( بين التبشير و الوعظ والتنوير )

آحمد صبحي منصور في الأربعاء ٢٥ - يناير - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

( بين التبشير و الوعظ  والتنوير )

أولا : أنواع الكفر والشرك :  لمجرد التذكير نعيد ما سبق قوله :

1 ـ الكفر والشرك مترادفان . فى السلوك العملى العدوانى هما بمعنى الاعتداء الذى يحمل ــ زورا ــ إسم الله جل وعلا .

 الكفر والشرك فى الاعتقاد القلبى بمعنى تقديس البشر والحجر والايمان بآلهة وأولياء مع الله جل وعلا والايمان بكتب مقدسة وأحاديث ما أنزل الله جل وعلا بها من سلطان .

2 ـ هذا ( الكفر / الشرك العقيدى القلبى)  نوعان :

2 / 1 : ( الكفر / الشرك العقيدى القلبى العملى ) : تراه فيمن يقدس القبور ويحج اليها فى الموالد والأعياد .

2 / 2 : ( الكفر / الشرك العقيدى القلبى العلمى ) : تراه فيمن يؤمن بكتب وأسفار وأحاديث يزعم وحى الاهى وشرع الاهى وأنها جزء من الدين .

3 ـ  السواد الأعظم من المحمديين يقعون فى ( الكفر / الشرك العقيدى القلبى العملى )؛  يقدسون الرجس المسمى بقبر النبى محمد وقبور الحسين والسيدة زينب والسيدة نفسية و(على ) و الشافعى و ابى حنيفة والبدوى والشاذلى ..الخ . ويقعون أيضا فى ( الشرك / الكفر العقيدى القلبى العلمى) ، فيقدسون أيضا كتبا مقدسة وأحاديث ما أنزل الله جل وعلا بها من سلطان ، وشرائع وضعية يزعمون أنها الشريعة الاسلامية وأنها ( شرع الله ) مع أنها اقوال فقهاء مختلفين فيما بينهم . وهم أيضا يقدسون هؤلاء الأئمة يعتبرونهم فوق النقد ، كالبخارى عند السنيين والكافى عند الشيعة والغزالى عند الصوفية .

4 ـ  أقلية قليلة من المحمديين تقع فى ( الكفر/ الشرك السلوكى العملى )، وهم الارهابيون ، خصوصا الوهابيين ، وهم بكفرهم السلوكى العملى وقتلهم الأبرياء يعتمدون على أحاديث مفتراة وتشريعات ضالة ، أى يقعون فى نوعى ( الكفر/ الشرك السلوكى ) بالقتل باسم الله جل وعلا ، وفى  (الشرك / الكفر العقيدى العلمى ) بتقديس أحاديث وشريعة تناقض الاسلام . ثم يحسبون أنهم مهتدون .!!.

لهذا فالتنوير الاسلامى ضرورة ، وهو أساس الوعظ والتبشير .

 

ثانيا : التنوير الاسلامى : تعقّل وتفكّر وتبصّر :

 1 ـ خلق الله جل وعلا الانسان مزودا بالعقل والإدراك والقدرة على الفهم والتفكر والتبصر . ومن الغريب أن كلمة ( العقل ) لم ترد فى القرآن الكريم ، الذى ورد فيه هو إستعمال العقل. دليلا على أن وجود العقل بلا إستعمال يعنى عدم وجوده أصلا . أى يكون موجودا بالتعقل . وتكرر هذا فى القرآن الكريم كقوله جل وعلا يحث الناس على التعقل :( أَفَلا تَعْقِلُونَ (32) الانعام ) 44 البقرة )( لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (73) البقرة ) ( كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (242) البقرة ).  

ومن مترادفاتها ( يفقهون  ) مثل قوله جل وعلا :( لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ (65) الانعام ) ( قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ (98) الانعام ) ( بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ (127) التوبة ). ومن مترادفاتها ( يتفكرون ) مثل قوله جل وعلا : ( فَاقْصُصْ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176) الاعراف ) ( كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (24) يونس ) ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (11) النحل ) ( وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (44) النحل) ( وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (21) الحشر ). وأولو الألباب هم الذين يتفكرون فى خلق السماوات والأرض وصولا الى أنه جل وعلا لم يخلها عبثا بل بالحق ، يقول جل وعلا عن أولى الألباب : ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191)آل عمران ). ومن مترادفاتها ( يبصرون ) كقوله جل وعلا : ( أَفَلا يُبْصِرُونَ (27) السجدة ) ( مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ (20) هود ) ،

2 ـ وقد  أرسل الله جل وعلا خاتم النبيين بالقرآن بصائر للناس ، وأمره أن يعلن أنه مُتّبع لهذه البصائر :( قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (203) الاعراف ). و( البصائر ) تعنى التعقل والتبصّر فى كل ما يحيط بالانسان والتبصر بآيات الله جل وعلا فى الكون وفى كتابه الكريم الذى هو ( بصائر ) للناس ، وهى مُتاحة لمن أراد أن يفكر ويتعقل ويتبصّر .

وقد أعلن عليه السلام أن القرآن جاء لهم بصائر ، فمن أبصر وتعقل فلنفسه ومن عمى قلبه فقد أضل نفسه وليس النبى مسئولا عن هداية أحد : (  قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (104) الانعام  ) فمن إهتدى فلنفسه ومن ضل فعلى نفسه : (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (108) يونس )، بل هو لا يستطيع أن يهدى من أحب ، لأن من يشاء الهدى يهده الله جل وعلا وهو الأعلم بالمهتدين : (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (56) القصص ).

وقال جل وعلا فى وصف القرآن الكريم وأهميته:( هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (20) الجاثية ). وبموت النبى محمد يظل القرآن بصيرة يتمسك به الدُّعاةُ بعد موته عليه السلام . وهذا أمر الله جل وعلا للنبى أن يقوله : ( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ (108) يوسف ). وعليه فالداعية المؤمن يبشر بالقرآن الكريم ، وهو البصائر. ومن بصائر القرآن الكريم التبشير .

ثالثا : الشرك والكفر نقيض الاستنارة العقلية والحرية والكرامة الانسانية

1 ـ وليس من الاستنارة العقلية أن يصنع الانسان تمثالا ثم يسجد له تبركا وتوسلا . وليس من الاستنارة العقلية أن يصنع الانسان قبرا فوق جثة ميتة ثم يتوسل بأركان القبر يطلب العون والمدد معتقدا أن الميت الذى أصبح ترابا سيسمعه ويستجيب له . وليس من الاستنارة العقلية أن يؤمن الانسان بأحاديث تمت كتابتها بعد موت النبى محمد بأربعة أجيال وأكثر ، وقيل أن فلانا رواها شفهيا عن فلان عن فلان عن فلان عن فلان ثم كتبها هذا الفلان . هذا هجص لا تقبله الحمير لو كان لها عقل ، لذا فإن الله جل وعلا يجعل المشركين الفاقدين للتعقل أضل سبيلا من الحيوانات : (أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً (44) الفرقان ) .

2 ـ  لذا فإن الدعوة الاسلامية لتقديس الخالق وحده هى تحرير للعقل من ظُلمات الجهل ومن سخافة أن يعبد الأحياء أمواتا فى القبور . وهى أيضا حفظ لكرامة الانسان الذى يجب أن يعبد الخالق وحده ، وليس أن يعبد مخلوقا من البشر أو من البقر أو من الحجر . وهى أيضا تحرير للإنسان من الاستبداد السياسى والدينى ، فالذى يرضى لنفسه السجود أمام كاهن أو قسيس أو شيخ أو وثن أو صنم لا يرى بأسا من السجود لمستبد ، وهذا المستبد هو الذى يتحكم فى الكاهن والقسيس والشيخ ويؤسس الأوثان والأنصاب والأصنام .

رابعا : التبشير الاسلامى للكافرين رحمة بهم وخوف عليهم

1 ـ من هنا فإن الوعظ الاسلامى هو دعوة للإستنارة وكرامة الانسان معا . ومن هنا أيضا فإن وعظ الكافرين يكون ( تبشيرا ) لهم ، مع كونه إنذارا لهم . السبب أن الهدف هو إنقاذ الكافر من كفره ، وهذا الكفر حالة عرضية يمكن أن تزول فينجو الشخص ، أما لو مات بها سيخلد فى النار . بهذا يكون وعظه تبشيرا ..  

2 ــ وفى كل الأحوال فليس التبشير بنوعية ( بالجنة أو النار ) موجها لشخص ، بل هو لصفات . فالشخص فى حياته يتقلب بين إيمان وكفر وطاعة ومعصية ويمكن أن يتوب . وحتى يتوب فلا بد من وعظه وتذكيره بالتبشير . وهذا الوعظ يأتى حرصا عليه وخوفا عليه من خلود فى النار . وهذا يتناقض تماما مع أديان المحمديين التى تقتل المخالف لها فى دينها الأرضى . وبعضها كالوهابية تحكم بقتل من يخرج عن ملتها ختى لو تاب وتقتله بلا محاكمة وعند العثور عليه .

3 ـ و نكرّر أن الكفر حالة طارئة فى حياة الانسان . يولد الشخص طفلا برئيا نقيا ـ على الفطرة بالمفهوم القرآنى . ثم يتأثر بثقافة المجتمع السائدة ، وقد يتحول عنها ، وقد يتمسك بها حتى الموت ، ومنها الثقافة الدينية التى تجعله يقدس البشر والبقر والحجر معطيا عقله إجازة مفتوحة .

الوعظ الاسلامى يدعوه الى التوبة ، يدعوه الى أن يتعقل والى أن يفكر متسائلا :هل هذه الأشياء المخلوقة المصنوعة تصلح أن تكون آلهة له ؟ هى تلك الأسئلة التى سألها الرحمن جل وعلا للكافرين عن آلهتهم المخلوقة ، قال عنهم وعنها : ( أَيُشْرِكُونَ مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ (191)الاعراف) (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ (20) أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (21) إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ ) النحل ) ( وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لأَنفُسِهِمْ ضَرّاً وَلا نَفْعاً وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَيَاةً وَلا نُشُوراً (3) الفرقان ).  . وقال لهم فى خطاب مباشر عن ذاته العلية وآلهتهم المزعومة المصنوعة المخلوقة  : ( أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (17) النحل ) (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوْ اجْتَمَعُوا لَهُ ) (73) الحج )  . هذه نماذج قرآنية للوعظ المؤسس على التعقّل والتفكّر والتبصّر .

4 ـ ولأن الايمان والكفر حالات عرضية فإن بعض الناس يتردد بين الايمان والكفر ، وقد يختار فى النهاية أن يزداد كفرا وبالتالى يموت على كفره . قال جل وعلا عن هذا الصنف : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْرًا لَّمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً ) 137 ) النساء ). هذا مع أن الدعوة للتوبة مفتوحة  للبشر فى حياتهم الدنيا مهما بلغت آثامهم ومهما أسرفوا على أنفسهم ، قال جل وعلا : (  قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) الزمر) ، وحتى الكافرين المعتدين سلوكيا معروض عليهم أن يكفوا عن الاعتداء ليغفر الله جل وعلا يوم الدين : ( قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ (38) الانفال ).

5 ــ إذا رفض التوبة فى حياته فسيهتف عند الموت ـ والملائكة تقبض نفسه ـ يرجو أن يعود للحياة كى يعمل صالحا ، ولكن بلا فائدة فقد أضاع فرصته ، قال جل وعلا : (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100) المؤمنون ) .

6 ـ ثم يأتى يوم القيامة وليس له مصير سوى الخلود فى النار : (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ (72) المائدة  ) . قد تكون له أعمال صالحة ولكن تصميمه على تقديس البشر والبقر والحجر الى النهاية يضيّع ما عمله من أعمال صالحة ، أو بالتعبير القرآنى ( حبط عمله ). قال جل وعلا يحذر المؤمنين من الارتداد عن الاسلام  : ( وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (217) البقرة )، وقد قال جل وعلا للأنبياء جميعا يحذرهم من الوقوع فى الشرك الذى يحبط العمل الصالح يوم القيامة ويجعل صاحيه خاسرا : ( وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ (65) الزمر ).

وقال جل وعلا عمّن يقيم المساجد وهو مقيم على تقديس البشر والحجر :(مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ (17) التوبة ). يعنى إنه لو مات بهذا الشرك فإن كل ما أنفقه فى تعمير المساجد سيضيع هباءا منثورا. هذا ينطبق على ملايين المحمديين الذين يقيمون ملايين من المساجد الزائدة عن الحاجة بينما لا يجد الفقراء علاجا ولا مأوى .!! . ويقول جل وعلا عن مصير أعمالهم الصالحة : (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً (23)   الفرقان ). ويصور رب العزة وضعهم يوم القيامة وقد أحبط الله جل وعلا أعمالهم الصالحة : ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (39) أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلْ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ (40)  ) النور ) (مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ (18) ابراهيم ). وعن حسرتهم وهم فى النار يتذكرون أعمالهم الضائعة يقول جل وعلا : (كَذَلِكَ يُرِيهِمْ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْ النَّارِ (167) البقرة ).

7 ـ كم يخسر المشرك يوم القيامة ؟ يخسر نفسه وأهله خسارة لا نظير لها. قال جل وعلا عنها: (قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (15) لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنْ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ (16) الزمر )( إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ (45) الشورى ). مجرد تقديس البشر يعنى تلك الخسارة الهائلة فى عذاب خالد لا تخفيف فيه ولا خروج منه .!. هل يستحق تقديس المسيح أو محمد أو ابى بكر وعمر وعثمان وعلى والحسين  أو البخارى أو الشافعى  ..الخ .. كل هذا العذاب ؟

8 ـ لذا يكون الوعظ للكافرين تبشيرا لهم لأنه السبيل لإنقاذهم قبل فوات الأوان  .يقول جل وعلا  لنا : (اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنْ اللَّهِ مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ (47) فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ الْبَلاغُ ) الشورى ) .

ودائما : صدق الله العظيم .!!

اجمالي القراءات 7779