مهزلة سجن الشيخ محمد عبد الله نصر خمس سنوات بتهمة إزدراء الأديان

آحمد صبحي منصور في الإثنين ٢٧ - فبراير - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

مهزلة سجن الشيخ محمد عبد الله نصر خمس سنوات بتهمة إزدراء الأديان

مقدمة

1 ـ قضت محكمة جنح شبرا الخيمة المنعقدة بمجمع محاكم شبرا الخيمة، مساء اليوم الأحد 26 فبراير 2017، بالقضية رقم 1277 ازدراء أديان، بمعاقبة الشيخ محمد عبدالله نصر أقصى عقوبة ، بالسجن 5 سنوات مع الشغل والنفاذ،   وتم ترحيل الشيخ محمد عبد الله نصر إلى أحد السجون لقضاء العقوبة .  

2 ـ مللنا من الشجب ، شجب قتل الأقباط والهجوم على الكنائس وسجن الدعاة الى الاصلاح الدينى . وهذا كله يقع ضمن المهازل المُهلكة التى يقوم بها نظام السيسى ، ووصل بها ــ بنجاح منقطع النظير ــ الى القاع .

3 ـ نتوقف مع أبطال هذه المهزلة وضحاياها :

أولا : أبطال هذه المهزلة

 الشيخ محمد عبدالله نصر :

1 ـ ما يقوله الشيخ نصر من عدم قطع أى بتر يد السارق ينبغى أن يفرح به شيخ الأزهر والسيسى وجنرالاته وقضاته وأعمدة دولته ، لأنهم كلهم حرامية يسرقون مصر بالبلايين ، ورأى الشيخ نصر يحمى أيديهم من البتر . ربما كان الشيخ نصر يتقرّب اليهم بهذا الرأى ، وربما كان يحسب أنهم سيرضون عليه لحرصه على عدم بتر أيديهم . ولكن خاب ظنُّه فيهم . الحرامية الكبار فى قصورهم يسجنون شابا فقيرا مريضا يُحسن الظّن بالسيسى كبير الحرامية.!

2 ـ كان الشيخ نصر ــ بسذاجة ـ يأمل خيرا فى السيسى . وقد كان الشيخ نصر فى فرنسا يستطيع اللجوء اليها لو أراد ، وقد دعته فرنسا تقديرا لدوره التنويرى وإدراكا لما يتعرض له فى مصر من إضطهاد ومعرفة بما يتهدّد حياته من أخطار . كانت فرصة ذهبية لأن يتقدم الى الجهات المختصة فى فرنسا يطلب اللجوء السياسى ، وكان ميسورا قبول طلبه . ولكنه بسذاجة عاد من زيارته لفرنسا الى مصر . ولعله الآن يدعو ربه جل وعلا قائلا عن مصر : (رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ (107) المؤمنون  ).

 شيخ الأزهر أحمد الطيب

1 ـ ربما لم أُعاصر فى حياتى شيخا للأزهر أجهل من هذا المخلوق المسمى أحمد الطيب . نظام مبارك كان كوم زبالة تتعيش فيه الديدان وتصل الى أرفع المناصب . أحدهذه الديدان خدم جمال مبارك فعينه جمال مبارك ضمن لجنة السياسات ، ثم رقّاه رئيسا لجامعة الأزهر ، ثم جعله شيخا للأزهر . هو فى جهله لا يستطيع أن يرتجل خُطبة قصيرة ، لا بد أن يكتبوها له ، ثم يقرؤها بصعوبة . يبدو أن علمه قد توقف عند المرحلة الاعدادية ، ثم أكمل الباقى بمواهب شخصية لا صلة لها بالعلم . ولكن هذه المواهب هى المطلوبة فى نظام العسكر الذى يجثم على مصر من عام 1952 . ومنه أن يلبس شخص من العوام الرّعاع الزى الرسمى للأزهر ( طربوش وكاكولا ) ليصبح من حيث الشكل شيخا أزهريا ، ثم ينطق بما يؤمر به مادام يعرف أن ( يفكّ الخطّ ).!.

2 ـ بالاضافة الى الجهل فإن الشيخ أحمد الطيب يتميز بالحقد الشديد على المتعلّمين . لديه عُقدة نقص كاملة وهائلة تجاه من يعرف ومن يعلم أكثر منه ، خصوصا إذا وصل هذا العالم الى الإعلام وتكلم فيما يجهله شيخ الأزهر ، وهو الاسلام والقرآن . وعلى الأخص فى الوضع الراهن الذى يتطلّب ما يسمى بتطوير الخطاب الدينى للوقوف ضد داعش . وهذا ما يبغضه أحمد الطيب لأنه ــ مثل داعش ـ  يقدس ما وجدنا عليه آباءنا ، وحتى لو أراد أحمد الطيب مواجهة داعش من داخل الاسلام فلن يستطيع . جهله المُزمن يحول بينه وبين هذا. وبين الجهل والعجز يظهر دُعاة الاصلاح القادرين على إصلاح ــ وليس مجرد تطويرــ  الخطاب الدينى . ولهذا فإن أحمد الطيب رفض دعوة السيسى الى تطوير الخطاب الدينى. ودفاعا عن وجوده كان لا بد لهذا المخلوق أحمد الطيب أن يبذل كل نفوذه لمعاقبة من يحاول الاصلاح الدينى لأن الإصلاح الدينى لا مكان فيه للجهلاء من أمثاله.

عبد الفتاح السيسى

1 ـ مصر تعيش الآن أسوأ فترات تاريخها المعاصر فى ظلّ هذا السيسى . تمخّض جبل العسكر الذى يحكم مصر فولد فأرا عجيبا قصيرا إسمه عبد الفتاح السيسى . لم يكن من قبل شيئا مذكورا فأصبح رئيسا لمصر ــ أم العجائب . كان السادات فى عهده أسوأ من حكم مصر فى تاريخها المعاصر ، فجاء مبارك فأصبح هو الأسوأ ، ثم جاء طنطاوى ومجلسه العسكرى أسوأ من مبارك ، ثم جاء الإخوان بالشاطر ومرسى أسوأ من طنطاوى ، ثم جاء هذا الجنرال القصير أسوأ الجميع . هو بهلوان . بلا مناسبة تراه يضحك ويبكى ( بفتح الياء ) وهو أيضا ( يُضحك ويُبكى ) بضم الياء . لا يتورع عن الكذب الفج فى تصريحات علنية ، ولا يستحى من إهانة المصريين يعتبرهم بهائم لا يستحقون حقوق الانسان ، ويقول هذا أمام الرئيس الفرنسى الذى كان يرثى ويحزن لحال المصريين ويراهم بشرا يستحقون حقوق الانسان .

2 ــ هو جنرال عسكرى ولكن لا علم له ولا خبرة بالحرب ، فلم يدخل فى حياته ( العسكرية ) حربا ، تخصصه الدقيق يقع ضمن التخصص الذى تعلمه جنرالات مبارك  خلال ثلاثين عاما ، وهو السرقة والفساد والتجسس والتآمر. ولهذا لم يكن السيسى مخلصا فى دعوته للاصلاح الدينى . إستبشرت بدعوته فى البداية وشجعته ، ثم ظهر مبكرا أنه يتلاعب بالألفاظ فتحولت مقالاتى الى الهجوم عليه . داعش تقتل جنود السيسى وضباطه ، وتتحكم فى سيناء . وشيوخ السلفية مع شيوخ الأزهر يدافعون بكل ضراوة عن دين داعش الوهابى الحنبلى السُّنّى ويأمرون السيسى بسجن الشيخ نصر فيستجيب لهم السيسى.

3 ـ تفوق السيسى على من سبقه من المستبدين بكراهية الشعب المصرى وإحتقاره ، هو الرئيس الوحيد الذى يخاطب المصريين قائلا ( يا مصريين ) كما لو كانوا جنسية أخرى لا ينتمى هو اليها .  هو الذى فاق السابقين فى تحويل مصر جبهة داخلية ومعسكرا كبيرا يحكمه ويتحكم فيه الجيش لصالح جنرالات العسكر ، والشعب المصرى الأعزل إذا رفض أوامر العسكر ، فإن القوات المسلحة ( المصرية ) ــ  التى تتسلّح بأموال الشعب المصرى الأعزل ــ  تهاجم الشعب المصرى الأعزل بكل ما تملك من قوة . أمّا من لديه سلاح ويستطيع إستعماله ــ مثل داعش ـ فإن هذا الجيش ــ أقوى جيش عربى ـ يتصاغر ويتراجع وينهزم ويأخذ على قفاه بكل أريحيّة وتسامح وكرم . لا يشعر بالعار من تكرار ضربه فى نفس المكان مرات عديدة لأن الحرب مع عدو مسلح خارج إختصاصه ، حتى لو كان هذا العدو المسلح مجرد عصابة مثل داعش . جيش السيسى متخصص فقط فى الانتصار على الشعب المصرى الأعزل . وقد أدمن هذا الانتصار على الشعب المصرى الأعزل . وفى موقعة حدثت بالأمس إنتصر الجيش المصرى على الشاب الأعزل المسالم الفقير المريض الشيخ محمد عبد الله نصر..يا للهول ..!!.

4 ـ  فى سنوات قليلة من حكم السيسى وصلت مصر الى الحضيض ، بحيث يتوقع أكثر الناس تفاؤلا ثورة جياع قادمة قد لا تُبقى ولا تذر. السيسى يُدرك هذا جيدا، ويعلم أن أيامه أو شهوره أو سنواته معدودة ،ولا يرى له مستقبلا فى مصر ، فقد أكمل تجريفها وأتى على ما تبقى فيها من أخضر ويابس . فى وضعه الضعيف يحتاج السيسى الى كسب الوقت وإلهاء المصريين بأى حادث وإرضاء شيخ الأزهر صاحب الحظوة لدى السعودية وإرضاء السلفيين والوهابيين والسعوديين والخليجيين، فقد يهرب الى الامارات أو قطر أو حتى السعودية ، وقد يقع بين يدىّ السلفييّن ، وهو منهم وعلى دينهم . فى كل الأحوال يحتاج السيسى الى التضحية ، ليس بأحد الجنرالات أو بأحد القُطط السمان ، ولكن بداعية من المستضعفين ، فبهذا يضرب كثيرا من الغربان والبوم بحجر واحد . ووقع الاختيار على الشاب الفقير المريض محمد عبد الله نصر . !

 5 ـ المحصلة النهائية أن أمام السيسى طريقين لا ثالث بينهما : إما الاصلاح الدينى والسياسى وإما السير فى طريق الاستبداد والفساد الى نهايته ، وهى نهاية معروفة وقريبة . وواضح أن السيسى إختار مبكرا طريق الاستبداد والفساد مهما تلاعب بالألفاظ . بالتالى فإنه كلما مرّ يوم إقترب السيسى من نهايته وإزداد فزعه ، وقدّم ضحية يكسب بها وقتا . وبالتالى أيضا فإن الشيخ محمد عبد الله نصر لن يكون آخر الضحايا ، فإنتظروا المزيد من الضحايا .!!

 القاضى الذى حكم على الشيخ نصر بالسجن

1 ـ هذا القاضى الذى حكم على الشيخ نصر بالسجن يناقض نفسه ويناقض القانون الذى يحكم به ، هذا القاضى لم يحكم على أى سارق بقطع يده ، أى إنه يتفق مع الشيخ نصر فى عدم قطع يد السارق ، الشيخ نصر يرى أن معنى القطع فى جريمة السرقة ليس البتر ، والقانون الذى يحكم به هذا القاضى يرى أن السارق لا تُقطع يده ، أى يتفق القانون المصرى مع ما يقوله الشيخ نصر . ومفروض أن القاضى ـ يعرف القراءة والكتابة وحاصل على شهادة الاعدادية ـ وبالتالى يمكنه أن يرى أن ما يقوله الشيخ نصر متفقا مع ( روح ) القانون المصرى فى موضوع عقوبة السارق .  فلماذا حكم على الشيخ نصر بأقصى العقوبة ؟

2 ـ واضح أنه جاءته الأوامر بالتليفون مقدما . ففى ظل نظام العسكر فإن قضاء مصر ( الشّاخخ ) قد أصبح تابعا لمؤسسة الرئاسة . ومؤسسة الرئاسة تأخذ أوامر من السفارات الأجنبية ومنها السفارة السعودية . ومؤسسة الرئاسة تصدر أوامرها لقضائها ( الشاخخ ) فيصدر أحكاما عجيبة ينتفض لها العالم الخارجى عجبا . وتكفى مراجعة سريعة لأحكام القضاء ( الشّاخخ ) خلال سنوات من حكم السيسى . كلها أحكام تؤكد أن مصر هى (أُم العجائب ) .  

ثانيا : ضحايا هذه المهزلة  

1 ـ يقولون ( مصر أمّ الدنيا ) وأقول ( مصر أم العجائب ) ، وقد تجلت عجائبها فى عهد هذا البهلوان السيسى, ولكن هناك ( مصران ) : ( مصر الاستبداد والفساد ) يمثلها السيسى وأجهزته العسكرية والأمنية والاعلامية والدينية والاقتصادية  ، وهناك ( مصر المستضعفين ) ضحايا مصر الاستبداد والفساد .

 مصر المستضعفين هى التى يغتصبها وينتهك حرمتها السيسى ورفاقه . هل نسيتم أنه أول من إخترع وطبّق ( إختبار العُذرية ) ينتهك به الحرائر من فتيات الثورة المصرية ، يكشف عوراتهنّ إذلالا لهنّ ؟ هذا مجرد فعل فاضح يوجز طبيعة إنتهاك السيسى وعسكره لشرف مصر مُمثلا فى أعزّ ما تملك ؛حرائرها الجامعيات الثائرات طلبا للحرية والكرامة الانسانية ولقمة العيش الشريفة .!  هل نسيتم قيام جيش مصر الهمام بتعرية فتاة مصرية ثائرة فى ميدان التحرير ؟ هل هناك إنتصار أعظم من هذا ؟ جيش مصرى مسلح بالبلايين ينتصر على فتاة مصرية ويتمكن من تعريتها وكشف عورتها فى ميدان عام معلنا إنتصاره الساحق عليها  أمام العالم بأسره . هذا هو ما تفعله ( مصر السيسى ) بمصر المستضعفين .

2 ـ  بعدها تكلم ما شئت عن ضحايا مصر المستضعفين ، فإن الشيخ محمد عبد الله نصر الشاب الفقير المريض ليس سوى حالة يتسلّى السيسى بها . وفى الوقت التى يجأر فيه بالصرخ ــ تحت سياط التعذيب ـ شباب مصر فى سجون السيسى الكثيرة والتى يتوسع فى إنشائها ، وفى الوقت الذى يتم فيه تهجير الأقباط من سيناء يقوم السيسى برحلة على درّاجته يحاول ــ أمام كاميرات إعلامه ــ أن يبدو سعيدا ..

3 ـ كلها مسألة وقت أيها .. السيسى .. وإن غدا لناظره لقريب .

أخيرا :

 الشيخ محمد عبد الله نصر لم يدخل السجن ، بل دخل التاريخ من أشرف أبوابه . هذا التاريخ سيبصق على السيسى وجنرالاته وقضاته وكلاب حراسته وشيوخ أزهره . 

اجمالي القراءات 18238