مقدمة لا بد منها : للتاريخ رجاله و للبحث التاريخي أصول و منهج بحثي قلما يتقنه من يهتم بالتاريخ و تحليل الاحداث و الدكتور أحمد حفظه الله جل و علا قامة في البحث التأريخي و تحليل الأحداث – و أنا افتقد لكل هذا – و عطفا على طلبه حفظه الله فإني أكتب ما أعرفه عن بلدي العزيز و قائد نهضتها السلطان قابوس بن سعيد و الذي نعتبره نحن العمانيين السلطان الذي أزاح كابوس الجهل و الفقر و المرض ! .
و أقول : واجه السلطان بداية حكمه الذي تقلده في 23 / 7 / 1970 مشكلة ما يسمى بـ ( ثورة ظفار ) و ظفار هي المحافظة الجنوبية لسلطنة عمان و مدينتها الكبرى صلالة ، ظهرت هذه الثورة في الستينات في فترة حكم السلطان سعيد بن تيموروالد السلطان قابوسوامتدت إلى نهاية 1975 (بعد 5 سنوات من حكم السلطان قابوس [1]وتم إخمادها كليا، وكانت هذه الثورة تحمل إيديولوجيةاشتراكية شيوعية يدعمها الإتحاد السوفييتيوعبد الناصر عن طريق اليمن الجنوبيالاشتراكي فكان يتم تعليم وتمويل ثوار ظفار من الإتحاد السوفييتي عن طريق اليمن الجنوبي البلد المجاور، وبتمويل كل من ليبيا بقيادة معمر القذافي الذي كان يساعد الثوار في ظفار على حكومة عمان هو وبعض الاشتراكين من الدول العربية وبعد فترة من هذه الثورة قام أهل المنطقة بتسليم سلاحهم لحكومة مسقط ( مسقط هي عاصمة سلطنة عمان ) وتم إخماد الثورة الداخلية، وبقيت المناوشات مع اليمن الجنوبي على الحدود في مناطق ضلكوت وصرفيت، لاحقاً انتهت خطورة التوجهات الاشتراكية الشيوعية بانهيار الإتحاد السوفييتي.وعاد ثوار ظفار واتحدوا مع حكومتهم بقيادة السلطان قابوس بن سعيد وتم تكوين جيش خاص بهم يسمى قوات الفرق الوطنية وهو جيش غير نظامي وعددهم يقارب 10000 جندي . ( هذه الفقرة نقلتها من ( الويكيبيديا ) و أضيف عليها أن حكمة السلطان لعبت دورا هاما في القضاء على هذه الثورة و بأقل الخسائر البشرية و إستطاع إستماله العديد من قيادات الثورة للإنضواء تحت مظلة الحكومة الجديدة من أجل عمان الغد و لعل أهم هذه الشخصيات هو الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية حاليا ( يوسف بن علوي بن عبد الله ) .
و كان خطاب النصر الذي ألقاه السلطان يوم 11 / 12 / 1975 و نقتبس منه الآتي :
( إنني أحيي تجمعكم الحماسي هذا وأهنئكم تهنئة العزة والكرامة، على اندحار أذناب الشيوعية من تراب وطننا العزيز، وشاء الله أن يكون هذا الانتصار مسك ختام احتفالاتنا بالعيد الوطني الذي افتتحنا فيه بحمد الله مشاريع عمرانية عديدة. كما شاءت إرادة الله الحكيمة أن يكون انتصارنا هذا فاتحة سعيدة نحتفل فيها بعيدين مباركين.. عيد النصر وعيد الأضحى المجيد، فلذلك أهديكم التهنئة المزدوجة بالعيدين معاتهنئة طيبة ومباركة تشير بالأمن والاطمئنان بعيد الأضحى المجيد مقرونة بتهنئة متوجة بالكرامة والاعتزاز بعيد النصر المبين.
أيها المواطنون:
عيد الأضحى هو ذكرى أبينا ابراهيم عليه السلام. حيث صمم على التضحية بولده اسماعيل امتثالا لأمر ربه وفداه الله بذبح عظيم. وعيد النصر هو ثمرة تضحية أبنائنا الجنود والفرق الوطنية وكل من ساهم من الأصدقاء، إنها تضحية بذلوا فيها النفوس وقدموها كقرابين مقدسة لينقذوا أوطانهم ويفدوا إسلامهم ويفدوا السلام والأمان من عبث الشيوعية داعية الرعب والفساد في الأرض، والحمد لله حيث تقبل عز وجل الفداء وانزل نصرا وتثبيتا من عنده وطرد المعتدين الباغين.
يا أبناء عمان البواسل:
إني إذ أحيي احتفالكم اليوم وأبارك انتصاركم على عصابة البغي في جزء من الوطن العزيز، فإنني أبارك هذا الانتصار لا لأنكم طرتم المعتدين من البلاد فحسب بل ودحرتم مخططات الشيوعية العالمية ونكستم رؤوس الإلحاد التي ظنت أنها لن تغلب، لذلك فانتصارنا هذا بحمد الله هو أول انتصار على الشيوعية العالمية تقوم بها دولة عربية في ميدان القتال، في حرب دامت سنين طويلة وثاني انتصار تقوم به دولة علمية. وانه لخير عميم أيها الأبناء إن تطهر البلاد من الفساد الشيوعي، انه لخير لنا ولعله خير لجيراننا أيضا،إذ عرفناهم الحق وانتشلناهم من أوهامهم في تأييد ومؤازره أناس مفسدين يقومون بالرعب والقتل والدمار في جزء من بلاد آمنة مطمئنة، يقتلون أخوة لهم ويسلبون أموالهم ويخربون بيوتهم لا لشيء إلا للرعب والنهب والخراب، فأرجو أن يعلم جيراننا أننا صادقون فيما قلناه أولآ وصادقون فيما نقوله أبدآ. إنه من الخير لجيراننا ونحن نحتفل بعيد الأضحى من الخير أن يضحوا بأهوائهم الباطلة ومعتقداتهم الفاسدة وافكارهم المشوشة ومبادئهم المستوردة عسى الله أن يتقبل منهم ويعوضهم أمنآ في ديارهم وبركة في ثمارهم وعافية في أجسامهم ليستريح شعبهم من التشرد والجوع والمرض الجهل.
أيها المواطنون...
إن انتهاء فلول الشيوعية من جبال ظفار ليس معناه انتصارآ على شراذم قليلة قاموا بالبغي و الفساد فحسب،ولكنه كشف واضح لحقيقة ثابتة وهي ان عماننا العزيزة أرض طاهرة لا تقبل بذور الحركة الشيوعية مهما حشدوا لها من طاقات، وانتصارنا هذا يؤاكد فشل الحركة الشيوعية في عمان وذلك من فضل الله ولله المنة.
يا أبنا عمان.
نحن وان كنا حققنا نصرآ عظيمآ له قيمته الكبرى وله وقعه الثقيل في
الأوساط السياسية،فليس معنى هذا أن نرتاح ونلقي السلاح، لا..فعلينا الآن أن نكون أشد حذرآ،لأن الشيوعية الدولية التي صدمت في كبريائها وخفف من غلوائها ،سوف تعتبر عمان الفأس التي حطمت صخرة الشيوعية والرمح الذي طعنها في الصميم، لذلك فسوف تكن عداء حاقدآ وتبتكر أساليب جديدة وتنسج حبائل مبتكرة وسوف تستعمل ضعاف العقول ومرضي القلوب، أناسآ إذا رأيتهم تعجبك أجسامهم، وان يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة.
أولئك أيها المواطنون سرطان الأمم، نعوذ الله منها ، فاحذروهم
أيها المواطنون. وبصفتي أتحمل المسؤولية الكبرى فإني أهيب بأبناء عمان فردآ فردآ سواء كان جنديآ أو مواطنآ في الحقل كان أو في المصنع أو معلمآ، أهيب بكم جميعآ وأخص بالتحذير المسؤولين في الجهاز الحكومي كتابآ ومدراء ومستشارين ووزراء، فعلى كل هؤلاء مسؤولية علية أن يتحملها، وقسط من عبء عليه وأن يقوم به، يا أبناء عمان، إني وان كنت واثقأ بنصر الله وتأييده راجيآ من الله جلت قدرته أن يحرس عمان برعايته ويكلأها بعنايته، غير اننا لا نترك أوامر الله عز وجل، حيث أمر بالحزم والأخذ بالعزم، وأحمد الله واني واثق باخلاصكم، متأكد من انتباهكم ، فخورآ بيقظتكم فسيروا على بركة الله مجدين مجتهدين عاملين على رقي هذا البلد الأمين ورفعه شأنه.. وتحية من الأعماق لجنودنا البواسل، وسلامآ وإعجابآ لفرقتنا الوطنية ، وشكرآ وتقديرآ لأصدقائنا الكرام، وثناء لكل من ساهم في إحراز هذا النصر الكبير .. والله أسأل وهو خير مسؤول، أن يمدنا بعونه ويؤيدنا بروح من عنده، وما توفيقي إلا بالله عليه وتوكلت إليه أنيب. وكل عام والجميع بخير تام.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
و بعد هذا الخطاب و إعلان إنتهاء ما يسمى بثورة ظفار بدأت مسيرة التنمية في عمان و أخذ السلطان على عاتقه مسؤولية كبيرة و عظيمة هي إنتشال الإنسان العماني من مستنقع الجهل و الفقر و المرض إلى المياه الجارية بالعلم و كرامة العيش و الشفاء من الأمراض التي كانت منتشرة و لا دواء لها !! وقتها وصل معدل عمر الإنسان العماني لا يتجاوز الـ 45 سنة !! أقول هذا لأني عماني و أعلم أن 16 من أعمامي ( إخوة أبي ) ماتوا بسبب المرض و عاش أبي – رحمه الله جل و علا – وحيدا !! أقول هذا بسبب تفشي مرض الملاريا وقتها و لا علاج شاف له في دولة إنتشر فيها الجهل بحيث أصبح طلب العلم عيبا !! و يعاقب عليه القانون السائد وقتها !! في دولة مغلقة عن العالم مفرغة من أبنائها الذين ساحوا في الأرض هربا من جحيم الفقر الجهل و الفقر و المرض !!
بدأ السلطان بتشكيل حكومة ممن تيسر له من أبناء عمان و وجه نداءه الشهير بأهمية عودة الطيور المهاجرة إلى عمان لخدمه وطنهم فالوطن بأمس الحاجة لهم و لخبراتهم و فعلا قامت النهضة بسرعة كبيرة ساعدها إرتفاع سعر النفط بعد حرب أكتوبر 1973 و بسسب دماء المصريين أبطال حرب أكتوبر و الذين بهم إرتفعت أسعار النفط !! رحمهم الله جل و علا و تغمدهم بواسع رحمته .
و نكمل بعون الله جل و علا في مقال قادم .