..رغم أنها مستنكرة وأحاديثها ضعيفة عند القدماء والمعاصرين..وأشهرهم ابن خلدون..حتى زعماء الإسلام السياسي كحسن البنا والمودودي استنكروها..

عبدالله رشدي هو أصدق تعبير عن الأزهر بحالته المتردية الآن، فعندما يجتمع الجهل بالتنطع بالخرافة والتبرير بسوء الأخلاق..فلا تنتظر سوى الكوارث..

اجمالي القراءات 12665