قال الحق جل و علا لملائكته : ( اني جاعل في الارض خليفة ) فردت الملائكه بالقول : (قالوا اتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ) متبوعة بالقول : ( و نحن نسبح بحمدك و نقدس لك ) فقال لهم سبحانه : ( إني أعلم ما لا تعلمون ) هنا لا أريد الإستفاضه في التدبر و إطلاق العقل لمزيدا من التدبر و طرح الأسئلة على شاكلة : و لماذا يريد الله جل و علا جعل خليفة في الأرض ؟ و هل معنى الخليفة أنه كان في الأرض خلق آخر و سيخلفهم هذا الذي سيجعله الله جل و علا و هو آدم عليه السلام ؟ و بما أن هذا المخلوق الجديد الذي سيجعله الله جل و علا خليفة فهو خليفة لمن ؟ و من هم الذين سيخلفهم ؟ و كيف عرفت الملائكة أن هذا المخلوق سيفسد في الأرض الأرض و يسفك الدماء ؟ و ما الفرق بين ( الفساد في الأرض ) و ( سفك الدماء ) ؟ و هل الملائكة تعلم الغيب ؟ عطفا على تحقيق ما قالته الملائكة فيما بعد فالمخلوقات الآدمية – من ذرية آدم – فسدت في الأرض و سفكت الدماء فعلا !! و ما المقصود بسفك الدماء أصلا هل هي سفك دماء البشر أم سفك الدماء عموما على باقي المخلوقات !! .
سبحانه جل و علا إذا قضى أمراً فإنما يقول له ( كن فيكون ) يقول جل و علا : (بديع السماوات والارض واذا قضى امرا فانما يقول له كن فيكون ) ، هذا الإله العظيم سبحانه و تعالى عما يصفون سبحانه و تعالى عما يشركون سبحانه و تعالى عما يقولون علوا كبيرا أنزل كتابا أخيراً للعالمين و ما أجمل و أعظم هذا التنزيل فهو في حد ذاته دعوة للقراءة و البحث و التدبر و التفكر و هو رسالة غاية في الروعة و الإبداع من آمن بها حقيقة الإيمان كفته عن كل الرسالات و من تدبرها أغنته عن كل الرسالات فهي رسالة سماوية لا عوج فيها و لا غموض بل هي بيان و تفصيل ممن خلق السموات و الأرض و سبحانه جل و علا القائل : ( الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير ) .
و في هذا القران العظيم ندرك مفاتيح لأبواب إذا ما فتحناها عرفنا ما يوجد خلفها !! عندما نتدبر حديث الحق جل و علا مع أحد خلقه – إبليس – و كيف أن هذا المخلوق قال للحق جل و علا متكبرا عاصيا متحديا : ( قال أريتك هذا الذي كرمت علي لئن اخرتن إلى يوم القيامة لاحتنكن ذريته إلا قليلا ) هنا ندرك أن هذا الإبليس يعرف أنه سيكون هناك يوما اسمه يوم القيامة و ما دعاه إلى الحقد و التكبر سوى ( تكريم الحق جل و علا للمخلوق الجديد الذي خلقه سبحانه من طين ) .
نتدبر كلمة إبليس ( إلا قليلا ) رغم أنها كلمة إبليس و نقارنها بقول الحق جل و علا : ( و السابقون السابقون أولئك المقربون في جنات النعيم ثلة من الأولين و قليل من الآخرين ) .
عودة إلى موضوع ( فوضى الإلحاد ) شخصيا أعتقد أن الأديان الأرضية سببا رئيسيا في إتجاه الكثيرين للإلحاد !! هذه الأديان الأرضية تركت ما أنزل الله تدبرا و أنتجت سلسلة طويلة من الكتب هي نتاج أفكار مغلوطة ذات خلفيات سياسية و تاريخية مفضوحة لمن جعل القران الكريم نصب عينيه وقلبه و عقله فلن تستطيع كل تلك الكتب المظلمة أن تقف أمام النور الساطع الذي أنزل مع خاتم النبيين عليه و عليهم السلام .
إن فوضى الإلحاد تنتشر من أسف و هذه حقيقة ( قرآنية ) و لأنها حقيقة قرآنية فلا تزيدنا إلا تمسكا بالقران العظيم صراطا مستقيما و لا تزيدنا إلا ثباتا في إتباعه و الغوص في أعماقه علنا نستخرج منه ما لم يستخرج و هو كثير كثير .
الحياة أيها الأحبة قصيرة .. و الموت نهاية كل حي .. و ما أجمل قول الحق جل و علا : (والذين كفروا اعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمان ماء حتى اذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه و الله سريع الحساب ) .