هل كان للمشركين ودائع وأمانات عند النبى ليلة الهجرة ؟؟
تقول روايات الحديث والسير والمغازى والتاريخ القديم للمسلمين .(( إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أراد الهجرة خلف علي بن أبي طالب لقضاء ديونه ورد الودائع التي كانت عنده ، وأمره ليلة خرج إلى الغار ، وقد أحاط المشركون بالدار ، أن ينام على فراشه ، فقال له : يا علي اتشح ببردي الحضرمي الأخضر ، ونم على فراشي ، فإنه لا يخلص إليك منهم مكروه إن شاء الله تعالى ، ففعل ذلك ، فأوحى الله تعالى إلى جبريل وميكائيل أني قد آخيت بينكما ، وجعلت عمر أحدكما أطول من عمر الآخر ، فأيكما يؤثر صاحبه بالحياة ؟ فاختار كلاهما الحياة ، فأوحى الله إليها : ألا كنتما مثل علي بن أبي طالب ، آخيت بينه وبين محمد عليه الصلاة والسلام فبات على فراشه يفديه بنفسه ويؤثره بالحياة ؟ اهبطا إلى الأرض فاحفظاه من عدوه . فنزلا ، فكان جبريل عند رأسه ، وميكائيل عند رجليه ، فقال جبريل : بخ بخ من مثلك يا ابن أبي طالب يباهي الله بك الملائكة ؟ فأنزل الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وسلم وهو متوجه إلى المدينة في شأن علي : { ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله } [ سورة البقرة : 207 ] . وقال ابن عباس : إنها نزلت في علي لما هرب النبي صلى الله عليه وسلم من المشركين إلى الغار))
ويقول إبن إسحاق (((كانت لدى النبي ودائع وامانات لكفار قريش فلما جاءه الأمر بالهجرة ابقى ابن عمه الامام علي بن ابي طالب عليه السلام في مكة لرد الودائع لأصحابها الكفار الذين كذبوه وآذوه وقتلوا من قتلوا من أصحابه وعذبوا من عذبوا منهم.. فأقام علي بن أبي طالب خمس ليال وأيامها حتى أدى عن النبي صلى الله عليه وسلم الودائع التي كانت عنده للناس)).
التعقيب .
1- ازعم أنى من أكثر المُسلمين الذين يُحبون النبى عليه الصلاة والسلام ويُدافعون عنه ويبرأونه مما قالوه عنه ،اونسبوه له كذبا وزورا المحمديون فى تراثهم المشبوه البعيد كُل البعد عن الإسلام ونبى الإسلام ورسالة الإسلام . وأنى أتخذه عليه السلام ومواقفه فى القرآن الكريم اسوة حسنة تطبيقا ما استطعت لأمر الله جل جلاله ((لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا )).
2- انا هُنا لا أُناقش أمانة النبى عليه الصلاة والسلام لا من قريب ولا من بعيد ،فخاتم النبيين والمرسلين عليه السلام قال عن حُسن خلقه فى قرآنه ربه سبحانه وتعالى ما يُغنيه عن أن يُثبت أمانته أحد . فقال عنه وعن رسل الله ربهم جل جلاله ((اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ)) .. وقال سبحانه عنه ((لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ )) وعن أمانته فى تبيلغ رسالته ،وحرصه على هدايتهم ((فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ )). .فأمانة النبى عليه السلام خارج موضوع المُناقشة .
3= هذه الرواية هى رواية شيعية وضعها أكابر أئمة الشيعة لزيادة مناقب إلاههم (على بن ابى طالب ) وفضائله ، والإرتفاع بمنزلته وبمكانته فوق مكانة النبوة ،ومكانة النبى محمد بن عبدالله –نفسه .فلو ناقشت الرواية ستجد فيها الآتى :
4- أن محمد بن عبدالله النبى الذى عصمه ربه جل جلاله من الناس خاف على نفسه من إيذاء قريش له أوأن يقتلوه ، فهرب وترك الفتى الصغير الذى هو عنده فى مكانة ومعزة إبنه لأنه تربى فى كنفه وفى بيته ،إبن عمه (على بن ابى طالب ) ليُضحى به و ليُقتل ويموت هو بدلا منه ّ!!!!. فهل هذا يليق بخُلق وشجاعة ورجولة وإيمان وورع نبى إختاره ربه ليكون مُبلغا لخاتم رسالاته ، وخاتما للمرسلين ؟؟؟
5- بمنطق العقل ،وتخيُل الموقف امام عينيك ، هل من المعقول أن يترك ابو جهل ، وخالد بن الوليد ، وصناديد قريش وفتيانهم على بن ابى طالب حيا على وجه الأرض بعدما إكتشفوا خداع مُحمدا لهم وهروبه ،وترك إبن عمه الصبى (على ) بدلا منه كنوع من التمويه والخداع والضحك على شواربهم ، وهو من أعدى أعدائهم ، ويُهدد وجودهم ومستقبلهم ،ومستقبل آلهتهم ؟؟؟؟ اعتقد لا والف لا ، وإلا كانوا قتلوه الف مرة وقطعوه إربا إربا ورموا جثته طعاما لحيوانات البرية .
6- تقول الرواية بدون حياء . أن المولى عزّوجل قال لجبريل وميكائيل أنى قد أخيت بينكما (جعلتكم إخوة ) فمن منكم يريد ان يكون اطول عُمرا من الآخر ؟؟ فإختارا الحياة . فقال الا تكونون مثل (على بن ابى طالب ) آخيت بينه وبين محمد (النبى محمد ) .فآثر على نفسه وضحى ،ونام مكان محمد . إهبطا (جبريل وميكائيل ) إلى الأرض فأحفظاه(على بن ابى طالب ) من عدوه . فكان جبريل سهران واقف عند رأسه ، وميكائيل سهران واقف تحت رجليه !!!!! ، وقال جبريل حاسدا (على ) بخ بخ من قدك يا على يباهى الله بك الملائكة !!!!!!!!... والغريب انهما طبقا للرواية لم يحرسا (النبى محمد عليه السلام ) فى محنته وهجرته من مكة للمدينة وبحث العدو عنه ليقتلوه ،وإنما كانا مع الأهم والأولى (إله الشيعة ) على بن ابى طالب .!!!!
7- ولم يكتف صُناع الحديث ورواته عند هذا الحد بل قالوا أن إبن عباس قال فى قول الله تعالى (({ ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله })) انها نزلت فى على بن ابى طالب لما هرب النبي صلى الله عليه وسلم من المشركين إلى الغار وتركه يبيت فى فراشه!!!!.
8- من الطبيعى أن يجعلوا هناك سببا ثانويا لتضحية النبى بعلى وتركه ينام فى فراشه ليلة الهجرة ، وهو ليقوم بتوزيع ودائع المُشركين التى كانت عند النبى على اصحابها وردها لهم بعد أن هاجر من مكة وتركها . ولنُفكر فى الموضوع بهدوء من زاوية أخرى .
9- محمد بن عبدالله –كان قبل البعثة عند قومه (الصادق الأمين ) ، ولكن عندما بعثه ربه جل جلاله بالرسالة وأمره ان يصدع بها ويدعو قومه إلى ترك عبادة الأصنام وعبادة الواحد القهار ، تغيرموقفهم منه ،وإختلفت نظرتهم له ،وأصبح فى نظرهم ((ساحرا مجنونا ، كاذبا ، يستدعى اساطير الأولين ويتلوها عليهم ، وأصبح فى نظرهم من طبقات المجتمع الدُنيا ،ولم يتبعه سوى شرزمة ارزلون فُقراء مُعدمين وبعض العبيد ، وناصبوه وناصبوهم العداء والإيذاء قولا وفعلا .))
10- وصل عدائهم للنبى ومن آمن معه لله رب العالمين فى مكة إلى درجة أنهم حاصروهم فى شعب ابى طالب ،وإتفقوا فيما بينهم على قطع علاقتهم مع بني هاشم وبنى عبد مناف أهل النبى : أن لا يناكحوهم -لا يزوّجونهم- ولا يتزوجون منهم، وأن لا يبايعوهم، لا يبيعون لهم ولا يشترون منهم، وأن لا يجالسوهم، ولا يخالطوهم، ولا يدخلوا بيوتهم، ولا يكلموهم، وأن لا يقبلوا من بني هاشم وبني المطلب صلحًا أبدًا، ولا تأخذهم بهم رأفة حتى يُسْلموا رسول الله r لهم ليقتلوه هكذا في غاية الوضوح: السبيل الوحيد لفك هذا الحصار هو تسليم الرسول r حيًّا ليقتله زعماء الكفر بمكة. وقد صاغوا قانون العقوبات هذا في صحيفة، ثم علقوها في جوف الكعبة، وقد تقاسموا بآلهتهم على الوفاء بها. بإختصار مُقاطعة إجتماعية ، وإقتصادية ، ومن قبلها مقاطعة دينية .
11- هل من المنطق والعقل وبتفكير رأس المال الجبان بطبيعته أن يحروء احد من القرشيين المُشركين أن يتركوا ودائعهم وأموالهم عند محمد الذى ناصبوه العداء وإضطهدوه ،وحاصروه ، وإمتنعوا عن معاملته هو ومن أسلم معه بعد هذا ؟؟؟ وهل كان سيسمح لهم ( ابو جهل ، وابو سفيان ، وأمية بن خلف ، والوليد بن المغيرة وولده خالد بن الوليد وغيرهم من كبار المُشركين القرشيين آنذاك ان يفعلوا هذا ؟؟؟ اعتقد لا .
12- بل على العكس بعض المسلمين الذين اسلموا سرا مع النبى فى مكة ،او ممن كانت لهم عصبيات تحميهممن إيذاء قريش من أمثال (عثمان بن عفان ، ومُصعب بن عُمير ) هم من كانت لهم أموال وأسهم فى تجارة قريش التى كانت تتاجر بها مرتين فى السنة ،والتى سماها القرآن الكريم ب(الإيلاف ) ،ونزل فيها قوله تعالى ((لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ 1إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاء وَالصَّيْفِ 2فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ 3الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْف- *4)). وهذا الإيلاف كان سببا فى غزوة بدر ، وهذا موضوع آخر .
13- من كل ما تقدم يتضح لنا أن رواية وجود ودائع للمشركين عند النبى عليه السلام ، ونوم على بن ابى طالب مكانه فى فراشه ليلة الهجرة ،هى رواية مكذوبة وضعها الشيعة للإرتفاع بمكانة وقدر إلاههم على بن ابى طالب ،وبمناقيه حتى على مكانة النبى محمد عليه السلام . وجعلوا من ملائكة الله (جبريل وميكائيل ) خدما لعلى ،وأقل منزلة منه ،ويحسدونه عليها ليبرروا بها عبادتهم لعلى وفاطمة والحسن والحسين وأاولادهم وأحفادهم .
14- من يختار الإيمان بتلك الرواية ،ويجعل منها دينا له مع دينه ، فهو حُر ومسئول عن إختياره وحُريته أمام المولى عزّوجل يوم القيامة . أما أنا فإنى أبرأ إلى الله منها ومن دينهم الأرضى ، وأُبرأ رب الإسلام سبحانه وتعالى ، ورسول الإسلام ، ورسالة الإسلام منها .