اذا فاز حزب العدالة و التنمية في الانتخابات التشريعية
ستكون الكارثة العظمى على هوية المغرب الاصيلة
مقدمة مطولة الى النهاية
اننا نعيش هذه الايام على ايقاع الحملة الانتخابية لاقتراع 7 اكتوبر التشريعي في ظل غضب اغلب مكونات الحركة الامازيغية بعدما تم المصادقة على القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للامازيغية و القانون التنظيمي للمجلس الوطني للغات و الثقافة المغربية في المجلس الوزاري برئاسة الملك محمد السادس حيث من المعلوم ان رئيس الحكومة عبد الاه بنكيران منذ سنوات تساءل في مهرجان خطابي اية امازيغية نريد بمعنى ان هذا المخلوق العجيب و حزبه الدخيل قد خططا جيدا لهذه المسرحية الحقيرة و عفوا على استعمال هذا المصطلح بحكم ان القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للامازيغية قد حطم كل المكاسب الرمزية التي حققت لصالح الامازيغية طيلة 15 سنة من السياسة الرسمية للدولة المغربية...
ففعلا منذ سنة 2001 قرر الملك محمد السادس الذي كان يريد تجديد شرعيته السياسية من خلال القيام بالاصلاحات السياسية الاولية حيث يعتبر انشاء المعهد الملكي للثقافة الامازيغية استجابة لاحد مطالب الحركة الامازيغية منذ سنة 1991 عبر ميثاق اكادير التاريخي حسب وصف بعض رموز النضال الامازيغي حيث يجب الاستحضار هنا على ان الحركة الامازيغية انطلقت منذ سنة 1967 باهداف ثقافية و لغوية تماشيا مع ظروف المغرب السياسية و الايديولوجية وقتها بمعنى ان الحركة الامازيغية لم تكن لها اهداف سياسية مهما كانت بحكم مجموعة من العوامل من قبيل توجهات دولة الاستقلال المعادية لكل ما هو امازيغي باستعمال ايديولوجية الظهير البربري بشكل فضيع للغاية و من قبيل ابادة اي وعي سياسي حقيقي لدى امازيغي المغرب منذ سنة 1956 الى سنة 2005 اي تاريخ انشاء اول حزب امازيغي من الناحية السياسية و من الناحية الايديولوجية بمعنى ان العمل السياسي الامازيغي لم ينطلق منذ اواخر الخمسينات مع الحزب المعروف بشعاراته الكاذبة من قبيل الامازيغية و البادية بل انطلق مع الحزب الديمقراطي الامازيغي المغربي في 2005 .....
كان عام 2000 الذي اتذكره جيدا لانني كنت غارقا في مشاكلي مع ايديولوجية التخلف القروي محطة بارزة في مسار الحركة الامازيغية حيث انني بدات وقتها قراءة الجرائد المغربية و قرات في جريدة تامزيغت التي كان يديرها الاستاذ احمد الدغرني خبر بيان الاستاذ محمد شفيق حول امازيغية المغرب حيث وقتها كنت مجرد معاق غارق في احزانه بمعنى انني لم اكن افهم ابعاد هذا البيان التاريخي بكل المقاييس بحكم ان ذلك السياق قد عرف انتقال العرش الى الملك محمد السادس و صدور الميثاق الوطني للتربية و التكوين الذي يعد استمرارية لسياسة التحقير تجاه اللغة الامازيغية في المدرسة المغربية الخ..
لقد شكل الخطاب الملكي التاريخي في يوم 17 اكتوبر 2001 في قرية اجدير بداية فعلية للتعامل الرسمي مع الشان الامازيغي وفق مقاربة لا تخرج عن اطارها الثقافي الضيق اي ان الامازيغية قدمت للمغاربة بوصفها لغة و ثقافة و فنون الخ من هذه الاوصاف الطبيعية في اية لغة او ثقافة لكن هذه المقاربة المخزنية ان صح التعبير ساهمت في جعل الامازيغية شانا ثقافيا لا علاقة له بسياسة الدولة في جميع القطاعات الإستراتيجية كالتعليم و تسيير الحقل الديني و موضوع القيم المتداولة داخل مجتمعنا المغربي اي ان الامازيغية هي مشروع مجتمعي علماني اصيل و ليست مجرد لغة او ثقافة او فنون ...
ان هذه المقاربة المخزنية للقضية الامازيغية قدمت مكاسب رمزية لصالح الامازيغية على مدار 16 سنة الماضية دون الحاجة الى التذكير بها لكن بالمقابل ساهمت هذه الاخيرة في محاربة اية محاولة لتسييس المسالة الامازيغية كضرورة حتمية بالنظر الى مجموعة من الدوافع و الاسباب تدخل كلها في اطار مفهوم الدولة الوطنية الاحادية في الدين و في اللغة و في الثقافة حيث عشنا منذ سنة 1956 الى الان في دولة ذات وجهان هما الوجه المشرقي و الوجه الغربي في التعليم و في الاعلام الخ حيث ساعطي مثال واحد الا هو عندما طالبت الحركة الامازيغية بالعلمانية بعد احداث 16 ماي 2003 الارهابية قامت الدنيا و لم تقعدها حيث اتهمت جل تيارات الاسلام السياسي حركتنا الامازيغية بشتى النعوت السلبية من قبيل دعاة الالحاد او الصهيونية الخ مع العلم ان المغرب منذ الاستقلال لم يطبق الشريعة كنظام شمولي بل طبق القوانين الوضعية الفرنسية بمعنى ان المغرب عمليا هو دولة علمانية لكن بمفهومها الغربي لكن هذه التيارات منذ تاسيسها في منتصف السبعينات الى يومنا هذا لم تعتبر ان الامازيغية هي في نهاية المطاف ثقافة اسلامية بل تعتبرها الان في القانون المهين بكرامة امازيغي المغرب مجرد لهجة للتواصل في الاسواق و البوادي بمعنى اننا رجعنا الى ما قبل سنة 2001 ...
اعتقد ان اذا فاز حزب العدالة و التنمية في هذه الانتخابات التشريعية ستكون الكارثة العظمى على هويتنا الاصيلة اكثر من حالتنا الراهنة لانني قلت في مقالي الماضي بالحرف ان تجديد مفهومنا تجاه هويتنا الاسلامية المغربية انطلاقا من ذاتنا الامازيغية اصبح من ضرورات المرحلة وطنيا و إقليميا و دوليا بالاعتبار ان الحركة الامازيغية الان تشعر باهانة كبيرة تجاه واقع القضية الامازيغية الراهن حيث سجلت منذ تولي حزب العدالة و التنمية رئاسة الحكومة المئات من التراجعات المؤلمة في تدبير الشان الامازيغي حتى اصبحنا نشعر اننا مازلنا نعيش قبل خطاب اجدير لسنة 2001 بكل الصراحة و الموضوعية..
ان هذا الحزب الاغلبي لو فاز في هذه الانتخابات التشريعية ستحطم كل طموحاتنا في غذ افضل للامازيغية بشموليتها و سنرجع مجددا الى نقطة البداية اي الى عهد الراحل الحسن الثاني الذي كانت فيه الامازيغية مجرد لهجات حقيرة امام الشعار الخالد لاغلب تيارات الاسلام السياسي و خطابنا الديني الرسمي الا و هو العروبة و الاسلام...
المهدي مالك