( ملك اليمين ) جعلوها قاضيا للقضاة

آحمد صبحي منصور في السبت ٢٠ - أغسطس - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

مقدمة

1 ـ مبلغ علمنا أنه لم يحدث فى التاريخ الأوربى الوسيط  ـ الذى عاصر الخلافة العباسية ـ أن تصل الجوارى الى سدة السيطرة والحكم . ولا نتصور أن تصل جارية مملوكة فى أوربا الى منصب قاضى القضاة. ولكن هذا حدث فى تاريخ الخلافة العباسية .

2 ـ ملك اليمين من الجوارى لم يتفوقن فقط على الحرائر من النساء ، بل تفوقن على أمراء البيت العباسى ، وصار لهن نفوذ متنوع ، منهن من صارت قاضيا للقضاة ، ومنهن من تحكمت فى الخلافة العباسية  . وإذا أردنا أن نلخص التاريخ العباسي في سطر واحد فيمكن أن نقول أنه عصر تحكم فيه ملك اليمين من الجواري من محظيات الخلفاء وأمهاتهم منذ الخليفة المهدي العباسي، الذي تحكمت فيه جاريته الخيزران واستمرت تتحكم حتى عصر ابنها الرشيد، ثم توالت عصور الجواري، وعلى سبيل المثال نجد الجارية " قبيحة " تسيطر على الخليفة المتوكل ثم على ابنها الخليفة المعتز.  وفي خلافة المستكفى العباسى  كانت قهرمانة دار الخلافة ــ  واسمها علم الشيرازية  ــ هي التي سعت في توليته الخلافة فأطلق يدها في إدارة الأمور وحين احتج بعضهم عليه قال كلمته المأثورة: وجدتكم في الرخاء ووجدتها في الشدة..!!

 2 ـ في العصور التي تحكمت فيها الجواري عاش الأئمة الكبار للدين السّنى في الفقه والحديث والتفسير كالبخاري ومسلم وابن حنبل والشافعي والطبري وغيرهم ، ومنهم مؤرخون .. ولم نعرف أن أحدهم كتب صراحة يستنكر أن تتحكم الجواري في مقاليد الخلافة "الإسلامية" أو أن يعيش الخلفاء (ظل الله في الأرض) في مجالس الخمر والشذوذ والجنون. غاية ما هناك أنهم تواروا خلف أحاديث صنعوها تعبر عن حقدهم وضيقهم ، وهم يرون أن الجوارى ملك اليمين يتحكمن فى الخليفة والخلافة .!. ولا تزال هذه الأحاديث تشوّه سُمعة المرأة حتى الآن ، ومنها : ( النساء ناقصات عقل ودين )،( لا يفلح قوم ولوا أمرهم إمرأة ).المواشى التى تكرر هذا الضلال لا تعرف الظروف التاريخية التى نبتت فيها تلك الأحاديث ،

3ـ   ندخل فى قصة الجارية ( الوصيفة ) " ثمل "التي أمرتها (شغب) ببحث مظالم الناس!!

أولا :

الروايات التاريخية عن تولي هذه الجارية منصب قاضى القضاة

1 ـ جاء فى تاريخ المنتظم لابن الجوزى(: ( وفي هذه السنة أمرت السيدة أم المقتدر قهرمانة لها تعرف بثمل أن تجلس بالتربة التي بنتها بالرصافة للمظالم ، وتنظر في رقاع الناس في كل جمعة ، فجلست لست وأحضرت القاضي أباالحسين بن الأشناني وخرجت التوقيعات على السداد ‏.‏) وفى رواية أخرى : ( أخبرنا ابن ناصر قال‏:‏ أخبرنا أبو عبد الله الحميدي قال‏:‏ أخبرناأبو محمد علي بن أحمد بن سعيد الحافظ قال‏:‏ قعدت ثمل القهرمانة في أيام المقتدرللمظالم وحضر مجلسها القضاة والفقهاء ‏.‏ ) ( المنتظم 13  /180 عام 306)

هذا هو عنوان الخبر الذي تصدر أحداث سنة 306هـ في بغداد عاصمة الخلافة العباسية وموجز الخبر يقول" أمرت السيدة أم المقتدر قهرمانة لها تعرف بثمل هذا أن تجلس في الرصافة للمظالم وتنظر في رقاع الناس في كل جمعة، فجلست وأحضرت القاضي أبا الحسين بن الأشنائي، وخرجت التوقيعات على السداد "وشرح هذا الخبر يعنى أن السيدة (شغب) أم الخليفة العباسي "المقتدر بالله" قد أصدرت قراراً بتعيين (قهرمانتها) أي وصيفتها (ثمل) قاضياً للقضاة، فجلست الوصيفة في مجلس الحكم والقضاء وأخذت تنظر في الشكاوي ـ أو الرقاع ـ التي يكتبها الناس، وكان موعد جلوسها في الرصافة كل يوم جمعة، وكان يحضر معها القاضي أبو الحسين بن الأشنائي، وكانت توقيعات قاضي القضاة الجديد تخرج بسرعة للنفاذ والسداد.. وورد الخبر السابق في صورة موجزة يرويه ابن الجوزي في تاريخه يقول قعدت ثمل القهرمانة في أيام المقتدر للمظالم وحضر مجلسها القضاة والفقهاء.

   2 ـ وعن الخبر السابق يقول السيوطي في" تاريخ الخلفاء" "وفيها صار الأمر والنهي لحرم الخليفة ولنسائه لركاكته، وآل الآمر إلى أن أمرت أم المقتدر بثمل القهرمانة أن تجلس للمظالم وتنظر في رقاع الناس كل جمعه، فكانت تجلس وتحضر القضاة والأعيان وتبرز التواقيع وعليها خطها.!!

  3 ـ  والمستفاد من النصوص التاريخية السابقة أن الخلافة العباسية قد ارتضت أن تقوم جارية ملك يمين بمنصب قاضي القضاة، وأن فقهاء الشرع العباسي لم يروا في ذلك بأساً ، ولم يرتفع صوت أحدهم بالإنكار وهو يجلس تحت قيادة الجارية " ثمل" قاضي القضاة الجديد بكل ما فيها وما في اسمها ثمل من معان لا تتفق وجلال القضاء واحترامه...

ثانيا :

 كيف وصلت هذه الجارية ( ثمل ) الى هذا المنصب ؟

 ولكن كيف وصلت تلك الجارية إلى ذلك المنصب؟ وما الذي جعل السيدة " شغب" أم الخليفة المقتدر تصدر قرارها الغريب بتعيينها قاضياً لقضاة الشرع ؟ إن تفاصيل هذا الخبر وجذوره تجعلنا ندخل في خفايا الخلافة العباسية ودهاليز قصورها التي وردت ثناياها بين سطور التاريخ، وهى في النهاية. تعطي صدمة للأبرار الحالمين بعودة الخلافة وأثارها الجانبية!!ونضع هذا فى عناوين سريعة :

 شغب وسيدها الخليفة المعتضد   

1 ـ تبدأ القصة بالخليفة المعتضد والد الخليفة المقتدر الذي كان ذواقة للنساء والذي مات متأثراً بإفراطه في حياته الجنسية، وقد رأى ذلك الخليفة المعتضد جارية نحيفة ذهبية اللون فأحس بأنها مختلفة عن أطنان اللحم الأبيض في مئات الجواري اللائي يحتفظ بهن في قصره، وسأل عنها فقيل اسمها" ناعم" وإنها جارية تملكها أم القاسم بنت محمد، فاشتراها منها المعتضد وقضى معها ليلة، وبعد أن "عرفها " هجرها وانشغل عنها بباقي الحسناوات، وحملت " ناعم" وولدت للخليفة ولداً ، وهو الذى تولى الخلافة فيما بعد وأصبح أسمه المقتدر" .

2 ـ على أن " ناعم" أم المقتدر لم تطق أن يهجرها سيدها الخليفة المعتضد فأثارت المشاكل وأقامت القصر العباسي وأقعدته في " شغب" مستمر، فأهانها الخليفة المعتضد وضربها وأطلق عليها اللقب الذي حملته إلى نهاية عمرها وهو لقب " شغب"، وألزمها بأن تعكف على رعاية ابنها الرضيع المقتدر ، وخصص لها بيتاً في القصر جعله لها سجناً إجبارياً.

شغب وصديقتها الجارية (ثمل ) وقتل الجارية " فتنة " محظية المعتضد

1 ـ في ذلك السجن عرفت شغب صديقتها الجارية " ثمل" التي كانت تزورها وتنقل إليها الأخبار، ومنها عرفت أن الخليفة المعتضد قد انشغل بجارية جديدة أطلق عليها لقب "فتنة" ، وبعد أن حملت" فتنة " ازداد لها حباً ، ولم يهجرها كما فعل مع شغب، فازدادت شغب حقداً على" فتنة ".  ثم جاءتها " ثمل" بخبر آخر يفيد بأن "فتنة" قد ولدت للمعتضد ابناً آخر سماه محمداً (وهو الذي تولى الخلافة باسم "القاهر") وقد طار به المعتضد فرحاً ، فازدادت شغب حقداً على المعتضد وجاريته الجديدة وابنها محمد، خصوصاً وأن المعتضد ثار ثورة عنيفة على ابنه " المقتدر" وهم بأن يقتله وهو صبى صغير إذ رآه يوزع على أترابه من الأطفال ـ أطفال الخدمة ـ نفس الطعام الذي يأكل منه وبالتساوي، فأحس بأن أسلوب شغب في تربية ابنه قد يجعل من ذلك الطفل خطراً على الخلافة العباسية إذا تولاها وهو يحمل تلك المفاهيم " الاشتراكية".  واستعطفته " شغب" بكل ما تملك من دموع حتى عفا عنه وعنها.. وحين تستعرض شغب موقف المعتضد من ابنها ( المقتدر ) وابن غريمتها( القاهر) تزداد حقداً على حقد ..

2 ـ وفي غمرة الحقد تآمرت " شغب" وصديقتها " ثمل" على التخلص من " فتنة" . وماتت " فتنة " ميتة مجهولة مريبة ، وتركت ابنها الرضيع الذي تولى الخلافة فيما بعد وتسمى باسم ( القاهر) ، ومرت الجريمة بهدوء وعهد الخليفة المعتضد بابنه الرضيع الذي فقد أمه إلى "شغب" لتربيه مع ابنها "المقتدر" فازدادت شغب حقداً على المعتضد وهى تراه لا يعتبرها إلا مجرد بقرة حلوب لإرضاع أولاده ورعايتهم.. فقط

دريرة في البحيرة

1 ـ ثم جاءت ثمل إلى صديقتها " شغب" بنبأ جديد زاد مواجعها، وهو أن الخليفة المعتضد انشغل بمحظية جديدة اسمها " دريرة" وأنه قد بني لها داخل القصر بستاناً وفيه حمام سباحة، واعتاد أن يجلس مع محبوبته "دريرة" في ذلك البستان الذي سماه "البحيرة" ومعها الجواري والمغنيات والعازفات.وكانت أصوات الغناء والعزف تصل إلى "شغب" في إقامتها الإجبارية فيزداد لهيب غيرتها، فاتفقت مع صديقتها "ثمل" على أن تصل أنباء القصر إلى الشاعر ابن بسام المشهور بمجونه وطول لسانه وشهرته ، وآتت تلك المكيدة ثمرتها، إذ سرعان ما تراقص أهالي بغداد على أشعار ابن بسام وهو يسخر من الخليفة المعتضد قائلاً:ـ

 ترك الناس في حيرة          

 وتخلى في البحيرة

قاعداً يضرب الطبل            

على (...) دريرة..

وعلم المعتضد بالشعر،وكان المعتضد مشهوراً بالقسوة والهيبة فهو الذي جدد ملك بني العباس، وكان مع إسرافه في المجون مع جواريه شديد التسلط على القادة والناس، ولذلك فإنه خشي أن ينال شعر ابن بسام من مهابته فأمر بهدم البستان وحمام السباحة، ونجحت" شغب" و"ثمل" وسكت الطبل والزمر..

    2 ـ  إلا أن المعتضد ازداد التصاقاً بدريرة فأصبح لا يأنس إلا بها . وشعرت " شغب" أنها السبب في ذلك ورأت أنه لا وسيلة إلا بقتل "دريرة" بالسم حسبما كان سائداً في العصور العباسية،" وماتت دريرة في نفس الظروف الغامضة التي ماتت فيها " فتنة " من قبل، ولكن كانت هناك دلائل تشير إلى تورط "شغب" في هذه الجريمة فضربها المعتضد وكان على وشك أن يقطع أنفها ويشوه وجهها، ولكنه رجع عن ذلك ربما لأن الدلائل لم تكن حاسمة وربما حرصاً على مشاعر ابنه المقتدر، وربما لأنها ترعى ابنيه المقتدر والقاهر وخاف أن تنتقم من ابنه القاهر..

موت مفاجئ للمعتضد وتولى ابنه المكتفى ، ومقتله وتولى المقتدر ابن شغب

  1 ـ  وانكفأ المعتضد على أجساد جواريه يبحث فيهن عن حبيبته "دريرة" التي نطق من أجلها شعراً يرثيها فيه، ولكن الإفراط في الجنس في تلك الحالة السوداوية أدى به للمرض فالموت..ومات المعتضد بعد حبيبته دريرة بأشهر، أي سنة 289 ، وحين مات كان أكبر أولاده( المكتفى) قد بلغ الخامسة والعشرين من عمره فتولى الخلافة، وكان ابنه (المقتدر ) ابن" شغب" في السادسة من عمره، بينما كان (القاهر) في عامه الثاني فقط..

  2 ـ  وخرجت شغب من سجنها بعد موت غريمها المعتضد وازدادت صلتها توثقاً بصديقتها" ثمل" فجعلتها " شغب" قهرمانة خاصة بها، والقهرمانة تعني الوصيفة أو كبيرة الخدم، وفي خلافة (المكتفى) بن (المعتضد) أتيح لشغب أن تخطط للتخلص من (المكتفى) ليتولى ابنها (المقتدر) في الوقت المناسب له ـ أى (للمقتدر)..

    3 ــ وتسكت المصادر عن ذلك التخطيط ولكن نجاح "شغب" في تدبيرها يحتل عناوين التاريخ العباسي، فالخليفة الشاب (المكتفى بالله) يموت فجأة سنة295 بعد أن حكم أقل من ست سنوات، وحين مات كان (المقتدر) بن "شغب" هو المرشح لتولى الخلافة، وفى السن المناسب لهذا . وتذيع دوائر القصر العباسي أن" المقتدر" بلغ الحلم و"أحتلم" وأصبح رجلاً، رغم أنه كان في الثالثة عشرة من عمره ولكن ذلك التوقيت لم تصنعه الصدفة وإنما صنعته" شغب" مع صديقتها "ثمل" و به أصبح المقتدر أول خليفة يتولى الحكم في هذه السن بعد الموت المفاجئ لأخيه الشاب..

سيطرة شغب على ابنها الخليفة المقتدر

  1 ـ  وقد عاش المقتدر طفولته مع أمه في سجنها الإجباري فأصبح شديد الالتصاق بها وقد ظل ملتصقاً بها لا يتحرك إلا بإرادتها، ولذلك كانت هي التي تباشر السلطة بنفسها.

2 ـ  ومنذ تولى أبنها الخلافة أصبح محرماً أن يتلفظ أحد باسمها "شغب" بل صار لقبها الرسمي"السيدة".

3 ــ  وبهذا اللقب حكمت الدولة العباسية خمسة وعشرين عاماً إلى مقتل ابنها المقتدر سنة320.

نفوذ (ثمل ) برعاية ( شغب )

 1 ـ وحين أدارت شغب أمور الدولة العباسية في خلافة ابنها " المقتدر" فإنها لم تنس الانتقام من أعدائها في القصر فكثر عزل الوزراء وتوليهم ومصادرة أموالهم. وفي داخل القصر أمرت شغب سنة299 بعزل فاطمة قهرمانة القصر العباسي ومصادرة أموالها، ووجدوها غريقة في الفرات ولم يعرفوا الجاني ولا نحن نعرف بالطبع!! وتمهد الطريق لصعود (ثمل ) مكان (فاطمة ) الغريقة فى الفرات .!

2 ـ   "ثمل" صديقة  شغب فى الأيام السوداء أصبح لها شأن عظيم، حتى لقد كانت تولى الوزراء وتعزلهم ويخشاها الجميع، لأن الطريق إلى "السيدة" أم الخليفة المقتدر يمر عبر " ثمل" .. وجدير بالذكر أن " ثمل" أصبح لها لقب رسمي محترم هو أم موسى القهرمانة..

3 ــ وحدث سنة 304 ما يعرف بنكبة الوزير ابن الجراح فقد خشي الوزير من تسلط القهرمانة ثمل فقدم استقالته، ولم تشفع له إستقالته من غضب القهرمانة ( ثمل )  وسيدتها ( شغب ) ،فأصدرت السيدة قراراً بمصادرة أتباع الوزير، ولم ينج الوزير المسكين من مصادرة أمواله إلا بتمرغه على أقدام الخليفة المقتدر.. فأنقذ حياته وأمواله إلى حين ..!!( المنتظم 13  /166 عام 304).

وصول ثمل الى منصب قاضى القضاة :

  ثم في تصعيد آخر لنفوذ القهرمانة ثمل أصدرت أم المقتدر قرارها بأن تتولى ثمل منصب قاضي القضاة رسمياً.. فكانت سابقة خطيرة في تاريخ الخلافة والخلفاء..

نكبة ثمل بعد وصولها لمنصب قاضى القضاة

1 ـ ولم تستمر ثمل أو أم موسى القهرمانة فى منصبها الرفيع إذ مالبث أن شب الخلاف بينها وبين سيدتها أم المقتدر ، فكانت نكبتها ، يقول ابن الجوزى فى أحداث عام 310 ( وفيها‏:‏ سخط على أم موسى القهرمانة وقبض عليها وعلى أنسابها ومن كانت تعنى به فصح منها في بيت المال ألف ألف دينار ‏) أى تم إعتقالها وإعتقال أصهارها و أتباعها ، وصودر من أموالها مليون دينار.

2 ـ ليست هذه النكبة لأن السيدة قاضية القضاة أو سيدة القضاء كانت فاسدة ، واختلست مليون دينار ، فالفساد هو النشاط العام والرسمى للخلافة وللقضاء فيها.كان السبب مرتبطا بالطموح السياسى.

3 ـ السيدة القهرمانة ـ فى مكنون قلبها ـ تعتبر نفسها مساوية لأم المقتدر ( شغب ) ، فكلتاهما ( ملك يمين ) جىء بهما رقيقا الى بغداد ، وكلتاهما وجدت سبيلها للقصر العباسى فى بغداد ، والفارق أن (ناعم ) أو ( شغب ) صادفت هوى من الخليفة المعتضد فحملت منه ، ولم يكن لصديقتها الجارية ( ثمل ) هذا الحظ . ولقد ساعدت (ثمل ) صديقتها فى التخلص من أهم أعدائها إلى أن تولى ابنها (المقتدر ) الخلافة . وبالتالى نتصور أن (ثمل ) تريد أن تمكن لنفسها وأصهارها ، وأن تجعل أحد أمراء بنى العباس صهرا لها لتجعل هامتها فى مقام رأس سيدتها ( شغب ).

4 ــ هذا التصور العقلى يجد له سندا فى التاريخ  ، يقول ابن الجوزى عن سبب نكبة أم موسى القهرمانة ( واختلف في السبب فقيل‏:‏ ان المقتدر اعتل فبعثت إلى بعض أهله ليقررعليه ولاية الأمر فانكشف ذلك ) أى إن (ثمل ) انتهزت فرصة مرض المقتدر فبعثت لبعض أصدقائها من البيت العباسى ليكون صاحب الكلمة فى القصر نيابة عن الخليفة المريض ، وبالتالى ينتهى نفوذ أم الخليفة (شغب).

ويقول ابن الجوزى ( وقيل‏:‏ بل زوجت بنت أخيها إلى أبي بكر بن أبي العباس محمد بن إسحاق بن المتوكل ، فسعى بها أعداؤها ، وثبتوا في نفس المقتدر والسيدة والدته أنها ما فعلت ذلك إلا لتنصب محمد ابن إسحاق في الخلافة ، فتمت عليها النكبة ‏.) المنتظم 13  /209 عام 310 ).

أى إنها جعلت إبن عم الخليفة يتزوج بنت أخيها لتؤهله للخلافة على حساب المقتدر وأم المقتدر.   باختصار كان لها طموح سياسى غير مأذون به ، فانتهى أمرها..!!

أخيرا

فى كل الأحوال .. هى سابقة خطيرة .. ولكن نرجو أن تتكرر فى دولة اسلامية حقيقية .!

اجمالي القراءات 7915