الصراع بين قريش والمسلمين فى حياة النبى محمد

آحمد صبحي منصور في الإثنين ٠٦ - فبراير - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

الصراع بين قريش والمسلمين فى حياة النبى محمد

              كتاب :  نشأة  وتطور أديان المسلمين الأرضية

الباب الأول : الأرضية التاريخية  لنشأة وتطور أديان المحمديين الأرضية

الفصل الأول : ماهية الاسلام وتاريخه وتطبيقه حتى عهد النبى محمد

 

الصراع بين قريش والمسلمين فى حياة النبى محمد

 

قريش بزعامة الأمويين  تضطهد المسلمين الأوائل فى مكة وتطاردهم فى المدينة

1 ـ روايات التاريخ الاسلامي بدأت شفهية فى الدولة الأموية ثم تم تدوينها واستقر  في عصر الدولة العباسية . لذلك تلونت كتابة تاريخ سيرة النبى محمد وأصحابه بمفاهيم القوة والتسلط أو بمعني اخر بمفاهيم الامبراطوريات في العصور الوسطى ، وبذلك اتسعت الفجوة بين القرآن والتراث في مجالات التاريخ والتشريع.

وفي ما يخص موضوعنا نجد الفجوة واضحة بين حديث القرآن عن المسلمين الاوائل في عصرالنبي و غزواته وبين السيرة النبوية التي تمت كتابتها بعد النبي  فى عصر الامبراطورية العباسية ،فالسيرة النبوية لأبن اسحاق والتى نقل منها ابن هشام والطبري وغيرهم تركز علي شدة بأس المسلمين في حروبهم في عهد النبي وتؤكد بين سطورها ان الاسلام انتشر بالسيف وذلك كي يبرروا ما حدث بعد موت النبي من فتوحات تخالف تشريع الاسلام , ولكن نري في القرآن شئا اخر مختلفا .

2 ـ والبداية هنا تعود الي مصطلح القرآن عن الذين آمنوا وكيف انه يعني اساسا الذين اختاروا الامن والامان والصبر على الظلم في تعاملهم مع الناس حتي لو كان هؤلاء الناس يعتدون عليهم ويضطهدونهم بسبب الدين. وحتي نفهم المعني المراد بالذين آمنوا في خطاب القرآن لأتباع النبي واصحابه نقرأ قوله تعالي لهم (يا ايها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل علي رسوله والكتاب الذي انزل من قبل ،ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر فقد ضل ضلالا بعيدا (4 / 136) فالله تعالي يدعو هنا الذين آمنوا الي الايمان بالله ورسله وكتبه السماوية . أي يدعوا الذين اختاروا الايمان السلوكى بمعني الامن والامان ان يضيفوا الي ذلك الايمان القلبي بالله وكتبه ورسله. وعلى هذا النسق فالخطاب للذين آمنوا فى القرآن مقصود به الذين اختاروا السلم و الامن طريقا ،ويأتي الخطاب يدعوهم للايمان القلبي والطاعة واقامة الفرائض , أي يدعوهم الي الايمان القلبي ولوازمه من الطاعات ليتحقق الايمان القلبي مع الايمان الظاهري، او ليتحقق الامن والسلام مع  الايمان بالاله وكتبه ورسله , ويتحقق اخيرا  في الاخرة نعيم الجنة حيث السلام والامان .

وقد كان المسلمون الاوائل ضعافا مسالمين آثروا السلم وتحملوا الاضطهاد والتعذيب ، هاجر بعضهم إلى الحبشة مرتين ؛ ثم أخيرا هاجروا جميعا للمدينة هربا من الإضطهاد . وفى المدينة عاشوا فى حالة رعب  وخوف بسبب الغارات المستمرة التى واصلت قريش ارسالها لقتلهم وارهابهم . ولذا وصفهم القرآن فى بداية عهدهم فى المدينة بأنهم كانوا أقلية مستضعفة تخاف أن يتخطفهم الناس (8 /26) ولذلك وعدهم الله تعالى بأن يستخلفهم فى الأرض ويبدل خوفهم إلى أمن (24 /55 )

وهؤلاء المؤمنون المسالمون الذين اجتمعوا حول النبي في مكة ثم في المدينة اثروا السلم ، ولم يحاول احدهم الدفاع عن نفسه ،وعاشوا يتحملون المطاردة وقتال من المشركين القرشيين الذين يريدون تأكيد جبروتهم بارغامهم أولئك المسلمين المسالمين علي العودة لدين الآباء .وقد وصف القرآن الكريم مشركى قريش بأنهم سيظلون يقاتلون المؤمنين حتى يكرهوهم على الإرتداد عن الإسلام ( 2 /217) أى أنهم لن يكفوا عن قتال المسلمين إلا إذا عاد المسلمون لدين قريش الأرضى وسلطانها السياسى . وإذا تمسك المسلمون بدينهم فالمتوقع ان يستأصلهم المشركون بالقتل والقتال . والحل الوحيد هو أن يدافع المسلمون عن حياتهم وعن حريتهم فى إختيار ما يشاءون من دين أو عقيدة. لذلك نزل تشريع القرآن يبيح لهم الدفاع عن النفس  .

3 ـ وعلماء التراث في العصور الوسطي لا يعطون آيات الاذن في القتال حقها من التدبر لأن التدبر في معناها يعطي حقائق مسكوتا عنها تخالف أديانهم الأرضية.

فالاية الأولى تقول ( إن الله يدافع عن الذين آمنوا ، إن الله لا يحب كل خوان كفور ) (22 / 38 ) فالله تعالى يبدأ هنا بالتأكيد على أنه يحمى ويدافع عن كل مؤمن مسالم يتعرض للعدوان من المعتدين الخائنين .وهنا تشجيع مسبق لكل مظلوم تتعرض حياته لخطر القتل بأن يدافع عن حياته ومعه ربه يؤيده ويدافع عنه. وجاء مزيد من التوضيح فى الآية التالية :

تقول الآية التالية (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وان الله علي نصرهم لقدير ) ( 22 / 39) هنا إذن صريح من الله تعالى لكل من يتعرض للظلم والقتل بأن يدافع عن نفسه بغض النظر عن عقيدته ودينه، اذ يكفي ان يكون مظلوما ومعرضا لاحتمال الابادة بالقتل حينئذ يأتيه نصر الله اذا قاتل دفاعا عن حقه في الحياة .

وقد غفل علماء التراث عن عمومية الآية في تشريعها الالهي لكل مظلوم يفرض الاخرون عليه الحرب ، اى كان من حق الشعوب التى فتحها العرب عنوة ـ باستغلال إسم الاسلام ـ ان يدافعوا عن انفسهم و ان يردوا الاعتداء بمثلة.

 وغفل علماء التراث عن معني آخر أهم ،وهو أن الإيذاء الذي اوقعه المشركون المعتدون بالمؤمنين وصل الي درجة القتل والقتال ، وقد كان أولئك المشركون المعتدون يطاردون ويقاتلون قوما مسالمين لا يردون علي انفسهم القتل ،بل أمرهم الله تعالى بكف أيديهم عن القتال الدفاعى، ومع استمرار هذه المطاردة وذلك القتال من جانب واحد فان الابادة لاولئك المستضعفين حتمية . أي ان القرآن يشير الي حقيقة تاريخية اغفلتها عنجهية الرواة في العصر العباسي الامبراطورى، وهي ان المشركين المعتدين القرشيين بزعامة بنى أمية لم يكتفوا باضطهاد المسلمين المسالمين فى مكة بل أخرجوهم من ديارهم وأموالهم فهربوا الى المدينة ، فلم يتركهم المعتدون فى حالهم بل  قاموا بغارات علي المدينة يقتلونهم فى وطنهم الجديد، ولم يكن بوسع المسلمين الدفاع الشرعى عن أنفسهم لأن الاذن بالقتال لم يكن نزل بعد , فلما نزل التشريع اصبح من حقهم الدفاع عن النفس .

وغفل علماء التراث ايضا عن التدبر في الاية التالية لتشريع الاذن بالقتال .

فالاية تقول (الذين اخرجوا من ديارهم بغير حق الا ان يقولوا ربنا الله، ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ) (22 /40 )

فالآية هنا تعطي حيثيات الاذن بالقتال لرد العدوان ،الاول ان اولئك المظلومين تعرضوا للقتل والقتال، والثاني انهم تعرضوا للطرد من بيوتهم ووطنهم لمجرد انهم يقولون ربنا الله .

وهذا ما اشار اليه علماء التراث  لكنهم غفلوا بسبب التعصب الديني في عصر الامبراطورية العباسية في القرون الوسطي عن التدبر في الفقرة الثانية من الاية والتي تؤكد انه لولا حق المظلوم في الدفاع عن نفسه لتهدمت بيوت العبادة للنصاري واليهود والمسلمين وغيرهم حيث يذكر العابدون فيها اسم الله كثيرا .

والاهمية القصوي هنا في تأكيد القرآن علي حصانة بيوت العبادة لليهود والنصاري والمسلمين وغيرهم حيث ذكر الصوامع والبيع والصلوات ،أي كل مكان يعتكف فيه الناس للعبادة من اديرة وكنائس وغيرها ثم جاء بالمساجد في النهاية، وقال عن الجميع انهم يذكرون فيها اسم الله كثيرا ولم يقل طبقا لعقيدة الاسلام في الالوهية (يذكر فيها اسم الله وحده) ( 17 / 46 )حتي يجعل لكل بيوت العبادة لكل الملل والنحل حصانة ضدالاعتداء .

والاهمية القصوى هنا ايضا ان تشريع الاذن بالقتال ليس فقط لرد الاعتداء وانما ايضا لتقرير حرية العبادة لكل انسان في بيت عبادته ،مهما كانت العقيدة والعبادة ،فلكل انسان فكرته عن الله وعقيدته في الله وهو  يقيم بيوتا لعبادة الله و لابد ان تكون هذه البيوت واحة آمنة تتمتع  هي ومن فيها بالامن والسلام ،

وتلك هي مقاصد وغايات الجهاد فى الاسلام ، وهو ما غفل عنه علماء التراث .

4 ـ وكان منتظرا من المؤمنين المسلمين المسالمين حول النبي محمد أن يبتهجوا بتشريع الاذن بالقتال ورد الاعتداء والدفاع عن النفس ، فتلك فرصتهم فى الدفاع عن حقهم فى الحياة ، ولكن حدث العكس، إذ أنهم تعودوا الصبر السلبي وتحمل الاذى ولم يكن لهم طاقة بالقتال أو معرفة به ، ولذلك كرهوا تشريع الجهاد برد الاعتداء وغفلوا انه ضرورى لحمايتهم من خطر الابادة لأنه اذا عرف العدو انهم سيهبون للدفاع عن أنفسهم فسيتوقف عن الاعتداء عليهم ،وبذلك يتم حقن الدماء، وفي ذلك خير للفريقين ، يقول سبحانه وتعالي لهم (كتب عليكم القتال وهو كره لكم ،وعسي ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم، وعسي ان تحبوا شيئا وهو شر لكم، والله يعلم وانتم لا تعلمون) ( 2 / 21:67) لقد كرهوا القتال دفاعا عن النفس وهو خير لهم واحبوا الاستكانة والخضوع لمن يحاربهم وهو شر لهم، والسبب انهم تعودوا السلام والصبر الي درجة اصبحت خطرا علي وجودهم ودينهم .

5 ـ الا ان هذا التوضيح القرآني للمؤمنين المسالمين لم يكن كافيا لبعضهم لكي يخرجهم من حالة الخضوع الي حالة الاستعداد لرد العدوان ، ولذلك فان فريقا منهم احتج على تشريع القتال، ورفع صوته لله بالدعاء طالبا تأجيل هذا التشريع , وفي ذلك يقول الله تعالي (الم تر الي الذين قيل لهم كفوا ايديكم واقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ، فلما كتب عليهم القتال اذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله او اشد خشية ،وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا اخرتنا الي اجل قريب ؟ قل : متاع الدنيا قليل والاخرة خير لمن اتقي) ( 4 /77).

كانوا قبلها مأمورين بكف اليد عن الدفاع عن النفس اكتفاء باقامة الصلاة وايتاء الزكاة فلما فرض عليهم القتال الدفاعي إحتج فريق منهم وطلب التأجيل , وهذا يدل علي عمق شعورهم بالمسالمة وكراهية الدماء .وكانت الغزوات في عهد النبي اكبر دليل علي انحياز المسلمين الأوائل للسلام وكراهيتهم للحرب الدفاعية التي اضطروا اليها.

6  بسبب رفض المسلمين الأوائل فكرة القتال الدفاعى وخوفهم منه أمر الله تعالى رسوله بأن يحرض المؤمنين على القتال الدفاعى ووعد القتلى منهم بالجنة طالما قتلوا فى سبيل الله (8 / 65) ( 3 / 168)، وبدا الأمر بمعارك محدودة قام بها عدد قليل من المسلمين كانوا يتصدون للعدو القرشى يردون إعتداءاته. وكانت المرحلة التالية تحتم الدخول فى مرحلة جديدة هى الدفاع الوقائى.

موقعة بدر :وهنا حدثت معركة بدر التى كانت تجربة نفسية هائلة دخلها أولئك المسلمون المسالمون ، وهم يتصدون إيجابيا مبادرين بالهجوم على قافلة لعدوهم القرشى المتجبر فى تحد واضح له.التحدى هنا ليس فقط لجبروت قريش وقوتها العسكرية ، وإنما أيضا للايلاف.

الايلاف هو ما امتن الله تعالى به على قريش فى سورة" قريش" . والايلاف خارج قريش يعنى تلك المعاهدات التى ابرمتها قريش مع القبائل فى طريق تجارتها بين الشام واليمن فى رحلتى الشتاء والصيف ؛ والإيلاف داخل قريش هى إسهام كل القرشيين فى رأسمال القافلة التى تنقل التجارة بين اليمن والشام ؛ وفى نهاية كل رحلة يصيب كل قرشى من الأرباح بقدر أسهمه فى القافلة .

قلنا إن قريش كانت أشهر وأقوى قبيلة عربية بسبب سيطرتها على الكعبة – بيت الله تعالى الحرام – وسيطرتها على موسم الحج الذى كان يفد اليه العرب فى الأشهر الحرم. وسيطرت قريش على الحياة الدينية لكل العرب اذ كان لكل قبيلة صنمها الخاص الموضوع فى الحرم المكى، وتقوم قريش على رعايته. استغلت قريش الدين فى تأكيد سلطتها السياسية والاقتصادية فنعمت بالايلاف وهو حصانة قوافلها التجارية – رحلة الشتاء والصيف – من النهب والاعتداء ، و لعبت قريش دور الوسيط فى نقل تجارة الهند الآتية الى اليمن فحملتها الى الشام لتصل الى أوربا وروما ، وبالعكس حملت تجارة روما من الشام الى اليمن لتسافر بحرا الى الهند وآسيا. وازدادت قريش ثراء وأمنا فى الوقت الذى عانت فيه القبائل الأخرى من الفقر والتقاتل والسلب والنهب.

هذه التجارة بالدين استلزمت من قريش ان تحافظ على طقوس الشرك الدينى والظلم الاجتماعى فى مجتمعها الرأسمالى القائم على وجود فجوة هائلة بين المترفين الأثرياء والجوعى من الرقيق والفقراء. وحين ظهر الاسلام يدعو الى عدم تقديس البشر والحجر خافت قريش من القبائل المتحكمة فى طريق تجارتها والتى تحيط الكعبة بأصنامها ، لذلك كان القرآن يؤكد  للنبى أن قريشا تعرف أن النبى جاء بدعوة الحق ؛ ولكنها تقف ضده حرصا على مصالحها التجارية ( 28 /57 ) ( 56 / 82) ومن هنا كان إضطهادهم للمسلمين المسالمين إلى أن أجبروهم على الهجرة ثم واصلوا حربهم إلى المسلمين إلى أن نزل الأذن للمسلمين بالقتال الدفاعى حتى لا يستأصلهم المشركون .

وكانت غزوة بدر هى المرحلة الكبرى فى هذا الطريق الدفاعى . وكانت فى السنة الثانية من الهجرة.

 والمسلمون حين خرجوا لأخذ القافلة القرشية التى كان يقودها أبو سفيان الأموى ، لم يكن ذلك قطعا للطريق واستحلالا لأموال الغير بل كان حصولا على حقوقهم المالية الضائعة التى نهبتها منهم قريش ظلما وعدوانا. إن تلك القافلة كانت من إستثمارات اموالهم النقدية التى صادرتها قريش من أسهمهم فى الإيلاف ؛وكانت أيضا حصيلة ممتلكات المسلمين العينية والعقارية والديون التى كانت لهم وتركوها فى مكه. أى أنهم كانوا يردون حقهم المسلوب الذى كانت تتاجر به قريش منذ الهجرة إلى وقت غزوة بدر . هذا الى جانب انه رد على اعتداءات سابقة كانت فيها قريش تطارد المسلمين وتهاجمهم وتسلب اموالهم وهم لا يستطيعون الدفاع عن انفسهم لأن الاذن بالقتال لم يكن قد نزل وحيا من السماء بعد.

وقد وعد الله المؤمنين بالنصر أو غنيمة القافلة. وتزعم الروايات التراثية تسابق المسلمين جميعا فى بدر للفداء والتضحية والخطب الحماسية ، الا إن القرآن الكريم يؤكد على العكس ؛ وهو أن فريقا من المسلمين فى بدر كانوا كارهين للحرب حين تحتم الإصطدام الحربى ؛ وأنهم كانوا يجادلون النبى فى الحق الواضح الذى تبين . فلما لم يكن هناك مفر من الحرب كانوا كأنما يساقون الى الموت وهم ينظرون (8 /5؛6) .

هذا هو حال المسلمين البدريين ـ وهم أعلام الجهاد فى كتب التراث نفسها  ـ كانوا مسالمين خرجوا لاستنقاذ بعض اموالهم الضائعة فلما عرفوا انه يتحتم عليهم دخول حرب حقيقية خافوا وارتعبوا ، وجادلوا النبى ثم اضطروا لخوض الحرب . هذا أيضا هو حال الاسلام الذى يجعل تشريع القتال ليس للهجوم وإنما للدفاع فقط ورد الإعتداء بمثله (2 /190 – 194 ) . 

7 ـ كان إنتصار المسلمين بعددهم القليل (317 رجلا ) على جيش قريش (950  رجلا ) عارا هائلا لقريش وتحديا لمكانتها لذلك سارع أبو سفيان فى العام التالى وزحف بجيش ليحتل المدينة ، فتحمس المسلمون وخرجوا للقائه عند جبل أحد ، وفى البداية انتصر المسلمون ولكن جاء النصر فى النهاية لقريش ، وعاد ابو سفيان وقد ثأر لقريش وللقتلى من زعمائها فى معركة بدر السابقة.

8 ـ وعزم أبوسفيان على استئصال المسلمين عن آخرهم فى المدينة. فجمع كل حلفائه من القبائل العربية وتكون منهم جيش (الأحزاب ) وسميت بغزوة الأحزاب نسبة لذلك التجمع العسكرى الهائل، كما سميت بغزوة الخندق بسبب الخندق الذى حفره المسلمون حول المدينة لحمايتها من من جيش الأحزاب.ونزلت فيها سورة الأحزاب .

وفي غزوة الاحزاب التى حدثت فى السنة الخامسة من الهجرة حوصرت المدينة فبلغ الخوف من المؤمنين غايته ،وادي الخوف ببعضهم الي الهرب وتعويق المقاتلين ونشر الاشاعات ، وفي المقابل ظهر المعدن الاصيل لبعض المؤمنين فازدادوا ايمانا وتسليما. ( 33 / 10،11 ، 18،19،60 ، 22، 23))  

9 ـ وفي غزوة ذات العسرة آخر الغزوات ظل المسلمون حتي ذلك العهد غير متحمسين للقتال ورد الاعتداء مما جعل آيات القرآن اكثر تأنيبا لهم (9 / 13،16، 38 )إذ كانوا يتثاقلون اذا جاءهم الامر بالقتال ،أي ان التثاقل ظل معهم من البداية الي نهاية عهد النبي، هذا بخلاف المنافقين , فنحن نتحدث عن الذين آمنوا لنعرف كيف انهم آمنوا بمعني احبوا الامن والامان وكرهوا الحرب والقتال حتي لوكان الحرب والقتال دفاعا ضد عدوان لا ينتهي .

10 ـ هذا ما كان عليه المسلمون الاوائل ضد مشركي مكة ولكن مالبث ان دخل مشركوا مكة بزعامة الأمويين  في الاسلام بعد فتحها، وسرعان ما تصدروا جيوش المسلمين في حرب الردة بعد موت النبي  ثم تصدروا الجيوش في فتوحات الشام ومصر ثم حكموا البلاد المفتوحة ثم وثبوا على السلطة واقاموا الامبراطورية الاموية بالحديد والنار، وتوارثوا السلطة وبدأ تكوين أديان أرضية جديدة خلال هذا الصراع السياسى والحربى. 

اجمالي القراءات 12135