حاكموا العادلي بتهمة الخيانة العظمي

في الثلاثاء ٠٨ - فبراير - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

 

حاكموا العادلي بتهمة الخيانة العظمي

 الصفحة رقم   7

حاكموا العادلي بتهمة الخيانة العظمي
 
 

ليس لدي أدني استعداد لقبول التبرير «الساذج» الذي يؤكد أن رجال الشرطة أنهكوا من استمرار المظاهرات فتركوا مواقعهم وخلعوا اللباس الميري وذهبوا إلي بيوتهم (!!)، إنها جريمة و«خيانة عظمي» للشعب والنظام معا، ولا أتصور أن الرئيس حسني مبارك الرجل العسكري الذي يمر بأصعب موقف في حياته السياسية والعسكرية قد فعلها، وأعطي «أوامره» للواء حبيب العادلي وزير داخليته السابق بترك البلاد نهبا لقطاع الطرق واللصوص والمساجين الفارين، لتركيع الشعب ووأد ثورة الشباب لنقبل بـ«الأمن» بديلا للحرية!!.. إن لغز الفراغ الأمني، وهروب قيادات الشرطة من ميدان معركتهم الحقيقية، لغز أرهب كل المصريين وحله سيكون أكثر فزعا وترويعا لأناس سلموا حياتهم لرجال خانوهم عند مفترق الطرق بين الديكتاتورية وفجر الديمقراطية، هذا الشعب «الطيب» الذي استيقظ أخيرا وهب مطالبا بحقوقه المشروعة صبر طويلا، ارتضي أن تداس كرامته علي أعتاب أقسام الشرطة حتي لو تردد عليه لاستخراج بطاقة الرقم القومي، وتعلم كيف يترجي ضابط المرور ويسمي رشوة شرطة المرور «إكرامية»!!. وأتقن الحديث عن قدسية أرواح شهداء الشرطة الذين يسقطون في المعركة ضد الإرهاب، فهم منا.. إنهم الأشقاء والأبناء والجيران.. وهم كذلك بالفعل.. إنهم ينفذون الأوامر، مغلوبون علي أمرهم مثلنا جميعا وهذه حقيقة، يزورون الانتخابات بتعليمات من «معالي السيد الوزير» وقيادات الحزب الحاكم، ويقمعون المظاهرات بخراطيم المياه والقنابل المسيلة للدموع.. والرصاص الحي إذا لزم الأمر!!. إنهم رجال لا يعرفون سوي «الأوامر» وقانون الطوارئ، وكل مواطن ـ في عرفهم ـ متهم إلي أن يثبت العكس.. وإلا تشردوا بالنقل بين الصعيد والواحات وأحيلوا للتقاعد المبكر وحرموا من العمل بالأماكن المميزة.. فالشعب ورجال الشرطة ضحايا معالي الوزير، وكأن وزراء الداخلية يديرون عمل رجالهم مثلما يديرون مصلحة السجون تماما!!.. لقد أذعنا ـ رغماً عنا ـ لاستبدال الأمن الاجتماعي بأمن الدولة، وتحول جهاز الشرطة إلي درع تحمي النظام وتنفذ إرادته في مزيد من القمع.. فلم يكن صباح 25 يناير قد أشرق بعد، عشنا في قبضة دولة بوليسية تسحل من تراهم خصوما للنظام، تنكل بالمعارضين والصحفيين والإعلاميين، من عبدالحليم قنديل الذي أشبعوه ضربا ثم تركوه عاريا في الصحراء إلي محمد عبدالقدوس الذي سحلوه كذبيحة علي الأرض يوم 25 يناير، اللواء «العادلي» كان يعيش فشلا تلو الآخر، خلق ثأرا مع بدو سيناء حتي أصبحوا يطالبون بالانفصال كأقلية مضطهدة، وحول قواته إلي «قوات احتلال وطني» تهتك أعراض الرجال في أقسام الشرطة مثل عماد الكبير، وتعذب المواطنين حتي الموت مثل خالد سعيد.. علاوة علي توسيع دائرة الاشتباه والتحكم في تعيينات رؤساء التحرير، وتقارير أمن الدولة التي تحكم البلد!!

اللواء العادلي الذي أمسك زمام الداخلية عقب مذبحة الأقصر، بعدما وصفت القيادة السياسية ما حدث بالأقصر بأنه «تهريج أمني».. لم ينجح في حماية كنيسة واحدة (!!) لقد التهبت البلد بالصدامات الطائفية، وسيادة الوزير مشغول بتزوير الانتخابات.. ومن أحداث «نجع حمادي» حتي أحداث «العمرانية» لم يفلح الوزير السابق إلا في الأمر بإطلاق الرصاص الحي علي المتظاهرين.. أليس غريبا أن تشتعل الثورة في أرجاء البلاد دون أن تمس كنيسة واحدة أو تشهد البلاد عملية إرهابية أو صداماً طائفياً بفضل «اللجان الشعبية» ووعي الشارع؟

لقد توج «العادلي» فشله الذريع بتفسير تفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية بأنه من صنع تنظيم «القاعدة» ليضرب اقتصاد مصر؟.

لو صحت المعلومات الواردة في جريدة «المصري اليوم»، والتي تؤكد أن العادلي طلب من قياداته إطلاق الرصاص الحي علي المتظاهرين لإنهاء ثورة الشباب.. وأنه اختلف مع الرئيس «مبارك» لفشله في إنهاء الثورة، خاصة بعدما أبلغه السيد الرئيس بنزول الجيش إلي الشارع.. فأعلن تمرده بإخلاء جميع القطاعات الأمنية بالكامل «عدد المنتمين لجهاز الشرطة حوالي مليون و250 ألف عضو» لو صحت تلك المعلومات «وغالبا هي صحيحة» فبذلك يكون العادلي مسئولا عن كل شهيد سقط أمام البلطجية والفارين من السجون، مسئولاً عن كل متجر أو شركة نهبت في الليالي الماضية بكل سوادها، مسئولاً عن كل فتاة اغتصبت، وكل سلاح يروع الآمنين، بل إن «العادلي» مسئول أيضا عن خسائر البورصة التي وصلت لحظة كتابة هذا المقال إلي 80 مليار جنيه، وعن انهيار الاقتصاد المصري.. واستمرار ثورة الغضب.

حاكموا اللواء «حبيب العادلي» وزير الداخلية السابق بتهمة الخيانة العظمي وتضليل القيادة السياسية، حاكموه علي انتهاكات حقوق الإنسان خلال فترة وجوده في الوزارة.. حاكموه سياسيا وجنائيا علي جرائمه في حق شعب مصر واستقرار مصر.. إن كنتم تريدون تحقيق العدل فعلا.. فنحن نطالب بمحاكمة عادلة لأكثر الرجال ظلما للبلد

ملحوظة : قبل مثول الجريدة للطبع ترددت أنباء عن إحالة وزير الداخلية السابق حبيب العادلي للنيابة العسكرية ولو صحت هذه الأنباء فإنه يكون حدثت استجابة للمقال قبل نشره .


 
اجمالي القراءات 2776