عزمت بسم الله،
إن الله تعالى خلق العباد وأنزل لهم الرسل ليبلغوا شرع الله تعالى، فلا يمكن لمبلغ أن يتدخل في شرع الله تعالى فيبدل أو يغير فيه حكما.
من بين الأحكام التي أود التطرق إليه اليوم هو دية المقتول خطأ، لأن القاتل عمدا قد صدر الحكم عليه من أحكم الحاكمين، فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما. قال رسول الله عن الروح عن ربه: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا(93).النساء.
أما القتل الخطأ فقد أنزل الله تعالى حكما يفصل بين القاتل وأهل المقتول، فجعل الله سبحانه في الحكم تحرير رقبة مؤمنة ودية تسلم إلى أهل المقتول. قال رسول الله عن الروح عن ربه: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنْ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا(92).النساء.
نلاحظ في هذه الآية الكريمة أن الله تعالى لم يحدد قيمة الدية، وذلك لحكمة أرادها الله تعالى، منها إمكانية أن يتصدق أهل المقتول ابتغاء الأجر عند الله تعالى، لكن تحرير الرقبة لم يسقط عن الحالات الثلاث، فمن لم يجد تحرير الرقبة عليه صوم شهرين متتابعين ليتوب الله عليه، هذا حكم الله تعالى على القتل الخطأ وما أكثره هذه الأيام في حوادث المرور.
لكن في نظري لا يعتبر كل حادث قتلا خطا، لأن أسباب الحوادث كثيرة ويتسبب فيها الإنسان وقد وضع أولو الأمر قوانين للحفاظ على سلامة الناس في الطرقات، ومسؤولية الحوادث يشترك فيها الجميع، الدولة إن لم تهيئ الطرقات كما ينبغي، السائق إن لم يحترم قانون المرور، الراجلين إن لم يحترموا القانون في قطع الطرق، كل هذا له دخل في تصنيف القتل الخطأ.
لكن إذا رجعنا إلى لهو الحديث المنسوب إلى الرسول المبلغ لرسالة ربه نجد أحكاما ربما مخالفة لما حكم الله تعالى. لنرى ذلك معا ونقارن.
1395 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّائِيُّ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ زَعَمَ أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ سَهْلُ بْنُ أَبِي حَثْمَةَ أَخْبَرَهُأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَاهُ بِمِائَةٍ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ يَعْنِي دِيَةَ الْأَنْصَارِيِّ الَّذِي قُتِلَ بِخَيْبَرَ.
سنن أبي داود - (ج 4 / ص 445)المكتبة الشاملة.
3937 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَكَانَتْ قِيمَةُ الدِّيَةِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَمَانَ مِائَةِ دِينَارٍ أَوْ ثَمَانِيَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ وَدِيَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ يَوْمَئِذٍ النِّصْفُ مِنْ دِيَةِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ فَكَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ حَتَّى اسْتُخْلِفَ عُمَرُ رَحِمَهُ اللَّهُ فَقَامَ خَطِيبًا فَقَالَ أَلَا إِنَّ الْإِبِلَ قَدْ غَلَتْ قَالَ فَفَرَضَهَا عُمَرُ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفَ دِينَارٍ وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا وَعَلَى أَهْلِ الْبَقَرِ مِائَتَيْ بَقَرَةٍ وَعَلَى أَهْلِ الشَّاءِ أَلْفَيْ شَاةٍ وَعَلَى أَهْلِ الْحُلَلِ مِائَتَيْ حُلَّةٍ قَالَ وَتَرَكَ دِيَةَ أَهْلِ الذِّمَّةِ لَمْ يَرْفَعْهَا فِيمَا رَفَعَ مِنْ الدِّيَةِ.
سنن أبي داود - (ج 12 / ص 136)المكتبة الشاملة.
ملاحظة: لم أجد في الصحيحين مثل هذه الروايات. فهل يمكن الاعتماد عليها اليوم؟؟؟
والسؤال الذي يجب طرحه هو:
ـ هل تعتبر مثل هاتين الروايتين تشريعا إلهيا، أم هي من قول البشر ربما تكون صالحة لوقت ما؟؟؟
ـ هل يمكن تقديم مائة من الإبل دية للقتل الخطأ اليوم؟
ـ هل يكفي ما تقدمه شركات التأمين عن القتل الخطأ؟
والسلام على من اتبع هدى الله تعالى فلا يضل ولا يشقى.