ما معنى ان تكون المراة مسلمة في قرننا الحالي ؟
مقدمة مطولة الى النهاية
ان التنظير لحقوق المراة في مجتمعاتنا الاسلامية يعتبر عملية صعبة للغاية بحكم طبيعة ثقافتنا الدينية السائدة و المعتمدة على التاويل السلفي للاسلام بشكل جوهري و اقصد الخطاب الديني الرسمي لدى اغلب دولنا الاسلامية.
ان الاحتفال باليوم العالمي للمراة يعتبر مناسبة بالنسبة لنا بغية طرح جملة من الاسئلة الاساسية حول واقع المراة في مجتمعاتنا الاسلامية خصوصا بعد مرور موجات الربيع الديمقراطي و وصول التيارات المسماة بالاسلامية الى السلطة بتونس و المغرب بفضل الامية الابجدية و الامية التاريخية و بفضل رفع شعار الاسلام هو الحل الخ من فضائل الوهابية العالمية التي عملت طيلة هذه العقود بهدف منع المسلمين و المسلمات من التقدم في سياقهم الانساني و بهدف قتل اية مبادرة للتحديث و التطور من داخل الدين الاسلامي نفسه ...
ان التنظير لحقوق المراة في مجتمعاتنا الاسلامية ينبغي له ان يحارب التاويل السلفي للاسلام بصريح العبارة بحكم ان عامة الناس يعتقدون ان الاسلام حسب قراءته السلفية قد اعطى حقوقا مشرفة للمراة المسلمة لكن التنظير شيء و الواقع التاريخي شيء اخر ...
عندما كنت ابلغ من العمر 16 سنة اي في اوج مشاكلي العميقة مع ايديولوجية التخلف القروي كنت احب مشاهدة بعض الفضائيات السلفية و كنت انذاك مجرد معاق لا علم له و كنت اصدق كل ما يقال كاي انسان امازيغي مسلم حيث عندما اسمع انذاك شيخ سلفي يقول ان الغرب يريد نشر الانحلال و الفجور في عالمنا الاسلامي عبر الفضائيات الاباحية و دعوات لتحرير المراة الخ.
ثم يضيف هذا الشيخ السلفي ان الاسلام هو دين الاخلاق الفاضلة و العفاف حيث لا يوجد في ديننا شيئا يدعو الى استحلال الفجور او الى العلاقات الجنسية خارج مؤسسة الزواج على الاطلاق حيث كنت اصدقه حينها لان خطابنا الديني الرسمي بالمغرب منذ سنة 1956 الى اليوم لم يكن الا خطاب سلفي على طول الخط حيث لو سالت الان اي فقيه مغربي سؤال صغير لكن مضمونه عظيم الا و هو هل المراة عروة ام لا حيث سيرد عليك بجواب واحد لا ثاني له نعم انها عروة اي عليها عدم السلام باليد على الرجال الاجانب عنها و عدم الخروج من بيتها باعتبارها ستساهم في اثارة شهوات الرجال الجنسية الخ من هذه القيم السلفية المعتمدة لدى اغلب فقهاءنا الان بالمغرب .
غير ان هذه القيم السلفية لن تساهم في تقدم المراة المسلمة في سياقها الانساني المعاصر باعتبارها قيم لبست ملابس الاسلام منذ عهد بني امية الى الان بمعنى انها قيم جاهلية بصريح العبارة و لا تستحق ان تسمى بالقيم الاسلامية على الاطلاق بصفتها تفرق بين المراة الحرة و الجارية او العبدة حيث يحق لها او المفروض عليها حسب فقهاء السلف الأفاضل كما يسمون عندنا التعري كاملا امام الرجال في عز النهار امام العامة اي ان التاويل السلفي للاسلام أجاز النظر الى جسد الجارية العاري ثم الاستمتاع به في الفراش بدون عقد الزواج كأن الاسلام لم ينزل قط على العرب نهائيا حيث كتبت في الصيف الماضي مقالا بمناسبة فضيحة قيادي حركة التوحيد و الاصلاح قلت فيه حقيقة انني ظلت أتحاشى ان أخوض في مثل هذه المواضيع الحساسة لاسباب خاصة للغاية..
غير ان طبيعة هذه الفضيحة الاخلاقية و ابطالها الذين ليسوا كايها الناس بل هما قيادي بارزان في حركة التوحيد و الاصلاح ذات النزعة السلفية حيث اخترت ان أعنون هذا المقال الناري بعنوان عريض الا و هو فضيحة قيادي حركة التوحيد و الاصلاح بين التقاليد الاصيلة و التاويل السلفي للاسلام بحكم اننا نعيش في زمن الخلط بين السلفية و الاسلام القراني الصحيح لان الخطاب الديني السائد في معظم الدول الاسلامية هو ذو نزعة سلفية واضحة بدون ادنى شك .
و بحكم انتشار تيارات الاسلام السياسي في معظم الدول الاسلامية و الحاملة لافكار عودة الخلافة القرشية الى حيز الوجود كما اسميها كحد اقصى و تطبيق الشريعة الاسلامية كما فهمها علماء السلف منذ 1200 عام على واقعنا الراهن كحد ادنى حيث ان هذه الاحلام المستحيلة تحقيقها بالنسبة لنا كدول وحديثة لها دساتير و اتفاقات دولية و لها جمعيات حقوق الانسان التي تناضل من اجل محاربة كل مظاهر التمييز بسبب الجنس او الدين و اللون الخ ..
علينا ان نكون موضوعيين و واقعيين و نقول ان الخيانة الزوجية هي عادة منتشرة في مجتمعنا المغربي سواء عند العلمانيين او عند السلفيين بحكم ان الخيانة الزوجية في تقديري الخاص هي خطا انساني عظيم مهما كانت السياقات التاريخية او الاجتماعية او العقائدية ...
لكن هناك راي غالب في المجتمعات الاسلامية برمتها الا و هو ان الغرب المسيحي يعتبر المسؤول الاول و الاخير عن فساد اخلاق المسلمين منذ عقود من الزمان بفعل الاستعمار و الغزو الثقافي الحامل لتصورات هذا الغرب الكافر و الفاسق اخلاقيا حسب منظور اغلب السلفيين في عالمنا الاسلامي باعتبارهم حماة الدين الخاتم و الاخلاق الاسلامية من قبيل العفاف و الشرف و الوقار المجتمعي..
غير ان هناك الحقيقة المؤلمة التي قد تم تجاهلها من طرف دعاة السلفية و جل العلماء في الشرع الاسلامي تقول بصريح العبارة ان فقهاء السلف قد شوهوا الاسلام عبر تحويله الى دين يقدس التقاليد العربية ما قبل الاسلام و جعلها في صميم الاسلام وفق التاويل السلفي من خلال اعادة السبي و هتك الاعراض حيث كان من الطبيعي في عز الخلافة الاسلامية ان يمارس الرجال الجنس دون اي عقد شرعي مع الجواري و مع السبايا بدون اي حدود بمعنى ان في عز دولة الخلافة العادلة حسب وصف دعاة السلف اي الدولة الاموية و الدولة العباسية الخ من دول المشرق العربي كانت تمارس الدعارة في واضحة النهار امام الجميع من خلال اسواق النخاسة حيث تعرض لحم النساء و البنات للبيع و الشراء تحت سند ديني كاذب الا و هو ملك اليمين و هذا كله يتم بمباركة الفقهاء باعتبارهم اهل العلم الشرعي و باعتبارهم خلفاء على الدين بعد وفاة الرسول الاكرم ..
انني اريد الوصول الى قناعة الا و هي ان المراة المسلمة ليست بالحاجة الى قيم السلف الصالح كما تسمى على الاطلاق باعتبارها تعيش في عصر اخر يسود قيم التعدد و العيش المشترك حيث اصبحت وزيرة و طبيبة و تقود الطائرة في السماء بدون الحاجة الى فتوى سلفية سخيفة حول جواز قيادة الطائرة في السماء.
ان العالم صار قرية صغيرة بفضل الغرب المسيحي الذي نجح منذ قرون في احداث نهضة دينية حقيقية بفصله عن السياسة كشرط جوهري للانطلاق في التقدم و اختراع اشياء مفيدة للانسانية جمعاء بدون التمييز و اما فقهاء السلف فانهم اخترعوا قيم تمنع العقل المسلم من الاختراع و الاسهام ايجابيا في الانسانية ...
ختاما انني احيي الاستاذة نهاد حداد من مصر على اعتزازها بهويتها الامازيغية الاسلامية و على سعيها الحالي لكتابة مقالات حول تاريخ الامازيغيين في وطنهم الاصلي الا و هو شمال افريقيا و اتمنى لها التوفيق و النجاح...
المهدي مالك
mehdi1983k@gmail.com