جيش مصر أسسهُ محمد علي، في بداية القرن 19، ومنذ تأسيسه وحتى تاريخ كتابة هذه السطور، كان الجيش مناصراً للشعب دوماً، فلم يحدث أن ساند جيش مصر نظاماً إعترض عليه الناس، أو حاكماً رفضه الشعب، ومظاهرُ إعتراض الناس ليس مجالها هنا، لأن حديثنا سيكون عن أسباب نصرة الجيش المصري للشعب، ليعلم الناس الفرق بينهُ وبين الجيوش العربية الثلاثة : جيوش سوريا، واليمن، وليبيا، إذ كان لهذه الجيوش مواقف مختلفة مع شعوبهم عكس جيش مصر.
وحتى نعرف قيمة جيش مصرن سنقوم بشرح موجز عن الجيوش العربية الثلاثة أولاً، ثم نوضح حقيقة وسمات جيش مصر، حتى نُدرك جميعاً قيمته.
أولاً/ الجيش السوري :
الجيش السوري غير منفصل عن السياسة في سوريا، وأيضاً غير منفصل عن السلطة، فالمسيطر الأول عليه هو حزب البعث الحاكم، ودرجات الترقي في الجيش تخرج من الحزب أولاً، مما جعل ولاء القيادات العسكرية، وولاء الضباط الصغار، للحزب أولاً وأخيراً، وكما نعلم أن حزب البعث مسيطر عليه من قبل عائلة الأسد، وبالتالي أصبح الجيش كله تابعاً لعائلة الأسد، وليس للشعب.
ثانياً/ الجيش اليمني :
الجيش اليمني منفصل عن السياسة، بيد أنه غير منفصل عن السلطة، لأن قوامه قائم على التطوع وليس التجنيد الإجباري، فالمتطوعون فيه أعدادهم تفوق نسبة التجنيد الإجباري، والمتطوعون هم مجرد موظفين يعملون طوال الشهر، ليحصدوا نتاج عملهم في النهاية في صورة رواتبهم التي يتقاضونها، حتى ينفقوا منها على أسرهم وعائلاتهم، والدولة ومؤسساتها هي من توفر لهم رواتبهم، لذا كان ولاء الجيش اليمني للسلطة وليس للشعب.
ثالثاً/ الجيش الليبي :
الجيش الليبي قبل ثورة الشعب الليبي عام 2011م، كان منفصلُ عن السياسة، بيد أنه غير منفصل السلطة، والسبب يعود إلى أن قوامه من المرتزقة، فليس قائم على التطوع أو التجنيد الإجباري، وبالتالي كافة أفراد الجيش إنضموا إليه لأجل جني الأموال فقط، سواء في صورة رواتب أم إمتيازات أخرى كثيرة، وحيث أن السلطة هي من توفر لأفراد الجيش إحتياجاتهم ومطالبهم، فكان ولاء الجيش للسلطة وليس للشعب.
والآن وبعد أن إنتهينا من الشرح الموجز لأهم أسباب ولاء الجيوش العربية الثلاثة للسلطة، وأسباب إنفصالهم عن شعوبهم، بقي أن نعرف سمات جيش مصر وأسباب ولائه للشعب :
* سمات جيش مصر :
1- جيش مصر قائم على التجنيد الإجباري أولاً، ثم يقل عن المجندين عدداً المتطوعون، ثم يقل عنهم عدداً فئة الضباط.
2- يُحذر على كل من ينضم لجيش مصر، العمل السياسي حتى وإن صَغُر، فمجرد التصويت في الإنتخابات يعدُ جريمة.
3- التجنيد الإجباري في الجيش لا يستثني أحداً، غني كان أم فقير، كانت عائلتُه كبيرة أم صغيرة، وسواء كان للمجند شأن في الحياة المدنية أم لم يكن.
4- لا توجد عائلة في مصر إلا وسبق لأحد من أفرادها الخدمة في الجيش.
* أسباب ولاء الجيش للشعب :
1- لأن الجيش قوامه من الشعب.
2- لأن الجيش منفصل عن السياسة.
3- لأن الجيش منفصل عن السلطة.
* سبق لجيش مصر أن تخلى عن قيادات كثيرة لأجل الشعب، ومن أمثلة ذلك :
- تخلى جيش مصر عن الملك/ فاروق.
- تخلى جيش مصر عن اللواء/ محمد نجيب.
- تخلى جيش مصر عن المشير/ عبدالحكيم عامر.
- تخلى جيش مصر عن الفريق/ محمد فوزي.
- تخلى جيش مصر عن الرئيس/ مبارك.
- تخلى جيش مصر عن المشير/ طنطاوي.
- وغيرهم ................ إلخ.
* تاريخ جيش مصر مع الشعب والعرب والعالم :
- إستطاع محمد علي توسيع رقعة البلاد بجيش قوامه مصريين عام 1840م.
- حارب جيش مصر في حرب فلسطين عام 1948م.
- حارب جيش مصر في العدوان الثلاثي، عام 1956م.
- حارب جيش مصر في حرب الإستنزافن عام 1967م.
- حارب جيش مصر في حرب 1973م.
- حارب جيش مصر في حرب الخليج الأولى مسانداً العراق في حربها ضد إيران.
- حارب جيش مصر في حرب الخليج الثانية لتحرير الكويت، عام 1991م.
- شارك جيش مصر في قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في أكثر من دولة.
- شارك جيش مصر في حفظ الأمن بعد إنتفاضة الأمن المركزي التابع للشرطة، عام 1986م.
- ساند جيش مصر ثورة 25 يناير المجيدة.
مما سبق يتضح لنا أن جيش مصر لشعب مصر، ولم يكن أبداً ولائُه لسلطة أو لحاكم، ولن يكون يوماً لغير الشعب، فالجيش أولاً واخيراً يقف متاهباً ليعرف ماذا يريدُ الشعب، ولحظتها سينفذ الجيش ما يأمر به الشعب.
وعلى الله قصد السبيل
شادي طلعت