فويسق
فويسق

أسامة قفيشة في الجمعة ٢٦ - أغسطس - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

فويسق

( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ) 72 الأحزاب

في قصة يوسف عليه السلام , نشاهد تآمر اخوته عليه و تخطيطهم للتخلص منه , و حين يتم التآمر و الكيد يتم وضع سيناريوهات و مقترحات له ,

و تلك المقترحات ( اقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ * قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ لاَ تَقْتُلُواْ يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ ) 8-9 يوسف , اذا هي ثلاث مقترحات ( القتل , الرمي في مكان , وضعه في البئر )

و بين لنا المولى جل و علا القرار الذي اتخذوه من تلك الخيارات الثلاث ( فَلَمَّا ذَهَبُواْ بِهِ وَأَجْمَعُواْ أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ ) 15 يوسف .

و في قصة ابراهيم عليه السلام , نشاهد ايضا عدة سيناريوهات من التآمر و الكيد ( قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ ) 97 الصافات ,

( فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنجَاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) 24 العنكبوت , اذا هناك ايضا ثلاث مقترحات ( الالقاء في النار , القتل , التحريق ) ,

و يبين لنا المولى جل وعلا القرار المتخذ ( قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ ) 68 الانبياء , و التحريق هو التعذيب في النار و ليس القتل بها بالقاء الشخص داخل نار موقده ,

و لكن البشر يصدقون الروايات اكثر مما يصدقون كلام الله جل وعلا , و تمتد خيالاتهم و تتمدد , فيقولون ان تلك النار كانت عظيمة جدا , و مكثوا مدة طويله و هم يجمعون الحطب و حددوا تلك المدة بستة اشهر , و ضاق المكان , ثم اشعلوها لمدة سبعة ايام و وصل لهيبها عنان السماء حتى صارت الطير في السماء تحترق منها , ثم قيدوه , و رموه من بعيد بواسطة المنجنيق الذي صنعه لهم ابليس و علمهم كيف يصنعونه, فصاحت ملائكة الارض و السماء , و قالت يا ربنا اذن لنا بنصرته فلا احد يعبدك في الارض غيره , فأجابهم الله ان استغاثكم فأغيثوه , و جاءه خازن الماء و خازن الهواء و جبريل , و لكنه رفض المساعده و توكل على الله و قال حسبي الله و نعم الوكيل , و ما كان لتلك النار الا ان التهمت وثاقه الذي قيد به فأصبح طليقا ,

اما انا فأقول لمن قال و تقول بكل هذا ( حسبي الله و نعم الوكيل على كلامكم )

ثم قالوا بأن جميع الحيوانات كانت تسعى لتطفئ النار الا الوزغ فكان ينفخ على النار ( مسكين هذا الوزغ لم يسلم من لسانهم ) و قالوا بأن الرسول عليه السلام أمر بقتله ( فما ذنبه ؟ أهو عاقل و محاسب مثلنا ؟ و ما ذنب الوزغ في زمن الرسول و زماننا لما ارتكبه اجداده ؟ ) ,

و قالوا عن النار , حين قال الله جل وعلا لها بأن تكون بردا و سلام , بأنه يومها لم يبقى على الارض نار الا و اطفئت , و لو لم يقل الله جل وعلى على ابراهيم لبقيت الا اليوم بارده لا ينتفع احد بها , و قالوا ان ابراهيم مكث فيها سبعة ايام ,

ثم قالوا وأتبع اللّه له فيها عين ماء عذب، وأنبت على حافتها الورد الأحمر والنرجس، وبعث اللّه ملكا يظلل عليه ويؤنسه ، وأتاه جبريل بقميص من حرير الجنة فألبسه إياه ، وبطنفسة فأجلسه عليها ، وصار يؤانسه أيضا ، قالوا وأشرف نمرود من الصرح على إبراهيم فرآه جالسا في روضة وسط النار ، فناداه كبيرهم , إلهك الذي بلغت قدرته هذا يا إبراهيم أتستطيع أن تخرج ؟ قال نعم ، قال تخشى إن قمت أن تضرك ؟ قال لا ، قال إذن فاخرج فإنك آمن وإنا لا نجابهك بشيء بعد أن رأينا فعل إلهك معك ، قالوا فخرج ، ولما وصل إليه قال من الذي كان معك ؟ قال ملك يؤانسني ، قال إني مقرب إلى ربك أربعة آلاف بقرة ، قال لا يقبلها منك إلا أن تكون على ديني ، قال لا أستطيع ترك ملكي ولَكِن سأذبحها لصنيعه بك ، فذبحها وترك إبراهيم وشأنه ، قالوا واستجاب لإبراهيم رجلان من قومه حين رأى لطف اللّه فيه ، ثم آمنت به سارة بنت هاران الأكبر عم إبراهيم ، وتبعه لوط ابن أخيه ، وكان لها أخ ثالث يسمى ناخورا وثلاثتهم أولاد تارخ وهو آزر ، فخرجوا من كوني في أرض العراق ، وفروا إلى حران بدينهم ، ومنها نزل هاران في أرض الجزيرة ، ومكث فيها ، ثم ذهبوا إلى مصر ثم إلى الشام ، وأول ما نزل هاران أرض على سبيل الإقامة أرض بئر السبع من فلسطين ، ونزل لوط بالمؤتفكة تبعد عن بئر السبع ثمانية عشر فرسخا فبعثه اللّه نبيا إلى أهلها وما حولها ,

أما الضحية في كل هذا فكانت من نصيب الوزغ المسكين حيث قالوا عنه ( الوزغ فويسق ) و أمروا بقتله ,

و أما عن تلك الروايات الشيطانية الموروثة و التي تبعدنا عن تدبر الذكر الحكيم (لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا ) 29 الفرقان .

 

سبحانك لا علم لنا الا ما علمتنا

سبحانك اني كنت من الظالمين 

اجمالي القراءات 4422