منحت محكمة مصرية اليوم أتباع الحركة البهائية في البلاد الحق بالحصول على بطاقات هوية شخصية بدون ذكر انتمائهم الديني فيها، منهية بذلك أربع سنوات من الجدل الدائر حول القضية التي تخللتها أحكام بعدم الاعتراف بالبهائية كديانة.
وقالت مصادر قضائية أن المحكمة قضت للمواطن المصري البهائي، رؤوف هندي، بحقه بالحصول على وثائق إثبات هوية شخصية لطفليه التوأم، وذلك بترك خانة الدين فارغة من خلال وضع إشارة فيها على شكل خط أفقي صغير (-). وأضافت المصادر أنه بإمكان الحكومة استئناف الحكم الذي يخول البهائيين في مصر الحصول على أوراق رسمية حُرموا منها منذ عام 2004، وكانوا يحتاجونها لتسجيل أطفالهم في المدارس وإتمام معاملات الزواج وقيادة السيارات وفتح حسابات بنكية.
وفي مقابلة أجرتها معه وكالة رويتز للأنباء عبر الهاتف بعيد صدور الحكم لصالحه، قال هندي: "أشعر اليوم بالسعادة... لقد طالبت بشيء عادل، إذ طالبت بالقول إنني لست مسلما ولا مسيحيا ولا يهوديا، لذلك ضعوا لي خطا أفقيا صغيرا (-). أنا لا أريد أن أكذب على أوراق حكومية، وهذا كل ما في الأمر."
ولم يدلِ مسؤولو وزارة الداخلية المصرية بأي تصريحات بشأن الحكم ولم يقولوا فيما إذا كانت الحكومة ستستأنف الحكم أم لا.
وتعليقا على الحكم، قال حسام بهجت، وهو صاحب مؤسسة معروفة باسم "المبادرة المصرية من أجل الحقوق الشخصية" وقامت بتمثيل البهائيين في المحكمة: "هذا أول خبر سار يتلقاه بهائيو مصر والمدافعون عنهم وأنصارهم منذ أمد طويل." وأضاف بهجت: "هذه نهاية لمحنة طويلة لم يكن لها داع وعانى منها مواطنون خطأهم الوحيد هو رفضهم التحديد المزور لهويتهم أو الكذب من خلال الوثائق الرسمية."
وقال بهجت إنه سيسعى على الفور إلى استصدار وثائق إثبات هوية لأطفال الأسر البهائية التي أثارت القضية، بمن فيهم طفلا هندي التوأم وطفل بهائي آخر. وتابع قائلا: "نتوقع أيضا أن تقوم وزارة الداخلية على الفور بتغيير سياستها لكي يمكن تطبيق هذه السياسة على جميع أتباع البهائية أو أي عقيدة أخرى ليست من الديانات الثلاث المعترف بها."
يُذكر أن التقديرات تشير إلى وجود ما بين 500 و2000 بهائي في مصر التي رفضت حكومتها في السابق السماع لأتباع هذه الأقلية الدينية بالحصول على وثائق تصنفهم كبهائيين، أو حتى السماح لهم بشطب خانة الدين من الهوية الشخصية.
ويقول ناشطو حقوق الإنسان إن البهائيين يواجهون مضايقات و"اضطهاد" في المجتمع المصري المحافظ اجتماعيا، إذ ينظر بعض المسلمين إليهم على أنهم "مهرطقين." ورغم أن الدستور المصري يضمن حرية العقيدة، إلا أن المسؤولين في الواقع يترددون بالاعتراف بديانات أخرى غير الإسلام والمسيحية واليهودية.
وكان الرئيس المصري السابق جمال عبد الناصر قد حظر ممارسة جميع طقوس العبادة التي يقوم بها البهائيون في مصر، وذلك في أعقاب صدور فتوى دينية مماثلة من الأزهر، وهو أكبر هيئة دينية في مصر.
وتقول الأستاذة الجامعية بسمة، وهي بهائية، إنه قبل صدور قرار جمهوري عام 1960 ينص بحل المحافل البهائية ومراكزها الموجودة في البلاد وقبل قيام الثورة عام 1952، كان الملك يرسل مبعوثا خاصا لحضور الاحتفالات البهائية بمحفل البهائيين في حي العباسية في العاصمة القاهرة.
تقول الدكتورة بسمة إن بطاقات الرقم القومي المميكنة في مصر شكلت نقطة تحول في حياة البهائيين المصريين حيث لم يسمح باصدار تلك البطاقات إلا بإثبات صاحبها انتماءه لإحدى الديانات الثلاث وهي الإسلام أو المسيحية أو اليهودية.
إلا أن الدكتورة بسمة تقول في نفس الوقت إن بهائيتها لم يكن لها أي أثر على فرصتها في التعيين كأستاذة جامعية، لأن الحكومة المصرية لا تمنع ذلك طالما أنها مؤهلة وحاصلة على الدرجة العلمية اللازمة.
وفي قضية منفصلة، رفضت محكمة مصرية في القاهرة اليوم الثلاثاء طلبا لشخص تحول من الإسلام إلى المسيحية بتسجيل ديانته الجديدة في خانة الدين في هويته الشخصية. وقالت المحكمة إن محمد حجازي، البالغ من العمر 25 عاما، لم يتبع الطرق القانونية المناسبة التي تمنع الشخص من التحول إلى دين أقدم من دينه الأساسي تحت أي ظرف من الظروف.