آحمد صبحي منصور
في
الجمعة ٣٠ - مايو - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً
نص السؤال
آحمد صبحي منصور
الأمانة تعنى التكليف بالأوامر والنواهى ، والحرية فى طاعتها أو معصيتها . الآية الكريمة بدأت برفض السماوات والأرض تحمل الأمانة ، وأن الانسان هو الذى ارتضى تحملها ، ولم يقم بالواجب . هنا نضع الملاحظات القرآنية التالية :
1 ـ هناك نوعيات من الحياة لا ندركها . المواد الجامدة فيها حياة من نوع مختلف عن حياتنا . التفاعل الكيماوى بين المواد يعنى حياة من نوع مختلف عن حياتنا . حياة مستمرة دوّارة بدون إرادة . داخل الذرة نواة واليكترون يطوف حولها ، هذا الطواف أو الدوران المستمر حياة ، وهو بأمر الاهى يمثل طاعة مطلقة بلا إختيار . وحين تتفاعل العناصر مع بعضها كيمائيا ، فهذا التفاعل الذى يعنى تزواجا ينتج مركبا جديدا ، وفق نسب محددة ، كانتاج الماء من الاكسجين والايدرجين .
2 ـ من نفهم تسبيح هذه المخلوقات ( الجامدة ) لله جل وعلا وبلغة لا ندركها : (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً (44) ) الاسراء ). وقوله جل وعلا عن الصخور وخشيتها من رب العزة : (وَإِنَّ مِنْ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (74) البقرة ) وعن تسبيح الرعد (وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ (13) الرعد)، والرعد طاقة ، والطاقة صورة متحولة من المادة .
3 ـ السماوات هى مستوى من الوجود يعلو الأرض ، وبينهما ما نعرفه بالكون ، اى النجوم والمجرات . وتوجد صخور فى الأرض والسماوات ومابينهما مع إختلاف النوعية ، نفهم هذا من قوله جل وعلا : ( يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَوَاتِأَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (16) لقمان ) ، ولكن يبقى خلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس : ( لَخَلْقُ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (57) غافر ). هذا بينما خلق الله جل وعلا الانسان ضعيفا ( وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً (28) ) ( النساء ) . هذا الانسان الضعيف ليس بشىء مقارنة بالجبال ( إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً (37) الاسراء ) ، ومع ذلك فقد سخّر الله جل وعلا لهذا الانسان الضعيف ما فى السماوات والآرض جميعا منه () اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمْ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (12) وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِوَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (13)( الجاثية ). هذا التسخير ضمن مزايا الاستخلاف الالهى للبشر وضمن مزايا تحمل الامانة والتكليف و الحرية . فالكون هنا نوعان : نوع أعطاه الله جل وعلا القدرة على تسخير الكون ، ثم الكون الذى لم يتحمل الأمانة وأشفق من مسئوليتها .
النتيجة أن الانسان الذى قبِل تحمل المانة فشل فيها وظلم نفسه إ إذا جعل نفسه خصما لرب العزة جل وعلا ، مع أن هذا الانسان مخلوق من نطفة يشمئز الانسان نفسه منها (خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (4) النحل ) (أَوَلَمْ يَرَ الإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (77) يس )
هذه محاولة للتدبر فى قوله جل وعلا : ( إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً (72 ) الاحزاب )