الزى والزينة للمرة الأخيرة

آحمد صبحي منصور في الجمعة ١٤ - أكتوبر - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

مقدمة :

1 ـ من أعوام سلفت تكلمنا عن النقاب وما يسمى بالحجاب أو ( الخمار ) فى مقالين منشورين هنا ، هما ( يسألونك عن النقاب ) و (  البكاء غدا على أطلال وطن )، وفى المقال السابق بكيت مقدما على ما سيحدث من أطلال الخراب فى سوريا ..وغيرها . وتكلمت فى بضع حلقات فى برنامج ( فضح السلفية ) المنشور على اليوتوب عن ( زي المرأة وزينتها ) هذا بالاضافة الى فتاوى كثيرة فى نفس الموضوع . تأتى لى أسئلة متكررة يستسهل أصحابها السؤال ويريدون الإجابة المعلبة الجاهزة ، ويرفضون رجائى لهم بالبحث فيما كتبت ، فالاجابات تكررت . ولكن لا فائدة من الرجاء . لذا لا أرد على سؤال سبقت لى الكتابة فيه كثيرا ، مثل موضوع الصلاة ، أو سبق النشر فيه من وقت قصير . وأحيانا أردّ ردا أخيرا على موضوع كتبت فيه كثيرا . مثل موضوع زى المرأة وزينتها . هذا هو الرد الأخير فى موضوع زى المرأة وزينتها ، تكرارا لمعظم ما قلته من قبل . وأطوى بعد هذا صفحة هذا الموضوع .

2 ـ جاءنى هذا السؤال :  
( عارفة ان رأي حضرتك من ناحية الحجاب انه مش فرض بسبب كلمة خمار اللي ارتبط معناها بتغطية الراس مع ان في الحقيقة مش متحدد حاجة زي كده في المعنى الأصلي انا جالي كذا تساؤل اتمنى ان حضرتك تساعدني في اني الاقي الجواب بتاعهم دلوقتي المرأة كده من ناحية اللبس مأمورة بحاجتين انها تغطي الجيب و انها متبديش زينتها الا اللي ظهر منها دلوقتي مثلا واحدة حاطة زينة في كل جسمها . المعروف في القرآن ان السوأة مأمور تغطيتها عند الراجل فدلوقتي المرأة هتغطي سوأتها و جيبها . طب و باقي جسمها عادي تبينه ولا لأ؟ . يعني ممكن واحدة تلبس حاجة زي البكيني مع مراعاة تغطية الجيب و تقول القرآن مفرضش اني أغطي أجزاء تانية في جسمي و اهتم بمناطق معينة بس . الرد هيكون ايه ساعتها ولا هي معاها حق؟؟. و ايه المفروض اللي متبدهوش من زينتها؟ . في آية القواعد من النساء اللي بيضعوا ثيابهن دلوقتي لو واحدة لبسها شميز و جيبة مثلا ايه اللي هتخلعه من ثيابها لما تبقى من القواعد؟؟ ولا المقصود عادي انها تكشف جيبها ؟. قريت مقالة لحضرتك بتقول ان المقصود ان عادي انها تنزل بلبس البيت لأن لبس البيت مختلف عن لبس الخروج . في عائلات بيبقى اللبس اللي بتلبسه في بيتها مش بيفرق كتير عن لبس الخروج فمعرفتش اوصل لاجابة من خلال المقالة دي , و آخر سؤال ايه الحاجات اللي هتبان من زينتها للأشخاص المذكورين في الاستثناء و مش هتبان للناس الغريبة ؟ هل هو جيبها فقط؟؟؟. منتظرة رد حضرتك . )

أولا :

1 ـ  يقول جل وعلا : ( وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) 31 ) النور ) ، ونفهم منه الاتى :

  1 ـ  الحجاب يعنى الستارة والحاجز والحائل ، ولا شأن له بالزى للمرأة . المصطلح المستعمل هو (الخمار ) الذى يغطى الصدر ، أو ( الجيب ). ومعنى هذا أنه ليس حراما ظهور شعر المرأة وعنقها ، وطبعا وجهها. وعموما كل ما يجب غسله فى الوضوء مباح كشفه ، ويشمل هذا الرجلين ( القدمين ).

2 ـ على المرأة تغطية سيقانها ، وهذا مفهوم من النهى فى قولها جل وعلا : ( وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنّ) . فالساقان مستورتان ، وكذا ما تلبسه المرأة من زينة داخلية مثل الخلخال. ومثله قول رب العزة جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا ) 59 ) الأحزاب ). (يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ ) يعنى إسبال الجلباب لستر الساقين .

3 ـ هناك زينة ظاهره فى الوجه والعنق واليدين ، وعلى الملابس التى تظهر بها المرأة فى البيت وخارجه ، وهناك زينة داخليه فى غرفتها الخاصة ومع زوجها فى الملابس وعلى الجسد . والزينة أنواع : الحلى وما يتعلق بها ، و ( الماكياج ) وما يتعلق به على الوجه والجسد  ، وما يكون على الملابس الداخلية والخارجية .

4 ـ وهناك فرق بين ما يراه الزوج فى زوجته ، وما يراه غيره داخل البيت ، وهناك فرق بين لبس البيت عموما ، ولبس الخروج .

ثانيا :

   ويقول جل وعلا : ( وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاء الَّلاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) 60 النور ). ونقول :

1 ـ هذا تشريع خاص للمرأة المُسنّة التى لا ترجو الزواج . ونتوقف مع معنى ( وضع الثياب ) أو (أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ ).

2 ـ ( الثياب ) فى المصطلح القرآنى يعنى الملابس الخارجية . يقول جل وعلا عن رفض مشركى مكة رؤية النبى ورفضهم الاستماع له وتهربهم من رؤياه ولقائه : (أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُواْ مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ  ) 5 ) هود ) . ( يستغشون ثيابهم ) يجعلونها على عيونهم لتكون غشاءا وحجابا حتى لا يرون النبى . بالتالى فالحديث هنا عن الملابس الخارجية وليس الداخلية . ومثله قول نوح عليه السلام عن موقف قومه منه : ( وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا  ) 7 نوح ). ويقول جل وعلا عن ثياب أهل الجنة : ( عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ ) 21 ) الانسان ). الثياب هنا تعلوهم ـ أى هى اللباس الخارجى .

3 ـ وعليه فاللباس فى آية ( وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاء الَّلاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ  ) يعنى اللباس الخارجى ، وليس ما نعرفه ـ مثلا ــ  بقمصان النوم . والحديث هنا عن خروج النساء المُسنّات ، وأنه لا حرج عليهن من ارتداء الثياب التى للخروج ولكن بلا زينة وبلا تبرج ، وأن يستعففن خير لهن : ( وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ ۖ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) 60 ) النور )

ثالثا :

1 ـ كل ما سبق أوامر ونواهى تخضع لمقصد تشريعى هو العفة والتقوى . عدم تنفيذ هذه الأوامر والنواهى يدخل ضمن اللمم ، أى صغار الذنوب . وكل منا يقع فى اللمم . يقول جل وعلا عن المحسنين : (وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى ) 31 : 32 ) النجم ). لا ينجو أحد من (اللمم ) ، أى مقدمات الزنا ، بالتفكير وبالكلام وباللمس والمسّ ، وبالجنس الشفوى و ..,.. وكل ما عدا الزنا فهو ( لمم ). اللمم من صغائر الفواحش التى يلمّ بها حتى المحسنين الذىن وصفهم رب العزة بأنهم يجتنبون ( الزنا ) أو ( كبائر الفواحش ) . وإذا إجتنبت المؤمن الكبائر ومنها الزنا والشرك بالله جل وعلا فإن الله جل وعلا يدخله الجنة . يقول جل وعلا : ( إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيمًا ) 31 ) النساء ) .

2 ـ  وعدا الأمر بحفظ الفرج ( أى الزنا ) فإنه يدخل فى اللمم كل ما جاء فى قول رب العزة جل وعلا : (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ). يدخل فى اللمم عدم غض البصر والتبرج وإبداء الزينة والتعرّى ، ومن تلبس المينى جيب والمايوه وحتى البكينى .

3 ـ بالتالى فمن تقع فى الزنا غير من تسير عارية ـ دون أن ترتكب الزنا . الزانية مرتكبة واحدة من أكبر الكبائر ، أما العارية والراقصة التى لا تزنى فهى واقعة فى ذنب أو سيئة من الصغائر . ونعيد الاستشهاد بقول رب العزة  يقول جل وعلا : ( إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيمًا ) 31 ) النساء ) .

4 ـ الله جل وعلا هو الأعلم بما خلق وبمن خلق :( أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)14) المُلك )، ولهذا فالتشريع الالهى هو الأصلح للبشر . وفى موضوع العفّة الجنسية نزل تشريع الزواج بأكثر من واحدة ، ونزل إعتبار (اللمم ) من صغائر الفواحش التى يمكن التغاضى عنها إذا أجتنب الانسان الوقوع فى الزنا ، وهو من أكبر الكبائر . ثم تكون التوبة مُتاحة لمرتكب اللمم ومرتكب الزنا ، وفى هذا يقول جل وعلا : ( وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا ) 27 : 28 ). الانسان ضعيف أمام شهواته ، ولا يستطيع كبت غريزته الجنسية ، فيأتى التخفيف فى التشريعات الالهية حتى لا يقع فى الزنا .

رابعا :

1 ـ يقول جل وعلا : (يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ) 31 ) الأعراف ) . من التسهيل تشريع أخذ الزينة للرجال والنساء عند كل مسجد . وفى الآية التالية إستنكار من رب العزة لمن يقوم بتحريم الزينة الحلال والطيبات من الرزق ، يقول جل وعلا : ( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ) 32 ) الأعراف ). وفى الآية التالية حصر المحرمات فى الفواحش والبغى الظالم والشرك بالله جل وعلا والتقول على الله جل وعلا بأحاديث كاذبة وتشريعات مفتراة ، يقول جل وعلا : ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ.). الفواحش كلها محرمة ، سواء كانت سيئة صغيرة من اللمم أوكبيرة مثل  الزنا والشرك والتقول على الله جل وعلا ، ومنها تدخل البشر بتشريعات تُخلُّ بتشريعات رب العزة ، أى تحرم الحلال و تُحلُّ الحرام و تجعل المباح واجبا فرضا أو حراما . هذا ممنوع ، وهذا لا يأذن به رب العزة جل وعلا ، يقول جل وعلا : ( أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ  ) 21 ) الشورى). هؤلاء الذين يعتدون على حق رب العزة جل وعلا فى التشريع يعتبرهم رب العزة معتدين ، يقول جل وعلا ـ مثلا ـ فيمن يحرّم المباح الحلال من الطعام  : (  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ وَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالاً طَيِّبًا وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِيَ أَنتُم بِهِ مُؤْمِنُونَ ) 87 : 88  المائدة ). هؤلاء المعتدون على حق الله جل وعلا فى التشريع قد جعلوا أنفسهم ( شركاء  ) لرب العزة ، أى ألّهوا أنفسهم ، وهذا هو وصفهم فى قوله جل وعلا : ( أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ  ) 21 ) الشورى). هؤلاء الشركاء المعتدون لا يقتصرون على تحريم الحلال وتحليل الحرام ، بل يزايدون على رب العزة ، وهذا منهى عنه فى قوله جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ  ) 1 ) الحجرات ).

2 ـ صلة هذا بموضوعنا أن الله جل وعلا أباح سفور المرأة بوجهها ، ويكفى هنا قوله جل وعلا للنبى محمد عليه السلام : (لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاء مِن بَعْدُ وَلا أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ  ) 52  الاحزاب ). و( الحُسن ) فى الوجه .  إن الوجه هو الذى يميز شخصية الفرد ، ذكرا كان أو انثى ، وهو الذى يتحدد به (فلان ) وتتحدد به (فلانة ) وبه تقوم الشهادة فى تطبيق الحكام ، أى لا بد أن يكون الوجه سافرا للرجل وللمرأة ، ونتذكر هنا الأمر للرجال وللنساء فى غضّ البصر بالتساوى (  قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ  ) ( وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ  )، وهذا يعنى ان وجه الرجل سافر ووجه المرأة سافر أيضا بلا فرق بين ذكر أو أُنثى .  من هنا فإن الذى يجعل النقاب تشريعا دينيا إنما يُزايد على شرع الله جل وعلا . أى إن شرعهم أكبر تورعا من شرع الله جل وعلا . هنا يكون النقاب تشريعا ما أنزل الله جل وعلا به من سلطان ، ووقوعا فى جريمة كبرى هى الشرك . هذا بالطبع فيمن يفتى بالنقاب على أنه شريعة ودين ، ومن ترتدى النقاب على أنه تشريع ودين ، وترى من لا ترتديه من النساء عاصية أو خاطئة . أما التى ترتديه بلا إعتقاد دينى فلا شىء عليها .

3 ـ وبالتالى نقارن بين إمرأة ترتدى المايوه وإمرأة ترتدى النقاب . المرأة العارية ـ غير الزانية ـ ترتكب اللمم ، أى سيئة من الصغائر . أما المنقّبة التى ترتدى النقاب تدينا فهى واقعة فى الشرك ، وهو من اكبر الكبائر.

أخيرا :

1 ـ ومع سيطرة النقاب وما يسمى بالحجاب ( أو الخمار ) فى بلاد المحمديين وجعل هذا وذاك فرضا دينيا نجد تشريع الزنا ،أى إستحلال الحرام . هنا لا فارق بين السنة والشيعة . الشيعة يستحلون الزنا الحرام فيما يعرف لديهم بزواج المتعة ، وبه تتزوج المرأة عدة مرات فى اليوم ـ بلا عدّة . وهذا زنا محض . السنيون الوهابيون إستحلوا الزنا بتشريع ( جهاد المناكحة ) . والارهابيون منهم إستحلوا الاغتصاب للسبايا . تماما مثلما يحرمون الحلال مثل الموسيقى والغناء ، ويستحلون الحرام بقتل الأبرياء . تناقض هائل فى مجتمعات ينتشر فيها النقاب والحجاب جنبا الى جنب مع التحرش والزنا . هنا يجتمع النقيضان : مظهر التقوى فى التدين السطحى ، مع الفساد الأخلاقى بكل أنواعه . تجد الفساد يسير مصاحبا للتدين بدين أرضى فاسد ومتحكم . وليس غريبا أن يتم التركيز على أمر فرعى مثل تغطية رأس المرأة والتوافه الأخرى مثل اللحية والجلباب لأنها أصبحت عمود الدين ـ دينهم الأرضى ـ ويتم السكوت عن سفك الدماء البريئة ، بل فى دولة الدواعش يتم سفك الدماء مع فرض النقاب . 

2 ـ ثم إذا قلنا ( القرآن هو الحل ) إتهمونا بإزدراء الدين . ونحن فعلا نزدرى دينهم (الأرضى ). 

اجمالي القراءات 9135