حصار غزة فى الإعلام الأميركى

في الجمعة ٢٥ - يناير - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

هل تنجح حملة الحصار والهجوم الإسرائيلى على غزة فى منع إطلاق صواريخ المقاومة الفلسطينية من قطاع غزة؟ وهل ستتمكن إسرائيل بآلتها العسكرية وباستخدام القوة المفرطة ضد سكان قطاع غزة من تحقيق أهدافها فى القضاء على فصائل المقاومة الفلسطينية؟ سؤالان رسما الخطوط العريضة لاهتمامات وسائل الإعلام الأميركية طيلة الأسبوع الماضي.

من المسؤول عن الحصار؟

لم تغفل التقارير الإعلامية الأميركية الحرب الدائرة بين حركة حماس والجانب الإسرائيلى. حيث رصد الإعلام الأميركي محاولة حركة حماس لفت أنظار المجتمع الدولى إلى الأزمة الإنسانية التى يعيشها القطاع نتيجة الحصار الإسرائيلى ، بمطالبته بضرورة التدخل لإنقاذ سكان غزة ، بينما أكد الجانب الإسرائيلى أن حركة حماس اختلقت هذه الأزمة من اجل كسب تعاطف العالم معها. وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلى إيهود أولمرت أنه لن يسمح للازمة الإنسانية فى قطاع بالاستفحال ، ولكنه أكد فى نفس الوقت أن سكان قطاع غزة لن ينعموا بحياة مريحة دون مشاكل ، طالما ظل جنوب إسرائيل يتعرض لهجمات صاروخية تنطلق من القطاع ، فضلا عن أنهم يسمحوا لنظام دموى إرهابى _ على حد تعبير أولمرت والمتمثل فى حكومة حركة حماس فى أن يستمر ، لأنه لا يسمج بان يعيش سكان جنوب إسرائيل فى سلام وامن.

أشارت إيريكا سيلفرمان مراسلة صحيفة الواشنطن تايمز إلى الاتهامات التى أطلقها قادة حماس ضد الرئيس محمود عباس وحكومته ، باعتبارهم طرف فى هذه الكارثة الإنسانية التى لحقت بالقطاع ، حيث أنهم لم يدينوا بالشكل الكافى التصرفات الإسرائيلية ، كما طالبوا الدول العربية بمساعدتهم فى فك الحصار ومعالجة الأزمة الإنسانية التى نتجت عن هذا الحصار ، فقد لفت التقرير الانتباه إلى أن إسماعيل هنية رئيس الوزراء فى قطاع غزة طالب مصر بفتح معبر رفح الحدودى والسماح للمساعدات الإنسانية بالدخول إلى القطاع من اجل مساعدة سكان الإقليم.

غزة تغرق فى الظلام والصقيع

ومن جانبها اهتمت شبكة CBS بالحصار التى فرضته إسرائيل على قطاع غزة وقيامها بقطع إمدادات الوقود عن مولد الكهرباء الرئيسى والوحيد فيها ، والذى يمد القطاع بالطاقة اللازمة له. الأمر الذى ترك القطاع وسكانه يعيشون فى ظلام حالك ، وفى ظل ظروف جوية شديدة الصعوبة ، خصوصا مع انتشار موجة من البرد القارص على المنطقة. وقد أشارت الشبكة انه قد ترتب على هذا الحصار انقطاع الكهرباء ، مما ترتب عليه إغلاق الكثير من المحال التجارية ، والتى تقدم السلع الضرورية والأساسية لحياة السكان ، فضلا عن انه قد حذر مسئولى الصحة الفلسطينيين من أن الحصار أيضا أدى إلى نفاذ الوقود اللازم لتشغيل المولدات التى تستخدمها مستشفيات القطاع ، مما قد يترتب عليه من تهديد حياة الكثير من المرضى فى هذه المستشفيات ، خصوصا الأطفال الصغار.

غزة علي أبواب كارثة إنسانية

الآثار السلبية لانقطاع الكهرباء وغيرها من مصادر الطاقة لم تتوقف عند هذا الحد ، بل رصد التقرير تصريحات المتحدث الرسمى لوكالة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين الفلسطينيين كريس جينيس ، والتى أكد فيها أن الآثار السلبية للحصار الإسرائيلى سوف تؤدى إلى تعليق مساعدات الغذاء التى يعتمد عليها غالبية سكان القطاع ، مما قد يؤدى إلى مجاعة بين سكان القطاع.

سكان غزة يواجهون الموت

أما إيريكا سيلفرمان مراسلة صحيفة الواشنطن تايمز أكدت فيه أن أكثر الجوانب الحياتية التى سوف تعانى من هذا الحصار هى النواحى الصحية فى القطاع ، حيث أشارت إيريكا Erica إلى أن الأطباء فى مستشفى الشفاء سوف يضطروا فى الفترة القادمة – نتيجة الحصار الإسرائيلى وقطعها إمدادات الوقود لمحطة الطاقة الوحيدة فى قطاع غزة - إلى عمل خيارات صعبة فيما يتعلق بصحة المرضى ، حيث أنه مع نقص إمدادات الطاقة سوف يكونوا غير قادرين على تشغيل عدد من الأجهزة الطبية خصوصا تلك التى تستخدم فى إنقاذ حياة الأفراد مثل حضانات الأطفال الرضع ، نظر لنفاذ الوقود المستخدم فى تشغيل مولدات المستشفى.

أميركا وأوروبا . الدور المفقود

ورصدت إيريكا ردود فعل المجتمع الدولى على الإجراءات التى اتخذتها إسرائيل ضد القطاع ، حيث أكد السفير الأميركى فى الأمم المتحدة زلماى خليل زاده على انه يجب على المسئولين فى إسرائيل أن يأخذوا فى اعتبارهم نتيجة أفعالهم على الفلسطينيين ، مشيرا إلى أن إطلاق الصواريخ على إسرائيل هو أمر غير مقبول إلا انه يجب عليها أن تأخذ فى حسبانها تأثير ما تقوم به على المدنيين. أما الاتحاد الأوروبى فقد استطاع إقناع إسرائيل بالموافقة على تزويد المولد الرئيسى للطاقة مرة واحدة فى الأسبوع بالوقود,

أميركا: هل أعطت الضوء الأخصر لإسرائيل؟!

أما برنامج All Things Considered الذى يبثه راديو NPR فقد اهتم بالهجوم الذى نفذته القوات المسلحة الإسرائيلية الأسبوع الماضى على قطاع غزة ، وقتلت فيه 18 فلسطينى معظمهم من المسلحين الفلسطينيين. وذلك عقب يوم واحد من بداية جولة جديدة من مفاوضات السلام بين الجانبين الإسرائيلى والفلسطينى. وأعد إيريك ويستر تقريرا ألمح فيه إلى أن هذا التصعيد الإسرائيلى لم يكن لتقوم به إسرائيل إلا بعد أن أعطتها الولايات المتحدة الضوء الأخضر للقيام به ، حيث أن هذا التصعيد جاء بعد أيام قليلة من الزيارة الأولى التى قام بها الرئيس الأميركى جورج بوش للمنطقة ، والتى زار خلالها إسرائيل والاراضى الفلسطينية إلى جانب عدد من الدول العربية ، فى محاولة منه لإعطاء دفعة قوية لعملية السلام قبل رحيله من منصبه الرئاسى بنهاية العام الحالى ، ومدفوعا برغبة قوية فى دفع الجانبين إلى الوصول إلى اتفاقية السلام قبل رحيله من منصبه.

حماس وحديث الانتقام

أشار ويستر إلى رد الفعل الغاضب من جهة حماس خصوصا بعد أن أدت هذه الغارة إلى استشهاد نجل محمود الزهار احد ابرز القيادات فى حركة حماس ، والذى أكد عقب وفاته نجله أن حركة حماس سوف ترد بكافة الوسائل المتاحة لديها على هذا العدوان الإسرائيلى.

وعلى صعيد مختلف بثت شبكة ABC تقريرا أعدته كارين لوب أكدت فيه عدم قدرة إسرائيل على منع وابل الصواريخ التى تطلقه فصائل المقاومة – خصوصا تلك التابعة لحركة حماس – من قطاع غزة. على الجانب الأخر أشار التقرير إلى أن القيادة الفلسطينية المعتدلة –على حد وصف التقرير – والمتمثلة فى الرئيس الفلسطينى محمود عباس أبو مازن تواجه ضغوطا متزايدة من الشعب من اجل وقف عملية التفاوض الجارية فى الوقت الحالى ، كرد فعل على الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة.

أكدت كارين أن هذه الوضع يعتبر معضلة لأطراف الصراع ، حيث لم يستطيع أيا منهم الخروج من هذا المأزق ، فلا إسرائيل استطاعت إيقاف إطلاق الصواريخ ، ولا الرئيس الفلسطينى راغب فى تعليق مفاوضات السلام مع الجانب الإسرائيلى ، فضلا عن عدم قدرته على استعادة سيطرته على قطاع غزة مرة أخرى. وبالتالى فان الحل – من وجهة نظر كارين – للخروج من هذه الورطة هو إما الوصول إلى اتفاقية سلام بين الجانبين ، أو أن تقوم إسرائيل بإعادة احتلال قطاع غزة مرة أخرى.

سلام شامل أم إعادة الاحتلال من جديد؟

وتنتقل كارين إلى محاولة التعرف على أيا من هذين البديلين يمكن أن يسود ، حيث لفت الانتباه إلى أن العنف المتواصل بين الجانبين ، بالإضافة إلى الصواريخ التى تطلقها فصائل المقاومة الفلسطينية ، تضعف أى فرصة للوصول إلى اتفاقية سلام شاملة بين الجانبين ، وتكون قادرة على إنهاء حالة الصراع بينهما. وأكد لوب انه ليس من المحتمل أن يجد الإطراف الثلاثة – إسرائيل والرئيس الفلسطينى أبو مازن وحركة حماس - طريقة للتعايش مع بعضهم البعض. فإسرئيل أعلنت انه ليس هناك أى مجال للحديث عن هدنه لوقف إطلاق النار مع حماس ، خوفا من أن تستغل الحركة هذه الهدنة فى إعادة بناء قوتها مرة أخرى – وذلك فى ظل حقيقة أن الحركة فى احد مبادئها الأساسية هو تدمير إسرائيل. واستطردت كارين مؤكدة انه منذ أن رحلت إسرائيل عن قطاع غزة ، استطاعت حركة حماس تهريب كميات كبيرة من الأسلحة إلى القطاع من خلال الأنفاق الموجودة على الحدود بين القطاع ومصر. أما الرئيس الفلسطينى محمود عباس أكد التقرير انه ليس لديه أى ثقة فى حركة حماس منذ أن استولت على قطاع غزة بالقوة فى يونيو الماضى ، ويعتمد بصورة متزايدة على الدعم الغربى له.

وبالنسبة لحركة حماس – كما تشير كارين - فلديها مخاوف كثيرة من أن يتم فرض مزيد من العزلة لديها إذا حدث تقدم فى محادثات السلام بين إسرائيل وحكومة الرئيس أبو مازن ، خصوصا وأن الحركة – كما ذكرت كارين - تواجه الكثير من المشاكل فى قطاع غزة نتيجة العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها وعلى سكان القطاع ، الأمر الذى خلق نوع من الغضب الشعبى بين سكان القطاع من فشل حكومة حماس فى تقديم الخدمات الأساسية والضرورية. ولفت التقرير الانتباه إلى أن حركة حماس قد نجحت فى الماضى فى إفشال المفاوضات بين الجانبين بقيامها بشن هجمات على إسرائيل.

وفيما يتعلق بقدرة إسرائيل على إعادة احتلال غزة مرة أخرى ، نبه التقرير إلى أن الحكومة الإسرائيلية الحالية فى مأزق ، فالرأى العام الإسرائيلى يطالبها بتحرك فورى لوقف الهجمات الصاروخية التى تنطلق من غزة ، وبالرغم من ذلك لا تستطيع أن تقوم بعمل عسكرى يهدف إلى إعادة احتلال القطاع دون وجود مبرر قوى وكافى لذلك ، لان عدم وجود مثل هذا المبرر – من وجهة نظر المؤرخ الإسرائيلى مايكل أورين – سوف يصور أى تحرك إسرائيلى على انه عدوان آثم ضد سكان القطاع. فضلا عن أن عملية إعادة احتلال القطاع سوف تحتاج إلى الآلاف من الجنود الإسرائيليين ، الأمر الذى يستتبعه استدعاء جنود الاحتياط.

اجمالي القراءات 4779