بالأمس نشرت موضوعا عن التعصب ودوافعه علي الموقع
وكنت قد كتبت مقالا عن التعصب لفرق كرة القدم ونشرته علي الفيس بوك منذ ما يقرب من شهرين، كتبته بالعامية لكي يصل إلي معظم المهتمين والمحبين للألعاب الرياضية بشكل عام، وكان هدفي منه التوطئة للدعوة إلي القرآن الكريم والتمهيد لإعلان أنني من القرآنيين - كما يسموننا - علي الملأ، ولعل ذلك يكون قريبا إن شاء الله،لا أظن أن بيننا في أهل القرآن مشجعا متعصبا لأحد الأندية الكروية أو أن يكون بيننا متعصب من الأساس، ولكني أحببت أن أعيد نشر المقال هنا لأني أربط فيه بين التعصب لأندية الكرة الغير مبرر وبين التعصب في أمور الدين والفكر.
-------------------------------------------
أهلي و زمالك
الشعور بالإنتماء والإيمان بقضية والوقوف في صف شخص أو مجموعة من الأشخاص لازم يكون ليه دوافع وأسباب، وبما إن الكلام علي الكورة فخلينا نقول أمثلة من نفس الموضوع، أنا لما أشجع منتخب مصر مثلا ده يبقي شئ طبيعي ومحدش يلومني عليه، لما أتمني فوز فريق غانا علي فريق اسرائيل ده شئ منطقي، لما الأسايطة يفرحوا لأسمنت أسيوط لما يكسب الإسماعيلي ده كلام جميل وكلام معقول، لأنه في الحالات دي في دافع مقنع وسبب معقول.
إنما لما ناديين تكون صفاتهم كالآتي .. أقصد الأهلي والزمالك
الاتنين نوادي مصرية في القاهرة الكبري، االاتنين تأسسوا في فترة زمنية واحدة يعني مفيش نادي فيهم أقدم وأعرق من التاني، الهيئة الإدارية والموظفين واللعيبة من كل المحافظات مسلمين ومسيحيين ومعيار الإختيار للعيبة هوه الكفاءة فقط يعني مفيش عنصرية ولا تمييز ومفيش حتي واسطة، مفيش نادي من الاتنين عنده مشكلة انه يشتري لاعب من النادي التاني ومش هيفكر ساعتها ويقول إنه ممكن يلعب لصالح ناديه أو ممكن يكون جاسوس ويطلع أسرار النادي وخططه، معظم اللعيبة حتي أشهرهم معندهمش أدني مشكلة ينضموا لفريق النادي التاني طالما هيدفعلم أكتر وساعتها نادية مش حيهدر دمه ولا هيعتبره خاين لأن الموضوع كله في النهاية بالنسبالهم بزنس ولو فيه شوية انتماء هيكونوا للمكان اللي اللعيب نشأ واتدرب فيه وعمل فيه صحاب،
نيجي بقه للباشا اللي بقاله 20 سنة مجريش 200 متر علي بعض ولا رجله لمست كورة في حياته وقاعد يحرق في دمه خايف للفريق اللي متعصبله يدخل فيه جون أو يخسر دوري وإذا خسر كإن حد عزيز عليه مات وإذا كسب تبقي الدنيا مش سايعاه من الفرحة.
طيب إيه السبب !! إنته إيه دخلك بالموضوع أصلا !! إيه دوافع تشجيعك للزمالك أو للأهلي !!
الاتنين بيكسبوا مرة وبيخسروا مرة،
الاتنين فيهم لعيبة كويسين ولعيبه مش قد كده
اللعيبه اللي حضرتك كنت بتحبهم ومتعلق بيهم من عشر سنين كلهم اعتزلوا وجم لعيبة جداد مكنتش تعرفهم وكام سنة كمان وهيجوا لاعيبة جداد متعرفش شكلهم إيه ولا مستواهم ازاي
ومع ذلك هتفضل تشجع نفس الفريق ، ليه ، تقدر تقوللي ليه ؟
ممكن قلة قليلة يكون عندهم أسباب منطقية، عضو في النادي مثلا، واحد قريبه أو صاحبه بيلعب في النادي مثلا، ودول مش مقصودين تماما بكلامي، المقصودين همه الملايين اللي ملهمش أي ارتباط مادي بالنوادي دي واللي أغلبهم عمره ما حط رجله جوه النادي اللي بيشجعه.
نكمل مع صاحبنا
التفسير اللي معرفش انته فاهمه ولا مش فاهمه إن الموضوع بدأ معاك وانته صغير، هتكون لقيت أبوك واخواتك الكبار وقرايبك أو صحابك أو الشارع اللي انته منه بيشجعوا فريق معين فأوتوماتيك اتزرع جواك انك لازم تشجع نفس الفريق لأنك متقدرش تمشي بعيد عن القطيع، متقدرش تخالف عقيدة الآباء والأجداد، حتي لو كانت غير مبررة علي الإطلاق، هتقولي لأ أنا عيلتي وبلدنا كلها بتشجع الزمالك وانا بشجع الأهلي، هقول لحضرتك برضه الموضوع بدأ معاك وانته وصغير، شجعت الأهلي عشان تبان انك مختلف عن عيلتك وصحابك أو عشان ابن عمك اللدود اللي بتتخانق معاه كل يوم بيشجع الزمالك، أيا كان السبب مش هتفرق، المهم انك كبرت وعقلت وتقدر تفكر وتميز الصح من الغلط، وبرضه مش قادر متتعصبش لفريقك، مش قادر حتي متهتمش كسب أو خسر، ومهما كان فريقك بيلعب كويس ولا مستواه بقه وحش ولا بيأدي بطريقه غير أخلاقية مش هتقدر تخالف اللي اتربيت عليه، مع انك عارف ومتأكد إن حتي اللعيبة اللي حضرتك بتحرق دمك عليهم بيقبضوا فلوس متلتله سواء كسبوا أو خسروا، وإن الفلوس اللي بياخدوها دي من تعب وعرق الناس اللي بتشقي وتتعب بجد اللي همه انته وانا، عارف لو كنت بتتفرج عشان تستمتع باللعب والآداء وتنبهر باللعبة الحلوة من أي حد مكانش فيه مشكلة، المشكلة في التعصب الغير مبني علي أساس واللي دايما بيكون هوه سبب تكذيب الحق والتمسك بالباطل في قضايا الحياة بشكل عام
كلامي موجه للمتعصبين للأهلي وللزمالك تحديدا أو ما يقاس عليهم، وكل ما زادت درجة تعصبك كل ما كنت اقصدك بالكلام، يعني لو انته أهلاوي أو زمالكاوي بس مبتفرقش معاك تبقي انته زي الفل، أو علي الأقل أحسن الوحشين
من ساعة ما قامت الثورة اشتعلت حوارات كتير حوالين التيارات السياسية والفكرية وبانت حقيقة كتير من الأفكار والشخصيات والمواقف، بغض النظر عن مين صح ومين غلط، مين اللي غير من انتمائه لاتجاه أو لفكر أو لجماعة ، قلة قليلة لا تذكر.. ده ليه، تعصب في معظمه أكتر من كونه بحث عن الحقيقة وعن الأفضل.
نيجي للمسأله الأخطر
سواء كنت مسلم أو مسيحي أو أي ديانة تانية أو حتي طائفة من الطوائف سني شيعي كاثوليكي أرثوزكسي إلخ، انته علي دينك ده عشان انته مقتنع بيه ولا عشان اتولدت لقيت نفسك كده، أجاوبك انا وأكاد أقسملك إنك علي دينك لأنه دين الآباء والأجداد،
انته ياعم المسلم ( يا متعصب للأهلي أو للزمالك ) تخيل انك من 1400 سنة كنت عايش في مكة وبتعبد الأصنام زيك زيهم وفاكر انها هية اللي هتقربك من ربنا وان ربنا والأصنام هيغضبوا عليك لو غيرت طريقة عبادتك وظهر واحد اسمه محمد بيقول انه نبي وبيدعوا لعبادة الله وحده دون شريك من خلقه، ساعتها ياحضرة المتعصب كنت هتدي نفسك فرصة تسمعله .. ؟ ولو سمعته هل كنت هتصدق وتقتنع ..؟ ولو اقتنعت كنت هتقدر تواجه نفسك بالحقيقة .. ؟ ولو واجهت نفسك بالحقيقة هتقدر تغير من شعورك وتحب الدين الجديد والفكر الجديد اللي بيتصادم مع كل قناعاتك اللي عايش عليها من صغرك وبيقلك انك كنت عايش في وهم وضلال .. ؟ ولو اقتنعت ودخلت بقلبك وعقلك في الدين الجديد هتجيلك الشجاعة انك تعلن ده للناس .. ؟
متقولش ان الدين والإسلام حاجة تانية وان الكورة دي مهما كانت فهيه شئ للتسلية، لأ صدقني هيه نفس الفكرة ونفس المبدأ، متفتكرش انك كنت هتكون أول واحد هيؤمن ويتبع النبي، أصلا اللي اتبعوا النبي في العشر سنين الأولي من البعثة عدد لا يذكر، وباقي الناس هاجموه وكدبوه واتهموه بالسحر والجنون، انته فاكر وحاسس فعلا إنك كنت هتكون واحد من العد القليل ده. للأسف حضرتك هتكون من اللي قال عنهم ربنا (( وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا)) البقرة 170، وقال جل وعلا (( أم يقولون به جنة بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون )) المؤمنون 70، إيه يخليهم يكرهوا الحق، لأنهم متعصبين للأفكار والعادات اللي اتربوا عليها من صغرهم وبقت بتعبر عن كيانهم ووجودهم بغض النظر كانت حق أو باطل، وحضرتك كنت هتبقي كاره للحق زيهم أو مش فارق معاك حق أو باطل، المهم انك تدافع عن انتمائك وتحاول تثبت لنفسك ولغيرك بشتي الطرق إنك انته الصح، لو كنت تقدر تسيب ناديك وتشجع النادي التاني أو تتنقل في تشجيعك لهم من فريق للتاني علي حسب مستوي اللعيبة أو أخلاقهم أو أي معيار تاني، لو كنت تقدر تقول لصاحبك أو لجارك اللي انته مش طايقة فعلا النادي بتاعك أحسن من النادي بتاعي وانا هابدأ أشجعه ساعتها أقلك فعلا انته كنت هتتبع النبي إنما لو كان مستحيل أو صعب عليك تغير من تعصبك ده فأبشر، انته متختلفش كتير عن صناديد قريش، ده انته أسوأ منهم كمان لأن منهم كتير كانوا متمسكين بالباطل لمصالح تجارية أو دنيوية، انما انته كنت هتبقي متمسك بالضلال بدون سبب، أو لسبب انك متقدرش تواجه نفسك وتعترف ولو بينك وبين نفسك انك كنت مخدوع وعايش في وهم.
بتحمد ربنا وبتقول الحمد لله الذي جعلني من المسلمين، ربنا اداك العقل والحرية، عشان تفكر وتختار، وربنا مميزكش عن حد عشان كده خلاك مسلم لإن لو مكانتش هدايتك ناتجه عن بحث وتفكير ثم عن اختيار حر يبقي اسلامك لازم تعيد فيه النظر عشان ساعتها تقدر تقول انك مؤمن حقيقي وربنا هداك للحق أو انته ماشي مع القطيع وخلاص.
صديقي العزيز ياللي بتفتخر جدا بتوجهك السياسي أو بانتمائك الطائفي وبتنتقد وتحاور وتجادل، بتقنعني كتير إنك بتدافع عن الحق أو علي الأقل بتتحري وتبحث عن الحقيقة، بس لما باشوف انفعالك قدام أي حدث كروي سواء بالفرح والإفتخار أو بالغضب والحزن والشعور بالمهانة والفضيحة بسقطك من نظري في لحظة مهما كنت مثقف فعلا وكلامك مقنع.
تعصبك بيعميك ويخليك متشوفش الحق فين ..
اسأل نفسك أنا بشجع الأهلي ليه أو بشجع الزمالك ليه ..
لو ملقتش إجابه مقنعة لازم تراجع نفسك ، مش في الأهلي والزمالك ..
تراجع نفسك في نفسك.