مستقبل جهاز أمن الدولة

في الإثنين ٠٧ - مارس - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

مستقبل جهاز أمن الدولة 
محمود سلطان | 07-03-2011 00:36 

في التقرير المجمع لعدد من الوثائق التي حصل عليها المتظاهرون الذين اجتاحوا مقر مباحث أمن الدولة الرئيسي في مدينة نصر، والذي كتبه الزميل والصديق العزيز محمد جمال عرفة في الزميلة "الوفد".. قال : وتكشف وثيقة لـ "الإدارة العامة للنشاط الداخلي" وهي عبارة عن مذكرة للعرض علي رئيس جهاز أمن الدولة ، عن خطة التعامل مع الحملة الشعبية والاعلامية المطالبة بحل جهاز أمن الدولة حيث تقترح بالنص : "الإعلان عن حل جهاز مباحث أمن الدولة بشكل صوري وإعلامي والإعلان عن أن هذا في إطار تغييره " بهدف "امتصاص الدعاوي الإثارية والمناهضة في هذا الشأن " ! كما تقترح الخطة تغيير اسم الجهاز ليسمي ( جهاز الأمن الداخلي) أو (جهاز المعلومات الأمنية) أو (جهاز الأمن الوطني) ! انتهى. 
الوثيقة ـ إذن ـ تبين أن جهاز أمن الدولة كان سيقاتل إلى النهاية من أجل البقاء.. وهو القرار الذي اتخذه منذ أيام تقريبا وقبل إقالة وزارة أحمد شفيق.. بمعنى أن الأخير لم يكن حل الجهاز على قائمة أولوياته، بل ربما كان متواطئا مع أمن الدولة ومساندا لهذه الخطة التي وضعت للإبقاء على هذا الجهاز الوحشي وهو على رأس الوزارة.. ولعلنا نتذكر ما قاله شفيق في آخر لقاء له مع الصحفيين، عندما أعلن أننا سنسمع أخبار "مفرحة" بشأن مباحث أمن الدولة.. والكل توقع أن الخبر "المفرح" ربما يكون قرارا بحل الجهاز.. ولكن جاءت الوثيقة الأخيرة لتؤكد أن كلام شفيق كان جزءا من "شائعات" تسوق لفكرة الحل من قبيل تفادي الموجة العالية وكما ردت تفصيلا في وثيقة أمن الدولة التي أشرت إليها في مستهل هذا المقال.. ولعل ذلك يعزز من الرأي الذي كان دائما يميل إلى تأكيد شرعية مطالب الثورة بإقالة هذا الرجل، حيث كان يمثل امتدادا لجمهورية "جنرالات الخوف" التي أسسها الرئيس المخلوع. 
خطط أمن الدولة بشأن مستقبل الجهاز، تضعنا مجددا أمام سؤال "المآلات".. صحيح أن كل المقار باتت تحت سيطرة المحتجين والجيش وبعضها جاري تفتيشه من قبل النيابة العامة، وبات الجهاز محض بنى أسمنتية خالية ومهجورة وتحت ولاية الجيش، إلا أنه لايزال من الناحية القانونية موجودا.. وليس ثمة ضمانات تحول دون عودته مجددا. 
تطور الأحداث خلال اليومين الماضيين، يشير بالضرورة أو بالتبعية، إلى أن ثمة قرار بشأن الجهاز، ربما يكون على رأس أولويات السلطات العسكرية الحاكمة الآن ورئيس الوزراء المكلف، لأن الوزير الذي كلف بحقيبة الداخلية بعد اللواء محمود وجدي، رجل شرطة وليس مدنيا، بمعنى أن العقلية الأمنية التي تعايشت مع جهاز مباجث أمن الدولة، من الصعب عليها التخلص من ميراث الأداء الأمني الذي اعتاد العمل وفق منظومة كانت مباحث أمن الدولة تشكل قوامه الأساسي وعمود خيمته الممتدة على اتساع الوطن. 
القرار ـ إذن ـ سيادي واستراتيجي بامتياز ولا يملك سلطة اتخاذه إلا الجيش ورئيس الوزراء الجديد لأن كلاهما تولى المسئولية مسنودا بشرعية "ميدان التحرير" أو بشرعية الثورة المصرية التي صنعها المصريون جميعا بمشاركة حضارية من قبل الجيش، انتزعت إعجاب العالم كله بتقاليد المؤسسة العسكرية المصرية العريقة. 
قرار حل هذا الجهاز.. ينبغي أن يكون عاجلا ويقطع بعدم عودته مرة أخرى لا باسم جديد ولا قديم ولا بأي شكل من أشكال "الهيكلة".. فمصر الديمقراطية التي نأملها ـ وستكون بإذن الله ـ لا يمكن بحال أن تتعايش مع أعداء كل ما هو أخلاقي أو حقوقي أو إنساني.
 

اجمالي القراءات 3172