لا التمتع في الحج. لقوله تعالى: (وأتموا الحج وعمرة لله.)
"اعلموا أن التمتع في الحج محذور! يا أولي الألباب".

الشيخ احمد درامى في الأحد ٢٠ - نوفمبر - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

"اعلموا أن التمتع في الحج محذور! يا أولي الألباب".

 

لا التمتع في الحج. لقوله تعالى: (فلا الرفث ولا الفسوق ولا الجدال في الحج.)

فمن تمتع في الحج فقد كسر حجه. لقطعه ما أمر الله به أن يوصل. وهو الحج والعمرة. قال تعالى: (وأتموا الحج وعمرة لله.). وطبقا لهذه الآية، بات القطع بين الحج والعمرة للتمتع أمرا محذورا. ولوكان التمتع في الحج جائزا لما فرض على من وقع فيه فدية هدي، أو صيام عشرة أيام لجبر حجه المكسور.

إن الله {س.ت.}أمرنا بالوصال بين الحج والعمرة. ثم إنه، س ت، هدد بلعن من يقطع ما أمر به أن يوصل. وقال تعالى: (والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه. ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار.).

"مأ أمر الله به أن يوصل" منها أمره بإيصال بين الحج والعمرة. (وأتموا الحج وعمرة لله.) فلا يجوز إطلاقا القطع بينهما. احتراما لقوله تعالى: (فلا الرفث ولا الفسوق ولا الجدال في الحج). فبالتمتع يجيزون الرفث في الحج.

جاء من"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء"

أن "من أحرم متمتعاً بالعمرة إلى الحج ثم أدى مناسك عمرته من الطواف والسعي والحلق أو التقصير فقد حل من عمرته وأبيح له ما كان ممنوعاً منه بالإحرام، بما فيها الجماع".

 

فهذا طبعا يخالف ما ورد في كتاب الله

فروايات المجيرة للتمتع في الحج، من بعد منعه في الكتاب، كلها من ضغائن أعداء الإسلام (المنافقون) وضحكاتهم على المسلمين.

 

والناس يأتون التمتع (أي الرفث في الحج) لخفة العقوبة (الفدية) فيه (هدي فقط، أو صيام ثلاثة أيام في الحج...).فحملهم ذلك على اتخاذ آيات الله هزوا. أعني قوله جل وعلا: (وأتموا الحج والعمرة لله.)، وقوله: (فلا الرفث ولا الفسق ولا الجدال في الحج)

فهم بمثابة التاجر الذي اتخذ أيمانه دخلا بينه وبين الناس، فيحلف لنظيره، مخادعا، عند مقاولات هامة. نظرا خفة كفارة الأيمان عنده (إطعام عشرة مساكين، بش، أو صيام ثلاثة أيام فقط).. ويخفى عليه أن القدرة على الكفارة لا يجيز للمرء إتيان المحذور عمدا. أي "مع سبق الإصرار"، كما يقولون.

اعلموا أن الكفارة أو الفدية لا تفرض إلا على مرتكب ذنب. وعليه، يجب على المسلم تجنب الوقوع فيما يوجب الكفارة. قال تعالى: (أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات؛ سواء محياهم ومماتهم؟ ساء ما يحكمون!).

فحرام على المسلم أن يحلف لأحد بفعل شيء ما، مثلا، شاهدا على نفسه أنه لا ينوي فعله. وإنما حلف مخادعا، مع نية الكفارة فيما بعد، لأهمية المكسب، وخفة الكفارة. وذلك وجه من وجوه اتخاذ آيات الله هزوا. وذلك هو بالضبط ما رأوا في "التمتع في الحج" أي أهمية المكسب، وخفة الكفارة. (هدي، أو صيام ثلاثة أيام في الحج...). فقدرتك على الكفارة لا تجيز لك استخفاف أوهتك محارم الله العزيز الجبار.

 

(فاجتنبوا الرجس من الأوثان، واجتنبوا قول الزور.)

1-     فماء زمزم ماء عادي من بئر حفره إبراهيم وإسماعيل. وليس من اسطورة ركل الطفل إسماعيل الأرض. ولو كان كذلك لسمي "عين زمزم" بدلا من "بئر زمزم". لأن العرب لا يسمى الماء الذي ينبع على سطح الأرض بئرا؛ بل عينا. إذا نبع فعين؛ وإذا حفر فبئر. فعليه، فبئر زمزم محفور. من حفره؟ حفره نبي الله إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما سلام.

 

2-     الحجر الأسيود: يبدو أنه نيازك سقط من السماء على الأرض، فزعموا أنها أنزل من الجنة!فالسبب في وضعه هناك هو فقط إعلام نقطة بداية دورات الطواف ونهايتها.لا أكثر.

3-     رمي الجمار. رمي الجمرة ليس من الحج، بل هو مما أضيف إليه. وعدم فعله لا يضر حجك. وتركه أحوط، في نظري، من فعله. ولست مصدقا للأحاديث التي تفيد أن النبي ص قد فعله. لأنه، عليه السلام، لا يتبع إلا ما أوحى إليه. ورمي الجمار لم يأمر به الله سبحانه وتعالى في الحج. وإنما علله فاعلوه بأسطورة زعمت حول مذبح إسماعيل المذكور في الكتاب.

وعلى كل حال، فإن القائمين به يزعمون انهم يرمون الشيطان؛ في حين أن اللعين ينظر إليهم ويضحك. وهم يقتلون أنفسهم فيه تزاحما فيموت منهم جمع كثير. والملعون، هو، ما زال حيا يُرزق!  أفلا يدّبروا القرآن؟  فقد قال الله فيه: (اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم. ولا تتبعوا من دونه أولياء!...)، كما حذّرنا فيه قائلا: (فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور!)

وعللوا الرمي بأسطورة مفادها أن أسماعيل لما عرض عليه أبوه أمر ذبحه فوافق تعرض له الشيطان يحرضه على الرفض، فرماه إسماعيل بحجر، فهرب. ثم رجع يحرضه من جديد، فرماه بحجر ثانية. وهكذا ظل معه يرميه حتى بلغ سبع حصيات.

فلما استيأس الشيطان من إسماعيل، توجه إلى أم يه يحرضها على منع ابنها القبول لما ينوي أبوه. فأخذت هي كذلك ترميه بحصيات، مرة بعد مرة، حتى بلغت سبع حصيات.

فإحياء لهذه الأسطورة، بنا قريش للشيطان رمزا يرمونه في الحج، تأسيا بإسماعيل وأمه، على حد زعمهم.

.

هذه الأسطورة الساذجة، ولو صحت، فإنها لا تجعل رمي رمز الشيطان جزءا في الحج. لأن عبادة الله لا تنشأ من فعل عبد؛ كائن من كان. ولو كان نبيا. وإنما تنشأ العبادات بأمر من الله س.ت. لا يصح، أبدا، اعتبار فعل أي عبد عبادة إلا إذا أمر الله، عز وجل،به. لا تنشأ أي عبادة من فعل مخلوق! لا ملك مقرّب، ولا نبي مرسل؛ فضلا عن غيرهما.

ألا تر الغار الذي نزل فيه الوحي فإنه لا يزار؟ لو زرتها كسائح فلا الشيء عليك، لكن لو عكفت فيه اقتداء بالنبي لحرم ذلك عليك. وكذلك الغار الذي اختبأ فيه النبي وصاحبه في طريقهما إلى المدينة (والذي ذكر في القرآن.).

فأسطورة الرمي هذه ولو صحت لظل دخول الغارين أولى منها بالاقتداء؛ لكون الذي أقام في فهما نبيا؛ في حين أن فعل إسماعيل وأمه، ولو صح، ما زاد على كونه فعل إنسان عادي. لأن إسماعيل لم يكن، آنذاك، نبيا، ولا أمه صديقة! وعليه، فأفعالهما لا تعتد.

فبهذه القاعدة يُبطل كل ما روي عن "يوم العاشوراء"؛ عند من سموا أنفسهم "أهل السنة" من أحاديث تفيد أن النبي ص. ابتكره لنا اقتداء باليهود. متى كان النبي ص يقتدي باليهود؟!

وباطلة، كذلك، الأسطورة التي حُكيت حول الصفا والمروة من فعل "حاجر" ام إسماعيل. فالإذن بالسعي بين الصفا والمروة ورد في القرآن، عند قوله جل وعلا: (إن الصفا والمروة من شعآئر الله! فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما! ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم.) [ب: 158]

إن إسماعيل لم يولد ببكة كما زعم البعض. وإنما ورد إليها شابا مع أبيه. راجعوا القرآن واستفسروه. فبناء البيت سبق سكن ذرية إبراهيم عنده. وإبراهيم وإسماعيل هما اللذان بنيا البيت. (وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل؛ ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم.)

لقد ظل إبراهيم ينقب في الوديان والمرتفعات بحثا عن مكان البيت؛ طبقا بمعطيات ومعالم أعطيت له. إلى أن هداه الله إلى مكان البيت. (وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئا وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود.). وهذه الآية خوطب فيها إبراهيم وحده عند ما اهتدى إلى مكان البيت وقبل بنائه. والآية التالية نزلت بعد تمام البناء، لذا خوطب فيها إبراهيم وإسماعيل. وهي التي جاءت بثلاثة قرارات تخص البيت:

1-     إهداء البيت إلى الناس جميعا: (وإذ جعلنا مثابة للناس وأمنا)؛

2-     الأمر بالصلاة عنده، لكن خارجه: (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى

3-     تكليف إبراهيم وإسماعيل العناية بالبيت وتطهيره، (ماديا) من الغبار، (ومعنويا) من رجس الأوثان.

وقال جل وعلا: (وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا. واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى. وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود) إن مهمة تطهير البيت واستقبال ضيوف الرحمان الموكلة عليهما، كانت سبب إسكان إبراهيم ابنه إسماعيل ببكة عند البيت. وكانت، كذلك، سبب حفرهما بئر زمزم، لتوفير الماء لضيوف الرحمان.

وهكذا أمر إبراهيم ابنه إسماعيل وزوجته أن يسكنوا عند بالبيت. ثم دعا لهم ربه (شفقتا عليهم في الوحشة بالواد)، وقال:(ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم؛ ربنا ليقيموا الصلاة، فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم؛ وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون.) تمعّـنوا جيدا في قول إبراهيم عليه سلام! إنه لم يقل: "إني أسكنت من أهلي" وإنما قال: "إني أسكنت من ذريتي" لأن حاجر (أم إسماعيل) لم ترسل مع ابنها إلى الواد في الجبال عند البيت. وإنما الذي أُسكن هناك هو إسماعيل؛ أو زد: "وأهله". فهو، أو (هم)، المراد بقوله: "من ذريتي".

وهذا بخلاف "السناريو" التي رويت من أن حاجر ولدت إسماعيل في الواد عند البيت، وظلت تجري ذهابا وإيابا بحثا عن الماء حتى ركل الوليد على الأرض فنبع من ركله ماء زمزم.

فالعرب لا يسمون الماء النابع على سطح الأرض "بئرا"! وإنما يسمونه "عينا". ولم كان تلك الأسطورة صحيحة لقيل: "عين زمزم" بدلا من "بئر زمزم". لكن المألوف هو "بئر زمزم"! وليس "عين زمزم" فالبئر هو ما حُفر، والعين لما نَبع.

                                            والله س.ت. أعلم

اجمالي القراءات 10551