ضرورة تاسيس تيار امازيغي اسلامي داخل حزب تامونت للحريات الان اكثر من اي وقت مضى لماذا ؟
مقدمة مطولة الى النهاية
ان الحركة الثقافية الامازيغية عندما ولدت في سنة 1967 وجدت نفسها مجبرة الى الايمان بالنسق الغربي في التفكير و التنظير بحكم ان منذ الاستقلال الى هذه اللحظة تقدم الدولة المغربية نموذجا وحيدا لهويتنا الاسلامية المغربية الا و هو اسلام المخزن القائم اصلا على العروبة اولا و الاسلام ثانيا بمعنى ان اسلام الشعب المغربي الامازيغي قد اقبر بصفة نهائية رسميا على الاقل منذ سنة 1956 لكن هذا الاسلام الامازيغي ان صح التعبير مازال حي في مجتمعنا من خلال بعض مظاهره كقراءة الحزب الراتب و التقاليد الاجتماعية المحافظة بمعناها الايجابي و السلبي على حد السواء الخ من هذه المظاهر الدالة على تجدر الاسلام في الوجدان الامازيغي طيلة 14 قرنا ...
لكن على المستوى الرسمي حتى بعد خطاب اجدير التاريخي و تاسيس المعهد الملكي للثقافة الامازيغية فظلت الامازيغية بشموليتها غائبة تماما عن تدبير الحقل الديني الرسمي حيث قد يقول البعض ان اعلامنا الديني عبر اذاعة محمد السادس للقران الكريم و قناة السادسة قد بدا يبث برامجه باللغة الامازيغية منذ سنة 2007 لكن هذه البرامج لن تخرج عن ادبيات ايديولوجية الظهير البربري المدبرة للشان الديني بشموليته بمعنى ان الامازيغية ليست لها اية علاقة مهما كانت بالاسلام طيلة 14 القرن الماضية اي انها نعرة جاهلية حسب منظور اغلبية نخبتنا الدينية الحالية و التي تدخل تحت وصاية وزارة الاوقاف و الشؤون الاسلامية كما هو معلوم لدى الجميع..
اذا كانت الحركة الثقافية الامازيغية قد بدات نضالها الطويل بالايمان بالنسق الغربي في التفكير و التنظير فهذا راجع حسب رايي المتواضع الى ان الانسان العادي لا يفهم الاسباب و السياقات التي أسهمت فكريا و ايدولوجيا لولادة هذه الحركة الاصيلة من قبيل تهميش امازيغي المغرب من طرف دولة الاستقلال على كافة المستويات و الاصعدة و تهميش ثقافتهم الاصيلة بعدم ادراجها في الدساتير المتعاقبة على بلادنا منذ 1962 الى 1996 و عدم ادراجها في كافة مناحي الحياة العمومية طوال هذه العقود من الطاعة الغير معلنة للغرب و ثقافته التغريبيةبحكم ان الحركة الامازيغية كانت عند التاسيس حركة مستقلة عن المخزن التقليدي و احزابه المتخلفة و مستقلة عن الغرب كقيم استعمارية و كعولمة متوحشة تقتل الثقافات البدائية في نظرها لكن الحركة الامازيغية وجدت نفسها بين الخياران لا ثلاث لهما في بداية أمرها و هما النسق السلفي و النسق الغربي في التفكير حيث وجدت ان النسق السلفي لن يخدم مطالبها على المدى المتوسط و البعيد على الاطلاق.
و وجدت ان النسق الغربي في التفكير المتحرر سيخدم مطالبها على المدى المتوسط و البعيد بحكم ان الغرب هو واحة للديمقراطيات العريقة و الحريات الاسياسية و العلوم الانسانية الخ من فضائل هذا الغرب احب من احب و كره من كره .
و لا يمكن لنا ان نتجاهل هذه الفضائل بجرة القلم او فتوى سلفية تحرم التعامل الايجابي مع الغرب قصد جعل المسلمين يتقدمون نحو حداثة التفكير و قراءة واقعهم الحالي قراءة معاصرة ..
و بالاضافة الى ان اواخر الستينات لم يكن يوجد أي وعي امازيغي مدرك ان القيم الاصيلة لهذا الشعب المسلم هي اصلا قيم علمانية و ديمقراطية بالاساس و لهذا اتجهت الحركة الامازيغية فكريا نحو الغرب كقيم متحررة و متنورة من شانها تطوير العمل الامازيغي و اساليب تفكيره تجاه العديد من القضايا المطروحة في ذلك الوقت حيث من الطبيعي ان تختار هذه الحركة النسق الغربي في التفكير انذاك مع انها حركة مغربية الجذور و الفروع اكثر من الحركات الاسلامية الموجودة ببلادنا .
ان العلاقة الجدلية بين الحركة الامازيغية و الغرب يجب ان تفهم في سياقها الصحيح و المشروع بعيدا عن التخوين و عن التكفير الذي اصبح لغة يستعملها السلفيين طيلة السنوات الماضية بغية الوصول الى قناعة ثابتة تصل احيانا الى درجة اليقين الا و هي ان الحركة الامازيغية هي امتداد طبيعي للاستعمار الغربي او امتداد طبيعي لفترة ما قبل الاسلام في المغرب كما قال الشيخ الحسن الكتاني في الانترنت اثر تحريمه للاحتفال بالسنة الامازيغية على الاعتبار انها عادة جاهلية بكل بساطة دون أي احترام لتاريخنا المغربي الطويل قبل كل شيء و دون احترام لمشاعر الامازيغيين البسطاء و المناضلين ل 45 سنة من النضال الامازيغي ببعده الحداثي و الديمقراطي و كذا الحقوقي داخل المغرب و خارجه مع منظمات دولية كالامم المحتدة بفروعها و جمعيات المجتمع المدني باوروبا حيث على الناس ان يفهمون ان الحركة الامازيغية اصلا هي امتداد طبيعي لقيم هذا الشعب الدينية و الثقافية الاصيلة بمعنى انها لم تستورد أي شيء من المشرق او من الغرب .
ان اليوم بعد استكمال الحركة الثقافية الامازيغية عملها الجمعوي منذ سنة 1967 الى سنة 2005 نحتاج الى تأسيس تيار امازيغي اسلامي داخل الحركة السياسية الامازيغية حيث بالطبع ان العمل الجمعوي الضخم حقيقة لم يقصي الدين الاسلامي باي حال من الاحوال من خلال اعمال الاستاذ الحسين جهادي اباعمران العظيمة عبر ترجمة النصوص الاسلامية الى اللغة الامازيغية من قبيل معاني القران الكريم و السيرة النبوية الخ ....
لكن هذه الاعمال العظيمة لم تساهم في بناء قناعة لدى عامة الشعب و نخبته الدينية بان الامازيغية بشموليتها هي امتداد طبيعي للاسلام و حضارته الخصوصية بالمغرب بحكم عندما صدر كتاب معاني القران الكريم بالامازيغية سنة 2004 تجاهل اعلامنا الرسمي بشكل تام هذا الحدث التاريخي كانه حدث عادي داخل مجتمعنا حيث علمت انذاك بهذا الخبر عبر قناة الجزيرة او عبر جريدة العالم الامازيغي التي انجزت ملفا خاصا حول هذه المناسبة ..
و قلت في كتابي الجديد الامازيغية و الاسلام من اجل اسقاط ايديولوجية الظهير البربري نهائيا ان الاسلام ذو قراءات مستنيرة و اخرى رجعية على مر تاريخنا الاسلامي الى حدود الان حيث يمكننا كحركة سياسية امازيغية التفكير بشكل واقعي في انشاء رؤية امازيغية اسلامية مستقلة عن المشرق بغية تحقيق مجموعة من الاهداف الاستراتيجية من قبيل اسقاط ايديولوجية الظهير البربري و تحقيق حلم امازيغية المغرب مع الاحترام الواجب للملكية كتابث اصيل منذ اقدم العصور و ضامنة للاستقرار في محيط يتميز بانتشار جماعات الارهاب الوهابية كما اسميها و جماعات الانفصال مثل جماعة البوليساريو التي تسعى الى خلق الجمهورية العربية الصحراوية على صحراءنا المغربية ..
و كذا محاربة المد السلفي ببعده الرسمي و ببعده السياسي حيث الى متى سنستمر في تجاهل هذا المد الخطير على حياتنا العامة مع ظهور ظواهر دخيلة بخلفية سلفية تهدد تقاليدنا الامازيغية الاسلامية .....
و كما قلت سالفا في كتابي هذا لعل ترسيم الامازيغية في دستور 2011 بالشكل الذي نعرفه جميعا قد شكل بالنسبة لي الدافع البارز للايمان بحاجة الحركة الامازيغية الى حزب سياسي بحكم اننا نحتاج الى ارضية سياسية جديدة تستهدف حل جميع مشاكل هويتنا الام على كافة المستويات و الاصعدة....
ان أي تعاقد ايديولوجي بين الامازيغية و الاسلام هو برايي المتواضع مشروع حزب امازيغي بالدرجة الاولى حيث اذا استطاع الامازيغيين خلق رؤية امازيغية اسلامية مغربية الان حيث مازلنا نعيش في مجتمع يغار على الاسلام و يحب متابعة اخبار الاسلاميين في مصر مثلا خصوصا بعد الانقلاب العسكري على الاخوان المسلمين بطريقة وحشية حسب اعتقادي المتواضع.
انني هنا لا ادافع عن جماعة الاخوان المسلمين كتنظيم اختلف معهم ايديولوجيا و فكريا انما ادافع عنهم من المنطلق الانساني حيث ان مرجعية جماعة الاخوان المسلمين هي نفسها مرجعية معظم تيارات الاسلام السياسي بالمشرق العربي .
انني اعتقد انه من الصعب للغاية اقناع عامة مجتمعنا المتدين اصلا بان الاسلام شيء و الاسلاميين ذوي النزعة السلفية على وجه الخصوص شيء اخر لان السياسة هي في نهاية المطاف فعل اجتهادي انساني حيث ان القران الكريم نفسه لم يحدد لنا نظام حكم معين من قبيل الخلافة الاسلامية الخ بل ترك لنا حرية الاجتهاد في السياسة حسب ظروفنا المحيطة بنا كشعب اغلبيته تدين بالاسلام و بالتالي فخلق رؤية امازيغية اسلامية ستكون من المفيد بحكم ان تيارات الاسلام السياسي المشرقية لم تاخذ بعين الاعتبار في يوم من الايام ان الامازيغية هي ثقافة اسلامية لكن في طابعها العلماني المغربي ...
اذن اصبح من الضروري بالنسبة لي تاسيس التيار الامازيغي الاسلامي داخل حزب تامونت للحريات مع العلم ان الحزب الديمقراطي الامازيغي المغربي هو الاول من رفع شعار الاسلام الامازيغي منذ سنة 2005 عبر احياء اعرافنا الامازيغية التي تتناسب بشكل دقيق مع مقاصد الشريعة الاسلامية و مع الاخلاق الاسلامية الحقيقية لان الاسلام بشموليته اختلط مع العروبة في عهد الخلافة القرشية بالمشرق حيث لا احد يستطيع انكار ان الخلفاء و الوزراء الخ كانوا يشربون الخمر و يمارسون الجنس مع المئات بدون اي زواج شرعي حيث بالله عليكم هل هذا هو الاسلام الحقيقي ام هو فقه السلف الصالح كما يسمى ؟
اذن يظهر لي على الاقل ان تاسيس تيار امازيغي اسلامي داخل حزب تامونت للحريات صار امر جوهري بحكم اننا لا نعيش في السعودية بل نعيش في بلد اسمه المغرب كتاريخ و كحضارة عظيمة حتى ما بعد الاسلام لان اجدادنا كانوا يطبقون الشريعة بالعقل و بالحكمة حيث كانوا يقتلون من فعل شيئا بل كانوا يحكمون عليه بالرحيل من البلاد و كانوا يحكمون بالديمقراطية المحلية و بالعلمانية الاصيلة اي ان الدين ظل محفوظا في المساجد و في الزوايا و داخل المجتمع الامازيغي المسلم بدون فتح اسواق النخاسة لعرض لحم النساء امام الرجال علنية كما هو الحال بالنسبة للمشرق في عز دولة الخلافة الاسلامية حيث قلت لانسان عزيز علي لو أقيمت الخلافة الاسلامية في المغرب سيصبح الزنى شيئا قانونيا و شرعيا بحكم نظام ملك اليمين المشوه في كتب التراث السلفي بمعنى ان التيارات الاسلامية بالمغرب تمارس الخداع العظيم على البسطاء حيث انها تدعي الدفاع عن الاخلاق الاسلامية في الاعلام العمومي او في الفن النظيف كما يسمى عند هذه التيارات السلفية في حقيقة امرها اي انها حاملة لفقه السلام على المراة الاجنبية حرام لكن الجماع معها حلال حيث ماذا يعني مصطلح السبي بالضبط؟؟
ينبغي تام الادراك ان تيارات الاسلام السياسي بالمغرب تتظاهر في العلن بانها تؤمن بالديمقراطية السطحية و تؤمن بالدولة العصرية بقوانينها العلمانية لكن في سرها العميق مازالت تحلم بتاسيس دولة الخلافة بالمغرب بعد اسلمة الدولة و المجتمع اي ان الامازيغية بشموليتها هي الضامنة الوحيدة لمواجهة اخطار اسلمة المغرب باسلامنا الامازيغي .............
المهدي مالك العضو في حزب تامونت للحريات