مقدمة :
1 ـ فى مقال سبق عن ( الحب بين البشر ) وعن قوله جل وعلا : ( زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنْ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ (14) قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (15) آل عمران ) قلت ( إن الشيطان زين للناس ذكورا وإناثا حب الشهوات ، وهى النساء والبنين والأموال والحرث اى الأطيان الزراعية والخيول ، وان الرجال تشتهى النساء وأن المرأة تشتهى أن تكون لها وصيفات وخادمات ، فالشهوة ليست فى الجنس فقط بل كل ما تشتهيه النفس من سيطرة وجاه وقوة ونفوذ . هذا هو متاع الحياة الدنيا الزائل الذى يقع فى ( حُبّه ) الناس . أما الباقى الخالد الذى لايفنى فهو الجنة ونعيمها . ) .
2 ـ وجاء تعليق الاستاذ ( بن ليفانت ) : ( الكلام هنا للناس، أي للرجال والنساء، و صحيح كما ذكرتم أن الشهوة ليست في الجنس فقط، أي أنها في الجنس وغير الجنس، أي أن كلمة الشهوة في الآية تعني الجنس وغير الجنس، فالشهوة إلى البنين أو المال مثلا ليست جنسية، لكنها جنسية وغير جنسية تجاه الجنس الآخر. فلماذا ذكرت الشهوة (الرجالية) ومنها الجنسية للنساء، ولم تذكر الشهوة (النسائية) ومنها الجنسية للرجال، إلا أللهم عند النساء مثليي الجنس؟ لا أدري أن العلم النفسي الحديث توصل إلى أن المرأة ليس عندها شهوة للرجل, وبالرغم من وجود اختلاف في طبيعة هذه الشهوة، فهذا لا ينفيها. ما جاء في مقالكم عن هذه الفقرة من الآية يوحي لي بتبرير أكثر منه بتفسير. بودي لو كنت أعلم لماذا جاءت الآية بهذا الشكل.) . وعدت بمقال خاص عن مفهوم ( الشهوة ) قرآنيا . وأفى بالوعد هنا .
أولا : الاجابة عن السؤال :
1 ـ: سؤال : (لماذا ذكرت الشهوة (الرجالية) ومنها الجنسية للنساء، ولم تذكر الشهوة (النسائية) ومنها الجنسية للرجال،؟ ) .
2 ــ أقول : الله جل وعلا هو الخالق وهو الأعلم بما خلق : (أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14 ) الملك ). والله جل وعلا هو الذى خلق الرجل الذكر وخلق المرأة الأنثى . وجعل كلا منهما مؤهلا للدور الذى هو مفترض أن يقوم به .
3 ـ الرجل مؤهل لتلقيح المرأة . وهذا التلقيح يستلزم شهوة عاتية فى جسده تصل نيرانها الى مخه وتفكيره وتؤثر على سلوكه . لذا فالحاجة للجنس حيّة داخل الرجل ، خصوصا فى فترة الخصوبة عنده ، وهذه الشهوة ـ فى عنفوان الشباب ــ تقترب من حاجته للتبول ، وبهذه الحاجة للجنس يسعى للمرأة ، وإن لم يجدها يبتكر وسيلة لإفراغ ما فى داخله حتى لو بالعادة السرية أو بالشذوذ الجنسى . الهياج الجنسى لدى الرجل ـ خصوصا فى فترة الخصوبة ـ يعنى شوقه المحتدم والمشتعل بالشهوة الجنسية ، وهو لا يكتفى بإمرأة واحدة لإشباعه الجنسى . والعادة أنه يشتهى إمرأة فإذا نالها إشتهى غيرها . كون الرجل والدا وأبا لا يوقف غريزته الجنسية ، بل إن وصوله الى الشيخوخة لا يمنع تفكيره فى الجنس وتمنى ممارسته حتى مع إنعدام قدرته على الممارسة الجنسية .
4 ــ المرأة مؤهلة لأن تكون ( الأم ) التى تحمل وتلد وترعى وليدها . ليست غريزة الشهوة الجنسية متأصلة فيها بل غريزة الأمومة . من الممكن أن تظل المرأة بمنأى عن الرغبة الجنسية إذا لم تصلها تحرشات الرجل بالهمس وباللمس وبالمراودة . عندها فقط تشتعل فيها ( الرغبة الجنسية ) ردّ فعل لتحرش الرجل بها . فالمرأة هى تجسيد لرد الفعل الجنسى وليست الفعل نفسه فهى مخلوقة لتكون ( الأم ) . غريزة الأمومة لديها هى الأصل وممارسة الجنس هى الطريق لأن تكون أُمّا . وبينما يظل الجنس متفاعلا داخل الرجل حتى بالتمنى والتخيل حتى مع عجزه الجنسى فى شيخوخته وحتى مع مجىء أحفاد له ، فإن المرأة لا تلبث أن تشعر بالقرف من الممارسة الجنسية بعد إنتهاء فترة الخصوبة ومع كونها والدة لشباب بالغ أو كونها جدة لها أحفاد. فقد تحققت لها ( الأمومة ) ، ولم يعد هناك حاجة للجنس كوسيلة للأمومة .
5 ـ بهذا التمهيد نتوقف مع مصطلح ( الشهوة ) ومشتقاته فى القرآن الكريم
ثانيا : بين الشهوة والشهوات فى الدنيا
الشهوات :
1 ـ تتعدد الشهوات لتشمل الشهوة الجنسية وغيرها كما جاء فى قوله جل وعلا : ( زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنْ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ )(14) ( آل عمران ). مذكور هنا أنواع من الشهوات تشمل المال والجاه والشهوة الجنسية . وهذا يشمل المباح منها والحرام .
2 ـ ومنها الشهوات الحرام ، يقول جل وعلا فى إشارة للشهوة الجنسية غالبا : ( وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً (27) ) ( النساء ). يقول جل وعلا عن المتقين :( أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً (58) مريم ) ويقول جل وعلا عن الخلف السىء الذين إتبعوا الشهوات وأضاعوا الصلوات : ( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً (59) مريم ).
الشهوة :
أتت إشارة الى الشذوذ الجنسى شهوة ضمن الشهوة الجنسية فى الحديث عن قوم لوط : (إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (81)(الاعراف )(وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (54) أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (55) النمل ).
يشتهون :
كان العرب فى الجاهلية ( يشتهون ) أن يولد لهم الذكور بينما يعتبرون الأنثى عارا ، ويكرهون أن تولد لهم البنات ، وفى نفس الوقت يزعمون أن الملائكة بنات الله ــ تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. أى انهم ( يشتهون ) أن يرزقهم الله جل وعلا بالذكور ، ثم ينسبون لله جل وعلا البنات . فى هذه المفارقة قال جل وعلا : ( وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ (57) النحل ) .
ثالثا : الشهوات فى الآخرة :
نتذكر تلك المقارنة بين شهوات الدنيا ونعيم الآخرة فى الجنة للمتقين فى قوله جل وعلا :( زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنْ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ (14) قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (15) آل عمران ). بالتالى فهناك (شهوات ) يتمناها الناس فى الآخرة . ونعرض لها :
1 ـ يشتهى أصحاب النار الخروج منها ليعملوا صالحا غير الذين كانوا يعملون ، عن إصطراخهم فيها ورجائهم الخروج منها يقول جل وعلا : ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ (36) وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمْ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (37) فاطر ) . يشتهون الموت هربا من العذاب الخالد فلا يموتون : (إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (74) لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (75) وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمْ الظَّالِمِينَ (76) وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ (77) لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ (78) ) الزخرف ). ( حيل بينهم وبين ما يشتهون )، قال جل وعلا عنهم والملائكة تجمعهم للقذف بهم فى النار وهم فى فزع هائل : ( وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ (51) وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمْ التَّنَاوُشُمِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (52) وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (53) وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ (54) سبأ )
2 ـ فى المقابل فإن أصحاب الجنة آمنون من هذا الفزع : (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ (89) النمل )، لا يحزنهم الفزع الأكبر يوم القيامة ولهم فى الجنة كل ما ( تشتهيه ) أنفسهم ، يقول جل وعلا : (لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ (102) لا يَحْزُنُهُمْ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمْ الْمَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمْ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ (103) الانبياء ).
3 ـ على أنه يجب أن يكون معلوما أن نعيم الجنة لا يمكن تخيله بمداركنا الأرضية ، يقول جل وعلا : ( فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17) السجدة )، لذا يأتى التعبير عنها أحيانا بالمجاز ـ ومنه التشبيه ، كقول رب العزة جل وعلا : ( مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ (15) محمد ).
4 ـ وبالتالى فإن لمفردات النعيم فى الجنة أسماء ( تتشابه ) مع التى كان يعرفها أهل الجنة فى الدنيا، ولكنها ليست مما كانوا يعرفون فى الدنيا ، فالفرق هائل بين مُتعة زائلة لجسد زائل فان ومتعة خالدة لأصحاب الجنة الذين سيعيشون فيها خالدين . يقول جل وعلا عن نعيم الجنة :( وَبَشِّرْ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (25) البقرة ). وبالتالى أيضا فإن الشهوة النقية الخالصة الخالدة التى سيحسّها أصحاب الجنة ستكون غير الشهوة الدنيوية الزائلة المؤقتة والتى لا تخلو من عناء .
5 ـ بهذه الشهوة الراقية الخالدة النقية تقوم ملائكة الموت بتبشير من يموت بعد حياة حافلة بالتقوى ، ويتم تصنيفه عند الموت على أنه من ( أولياء الله ) وليس من ( أولياء الشيطان . ) . يقول جل وعلا :( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (32) فصلت ). تقول لهم الملائكة فى تبشيرهم : ( وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ ). أى كل ما يشتهون وكل ما يتمنون .
6 ـ وعن تمتعهم فى الجنة بكل ما تشتهيه أنفسهم يقول جل وعلا :( ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ (70) يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنفُسُ وَتَلَذُّ الأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (71) الزخرف )، ومنها الفاكهة واللحم والخمر ، يقول جل وعلا : ( وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (22) يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْساً لا لَغْوٌ فِيهَا وَلا تَأْثِيمٌ (23) الطور )( وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (21) الواقعة )( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ (41) وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ (42) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (43) إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنينَ (44) المرسلات ). هى أسماء تتشابه مع الأسماء التى نعرفها ، ولكنها ليست من التى نعرفها .
7 ـ هذا هو الفارق بين الشهوات الدنيا ومتاعها الذى زين لنا الشيطان أن نتنازع حولها وبين شهوات الجنة ومتاعها الذى لا يمكن لنا تخيل متعته . وكل فرد له الحرية فى الاختيار . وهو إختيار وإختبار .