دموع الأقباط

شادي طلعت في الأحد ٠٢ - أبريل - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

للأقباط آلام ودموعهم منهمرة، يشعر بها البعض فيراها ويلمسها، ولا يشعر بها آخرون، ويرى الأقباط ظلماً واقعاً عليهم، ويرى آخرون أنهم يزايدون في صيحاتهم، لذا سيكون كتابنا هذا وصفاً للواقع والحقيقة، لنقف جميعاً على أسباب المشكلة ولندرك جميعاً أسباب آلام الأقباط، فالحقيقة أنهم يشعرون بمرارة الظلم، وكيف لا، وهم من كانوا يوماً ما أصحاب الأرض، واليوم يستخدمون كورقة سياسية منذ حركة الضباط عام 1952م، فضاعت حقوقهم، في ظل صراع الآخر على السلطة.
وحتى نرصد الواقع المرير، والحقيقة المؤلمة، فإننا سنبدأ بنظرة تاريخية للماضي، ثم الحاضر، فالمستقبل المرجو، لنصل جميعاً لمعرفة السبب الرئيسي لأزمة الأقباط ومشاكلهم، ولنعلم مدى إمكانية حلها.
 
أولاً/ نظرة حول تاريخ مصر والأقباط :
 
مصر هي أقدم الحضارات على وجه الأرض، عرفت الزراعة وتربية الماشية، والصناعات الصغيرة، منذ نحو 10,000 عام، وقد مر عليها ثقافات عدة : الدولة الفرعونية - الغزو الفارسي - حكم الإسكندر الأكبر - الدولة البطلمية - حكم الرومان الذي دام 600 عام وظهور المسيحية - الفتح الإسلامي والذي شهد عدة حقبات تاريخية إسلامية مختلفة : الدولة الطولونية، ثم الدولة الإخشيدية، ثم الدولة الفاطمية، ثم الدولة الأيوبية، ثم حكم المماليك، فالدولة العثمانية حتى عام 1914م، ثم المملكة المصرية، حتى قيام الجمهورية بعد حركة الضباط عام 1952م.
 
يعود اسم مصر في اللغة العربية واللغات السامية الأخرى نسبة إلى "مصرايم" إبن حام إبن نوح عليه السلام، فالمصريون إذاً ليسوا من أبناء سام، كما يشيع البعض، وليسوا بالتالي أبناء عم اليهود، فجدهم ليس بإسماعيل عليه السلام، فالعرب المستعربة فقط هم من نسل إسماعيل، واليهود فقط من نسل إسحاق عليه السلام، وكُل من إسماعيل وإسحاق أبناءُ لسيدنا إبراهيم عليه السلام، بينما المصريون هم أبناء "مصرايم" إبن حام إبن نوح عليه السلام، أما عن علاقتهم بالعرب، فأم إسماعيل عليه السلام كانت "هاجر" المصرية.
 
من هم الأقباط :
كلمة أقباط مشتقة من لفظ يوناني هو "إيجبتوس" لذا تعرف مصر باللغة الإنجليزية بكلمة "إيجيبت" لكن المصريون يعطشون حرف الـ "ج" فتحول من ج إلى ق، فأصبح ينطق فيما بعد "إيقبتوس" ثم "إيقبط" ثم "قبط"، من هنا جاءت كلمة "أقباط" والتي هي جمع "قبطي".
ولم تكن كلمة "أقباط" تشير إلى المسيحيين فقط، فلم يكن للإسم أي بُعد ديني، إلا أن قَصر الإسم على المسيحيين فقط، جاء بعد دخول العرب لمصر، واللذين أخذوا السلطة من المسيحيين الرومان اللذين كانوا يحكمون، فتم قَصر الإسم على المسيحيين فقط، لكن كلمة "أقباط" علمياً تعني الجنس المصري بكافة تنوعاته الدينية.
 
ثانياً/ مشاكل ومعاناة الأقباط الآن :
 
الأقباط هم أصحاب الأرض الأصليين، وهم من رحب بدخول العرب ليخلصوهم من حكم الرومان الظالم، فكان العرب فاتحون وليسوا غزاة، فدخولهم مصر لم يكن بالقتال والدماء، كما كان في حربهم مع الفرس أو الروم مثلاً، فقد كان دخولهم على حساب دماء كثيرة، بيد أن دخولهم مصر كان على رحب وسعة من أقباطها.
لذا فإن أجيال الأقباط الحاليين يشعرون بالمرارة، لأن أجدادهم هم من رحبوا بدخول العرب قديماً، ليخلصوهم من ظلم الرومان، بيد أن الأيام تمر، وتاتي حركة الضباط عام 1952م، ليكون ذلك التاريخ بداية المرارة الحديثة لأقباط مصر.
وعلينا أن لا ننسى، أن الأقباط منذ عهد محمد علي، وحتى قيام حركة الضباط عام 1952م، كانوا يتمتعون في وطنهم بمواطنة حقيقية، فكان الأكفاء منهم ضمن إختيارات "محمد على" في مراكز القيادة، ويكفي أن نذكر أيضاً أن مرشحين أقباط لمجلس النواب، كانوا يحصدون أصوات المسلمين من مرشحين آخرين مسلمين، فقد كان معيار الإختيار هو الكفاءة وليس الدين.
 
إلا أن الأوضاع في مصر قد تغيرت ليكون للإعتقاد الديني تمييزاً في المعاملة، فكان التالي :
 
1- حدث إضطهاد في التعينات والترقي في الوظائف العليا بسبب التمييز الديني.
 
2- يدفع الأقباط الضرائب لينفق جزء منها على الأزهر الذي يُدرس علوم دنيوية، فيتمتع بتلك الميزة المسلمون ويحرم منها المسيحيون.
 
3- لا يطبق القانون بين أي نزاع ينشأ بين طرفين مختلفي الديانة، وتكون جلسات الصلح فرضاً على كلا الطرفين، تحت رعاية أمنية.
 
4- بعد حركة الضباط منذ عام 1952م، وحتى الآن تم زرع العنصرية في نفوس مصريين كثيريين، بدأت في اللحظة التي يترك فيها الطلاب المسيحيون فصولهم، أثناء حصة الدين، ليمكث الطلاب المسلمون فيها، بينما إخوانهم يجلسون في طرقات المدرسة أو على أرضها الغير ممهدة.
 
5- ليس من حق المسيحيين بناء الكنائس، وهم أصحاب أرض أصليين.
 
6- لا توجد عدالة في توزيع دور العبادة، فالمساجد تعد أكثر من الكنائس، بالنسبة والتناسب، فلا يوجد على بناء المساجد أو عمل الزوايا الدينية أي حظر يذكر، كما هو الحال مع بناء الكنائس.
 
7- لا توجد عدالة في التحول الديني، فالدولة تحمي من يتحول إلى الإسلام، ولا تحمي من يتحول للمسيحية.
 
8- مصر تتبع بدعة كتابة خانة الديانة في الرقم القومي.
 
9- يتعرض الأقباط دوماً للإرهاب، وفي كُل مرة يعجز النظام عن تقديم الجناة !.
 
ثالثاً/ ماذا يريد الأقباط في المستقبل :
 
أولاً/ منع التمييز على أساس ديني.
 
ثانياً/ تحقيق مبدأ المواطنة قولاً وفعلاً.
 
ثالثاً/ الحق في ممارسة الشعائر الدينية من دون خوف أورهبة، من أي إرهاب يُذكر.
 
رابعاً/ الشعور بالأمن في وطنهم.
 
خامساً/ أن يكون القانون هو السيد في بلادهم.
 
بقي لنا الإجابة عن سؤالين :
 
السؤال الأول : ما هو السبب الرئيسي لأزمة الأقباط ؟
الإجابة : منذ قيام حركة الضباط عام 1952م، والأنظمة المتعاقبة تستخدم الأقباط كورقة ضغط سياسية، فسقطت حقوقهم كمواطنين.
 
السؤال الثاني : هل مشكلة الأقباط شائكة ؟
الإجابة : مشاكل الأقباط ومعاناتهم ليست بالشائكة، والحل في إخراجهم من المعادلة السياسية، والتعامل معهم كمواطنينن، لهم مثل ما للمسلمين من حقوق، وعليهم كما على المسلمين من واجبات، ليكون القانون حكماً فيما بين الجميع.
 
وعلى الله قصد السبيل
 
شادي طلعت
اجمالي القراءات 8035