إني شبه مؤكد أن العيش في الجنة خال من سلوك جنسي.
وعلى الرغم من ولعنا لها، بسبب تزيينها لنا، ﻻ أظن أن الممارسة الجنسية القذرة هذه تليق بحياة أهل الجنة الطيبين الطاهرين؛ وأنها ستكون من بين نعمها التي أتصورها أرقى وأنقى وأسمى من هذا السلوك. ولا أظن أننا سوف نزوّد، في الجنة، بهذه السوأة البذيئة التي بالكاد تنظفها حتى تتعفن من جديد. وهي واحد من أقذر عضوين في الإنسان! طبعا، لم يطلق عليها اسم السوءة باطلا!
ألم تروا أن آدم وحواء لم يكونا يمارسان العلاقة الجنسية في الجنة؟ ولم يكن لهما سوءات لها أصلا. مع أنهما كانا يتمتعان معا بحياة زوجية يغمرها متاع ثنائي يسخر من الممارسة الجنسية الدنيئة هذه.
ولما بدت لهما سوآتهما وأشرفا على الحياة الجنسية المحتومة عليهما في مصيرهما، طردا من الجنة؛ وقيل لهما: " ﻻ، ﻻ! مش هنا! امشيا، امشيا...! اهبطا في الأرض. ومارسا سلوككما هذا في البرية وسط البهائم."فمُسخا إلى نوع من الثدييات. وأخذا يمارسان الحياة الجنسية في الأرض تماما كالحيوانات.
فبما رحمة من الله (الرحمان الرحيم) جاءهم هدى. فمن تبع هدى الله وفاز في الابتلاء، أرجع إلى الجنة بصورته الأصلي (صورة أهل الجنة) الخالية من السوءة.
للأسف، فبعض الإرهابيين المغرورين ينمون سوءاتهم ويحددونها ظانين انهم سيضاجعون بها الحوريات في الجنة. يا للغباوة !
وقد غرّهم بعض المفسرين الذين فسروا قوله تعالى: (إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون؛ هم وأزواجهم، في ظلال، على الأرائك متكئون)“ أنهم يصيرون مشغولين بمضاجعة الحوريات". وعلق عليها د. يوسف زيدان في كتابه "دوامة التدين"ص. 271. تعليقا بذيئا لا يخلو من السخرية، بأنهم يصيرون "مشغولين بفضح أبكار الحور العين!"، وذلك بعد ما أورد تعليقا نُسب إلى الصوفية رابعة العدوية أنها علقت على تفسير الآية تعليقا يشي بالهزء والترفّع من هذه العقلية الدنيوية، فقالت: "مسكين أهل الجنة، في شغل هم وأزواجهم."
ويخفى على الجماعة أننا زُودنا بهذه السوءة لمهمة التناسل والتكاثر. فطالما لا التناسل ولا التكاثر في الجنة، فلا الداعي لتزويد أهل الجنة بأجهزة تناسلية؛ ولا معنى أنهم يمارسون الحياة الجنسية الوضيعة الساقطة هذه!
علما أنها (أي الحياة الجنسية) لولا تزيينها لنا لأستقذرها البشر، وليترفّع عنها الجميع! ولا تكاد تجد من يرضى بممارستها! فلذلك زيّن لنا! وقال جل وعلا:(زين للناس حب شهوات من النساء، والبنين، والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة،....) (من النساء) أي بالنسبة للرجال،(والبنين) (أي من الشباب}، بالنسبة للنساء. والمعنى أنه: زين للرجال حب الشهوات من النساء، وزين للنساء حب الشهوات من البنين (أي الشباب). لأن "الناس" (رجال ونساء).
على أن هذه الشهوة، لم تكن زيّنة ولا مرغوبة فيها. وإنما زيّنت لنا لإغرائنا عليها وجذبنا إلى حبها وممارستها.
فالممارسة الجنسية الدنيئة هذه ﻻ تليق إلابالحياة الدنيا؛ للمذنبين المنبوذين المنفيين مثلنا. أما الجنة، ففيها من اللذة والتمتع ما قصرت لغاتنا عن وصفها، وعجزت عقولنا عن فهمها. لذا وصفت لنا (بالاقتصار) بهذه العبارة الشاملة الجامعة لكل معاني اللذة والتمتع. وقال عز وجل: (وفيها ما تشتهيه الأنفس! وتلذ الأعين! وأنتم فيها خالدون.) [الزخرف: 71]
فلعل قبضة بيد حورية، أحلى أغمى وأدمغ لذة، (بألف مرة)، من ممارسة الجنس. لأن الله سبحانه وتعالى حكيم خبير، يخلق ما يشاء، ويزيد في الخلق ما يشاء، وهو على كل شيء قدير. جل وعلا.
فتشاركنا "الحوريات" في متاع الجنة وملذاتها، بكيفية تكون أنقى أرقى وألذ من الممارسة الجنسية هذه؛ والتي ربما ننسى ماهيتها كليا.
على شاكلتنا ! وربنا أعلم....