مقدمة :- لست بالمستوى الذي يقيّم أو يُلم بفكر الدكتور أحمد – حفظه الله – لأن التقييم لا بد له من نتيجة و حاشايا أن أقييم شخصا لا سيما بقيمة الدكتور أحمد صبحي منصور . و في هذا المقال أحاول أن أسلط الضوء على تطور فكر الدكتور أحمد كأنموذج بحيث تمكن و هو في خريف العمر – حفظه الله جل و علا و أمده بالصحة و العافية – أن يتخلص من أكواما هائلة من – الإعتقادات – تلك الإعتقادات ما كان لها أن تترسخ بعقله لولا البيئة التي عاش فيها و طبيعة التعليم الذي تلقاه و الشيوخ الذين درّسوه و المناهج التي درسها و هذا شئ طبيعي و معروف .
من يقرأ لكتابات الدكتور أحمد لا سيما المتوفر منها في موقع أهل القران يلاحظ بدقة تطور فكر الدكتور أحمد تصاعديا موازيا للمرحلة العمرية قد يجد صعوبة أحيانا في التتيع التصاعدي إذا أغفل الفترة الزمنية التي كتب فيها الدكتور أحمد كتابا أو مقالا أو حتى رداً على مقال أو فتوى .
في رأيي المتواضع أقول ما كان لهذا النسق التصاعدي الفكري أن يتطور لولا عوامل غاية في الأهمية منها على سبيل المثال التفرغ و البيئة البحثية – المعنوية – من حيث توفر الهدوء و عدم الإزعاج و الإنصراف الكامل للبحث مع توفر المراجع و اليوم و بفضل الأنترنت أصبحت عملية البحث عن المراجع من السهولة بمكان و هو فارق هائل و عظيم بين باحث اليوم و باحث القرون السابقة في هذه الجزئية و هذه الأمور نعمة عظيمة لمن يقدر البحث و يهب وقته للبحث لا سيما في أعز كتاب في الدنيا كلها وهو القران الكريم .
و من القران العظيم نتذكر قصة أحد الباحثين و هو النبي الكريم الباحث عن الحقيقة سيدنا إبراهيم عليه السلام هذا النبي الكريم مذ كان فتى و هاجس البحث يشغله و قبل أن يصل للحقيقة الكاملة مر بمراحل مختلفة في كل مرحلة كان يظن أنه وصل للحقيقة و لكن بمجرد أن يكتشف أن ما توصل إليه ليس بحقيقة سرعان ما يواصل عملية البحث إلى أن اوصله تفكيره لقوله : (قال لئن لم يهدني ربي لاكونن من القوم الضالين ) هنا فارق هائل في التسليم و ليس الإستسلام !! التسليم لله جل و علا الهادي إلى الصراط المستقيم فقد حاول إبراهيم دون ملل أو كلل و في كل محاولة كان يكتشف شيئا فيؤمن به نتيجه بحثه و ما إن يكتشف خطئه يتراجع و لا يصر و لا يكابر و لا يحشم من قصور بحثه أو فشله !! هذه هي الشجاعة الحقيقية التي يجب على الباحث أن يتصف بها و هي الشجاعة التي يمتلكها أنموذجنا في هذا المقال : الدكتور أحمد صبحي منصور .
فارق هائل بين من يغير فكره بإيمان و بحث و علم و تدبر و بين من يتمسك بفكر غيره و يدافع عنه و هذا ما وقع للأمه – الاسلامية - !! ظهر فكر الدكتور أحمد من خلال البحث في القران الكريم حيث وضع منهجا رائعا و منصفا و عادلا فيه مساحة هائلة من أمانة البحث و فيه متسع كبيرا من التأمل و المقارنة حيث يقول – حفظه الله جل و علا – عن منهجه : أن لا تدخل على القران بحكم مسبق أي بنتيحة مسبقه و إلا فلن يكون لبحثك أي قيمة طالما عشعشت تلك النتيجة المسبقة في عقلك و هي – أي النتيجة المسبقة – ستثنيك عن بيان الآيات و وضوحها ، ثانيا عليك بتجميع كل الآيات ذات الصلة و العلاقة بموضوع البحث مع تدبر الآيات التي قبلها و التي بعدها لتتضح الصورة جلية بإذن الله جل و علا لك و قبل هذا و ذاك عليك بأن تتقي الله جل و علا و الطلب منه سبحانه ( التيسير ) لأنه سبحانه يسر القران للذكر .
منهج الدكتور أحمد صارم و دقيق بحيث يؤكد على فهم القران الكريم من خلال القران الكريم نفسه و بالتالي يبتعد عن ( قواعد اللغة العربية ) التي ألفها بشر بعد نزول القران الكريم أي أن القران الكريم سابقا لقواعد اللغة العربية و من خلال هذا المنهج الجميل توصل لجملة نتائج هذه النتائج كانت الاساس في تطور فكر الدكتور أحمد و هو ما شكل صدمة للمسلم العادي الذي تعّود على جملة ثوابت علقت بذهنه و اصبحت أسيرة سلوكه !!
علق الكثيرين ممن رفض كتب التراث و أتجه للقران الكريم مصدرا وحيدا للتشريع في وحل تقديس البشر لا سيما النبي محمد عليه السلام و بعض صحابته و علق كذلك في أمور اخرى و لم يستطع تجاوز تلك الدائرة !!!
الدكتور أحمد – حفظه الله جل و علا – سجد لله جل و علا شكرا و خوفا بعد أن إكتشف حقيقة هذا الكتاب العظيم و أنه كتابا سماويا لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه و فيه تفصيل كل شئ و لم يفرط الحق جل و علا فيه من شئ هذه النتيجة النهائية التي توصل إليها الدكتور أحمد جعلته يرفض تماما ما دونه من كتب بشريه كونت أديانا سماها أديانا أرضية و إنطلق يقدس الله جل و علا بنسبة 100 % متجاوزا تقديس أي بشر أو ملك فالتقديس و بنسبة 100 % لله جل و علا فقط .
فالصلاة لله فقط و مناداتها ذكر لله فقط لذا ألغى ما يسمى ( بالتحيات ) و أبدلها بآية : شهد الله أنه لا إله إلا هو و الملائكه و أولو العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم ) و تمسك بالشهادة الواحدة ( لا إله إلا الله ) و ليس بشهادتين كما يقولها و يذكرها أغلب المسلمين اليوم و الأمس و غدا !! .
دائما ما يردد الدكتور أحمد – حفظه الله – أن ما توصل إليه نتيجة بحث و تدبر يمثل رأيه و لا يفرضه على أحد و لا يبتغي أجرا من أحد و هو باحث يتميز بالحرية وكم ناضل و جاهد في سبيل هذه الحرية إلى ان حازها فهو يكتب و يبحث بحرية كاملة دون ضغط من احد أو لإرضاء أحد و للمساحة الهائلة من هذه الحرية خرجت أبحاثه صادمة لمن يقدس البشر و الحجر لا سيما في مسألة قبر النبي و زيارته و سيرة الخلفاء ( الراشدين ) .
في نهاية هذا المقال أقول : أحبك أبي العزيز و في طلبي للتعليق على عبارته في حق الخليفة علي بن أبي طالب حيث قال عنه ( عليه رضوان الله جل و علا ) ! قال : كنت أحتفظ بمساحة من التقدير و ليس من التقديس له ومع تطور البحث كشف ن و طالب – حفظه الله – أن تبقى كتاباته القديمة كما هي لربما يأتي من يتتبع تطور فكر الدكتور أحمد و يقارن مساحة الإيمان التي تكبر و تكبر إلى أن وصلت إلى تقديس الله جل و علا فقط و إلى الإيمان بالقران و كفى .
شجاعة رائعة من باحث رائع و رائع جدا جدا .... حفظكم الله جل و علا .