وهم الزعامة

سامح عسكر في الخميس ٢٩ - ديسمبر - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

أغلب من نظنهم زعماء ليسوا كذلك

ستُصدم إذا علمت أن سعد زغلول ومصطفى كامل كانا معارضين للاحتلال الإنجليزي، لكن في نفس الوقت مؤيدين للاحتلال التركي، حتى أن مصطفى كامل كان لا يعتبر سيناء مصرية بل تركية في قضية ترسيم الحدود الشهيرة عام 1906

ستُصدم إذا علمت أن السبب الرئيسي لثورة 1919 لم يكن الاستقلال عن انجلترا بل الانتقام لهزيمة الخلافة الإسلامية العثمانية من بريطانيا في الحرب العالمية الأولى..

الأديب الدكتور محمد محمد حسين له كتاب.."الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر"..نقل فيه –كمؤرخ- أن المصريين ثاروا ضد انجلترا من عام1914، وأن الثورة المصرية كانت دينية دفاعا عن مكة والمدينة التي أشيع وقتها أنها سقطت في يد الإنجليز.

كان المصريون والشوام يحاربون بجانب الجيش العثماني، وفي المعركة رفعوا (علم الخلافة) وأنشدوا أناشيد الجهاد، ورتلوا القرآن، حتى أن قائد الجيش الرابع العثماني وقتها (جمال باشا) قال أن مستقبل الإسلام في عبور تركيا لقناة السويس وتحرير القاهرة من الإنجليز، والنتيجة شيوع روح الجهاد في الشارع المصري، وهو الذي دفع سعد زغلول بعد ذلك للمطالبة بالاستقلال عن انجلترا دفاعا عن الإسلام، ليس من أجل الاستقلال لذاته.

الخديوي عباس حلمي الثاني كان ينوي المشاركة في الحملة العثمانية على مصر واختراق حصون الإنجليز، لكن مخابرات بريطانيا علمت فعزلته أواخر عام 1914، أي بعد اندلاع الحرب العالمية الأولى بعدة أشهر ، تولى السلطان حسين كامل 3 سنوات فقط بأمر الإنجليز كان مكروه فيها من المصريين المؤيدين للخلافة ، وبعد ما توفى رفض ابنه تولى السلطة ،فبحث الإنجليز عن أمير مصري وكان الأمير فؤاد الأول اللي تولى عام 1917، ومن يومها اختفى نفوذ الأتراك من مصر، لكن بقيت شعبيتهم وانتسابهم للإسلام هو المحفز للثورة على انجلترا بعد تولي فؤاد بعامين..

مهم جدا ربط الأحداث ببعضها، هذه الفترة غامضة جدا في التاريخ المصري ولا يُعلن منها سوى ما يؤيد الشعور الوطني فقط بالاستقلال، وهو دا اللي أشاع إن سعد زغلول كان زعيم حقيقي ضد السلطة ، بينما الرجل كان متزوج بنت رئيس الحكومة وقتها.."مصطفى باشا فهمي"..يعني كان زواج برائحة السياسة، يكفي العلم إن الإنجليز عينوا سعد زغلول في سلك القضاء ومسئول في وزارة التعليم ثم وزير للعدل عام 1910، كل دا تحت الاحتلال الإنجليزي (آه والله)..يعني الراجل كان سمنة على عسل مع انجلترا..

الانقلاب حدث بعد الحرب العالمية الأولى ودخول بريطانيا الحرب ضد الخلافة الإسلامية، وهذا شئ فظيع لن يقبل به زغلول، فمن يعادي تركيا هو عدو للإسلام..ومن يحتل مكة والمدينة ويُسقط اسطنبول هو عدو للمصريين..

باختصار: فتش عن الدين في كل الأحداث المعاصرة خصوصا في القرن العشرين أو ما كان يُعرف وقتها بحروب الاستقلال، هتلاقي إن 99% منها كانت دينية ضد المستعمر الصليبي، أما تركيا فلم تشهد حرب استقلال واحدة سوى حروب المصريين مع محمد علي باشا، والسبب إن تركيا كانت نموذج ديني في وعي المسلمين، أما ثورة محمد علي ضدها خرجت بنزعة استقلال حقيقية عند المصريين، لكن تشويهها يحدث كالعادة لما (زعيم مزيف) يدخل الدين في السياسة فتتحول مطالب الاستقلال إلى خنوع وتبعية..

اجمالي القراءات 6840