مرت عصابة قطاع طريق، بحظيرة داخل الجبال، تأتي إليها البهائم لتأكل وترتوي، ثم تعود أدراجها، ولم يكن للحظيرة إلا منفذ واحد بين جبلين، فيقرر رئيس العصابة منع البهائم من الخروج، ويأمر رجالة ببناء حائط على المنفذ قائلاً لهم :
لقد عشنا حياتنا قُطاع طريق، لم نستقر يوماً، حياتنا مليئة بالأخطار المحدقة من كل جانب، وها هو الله قد أرسلنا إلى الحظيرة، لنكون عليها حراساً، ننعم بخيراتها ولتستقر حياتنا، ولسوف نزرع ونتاجر، والخير كله سيأتينا من الحظيرة الممتلئة بالبهائم، فلبن الأبقار رزق وتجارة، ومن جفت أضرعهن نضمهن إلى الثيران ليكون لحمهم طعامنا، ونبيع الزائد عن حاجتنا، إن الحظيرة عطية، وقد قبلنا عطية الله.
فيسأل أحد رجال العصابة رئيسه قائلاً :
لكن تلك البهائم خلقت أحراراً، أفلا نكون مذنبين إن نحن قيدنا حريتها، فيرد عليه رئيس العصابة : تذكر أننا سنحميهم من وحوش البرية، كما أنهم بهائم لا يدركون معنى الحرية، فقط هم لا يبحثون إلا عن المأكل والمشرب، وعليهم أن يعلموا أننا ملاذهم ومأواهم.
وتمر الأيام والعصابة أصبحت في أحسن حال، فقد نهبوا خيرات الحظيرة، وعرفوا معنى الإستقرار، إلا أن البهائم أصبحت تعيش في ضيق شديد، فحريتها مقيدة، وطعامها لا يتغير، وأصبحت حياتها بلا معنى، فيقترح أحد أفراد العصابة على رئيسه أن يفتحوا الباب للبهائم، ليروا أرضاً غير أرضهم، فتهدأ نفوسهم، ثم يعيدونها أدراجها، فيرد عليه رئيس العصابة قائلاً : إياك والرفق بها، فإن أطلقت للبهائم حريتها ما ضمنت عودتها ولا ولائها.
إلا أن البهائم ضجرت من حياتها، دون أن تنفس عن غضبها، إلا ثور واحد، ثار وغضب، فهاج في الحظيرة على الأبقار، وإرتفع صوته حتى وصل لرئيس العصابة، فأخبره رجاله بأمر الثور، وأنه قد يؤذي باقي القطيع، فيأمر رئيس العصابة رجاله بأن يقدموا للثور الهائج طعاماً أكثر من باقي القطيع، وأن لا يعترضوا طريقه حتى وإن قتل بعضاً من أفراد القطيع.
ويزداد غضب الثور الهائج، ويجور على باقي القطيع، ويقتل ثلاثة ثيران أقوياء حتى بدأ يشعر أنه قادر على الفتك بحراس الحظيرة، فيقتل رجلاً منهم، ويعلم رئيس العصابة، فيأمر رجاله بقتل الثور الهائج، لأن طموحه فاق الحد.
إلا أن قطيع الأبقار يحزنون على فقدان الثور الهائج، حتى وإن جار عليهم، إلا أنه منهم، فيقررون التصدي لحراس الحظيرة، حتى يكسروا أسوار محبسهم.
فيأمر رئيس العصابة رجاله بنشر مكبرات الصوت في كل مكان حول الحظيرة، ثم يأتي بتسجيل لصوت زئير أسد، فيسمعه كل قاطني الحظيرة، وتحدث حالة بلبلة بين القطيع، فيرتجفون خوفاً من قدوم الأسد المزعوم، وفجأة ينقطع زئير الأسد، ويدخل رئيس العصابة على القطيع، فتشعر البهائم بالإطمئنان، ويحمدون ربهم على وجود رئيس العصابة ورجاله، ويقتنع القطيع كله بأن العصابة ورئيسها هم بحق .. حراس الحظيرة.
شادي طلعت