الذين يعترفون بالله خالقا واحدا وينكرون انه الرب المدبر أو يشركون معه اربابا متـفرقين يصبحون مصادر اديان أرضية.
لله تعالى الخلقُ ولرب العالمين سبحانه الأمرُ

محمد صادق في الأحد ٣٠ - أكتوبر - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

لله تعالى الخلقُ ولرب العالمين سبحانه الأمرُ

إفتتاحية: " إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ " (سورة آل عمران 77)

أُولَئِكَ: لَا خَلَاقَ لَهُمْ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَلَا يُزَكِّيهِمْ .... ْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ.

مقدمة: ملخص ما جاء فى المقالة السابقة عن "نقض العهد والميثاق سبب تدهور المسلمين" ومعنى نقض العهد أن كل ما أمر به الله قد نقضوه بنقدهم العهد الذى وثقه بقولهم " ألست بربكم قالوا بلى "  " وقالوا سمعنا وأطعنا ".

الذين يعترفون بالله خالقا واحدا وينكرون انه الرب المدبر أو يشركون معه اربابا متـفرقين يصبحون مصادر اديان أرضية. ويحيون تراث الأموات ويجعلونها دينا مزيفا يُفَرِقْ ولا يُجَمِعْ ، يقول لهم سبحانه وتعالى:

قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ؟!     أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ؟!     وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ؟!

وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ؟!

فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ {31} فَذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ {32} يونس  .

أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ {54} ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ{55}  الاعراف

 لذلك تكرر الدعاء مفتَتَحا بـ  ( ربِّ ، ربَّنا ) أكثرَ من مئة مرة في القرءان الكريم.

فمشكلة البشر هي انكارهم ان الله الذي خلقهم هو ربهم الحق الذي يدبر الامر في الارض ، كما في السماءوهو الذى يملك بزمام الأمور كلها فى أنحاء ملكوت السماوات والأرض وإليه ترجع الأمور كلها { قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ } (سورة آل عمران 154):

اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ (4) يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ .....(5) } (سورة السجدة 4 - 5

الله سبحانه هو الخالق الواحد الأحد ، وهو الرب الواحد الأحد المدبر والذى يمسك بزمام أمور ملكوته ولا يشرك فى أمره أحدا "أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ " وبما أنه الرب المدبر للأمر فى كل شيئ فإنه جل جلاله لا تأخذه سنة ولا نوم ، ويسمع ويرى ، ويخرج الميت من الحي ويخرج الحي من الميت ، ويرزق من يشاء بغير حساب ، ويهدى من يشاء ويضل من يشاء ، وينزل الماء على الأرض الهامدة فتهتز وتربو وأنبتت من زوج بهيج. كل هذا وأكثر هو كيفية تدبر الأمر ، وعند تدبر آيات الله سبحانه ونعقلها نجد أن أهم طرقيقتين تدبر الأمر بجانب ما تقدم هو الآتى:

1- الأمر الذى إختص به سبحانه الرب المدبر ولم يشرك فيه أحدا فقال عز من قائل:

 "إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ {82} يس. هذا الأمر الإلهى الذى لا عصيان له أيا كان. وليس هناك أى تفاصيل عن هذا ألأمر غير أن نصدقه ونؤمن به لأن الذى قاله هو رب العالمين .

 2- بعد خروج آدم وزوجه من الجنة مباشرة قال سبحانه داعيا ذريتهما فقال:

{ قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ" (سورة البقرة 38"

ثم أتبع هذا الأمر بتفصيلات هذا الهدى وهو جزء من تدبر أمر الذرية إلى يوم القيامة فقال :

" ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ " (سورة الجاثية 18)

هذه الشريعة هى جزء من تدبر الأمر لذلك نسبها إلى الأمر " شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ " .

جائت هذه الشريعة فى الرسالة السماوية الأخيرة وهى القرءآن الكريم والذى أمر الله سبحانه جزء من تدبر الأمر فقال:

" كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2) اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (3) سورة الأَعراف 2 - 3

ولكى يوضح سبحانه لنا أن هذا الكتاب ليس جامدا مجرد كلمات ولكن هو يدعو إلى الحركة والتفاعل وله سرعة وقوة التأثير فى نفوس بنى آدم وهو صالح لكل زمان ومكان ، فكان هذا الكتاب روحا من أمره كما نفخ فى الصلصال الذى من طين فنفخ فيه من روحه فكان بشرا يتحرك ويتفاعل فأخبرنا سبحانه بذلك فقال:

وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا (جزء من تدبير الأمر ) مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ {52} الشورى

هذا الروح قسمان :  البناء- النصٌّ  .

               روحا 

                                                                البناء    +   النص

 

اما البناء: فالذى اسسه ووضعه وجمعه وبينه وأكمله وحفظه هو الله رب العالمين  فقد كمل بانزال اخر ايات الله من القرءان العظيم على الرسول الكريم ولا تبديل لكلمات الله فيه.

وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ " (سورة الأَنعام 115)

. ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي.. {3} المائدة

اما النص:  هو آيات الله الكريمات المحكمات والمتشابهات والقصص والمواعظ والحكم وما آل إلى الأقوام السابقة .

وبين البناء والنص هناك الفهم أو بالتعبير القرءآنى التدبر ...ىقول سبحانه وصفا لهذا الكتاب :

وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ......نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ"  (سورة النور 35-34

أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا " (سورة محمد 24)

فيستعجلون تلاوته وهم يَعُدّون الاحزاب والارباع:

لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ {16} إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ {17} فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ {18} ثُمَّ  إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ {19}‏ القيامة

ولكي تـتحقق نتيجةُ البيان القرءاني فان علـى الذيـن اوتوا القرءان أن يبينوه للناس بعد أن بينه فى الكتاب"إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَاب أولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ  (سورة البقرة 159):

وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ {187}  آل عمران

ولننظر فى قول الرسول الكريم لنتعرف على مشكلة المسلمين اليوم من زاوية أخرى فقال عليه السلام:

"... قُلِ ادْعُواْ شُرَكَاءكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلاَ تُنظِرُونِ {195} ‏ إِنَّ وَلِيِّيَ اللّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ {196} وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ  {197} الأعراف

إِنَّ وَلِيِّيَ اللّهُ ... هذه الولاية لا تأتى إلا إذا كان الإيمان خالصا ولا يلبس إيمانه بظلم ويدخل فى هذا الظلم .. الظلم العظيم وهو الشرك ، فله بذلك الأمن والأمان والهداية يقول تعالى:

وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (81) الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (82) (سورة الأَنعام 81 - 82

اليس هذا هو ما فعله المسلمون بعد القرن الهجري الاول حين بدأوا يشترون لهو الحديث ليضلوا به عن سبيل الله (آياته) أليس لهو الحديث هذا لم ينزل به الله من سلطان ... من هنا نستطيع أن نقول أن معظم المسلمون لبسوا إيمانهم بظلم فليس لهم ألأمن ولا هم مهتدون، هذا ليس كلامى ولكن ما تقوله الآيات الكريمات .   

وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ {6} وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ {7} لقمان

 لذلك فقد ظلموا انفسهم وظلم بعضُهم بعضاوكفر بعضهم بعضا. وانهم ، وان لم يكونوا مشركين بالله خالقا .. الاّ ان تعدد الرؤى والمرجعيات عندهم، فرَّقهم وجعلهم يُشركون برب العالمين أربابا ، فأورثهـم هذا دينا أرضيا خليط بين هذا وذاك ونتج عن ذلك أديانا لا تصلح بعد 1400 سنة تقريبا، بينما الدين الذي أرتضاه الله سبحانه للمسلمين { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (سورة المائدة 3) وهو حبل الله المتين { وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا } (سورة آل عمران 103) وقالأيضا:

"  وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ "(سورة لقمان 22)

 

صدق الله العظيم ...

اجمالي القراءات 11276