د. محمد البرادعي بين الحمرة والجمرة

كمال غبريال في الأربعاء ٠٢ - نوفمبر - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

 

يقول د. محمد البرادعي في بيانه الأخير، الذي اعتبره شهادته عما جرى منذ عزل رئيس الجمهورية محمد مرسي وحتى فض ‏اعتصام رابعة، أنه أراد ويريد "التفاهم" مع مكون وطني هو "الإخوان المسلمون". . هذا رائع من حيث المبدأ، فمن ‏يرفض التفاهم يا عزيزي د. محمد البرادعي لا يدينك وإنما يدين نفسه بنفسه.‏

لكن

هل الإخوان المسلمون "أهل تفاهم"؟!!‏

لو كانوا كذلك لما أخلوا بتعهدهم في بداية ثورة 25 يناير 2011، بأنهم لن يسعوا للحصول على الأغلبية في انتخابات ‏مجلس شعب عام 2011.‏

ولما أخلوا بتعهدهم بعدم ترشيح رئيس للجمهورية من بين صفوفهم عام 2012.‏

ولما أخلوا بتعهدهم فيما عرف باسم "اتفاق فيرمونت"، بالمشاركة السياسية مع سائر القوى الوطنية، التي جهلت أو ‏تجاهلت الطبيعة النازية لتنظيم الإخوان المسلمين وأيديولوجيتهم.‏

ولما أصدروا الإعلان الدستوري الاستبدادي غير المسبوق في ديسمبر 2012، الذي يتيح لمندوبهم في قصر الاتحادية ‏ما لم يكن متاحاً عبر التاريخ للأباطرة الرومان.‏

وكانوا قد سعوا من تلقاء أنفسهم إلى التفاهم والمصالحة مع سائر القوى الوطنية، فور استشعارهم بوادر ثورة 30 يونيو ‏‏2013. وكانوا استجابوا لسعي المجلس العسكري لتجنيب البلاد بوادر حرب أهلية.‏

لو كانوا فريقاً وطنياً بحق، لما لجأوا بعد 30 يوليو 2013 إلى الاستجرام بالجماهير في "تمرد" اعتصام رابعة، ولسعت ‏قياداتهم لتفاهم سياسي يحقن دماء المصريين ويحفظ بلادهم.‏

لو كانوا أهل تفاهم ما هددونا أثناء الاعتصام بالإرهاب والذبح، ولما نفذوا تهديدهم هذا، ومازالوا مستمرين في تنفيذه ‏حتى الآن.‏

لو كانوا بشراً مثل سائر البشر الأسوياء، لما ذهبوا بعد فض رابعة إلى حرق عشرات الكنائس والمتاجر والبيوت، انتقاماً ‏من الدولة ومن مواطنيهم الأقباط الأبرياء.‏

عزيزي د. محمد البرادعي:‏

ما أجمل "الوحدة الوطنية" بين كل مكونات الأمة.

ما أروع التنوع باعتباره "ثروة قومية"، وليس مدعاة للتناحر والفرقة.

لكن أي فلاح يسمح بنمو الأعشاب والأشواك وسط محصوله باسم التنوع؟!!

أي إنسان يحتضن الثعابين والحمام في صدره باسم الوحدة الوطنية؟!!

أي حماقة تلك التي تصور إمكانية تعايش الذئاب مع الحملان في سلام داخل نفس الحظيرة؟!!

أي عناق لمن يخفي خلف ظهره خنجراً، منتظراً لحظة العناق ليغمده في صدرك؟!!

أي وحدة "وطنية" مع من يعلنون صراحة بعدم اعترافهم بالوطن، ويعتبرونه "حفنة تراب عفن"؟!!

أي سلام يمكن التوصل إليه مع من يعتبرون "الجهاد" هو "الفريضة الغائبة"؟!!

متى وأين تمكن "أعداء الحياة" من بلد ولم يحولوها إلى خرائب؟!!

عزيزي د. محمد البرادعي: لو كنت تدرك الفرق بين الحمرة والجمرة، لما تقيأت علينا بين الحين والآخر، بما دأبت على ‏تقيؤه.‏

اجمالي القراءات 8256