مقدمة
1 ـ فى البيئة الصحراوية البدوية لا يوجد بيت ، بل خيمة متنقلة حسب الرعى والبحث عن الكلأ والعشب وحيوان الصيد ومكان آمن لتفادى الاغارات أو القيام بالاغارات . الانتماء فيها للقبيلة وهى دولة متحركة جيشها هو رجالها ، والمراة فيها متاع متنقل مملوك للرجل ، وتتنقل حسب السبى والغارات الى الأقوى ، هكذا كانت ثقافة العرب فى صحرائهم معظم تاريخهم .
2 ـ فى البيئة الزراعية إستقرار بلا تنقل ، والانتماء الى المكان ، ودولة مستقرة مستبدة عميقة ، وبيت ثابت وطيد الأركان فيه الجد والأب والأولاد والأحفاد ، المراة هنا سيدة البيت أو بالتعبير المصرى ( ست البيت ) . أشهر ثالوث فى الديانة الفرعونية يمثل ثالوث الأسرة ( الأب : (أوزيريس / عزير ) والزوجة الأم : ( إيزيس / عزى ) والابن حورس )، والبطولة هى للزوجة الأم . هذا يعكس تقديسا للسيدة أو ( الست ) ، وقد تنقل هذا النقديس الى الديانة القبطية فى ( السيدة مريم ) ثم الى ( السيدة زينب ) . وقد تعرضنا لهذا بالتفصيل فى كتابين كانا مقررين على قسم التاريخ فى جامعة الأزهر عام 1984، وهما ( شخصية مصر بعد الفتح "الاسلامى ") وهو منشور هنا ، و ( البحث فى مصادر التاريخ الدينى ) . ولم يتم نشره هنا بعدُ.
3 ـ ولا تزال للأم المصرية مكانتها فى بيتها وبين أولادها ، ولاتزال سيطرة الأم على البيت تعكس كونها سيدة البيت أو ( ست البيت ). وفى الخمسينيات والستينيات كانت نساء قريتنا من الفتيات والزوجات ( أبو حريز مركز كفر صقر شرقية ) نوعين ، التى تساعد زوجها فى الحقل ، مع عملها فى البيت وتربية الأولاد والطيور. النوع الآخر هو ( الست المستخبية ) وتنتمى الى بيت غنى ميسور ، وهى لا تخرج من بيتها ، تنتظر العريس إن كانت بنتا أو زوجها حين يعود من عمله . ثم الزوجة العاملة فى بيتها وفى الحقل حين يتزوج إبنها وتأتى العروس الى البيت تضع ربة البيت رجلها على العتبة لتمر من تحتها عروس الابن ، حتى تتعلم وهى زوجة الابن الطاعة لسيدة البيت أو ست البيت . بعد أن تكبر ست البيت تجلس وتظل محتفظة بنفوذها تأمر وتنهى . . فى كل الأحوال البيت هو دولتها ودنياها ومملكتها . فى ظل التحولات الاجتماعية والاقتصادية التى عصفت بالمجتمع المصرى منذ الثمانينيات لا أدرى ماذا بقى فى مصر من هذه المكانة المحترمة لست البيت .
4 ـ وقد تعرض القصص القرآنى لمصر من خلال قصة يوسف وموسى عليهما السلام ، ومنه نتعرف على : ( ست البيت المصرية ).
أولا : ست البيت المصرية فى قصة يوسف
1 ـ إنتهت قصة يوسف بمجىء يعقوب ( إسرائيل ) وأبنائه الى مصر من ( البدو )، وانتهت قصة موسى بخروجه وبنى اسرائيل من مصر الى (البدو ). وبين القصتين نرى ملامح لست البيت المصرية .
2ـ فى البيئة البدوية لا وجود لدور ظاهر للمرأة فى قصة يوسف . نفهم بين السطور أن يوسف له أخ شقيق من الأب والأم ، وقد قال الأخوة غير الأشقاء : ( إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ ) 8 ) يوسف ). ومع هذا ففى هذه البيئة البدوية لا نعرف شيئا عن أم يوسف ، سوى مجيئها مع يعقوب الى لقاء ابنهما يوسف ، يقول جل وعلا فى أواخر القصة :( فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ ) 99 : 100 ) يوسف ). ليس هناك ( ست بيت ) فى بيئة البدو حيث عاش يعقوب عليه السلام ، ليس هناك دور للمرأة.
3 ـ إختلف الحال فى مصر حيث تلعب ( ست البيت ) دور البطولة .
3 / 1 : البداية بمجىء يوسف طفلا الى بيت (عزيز مصر ). يقول جل وعلا : ( وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لاِمْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا ) 21 ) يوسف ). عزيز مصر يعهد بالطفل يوسف الى زوجته ويوصيها به ، دلالة على تحكمها فى البيت لأنها ( ست البيت ).
3 / 2 : وكبر يوسف واصبح شابا وسيما لا مثيل لوسامته ، وتعلقت به إمرأة العزيز . يقول جل وعلا : ( وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ) 23 ) يوسف ). الشاهد هنا وصف رب العزة جل وعلا لإمرأة العزيز ب : (الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا ) ، هنا إعجاز قرآنى فى التعبير عن الثقافة المصرية فيما يخصّ مكانة المرأة فى ( بيتها )، هى التى تملك البيت وهى التى تدير البيت ، وهى التى تملك غلق ابواب البيت ، هى كل شىء فى البيت لأنها ( ست البيت).!.
3 / 3 : لم تتصور ( ست البيت ) أن يرفضها خادمها يوسف ، وهى التى تعودت فى بيتها أن تأمر فتّطاع ، لذا طاردته ، وحدث ما نعرفه من مجىء الزوج ، وإتهامها ليوسف ظلما ، وتم التحقيق فى الموضوع وظهرت براءة يوسف. يقول جل وعلا : ( وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاء مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِن الصَّادِقِينَ فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ.).يقول جل وعلا عنها وعن زوجها :( وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ). أى إن زوجها هو سيدها . ولكنه مثل ملكة انجلترة ، يملك ولا يحكم ، هو ( سيدها ) رسميا ، أما فعليا فهى السيدة و ( ست البيت ) بدليل أنه مع ظهور إدانتها فلم يعاقبها ( سيدها )، بل مجرد لوم رقيق رفيق لم يأتها من الزوج ( الشهم ) بل من الشاهد الذى حكم فى القضية .
3 / 4 :ولأنها سيدة تملك وتحكم فقد تعاملت مع الشائعات التى لاكت سُمعتها ، بأن أحضرت السيدات المترفات ، وأمرت يوسف ان يظهر عليهن ، فانبهرن بجماله ، فأعلنت أمامهن عزمها على إفتراسه . والرجال الأزواج المحترمون عالجوا الموضوع بالطريقة التى يسير عليها قضاء مصر الشامخ ، وهى معاقبة المظلوم والانبطاح للظالم ، فدخل يوسف السجن لأنه تمسك بعفته ( يوسف ( 25 : 35 ).
3/ 5 ـ هذه السيدة المصرية ما لبث أن صحا ضميرها ، وأمام الملك والحاشية أعلنت براءة يوسف ,انها هى التى راودته عن نفسه : ( قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَاْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) 51 : 53 يوسف ). موقف رائع ..
ثانيا : ست البيت المصرية فى قصة موسى
1 ـ إختفت المرأة فى المجتمع البدوى فى قصة يوسف ، والعجيب أن يختفى إسم والد موسى فى قصة موسى . فى كل ما حدث للوليد الرضيع موسى لا حديث مطلقا عن الأب . يكفينا هنا أن هارون إستعطف موسى ـ حين غضب موسى ـ فقال له : ( يَا ابْنَ أُمَّ ). لم يقل له : يا ابن أبى .: ( قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلاَّ تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي ) 92 : 94) طه ).
2 ـ المرأة هى صاحبة البطولة المطلقة فى الشطر الأول من قصة موسى . بدءا من أم موسى وأخته وإمرأة الفرعون والمراضع ، ثم فى هربه الى مدين يقابل الفتاتين ، ويتزوج بإحداهن ويرجع بها الى مصر . يقول جل وعلا : ( إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَن يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى ) 38 : 40 ) طه ). ويقول جل وعلا : ( وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلا أَن رَّبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ) 7 : 13 القصص ). أخت موسى قالت للقصر الفرعونى : (هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ ) . أهل البيت هنا هى أم موسى ، يقول جل وعلا : (فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ ). أم موسى هى (ست البيت ). ثم نموذج المرأة العاملة فى مجتمع البدو . وهى تعمل لأن الأب شيخ كبير . يقول جل وعلا : ( وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاء مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَاء السَّبِيلِ وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ )
3 ـ وتبقى هذه السيدة المصرية العظيمة التى أنقذت موسى ، والتى آمنت برب العزة جل وعلا ، هى الملكة المصرية زوجة الفرعون المستبد العاتى . أنقذت الطفل موسى حين قالت لزوجها : (قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا ) . هذه السيدة المصرية العظيمة جعلها رب العزة مع السيدة مريم نموذجين للمؤمنين والمؤمنات فى كل زمان ومكان . قال جل وعلا : ( وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ ) 11 : 12 التحريم ).
4 ـ ومع ذلك فهناك فارق بينهما . الطفلة مريم عاشت فى بيئة تقية نقية ، قال جل وعلا عنها : ( فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ ) 37 آل عمران). أما الملكة المصرية العظيمة زوجة الفرعون فكانت فى قصر الفرعون تتمتع بسلطان هائل والضلال يحيط بها وتتنفسه ويغريها على أن تتسلط وأن تظلم ، والارهاب الفرعونى يطارد المؤمنين . ومع هذا آمنت برغم كل ما يحيط بها . ولأنها (ست بيت مصرية ) ولأن بيتها فى مصر فى حياتها الدنيا ينغّصه فيه وجود فرعون فقد دعت ربها جل وعلا أن يجعل لها ( بيتا ) فى الجنة بعيدا عن فرعون، قالت : ( رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ ) . كانت مصرية صميمة ، أو ست بيت مصرية أصيلة . رضى الله جل وعلا عنها.!
أخيرا :
1 ـ شريعة الوهابية البدوية شوهت الثقافة المصرية ، فقامت المرأة المصرية بتعبئة نفسها بإختيارها فى كيس النقاب وخنقت نفسها بالحجاب . فارق هائل بين المرأة المصرية فى الاربعينيات والخمسينيات والستينيات ــ كما تظهر فى السينما وحفلات أم كلثوم ــ وبين منظرها البدوى فى هذه الأيام .
2 ــ يا حسرة على المرأة المصرية ..التى تتقدم .. الى الخلف ..!!