قراءة في مقالة كمال غبريال "حوار و لا جدوى"
الليبراليون الجدد أم المحافظون الجدد؟

محمد غنّام في السبت ١٤ - أبريل - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

احدى الظواهر المنتشرة في العالم العربي هي فشل المفكرين الليبراليين في اجتذاب أي تأييد جماهيري يعطي المفهوم الليبرالي زخما يستطيع من خلاله التغيير للأفضل, فبالرغم من أن الجاهير العربية تبنت الفكرة القومية لفترة, و الأفكار اليسارية في حقبة اخرى, و الاسلاموية في الوقت الحالي, الاّ أن اللبراليين فشلوا في أخذ فرصتهم كما أخذها غيرهم.

و عند قراءتي لمقالة السيد كمال غبريال المعنونة "حوار و لا جدوى", و جدتها مثالاً صارخا لأسباب فشل الليبراليين العرب, فمعظم الليبراليين العرب في حقيقتهم ليسوا ليبراليين, بل أن الأغلبية منهم يؤيد تكميم الآخر الذي يختلف معهم في الرأي, و هذا يتنافى مع أهم مبادئ الليبرالية, كما أن الأغلبية من الليبراليين العرب تأخذ منحى مضادا لتطلعات و مظالم هذه الجماهير, و تتبع "الموضة" التي تتطلب منهم أن يعشقوا اسرائيل و يسبوا سوريا و ايران و حزب الله الذين يتربصون بذلك الحمل الوديع, و هم طبعا ضد الحركات الاسلاموية و لكنهم لا يقدموا للناس البديل المقبول, فالبديل عندهم هو أن يتبع الناس "الموضة" المذكورة أعلاه.

من خلال قراءة مقال السيد غبريال, تتضح عدة أوجه للتشابه ما بين "الليبراليين الجدد" في العالم العربي و المحافظين الجدد في أمريكا أهمها:

1. كما هو الحال في مقالة السيد غبريال, ينطلق المحافظون الجدد من أنهم يعرفون أين تكمن مصلحة الأغلبية, و بالتالي فعلى الأغلبية أن تتبعهم و لو بالغصب, و هذا هو وجه الاختلاف الحقيقي ما بين من سماهم السيد غبريال "الليبراليين الطوباويين" و "الليبراليين الجدد".
2. سطحية التحليل و النظر للأمور من منظار واحد, و يظهر ذلك جليا في مقال السيد غبريال, فعلى سبيل المثال لا الحصر, هو ينظر الى لبنان من زاوية أن حزب الله يريد اقامة الدولة الاسلامية (بالرغم من أن حزب الله كان قد تخلى عن هذا المشروع منذ دخوله الانتخابات البرلمانية) و أنه يريد تدمير اسرائيل, و يغفل الطبيعة الطائفية للمجتمع اللبناني التي تجعل معظم شيعة لبنان في صف حزب الله, ليس لأنهم اسلامويين, و لكن لأن حزب الله يخدمهم بعد أن كانوا مهمشين من قبل الدولة.
3. اسرائيل فوق الجميع: يقول السيد غبريال في معرض تحليله للصراع بين حماس و اسرائيل: "منظمة حماس تسعى لإزالة إسرائيل من الوجود لأسباب عقائدية دينية، قبل أن تكون لأسباب وطنية (كما يقول خطاب حماس ذاتها)، وإسرائيل تسعى لحماية مواطنيها من اليهود، الذين تسعى حماس لتصيدهم وقتلهم، لتتقرب بسفك دمائهم إلى الله، وليدخل منتحروها الجنة على حسابهم." هكذا اذاً, جوهر الصراع في رأي السيد غبريال هو أن حماس تريد أن تقتل المدنيين الاسرائيليين (بالرغم من أن آخر عملية انتحارية لهم كانت في 2004) لتدخل الجنة, أما اسرائيل المسكينة فكانت في حالها, كافية خيرها شرها, حتى جاءها هؤلاء القتلة, فهي تدافع عن نفسها لا أكثر, و هذا بالمناسبة هو رأي المحافظين الجدد.
4. العنف هو الحل الأمثل بالنسبة للمحافظين و الليبراليين الجدد: مقال السيد غبريال يتمحور على أنه لا جدوى من الحوار مع سوريا و ايران, بل أنه و في نهاية مقاله يطالب صراحة بضرب ايران, طبعا لن يشارك السيد غبريال في هذه المعركة (كما لم يشارك ابناء المحافظين الجدد في حرب العراق), بل المطلوب هو أن يقوم أبناء المواطنين الأمريكيين (مثل كاتب هذا المقال) بالتضحية.

هل يعتقد ايّ انسان عاقل أنه و بهذه الافكار سيستطيع "الليبراليون الجدد" اجتذاب الناس أو الوصول الى الحكم؟ على العكس تماما, هدفهم الحقيقي هو انشاء ديكتاتورية جديدة بمكياج ديموقراطي كما هو الحال اليوم من الأنظمة في الأردن و مصر.

اجمالي القراءات 14866