التهجير القسرى فى لمحة تاريخية أصولية

آحمد صبحي منصور في السبت ٢٥ - مارس - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

أولا : التهجير القسرى فى لمحة تاريخية

التهجير القسرى فى مصر :

1 ـ صحفى حكومى مغمور يعمل فى جريدة قومية مصرية أراد الشهرة ، وفى عصر الحضيض تأتى الشهرة للفاسدين والمجرمين بدءا من أكبر مسئول وانتهاءا بمن ينافقه . هذا الصحفى المغمور لا يعرف فن الكتابة ، فقد تم تعيينه فى زمن الحضيض بالواسطة ، ولأنه لا يعرف الكتابة فليس له أن يتبارز مع كبار المنافقين من الصحفيين . بحث عن وسيلة أخرى يحوز بها على الشهرة ويصبح بها زعيما .إنتهز المدعو جمال عبد الرحيم فرصة أن شيخ الأزهر ــ وقتها ـ محمد سيد طنطاوى أعلن أن البهائيين مسيئون للاسلام، وكان يعيش فى محافظة سوهاج حوالى 182 من البهائيين ـ وهى بلد هذا الصحفى ، فقام بالتحريض على البهائيين المسالمين ، ونجح التحريض العلنى ضدهم ، فقام العوام من أقاربه بحرق بيوت البهائيين فى قرية الشورانية فهاجروا تاركين بيوتهم . شارك هذا الصحفى فى برنامج تليفزيونى ، وكان فيه متحدثا عن البهائيين د بسمة ، وقد وصفها جمال عبد الرحيم بالكافرة ووجه حديثه للمشاهدين قائلا : يجب قتلها . وبعد التهجير القسرى للبهائيين كتب هذا الصحفى الجمهورية يثنى على الهجوم عليهم وتهجيرهم القسرى من بيوتهم . 

بالمناسبة فقد شنّ هذا الصحفى هجوما على أهل القرآن يبغى المزيد من الشهرة ، وعانى أهل القرآن من الاضطهاد فى عهد الشيخ طنطاوى الذى شهد أربع موجات من إعتقال أهل القرآن . كوفىء جمال عبد الرحيم فاصبح ــ فى زمن الحضيض ـ رئيس تحرير جريدة الجمهورية وسكرتير نقابة الصحفيين .!.

2 ـ بسبب عجز الجيش المصرى عن مواجهة داعش فى سيناء فقد قام بفرض حظر التجول وبمهاجمة سكان المنطقة بلا تمييز أو تحقيق وعقابهم بشكل جماعي واستخدام الذخيرة الحية تجاههم وقتل العديد من المواطنين ومنهم اطفال بلا ذنب . ثم بذريعة بناء حزام أمني عازل بين مصر واسرائيل قام الجيش المصرى ــ الحاكم ـ بتفجير 800 منزل وتهجير أكثر من 1000 عائلة دون إيجاد بدائل سكنية مؤقتة أو دائمة أو حتى تعويضهم ماديا  عما فقدوا  و تركهم في صحراء بلا مأوى يقيهم برد الشتاء.

هذا مع أن المادة رقم ٦٣ في الدستور المصري الحالى يجعل التهجير القسري التعسفي للمواطنين بجميع صوره و أشكاله جريمة يعاقب عليها القانون و لا تسقط بالتقادم". والقانون الدولي يحدد  "الاخلاء القسري وغير القانوني لمجموعه من الافراد والسكان من الارض التي يقيمون عليهابأنه جريمة ضد الإنسانية  وفقًا لاتفاقية روما للنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية . وهذا ينطبق على ما قامت به الحكومة المصرية بتهجير مواطني شمال سيناء علي مساحة ١٣.٥ كيلو مترا

هذه الاجراءات لم تساعد الجيش المصرى على مواجهة داعش ـ بل أدت الى مزيد من السيطرة الداعشية على شمال ووسط سيناء ، وسقوط المزيد من أفراد الجيش جنودا وضباطا ، بل وصل الأمر الى تهجير قسرى آخر للاقباط المصريين بعد أن إستهدفتهم داعش بالقتل . خرجت من العريش 120 أسرة قبطية ، إستقر معظمهم فى الاسماعيلية فى إعلان صريح عن عجز الجيش المصرى عن حمايتهم .

3 ـ داعش وتهجيرها القسرى :

سيطرت داعش على الموصل فى 10 يونية 2014 ، وبدأت بتحديد بيوت المسيحيين فى الموصل وأضطهادهم ، ثم تخييرهم يوم 12 يونية بين الاسلام أو الجزية أو القتل ، ثم فى 17 يونية بتخييرهم بين مغادرة المدينة أو القتل ، وأعطوهم مهلة 24 ساعة وإلا فالقتل .سارع مسيحيو الموصل بالخروج منها فاحتل داعش الكنائس وحولها الى مساجد ونهب البيوت وتفجيرها . معاناة مسيحيى الموصل انتهت بتحرير الموصل من داعش .  

بعد توسع داعش فى الموصل وسوريا والعراق إقتحم مدينة سنجار التى يسكنها الأيزيديون فى شهر اغسطس 2014 ، وقتلوا من سكانها اربعة آلاف وتحول اليزيديون الباقون الى مشردين وسبايا ، وبلغ عدد النازحين منهم الى كردستان 400 الف إنسان .

4 ـ الروهينجا المسلمون فى بورما البوذية :

وهم أكثر الأقليات إضطهادا فى العالم ، أجبرتهم بورما على الفرار فى موجات متلاحقة الى بنجلاديش وتايلاند  وينتظرهم الاضطهاد فى تايلاند نفسها . ويتعرضون فى بلدهم الأصلى بورما الى مذابح مسكوت عنها فى ظل الكراهية التى جلبها الوهابيون للمسلمين .

 5 ـ اليهود والتهجير القسرى

قاسى اليهود من الاضطهاد فى أوربا العصور الوسطى ، وبلغ إضطهادهم ذروته مع النازى الذى أقام لهم المحارق . إلا إن اليهود فى إقامتهم لدولتهم فى فلسطين إرتكبوا مجازر للفلسطينيين لإجبارهم على ترك بيوتهم وأراضيهم ، وقد ردّ الفلسطينيون بقتل لبعض اليهود .

وبعد تأسيس دولة اسرائيل هاجر اليها طوعا بعض اليهود من العراق ومصر وتونس والمغرب . وبقى بعض اليهود فى مصر والعراق متمسكين بوطنهم ، ولكن نظام الحكم فى مصر والعراق إضطهد اليهود وأجبرهم على الهجرة الى اسرائيل ، واستولى على ممتلكاتهم . كان اليهود يشكلون 2.6 % من سكان العراق عام 1947 وانخفضت نسبتهم إلى حوالي 0.1 % من سكان العراق عام 1951م.  كان عدد اليهود فى مصر عام 1948 نحو 90 ألف نسمة، وكانوا أعضاء فاعلين في المجتمع المصري ويعيشون في تناغم مع بقية الطوائف المصرية،ومع 2009 اصبح اليهود في مصر لا يتجاوزون 200 فرد من كبار السّن .  

6 ــ التهجير القسرى فى روسيا القيصرية والاتحاد السوفيتى

توسعت روسيا القيصرية فى آسيا الوسطى على حساب الدول المسلمة فيها ، وبعد هزيمة تلك الدول فرضت عليهم روسيا في القرن الثامن عشر الميلادي حملات إبادة مع التنصير القسري واللغة السلافية بدلا من اللغات العربية العربية والتركية والفارسية. ساعد المسلمون فى سقوط اسرة رومانوف، ولكن البلاشفة الروس واصلوا حملات الابادة للمسلمين فاحتل الاتحاد السوفيتى ست جمهوريات إسلامية وقام بمحو ثقافتها وترويسها ، أى إحلال الروس محل السكان الأصليين مع تهجير قسرى لملايين منهم .

تهجير الشيشان :  أسس ستالين لهم جمهورية الشيشان ذات الحكم الذاتي عام 1944م، لكنه نفى شعبها كله (ما يقرب من مليون نسمة) عام 1954م إلى سيبيريا  وإلى دول أخرى منها تركيا وذلك بعد أن اتهمهم بالتعاون مع النازية في الحرب العالمية الثانية، وظل الشعب منفيًا هناك حتى سُمح له بالعودة عام 1957م وإعلان جمهورية تحت الهيمنة الروسية لكن تم وضعهم في أتون مخطط لتذويب هويتهم. وقد مات 50% من الشعب الشيشاني أثناء هذا التهجير القسرى من الأطفال والنساء بسبب سياسة التجويع حتى الموت، لقد كانت وسائل التهجير في غاية القسوة فقد جُمع الشعب الشيشاني بأكمله في محطات القطارات دون السماح لهم بحمل أي شيء من المتاع مجردين من كل شيء حتى المال وتحت طلقات الرصاص وتهديد الحراب حشر الناس في عربات القطارات المخصصة لنقل البضائع دون طعام ولا ماء ولا كساء وكل من يرفض تنفيذ الأوامر يقتل مباشرة أمام الناس بوحشية ترهب من يرى ويسمع، أما أهالي الجبال أصحاب العزائم الشديدة فقد جُمعوا في اسطبلات الخيول وسكب عليهم البترول وأُحرقوا أحياء، ومن بين المواقع التي أحرق فيها أعداد لا حصر لها قرية "خيباخي" التي تم حرق كل سكانها البالغ تعدادها  ألف نفس بشرية شيوخًا ونساء وأطفالًا.

تهجير الشركس : كانوا يعيشون شمال غرب القوقاز . أجبرتهم روسيا القيصرية بعد إنتصارها عام 1864 على ترك بلادهم وخيرتهم بين النفى الى الدولة العثمانية أو الحياة  في روسيا بعيداً عن أرضهم القديمة. وعدد قليل قبل السكن في روسيا .  

 7 ــ أمريكا والتهجير القسرى للهنود الحمر

في عام 1835 وقّع البعض من قبيلة تشيروكي معاهدة مع الحكومة الأميركية لمبادلة أراضيهم في الشرق الأميركي في مقابل أراض في ولاية أوكلاهوما إضافة إلى خمسة ملايين دولار. ورغم أن معظم أعضاء أمة التشيروكي لم يكونوا يريدون الهجرة إلا أنهم لم يكن لهم خيار. وفي عام 1838 أجبر الجيش الأميركي أمة التشيروكي على الرحيل من بيوتهم إلى غرب نهر المسيسيبي. وقد تم تهجير نحو 100 ألف من الهنود الأميركيين من خمس قبائل مختلفة من أراضي أجدادهم فيما أضحى يطلق عليه "درب الدموع" Trail of Tears، وقد مات ما بين 4 آلاف إلى 15 ألفا منهم على الطريق جراء الجوع والبرد والأمراض. وفي عام 2008 أصدر الكونغرس الأميركي قرارا اعتذر فيه للأميركيين الأصليين عن  تلك "السياسات غير المدروسة".  

8 ـ  العثمانيون ومذبحة وتهجير الأرمن  

 حدث هذا خلال وبعدالحرب العالمية الأولى، وقد تم تنفيذ ذلك بالمجازر والترحيل القسري، والتي كانت   مصممة لتؤدي إلى وفاة المبعدين. ويقدّر الباحثون أعداد الضحايا الأرمن بين 1 مليون و 1.55 مليون شخص.  مذابح الارمن تعتبر من جرائم الإبادة الجماعية الأولى في التاريخ الحديث ، وتعتبر ثاني أكبر قضية عن المذابح الجماعية بعد الهولوكست.  وكلمة الإبادة الجماعية  قد صيغت من أجل وصف هذه الأحداث. كما وأطلقت الرابطة الدولية لعلماء الإبادة الجماعية على الحملة العثمانية التي قام بها الأتراك ضد الأقليات المسيحية في الدولة العثمانية بين عامي 1914 و1923 هي إبادة جماعية.  ويعتبر يوم 24 نيسان من كل عام ذكرى مذابح الارمن، وهو نفس اليوم التي يتم فيه تذكار المذابح الآشورية وفيه تم اعتقال أكثر من 250 من أعيان الأرمن في إسطنبول.  وبعد ذلك، طرد الجيش العثماني الأرمن من ديارهم، وأجبرهم على المسير لمئات الأميال إلى الصحراء وحدود سوريا الحالية، وتم حرمانهم من الغذاء والماء، كانت المجازر عشوائية وتم مقتل العديد بغض النظر عن العمر أو الجنس، وتم اغتصاب والإعتداء الجنسي على العديد من النساء.  أغلبية مجتمعات الشتات الارمني اليوم هي نتيجة الإبادة الجماعية. وتنفي جمهورية تركيا، وقوع المجازر التي تؤكدها الأمم المتحدة .  

9 ـ ثم لا ننسى التهجير القسري لمسلمي الأندلس في عهد الملك فيليب الثاني 1527-1598

 

ثانيا : الاسلام والتهجير القسرى   

 

1 ـ كان التهديد بالتهجير القسرى أحد معالم الكفر . فقد أورد القرآن الكريم حوارا موحدا جاء على لسان كل الانبياء فى كل عصر، جرى بينهم وبين خصومهم المشركين ، اذ كان المشركون فى كل عصر يهددون الرسل فيه بالتهجير القسرى اذا لم يعودوا الى ملة الكفر , يقول جل وعلا  : (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُم مِّنْ أَرْضِنَآ أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا ) إبراهيم : 13).وهذا بالنص ما جاء على لسان مشركى مدْيـَن الى نبيهم شـُعيب عليه السلام : (قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا )الأعراف :88 ـ.

2 ـ ولم يرد فى القصص القرآنى حديث مفصل عن قتال قام به الانبياء السابقون واتباعهم الا ما ورد فى قصة بنى اسرائيل بعد موسى مع ملكهم طالوت حين طلبوا من نبيهم ان يبعث ملكا يجتمعون عليه ليقاتلوا الفلسطينين . قال جل وعلا : (  أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُواْ لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُواْ قَالُواْ وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَآئِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْاْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ) البقرة : 246,)  ويلاحظ ان الجهاد هنا لم يكن مفروضا وانما طلبه بنواسرائيل بانفسهم , وخشى هذا النبى  من نكوصهم عن الجهاد بعد أن يفرض عليهم ـ فأكدوا تصميمهم على الجهاد فقد أخرجوا  من ديارهم وأبنائهم . ومع ذلك التصميم فعندما فرض عليهم القتال فعلا ولَّى معظمهم الأدبار ..

نتوقف هنا مع قولهم لنبيهم : (وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَآئِنَا).أى تعرضوا للتهجير القسرى من جانب عدو كافر طاغ باغ . وبالمناسبة فما ذكره القرآن الكريم هنا يتعارض مع ما جاء فى التوراة التى معنا ، وهى تصف هذا النبى بعد موسى بأنه الذى إعتدى وأن الرب هو الذى أمره بإفناء المُعتدى عليهم .

 3 ـ ما ذكره رب العزة جل وعلا من مشروعية القتال لمن تعرض للتهجير القسرى جاء تفصيله مع سيرة النبى محمد وصحبه فى مكة والمدينة . كانت الهجرة القسرية وما تبعها من إعتداءات وإغارات سببا اساسا فى تشريع القتال ، ثم كانت الهجرة مسوغا برر قتال المشركين فى الشهر الحرام لأن اخراج المسلمين من ديارهم  هو جرم اكبر من القتال فى الشهر الحرام. قال جل وعلا ( َيسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ ) البقرة : 217 .)

4 ـ وهناك حقائق تاريخية أغفلتها السيرة التى كتبها ابن اسحاق ونقلها عنه من جاء بعده ، ولكن جاءت عنها إشارات قرآنية ، ومنها :

4 / 1 : أن قريشا بعد أن أجبرت النبى والمؤمنين على الهجرة القسرية تابعوا النبى والمؤمنين بالغارات على المدينة ، ووقتها لم يكن الإذن بالقتال قد نزل للنبى والمؤمنين لأنهم كانوا ضعافا يخافون أن يتخطفهم الناس . بعد الاستعداد القتالى نزل لهم الإذن وفى حيثياته ذلك التهجير القسرى ، أى إخراج المؤمنين من ديارهم وأموالهم . قال جل وعلا : ( إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنْ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (38) أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ )(40) الحج )

4 / 2 :  بعد دخول أهل مكة فى الاسلام طوعا ما لبثوا أن نقضوا عهدهم واعتدوا على المسلمين وأخرجوهم ومعهم النبى من مكة، لذا نزلت بداية سورة  (براءة)  تشير الى ذلك وتعطيهم مهلة الأشهر الأربعة الحرم كى يتوقفوا عن عدوانهم،ومنها قوله جل وعلا للمؤمنين :(أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَؤُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤُمِنِينَ)التوبة13.

 5 ـ تناسى الفقهاء السنيون تلك القاعدة التشريعية الاسلامية عن كون التهجير القسرى نقطة فاصلة فى تشريع القتال . قال جل وعلا : ( لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ (9) الممتحنة ). فالذى لا يعتدى على المسلمين المسالمين ولم يخرجهم من ديارهم عليهم أن يعاملوه بالقسط وبالبرّ . أما الذى إعتدى عليهم وأخرجهم من ديارهم أو أيّد الاعتداء فيحرم على المؤمنين موالاته . شريعة المحمديين تتناقض مع هذا . تعتبر الآخر المخالف فى الدين كافرا يجب قتاله مهما كان مسالما .

6 ـ الذين يتعرضون للتهجير القسرى ثم يقاتلون ـ عندما يكونون مستعدين للقتال ــ ويُقتلون لهم الأجر الأكبر يوم القيامة. قال جل وعلا : ( فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لأكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَاباً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ (195) آل عمران )

7 ـ الذين يتعرضون للتهجير القسرى وهم عاجزون عن القتال لا يجب عليهم القتال ، والله جل وعلا يعدهم بالأجر الحسن إذا صبروا وتوكلوا على ربهم جل وعلا : (وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلأَجْرُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (41) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (42) النحل  )

اجمالي القراءات 8747