سورة الفاتحة : وتسمى بسورة السبع المثاني..
لقوله تعالى:
وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سبْعاً مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ {87} الحجر
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِِ {1}
الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ {2}
الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ {3}
مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ {4}
إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ {5}
اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ {6}
صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ {7}...... آمين
1- بسم الله الرحمن الرحيم:
وهي أول آية في القرآن الكريم، وفيها ثلاثة أسماء من أسماء الله الحسنى ومعناها (هو الأول وهو الآخر وكل نطق لآيات الكتاب أو التوكل عليه يجب أن يبدأ بإسمه) وهو التوحيد لله وحده لا شريك له.. وهي اُم الكتاب... وتسمى كذلك بفاتحة الكتاب. وهي أول آية نزلت بالتخاطب إلى الرسول سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم).
لقوله تعالى:
إقرأ بإسم ربك الذي خلق {1} العلق
وتعني:
إقرأ بإسم الله الرحمن الرحيم
وهي فاتحة كل الرسالات السماوية المنزلة على جميع الرسُل والأنبياء، وهي تؤكد ان كل شيء يبدأ بإسم الله جل جلاله.
لقوله تعالى:
إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم {30} ألا تعلوا عليً وأتوني مسلمين {31} النمل
2ـ الحمد لله رب العالمين:
الحمد والشكر والثناء والامتنان لله رب العالمين من الإنس والجن... ويقال رب السماوات والأرض وما بينهما.. من مخلوقات كافة.
لقوله تعالى:
وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابى لشديد {7} إبراهيم
ودلالات الحمد والشكر هنا شاملة لجميع أشكال التوحيد (سبحان الله،الحمد لله،لا إله إلا الله، الله أكبر).
وكقول الله تعالى إلى سيدنا نوح (صلى الله عليه وسلم):
فإذا أستويت انت ومن معك في الفلك فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين {28} المؤمنون
وقول سيدنا إبراهيم (صلى الله عليه وسلم):
الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق (39) إبراهيم
وقال في قصة الأنبياء داؤود وسليمان (عليهما الصلاة السلام):
ولقد أتينا داؤود وسليمان علما وقالا الحمدلله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين {15} النمل
وأوامر الله الى سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم):
وقل الحمدلله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا {111} الإسراء
وقوله تعالى:
وقل الحمدلله سيريكم آياته فتعرفونها وما ربك بغافل عما تعملون {93} النمل
وقوله تعالى:
وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ وَقَالُواْ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَـذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ لَقَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُواْ أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تعملون {43} الأعراف
وقوله تعالى:
وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ {34} فاطر
وقوله تعالى:
وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاء فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ {74} وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ {75} فاطر
3- الرحمن الرحيم:
وهما اسمان من أسماء الله الحسنى...
لقوله تعالى:
نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم {49} الحجر
4- مالك يوم الدين
مالك أو ملك يجوز قراءتها، أما يوم الدين فهي دلالة على اليوم الآخر، يوم الحشر الأعظم، يوم الفصل، اليوم المعلوم، يوم النشور، يوم الحساب، يوم التغابن، يوم الغاشية، يوم القيامة.... وكلها مسميات دالة على البعث الآخر (وإلى ربك يومئذ المساق). ففيها يومئذ الجنة للمتقين والمؤمنين بالله، وفيها النار للكافرين والفاسقين (والعياذ بالله منهم) الذين تحالفوا مع (الطاغوت إبليس)... عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.
لقوله تعالى:
الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِّلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ {56}
وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ {57} الحج
وقوله تعالى في سورة البقرة {28}
كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ {28} صدق الله العظيم.
5-إياك نعبد وإياك نستعين:
وهنا يأتي أصل ومفهوم وتعريف الإسلام والتوحيد بالعبادة لله وحده لا شريك له ولا تكون الإستعانة والتوكل الا به وعليه وحده، من قضاء للحاجات الدينية والدنيوية.
وهذه دلالة واضحة للتبرؤ من أن يُعبد أو يُشرك مع الله اله آخر أو يتم الاستعانة والتوكل إلى معبود او مخلوق آخر... أو تعظيم مع الله رسولا أو نبيا أو ملكا أو صنما أو مذهبا أو عظيما آخر... وهي صيغة التوحيد والتوكل والحول والقوة والتفويض والدعاء الى الله وحده عز وجل، وحده لا شريك له..
كقوله تعالى:
واذكر اسم ربك وتبتل إليه تبتيلا {8}
رب المشرق والمغرب لا إله الا هو فاتخذه وكيلا {9} المزمل
ولقوله تعالى:
قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً {103} الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً {104} أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً {105} ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُواً {106}الكهف
وقوله تعالى:
وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ {30}
اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ {31} التوبة
وكلها دلالات للتوحيد والتسليم بالله وحده لا شريك له.. كأن نتخذ أصناما او رسلا او أنبياءا او أولياءا او ملكا أو شمسا أو آل بيتا او قمرا او اي مخلوق من مخلوقات الله نعظُمهم أو ليقربونا إلى الله زلفا... أعد الله ذلك إشراكا به وتعظيما مع الله عظيما آخر... أو الإستعانة بمذهب ليقربنا إلى الله زُلفا.
لقوله تعالى:
وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لى وليومنوا بي لعلهم يرشدون {186} البقرة
6- اهدنا الصراط المستقيم:
أي أرشدنا إلى الصراط المستقيم... ووفقنا إلي الصراط المستقيم... وهنا يبدأ الدعاء...
لقوله تعالى:
ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين {33} فصلت
والصراط المستقيم هو طريق الهداية والرشاد إلى الله عن طريق ما انزل الله جل جلاله من رسالات سماوية وسنن الله جل جلاله التي أنزلت بالوحي إلى الانبياء والرسل جميعهم (وهي سنن الله جل جلاله والتي لا تتغير ولا تتحول ولا تتبدل مع تغُير الرُسُل والأنبياء - الفرقان -) ليبلغوها إلى خلقه من الجن والانس في أداء الفرائض والواجبات والأحكام والفتاوى.
وتأتي أصل كلمة اليهودية من ( الهُدى أو الإهتداء إلى الله ), وإقتباسا من قول سيدنا موسى (صلى الله عليه وسلم):
قوله تعالى:
وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَـذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَـا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاء وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَـاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ {156}الأعراف
وقوله تعالى:
وَمِن قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ {159} الأعراف
وقوله تعالى:
وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ {73} الأنبياء
وقوله تعالى:
وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلَا تَكُن فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَائِهِ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ {23}
وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ {24} السجدة
وكلمة هدنا اليك تعني اهتدينا اليك وتعني تبنا اليك وتعني ارجعنا اليك وانبنا اليك وتعني أسلمنا وجوهنا اليك.
أما فيما يخص الصراط المستقيم, فقد اتضح من كتاب الله جل جلاله نوعين من الصراط... أحدهما مستقيم والآخر جحيم..
كقوله تعالى:
قُلْ كُلٌّ مُّتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى {135} طه
وقوله تعالى:
احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ {22}
مِن دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ {23} الصافات
فالواضح ان هناك.. يوم الدين.. ما يوجب ان يقال ان الصراط المستقيم هو ما يوجه ويهدي صاحبه الى جنات النعيم .. أما صراط الجحيم فهم للذين نافقوا وكفروا واشركوا مع الله إلها أو مذهبا أو خلقا آخر...
7- صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين:
وهذه الآية توضح ما قبلها في تحديد من انعم الله جل جلاله عليهم.
في قوله تعالى:
وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقاً {69} ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللّهِ وَكَفَى بِاللّهِ عَلِيماً {70} النساء
وطاعة الرسول تأتي من خلال ما أنزل بالوحي إليه في كتاب الله جل جلاله.
أما فيما يخص المغضوب عليهم والضالين!!!
فمعروف ومعلوم من كتاب الله إن إبليس أبى واستكبر وعصى أمر ربه عندما أمره الله جل جلاله بالسجود لسيدنا آدم (صلى الله عليه وسلم) يوم خلقه... ويبين الحوار الذي تم بين الله جل جلاله خالق سيدنا آدم (صلى الله عليه وسلم) وبين ابليس (لعنه الله)..
في قوله تعالى:
وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ {28}
فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ {29}
فَسَجَدَ الْمَلآئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ {30}
إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى أَن يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ {31}
قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ {32}
قَالَ لَمْ أَكُن لِّأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ {33}
قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ {34} وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ {35}
قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ {36}
قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ {37}
إِلَى يَومِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ {38}
قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ {39}
إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ {40}
قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ {41}
إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ {42}
وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ {43}
لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِّكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ {44} الحجر
ففي هذه الآيات غضب واضح من الله تعالى على ابليس (لعنه الله)... وقد ترددت في القرآن الكريم عبارات الطاغوت.. وعباد الطاغوت (إشارة إلى إبليس اللعين وجنوده من الجن والإنس).
فالغضب هنا واضح جلي على ابليس وجنوده واتباعه من شياطين الجن والانس...
اما فيما يخص الضالين... فالدلالة هنا واضحة تماما.. وهم من يضلهم ابليس وأعوانه وجنوده عن الصراط المستقيم...
ولقوله تعالى:
وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ {3}
كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَن تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ {4} الحج
وقوله تعالى:
لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولاً {29} الفرقان
وقوله تعالى:
إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ {23}
وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ {24} النمل
وقوله تعالى:
فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ {15} القصص
وقوله تعالى:
وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ {59}
أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ {60}
وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ {61}
وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنكُمْ جِبِلّاً كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ {62}
هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ {63}
اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ {64} يس
والدلالة الاخرى هنا.. واضحة تماما.. في سورة أُخرى.. واضح فيها غضب الله جل جلاله.. على إبليس (لعنه الله) ومن أتَبعوا وأضلهم إبليس.. أجمعين.. ووعدهم الله جل جلاله.. بنار الجحيم (جهنم يصلونها وبئس المصير)..
في قوله تعالى:
إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِن طِينٍ {71}
فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ {72}
فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ {73}
إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ {74}
قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ {75}
قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ {76}
قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ {77}
وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ {78}
قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ {79}
قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ {80}
إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ {81}
قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ {82}
إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ {83}
قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ {84}
لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ {85} ص
وقوله تعالى:
وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ {11}
قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ {12}
قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ {13}
قَالَ أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ {14}
قَالَ إِنَّكَ مِنَ المُنظَرِينَ {15}
قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ {16}
ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ {17}
قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْؤُوماً مَّدْحُوراً لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ {18} الأعراف
وقوله تعالى:
وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إَلاَّ إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً {61}
قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَـذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إَلاَّ قَلِيلاً {62}
قَالَ اذْهَبْ فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَآؤُكُمْ جَزَاء مَّوْفُوراً {63}
وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً {64}
إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلاً {65} الإسراء
وقوله تعالى:
وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً {50} الكهف
وقوله تعالى:
وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى {116}
فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى {117}
إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى {118}
وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى {119}
فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى {120}
فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى {121} طه
وقوله تعالى:
لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ {53} الحج
وقوله تعالى:
فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيّاً {68} مريم
وقوله تعالى.. على لسان إبليس (لعنه الله):
وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {22} إبراهيم
وقوله تعالى:
هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَّعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً {4}
لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِندَ اللَّهِ فَوْزاً عَظِيماً {5}
وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً {6} الفتح
وهي كلها حوارات آخرى تبَين بوضوح.. غضب آخر من الله عز وجل على ابليس (اللعين) واتباعه من الجن والانس من المغضوب عليهم والضالين.. من الذين أضلهم إبليس وجنوده من الجن والإنس عن إتباع الحق والصراط المستقيم!!! ويضلهم ويوجههم إلى صراط الجحيم، مذمومين مدحورين مُهانين.. وانه قد حلت عليهم اللعنة والغضب إلى يوم الدين.. وهم ممن اكد الله جل جلاله من خلال جميع الكتب السماوية.. غضب الله جل جلاله عليهم وبشَرهم.. بأنهم من أصحاب جهنم.. نار الجحيم يصلونها مدؤومين مدحورين.
أما ما رأيته في معظم كتب التفسير... من أن المغضوب عليهم هم اليهود وأن الضالين هم النصارى!!!
فهذا قول لم اجد في كتاب الله ما يبرره أو يؤكده!!! وهو تفسير يتعارض ويتناقض تناقضا كليا مع روح وجوهر ومضمون القرآن الكريم.. ولا يمت الى الحقيقة بصلة!!!
فاليهود والنصارى هم أهل كتب سماوية توحيدية مثلنا تماما... وأرسل الله إليهم الأنبياء والرُسُل (صلى الله عليهم وسلم) مثلنا تماما!!! ومنهم المؤمنون ومنهم الكافرون… مثلنا مثلهم تماما.
كذلك وهذا الادعاء بأن نحكم عليهم غيابيا بأنهم.. المغضوب عليهم والضالين هو إدعاء وحكم باطلين.
لقد حاول البعض ممن يدعون علمهم بالعلوم الشرعية والفقهية والتفسير بأن.. ينصبوا أنفسهم قضاة.. وجلادين في آن واحد!!! ولأن هذا الحكم الخارج على شريعة الله جل جلاله.. قد أدى بنا بالنتيجة الى.. أننا أنكرنا (الرسالات والرسل والانبياء السابقين).. وهذا بالضرورة يقودنا الى الكفر (والعياذ بالله).
ولا يجوز بأي حال من الأحوال ان نعلم ابنائنا تلكم التفسيرات الخاطئة الباطلة!!! والتي لا تمت الى كتاب الله (القرآن الكريم) والإسلام والحقيقة بصلة... وهي تفسيرات عدوانية تفتقر إلى الدليل والمصداقية، وتتناقض تناقضا كليا، وتتعارض تعارضا واضحا وكليا مع روح ومضمون وجوهر كتاب الله (القرآن الكريم) حينما يأتي على ذكر أهل الكتاب من اليهود والنصارى في القرآن الكريم.
وبحكم إننا جميعا أهل كتب توحيدية سماوية، فما ينطبق علينا.. ينطبق عليهم تماما.. فمنا من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا.. ومنا من أتبع إبليس اللعين وكفر، وهذا ينطبق على جميع أهل الكتاب...
حيث يقول ربنا جل جلاله في كلام واضح ولا يقبل الشك والموجه إلى سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) حول من آمنوا من اليهود والنصارى والصابئين..
قوله تعالى:
إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَـذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَاللّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ {68} آل عمران
وقوله تعالى:
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ {62} البقرة
وقوله تعالى:
قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّىَ تُقِيمُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ {68}
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِونَ ْ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ {69} المائدة
وهنا نرى آيتين متطابقتين جاءتا في سورتين منفصلتين في القرآن الكريم.. وفي الكتاب (القرآن الكريم)..
قوله عز وجل:
ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون {62} يونس
وهنا شبَه الله سبحانه وتعالى من آمن بالله واليوم الاخر وعمل صالحا منا.. ومن اليهود والنصارى والصابئين بأولياء الله ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون..
ونلاحظ أمر الله جل جلاله إلى الرسول (المائدة 68) بأن يقُول يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما اُنزل إليكم من ربكم... وهي آية واضحة بأن يكون كل منا على دينه (ملته وشريعة الله ومنهاجه) ويتبعون كُتب الله جل جلاله السماوية... وليس كما عُلمنا خطأ بأن القرآن الكريم جاء ليلغي الديانات والرسالات السماوية الأخرى!!! بل جاء القرآن الكريم مُصدقا للرسالات والديانات السماوية الأخرى.
وقوله تعالى:
لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ {113} يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَـئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ {114}
وَمَا يَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلَن يُكْفَرُوْهُ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ {115} آل عمران
وأنظروا وضوح كلام الله في الآية الكريمة أعلاه.. والذي لا يقبل التأويل أو التحريف.. وكيف اننا كفرا وعدوانا.. قد جعلناهم المغضوب عليهم والضالين!!! ومنهم جهلا وسفاهة ومتعمدا من نسب ذلك القول الباطل إلى رسول الله سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) ظلما وعدوانا بعد موته بمئات السنين... والرسول بريء منهم ويخاف رب العالمين بأن يقولوه هكذا كلام!!!
وقوله تعالى:
وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلّهِ لاَ يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَـئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ {199}
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {200} آل عمران
وواضح تماما من الآية الكريمة أعلاه.. ان من أهل الكتاب من يؤمن بالله وما أُنزل إلينا (القرآن الكريم) ويؤمنون بما اُنزل إليهم من رسالات توحيدية سماوية (التوراة والإنجيل والزبور) وهم خاشعين لله وحده لا شريك له، ولا يشترون بآيات الله ثمنا قليلا..
ويبين الله بأن اولئك لهم أجرهم عند ربهم وإن الله سريع الحساب..
وتوضح الآية الكريمة التي تليها.. صفة الجمع لكل الذين آمنوا من أهل الكتب السماوية.. وغيرهم من باقي الاُميين من اُمة سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم).. بأن يصبروا ويصابروا ويرابطوا ويتقوا الله.. لعلهم يفلحون.
وقوله تعالى:
وَمِن قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ {159} الأعراف
وقوله تعالى:
وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلَا تَكُن فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَائِهِ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ {23}
وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ {24} السجدة
وفي القرآن الكريم آيات كثيرة تصف الكافرين... ولا يجوز الخلط بين المؤمنين من أهل الكتاب من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا... وبين الكافرين منهم والمشركين مع الله إلها آخر ( أتباع إبليس عليه اللعنة )!!!...
كقوله تعالى:
إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون {6} البقرة
وآية اخرى... في قوله تعالى:
وَالَّذِينَ كَفَرواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُولَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ {39} البقرة
وقوله تعالى:
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُم مِّنَ اللّهِ شَيْئاً وَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ {116} آل عمران
وآيات الله الدالة على اهل النار وأصحاب الجحيم واضحة تماما في القرآن الكريم... بحيث لا يجوز أن نطلق احكاما يغلب عليها المغالاة والتشدُد والتعصُب والتحريف للكلم عن مواضعه ولا تتوافق... وتتعارض تعارضا واضحا مع روح ومضمون وجوهر القرآن الكريم.
ووجدت كذلك أن بعض المفسرين من المجتهدين الشيوخ الافاضل (للاسف الشديد) من عزا هذا التفسير.. الى رسول الأمة الصادق الأمين (سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم), بعد موته وإنقطاع الوحي عنه بأكثر من 250 عاما ؟؟؟ بأنه قال عندما سُئل عن المغضوب عليهم والضالين... بأن اليهود هم المغضوب عليهم!!! وأن النصارى هم الضالون!!!
إذ لا يمكن أن يطلق سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم ) تلكم الأحكام!!! والتي تتعارض وتتناقض تناقضا واضحا مع روح ومضمون وجوهر القرآن الكريم... وهو الرسول والنبي المبعوث لسائر الامم... رحمة وبشيرا ونذيرا، والذي آمن بما انزل اليه وما انزل من قبله من رسالات وأنبياء..
لقوله تعالى:
وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ {144}
وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله كِتَاباً مُّؤَجَّلاً وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ {145} آل عمران
ولقوله تعالى:
إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ {33} المائدة
ولقوله تعالى:
وَالَّذِينَ اتَّخَذُواْ مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَاداً لِّمَنْ حَارَبَ اللّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ وَلَيَحْلِفَنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ الْحُسْنَى وَاللّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ {107} التوبة
ولقوله تعالى:
وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً {30} الفرقان
ولقوله تعالى:
قُلْ مَن كَانَ عَدُوّاً لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللّهِ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ {97} البقرة
ولقوله تعالى:
نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ {3}
مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ {4} آل عمران
ولقوله تعالى:
وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ {48} المائدة
ولقوله تعالى:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ آمِنُواْ بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُم مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللّهِ مَفْعُولاً {47}
إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً {48} النساء
ولقوله تعالى:
وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ {31} فاطر
ولقوله تعالى:
آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ {285} البقرة
وفي مجمل القرآن الكريم تأكيد وإعتراف وتصديق واضحين بأن سيدنا محمد (صلوات الله عليه) جاء متمما ومصدقا لرسالات وكتب سماوية.. ورسل وأنبياء سبقوه.. علموا الناس مكارم الاخلاق...
وهنا تأتي ضرورة أن لا تكون أحكامنا.. نطلقها جزافا ودون علم بآيات وأحكام الله في القرآن الكريم المُنزل شاملا لجميع خلقه في السموات والأرض.. ومُنزلا بالرسالة للأعراب والأميين من غير أهل الكُتُب السماوية (اليهود والنصارى، لأن لديهم كُتبهم السماوية والمنزلة إليهم).. والقائمة كلها على التوحيد واليُسر والتبشير والوسطية والإعتدال والرحمة والعفو والمغفرة والتوبة.. ليخرج الناس من الظلمات إلى النور (بإذن ربهم الأعلى).
ولا يجوز بأي حال من الأحوال أن تكون أحكامنا متشددة أو منفرة.. وخاصةً انه قد وصفنا الله وميزنا بأمة الإعتدال والوسطية.
وأية أحكام تتعارض وتتناقض مع القرآن الكريم ونصوصه الواضحة.. هي أحكام باطلة.
ولقوله تعالى:
وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا {143} البقرة
ومن هذه الآية الكريمة.. يبين الله جل جلاله جليا.. أنه إذا كان الشهداء ممن يختارهم الله يوم القيامة، من الرُسُل والأنبياء والصديقين.. يكونون حكما.. وشهداء على الناس... فإن الرسول النبي المُرسل رحمة للعالمين محمد (صلى الله عليه وسلم) وهو خاتم الرسل والأنبياء.. سيكون حكما وشاهدا عليهم وعلينا جميعا (الرسول الأُمي - وتعني رسول الرحمة لكل الأُمم من الجن والإنس)... وهي الدلالة على قمة رحمة الله.. القائمة على الوسطية والإعتدال المتمثلة في رسولنا ونبينا محمد (صلى الله عليه وسلم).
وقوله تعالى واصفا سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم):
وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ {107}
قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ {108} الأنبياء
وقوله تعالى:
وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا {56} الفرقان
وقوله تعالى:
وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ولكن أكثر الناس لا يعلمون {28} سبأ
وقوله تعالى:
قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ {158}
وَمِن قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ {159} الأعراف
وقوله تعالى:
قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ {49}
فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ {50}
وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ {51} الحج
والآيات كلها واضحة وتشرح نفسها... وتبين بوضوح أن رسولنا محمد (صلى الله عليه وسلم) أُرسل رحمة للعالمين من الجن والإنس، وأُرسل لكافة الناس بشيرا ونذيرا... بمن فيهم أمم اليهود والنصارى والأُميون (من باقي الأُمم في السماوات والأرض).
إن القول بأن الرسول سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) قد قال بأن اليهود والنصارى هم المغضوب عليهم والضالون... فهذا قول ضعيف مُفترى... ولا يمت إلى الدين الإسلامي والحقيقة بصلة... ولا يطلقه إلا الجاهلون أعداء الله والرسول!!!
وهناك أوامر واضحة من الله عز وجل توجهنا الى كيفية التعامل مع اهل الكتاب من اليهود والنصارى.. واضحة تماما في القرآن الكريم..
كقوله تعالى:
أدع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين {125} النحل
والآية أعلاه واضحة تماما.. بأن ربنا جل جلاله.. هو أعلم بمن ضل عن سبيله ممن أتبعوا إبليس وجنوده من الجن والإنس.. وهو أعلم بالمتقين ممن هم على الصراط المستقيم.
وقوله تعالى:
عَسَى اللَّهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم مَّوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {7}
لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ {8}
إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ {9} الممتحنة
وقوله تعالى:
وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ {46} العنكبوت
ويأمرنا الله جل جلاله بأن لا نجادل أهل الكتاب إلا بالحسنى (بألتي هي أحسن) وأن لا نجادل من الذين ظلموا منهم فقط.. وهي طائفة منهم ممن كفروا أو ظلموا أنفسهم وأتبعوا الطاغوت إبليس اللعين، وهي طائفة تكون بالضرورة معروفة ومحددة لدينا.. ولا يجوز الجمع لجميع أهل الكتاب والحكم عليهم غيابيا!!! وأمرنا الله بالقول لمن آمنوا منهم بأننا آمننا بالذي اُنزل إلينا (القرآن الكريم) واُنزل إليكم (التوراة والإنجيل والزبور) والقول لهم.. بأن إلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون.
والسؤال المهم:
هل المسلمون من أُمة سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) كلهم مؤمنين؟؟؟.. فهناك من يؤمن منهم وهناك من هم كافرين... وهذا ينطبق علينا جميعا.
مصداقا لقول الله جل جلاله:
وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِّمَّن يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ {83}
حَتَّى إِذَا جَاؤُوا قَالَ أَكَذَّبْتُم بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْماً أَمَّاذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ {84}
وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِم بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لَا يَنطِقُونَ {85} النمل
وكلام الله جل جلاله هنا واضح كذلك.. ويوم نحشر من كل اُمة فوجا، من جميع الأمم دونما إستثناء... ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون.
وهذا ما كان يتعامل به سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) إمتثالا لاوامر ربه...
وسنجد في كل القرآن الكريم تقريبا، ما يفيد ويشير ببلاغة عظيمة بأن فريقا (من أهل الكتاب ونحن جميعا أهل كتاب) يشار إليهم بأنهم كفروا عن أمر ربهم.. وأحيانا أخرى يشير الى:
قوله تعالى:
(وأكثرهم الفاسقون) وعبارات كثيرة في القرآن الكريم تشير كصيغة (إن الذين) وهي إشارة تحدد فريقا أو فئة أو طائفة أكثرية كانت أم اقلية...
ولا تكون بالضرورة صفة جمع لكل من يحددهم الله سبحانه وتعالى من اهل الكتُب السماوية.
وهنا تظهر كما سيتم تناوله في هذا الكتاب الصفة البلاغية العظيمة لهذا القرآن العظيم...
في قوله تعالى:
وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ{30}
اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (31) التوبة
وقوله تعالى:
الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُواْ حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ {97} التوبة
وفي قوله تعالى:
قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {14} الحجرات
وفي قوله تعالى: (وقالت اليهود... وقالت النصارى... وقالت الأعراب) فقد تراءى للبعض بأنها صفة للجمع... (لجميع اليهود والنصارى ولجميع الاعراب) وهذا إعتقاد خاطئ...
لقوله تعالى:
أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً {82} النساء
ولقوله تعالى:
كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ {29} ص
وسنجد أن من يتذكر ويتدبر ويتفكر في القرآن الكريم وهو كلام الخالق عز وجل, سنجد أن هذه العبارات هي ليست صفات للجمع أبدا (اذا نظرنا للآيات التى تسبقها والتى تليها)... بل هي تحدد فريقا أو جماعة أو فئة أو طائفة منهم من كفر وأشرك مع الله إلها آخر.. أو أشد كفرا ونفاقا... وسنجد أثناء هذا الحوار بأن هناك من أهل الكتاب (ونحن جميعا اهل كتاب) من كفر وأشرك بالله إلها آخر.. أو مذهبا أو شيعة أو طائفة أو تشريعا أو حزبا أو قبيلة أو جماعات!!! ومنهم فريق آمن بالله واليوم الآخر، وعمل صالحا.