بين الزواج الجاهلى والزواج الاسلامى

آحمد صبحي منصور في الخميس ١٤ - يوليو - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

أولا : أنواع الزواج ( الجاهلى ) :

1 ـ نزل الاسلام قرآنا فى مجتمع عربى ( ذكورى ) ، تسوده الحياة القبلية ( من القبيلة ) حيث الرجال هم الجيش وهم الباحثون عن الرزق الذى يتقاتلون من أجله ، وكانت المرأة فيه مجرد سلعة يمتلكها الرجل ويتقاتل عليها الرجال ، وكان السبى عادة إجتماعية مرتبطة بالسلب والنهب . ومن الطبيعى أن يحتكم الرجال الى الهوى، وأن يجعلوه دينا ، وأن يصبح هذا الهوى الدينى بمرور القرون تراثا يسير عليه الخلف متابعا للسلف . نفهم هذا من قول رب العزة جل وعلا عنهم: ( وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ (28) الاعراف ).

2 ـ من هذه الثقافة الدينية التى تجعل المرأة سلعة للمُتعة نبعت تشريعات الزواج الجاهلى للعرب ، فإنتشرت بينهم أنواع من الزواج الفاسد ، منها :

1/ 1 : زواج الشِّغار، وهو بلا مهر ، أى أن يقول الرجل للآخر زوجني ابنتك أو أختك على أن أزوجك ابنتي أو أختي.

1 / 2 ـ  زواج الاستبضاع : أى أن يرسل الزوج زوجته الى رجل آخر مشهور بالقوة والشجاعة والكرم لينام معها ، وتحمل منه  ولدا يأخذ صفاته ، ثم ينتسب الابن للزوج .

 1 / 3 ـ  زواج السفاح:- وهو ان يتردد مجموعة من الرجال على عاهرة ، فإذا حملت وولدت فلها أن تنسب الولد الى من تشاء منهم . وهكذا فعلت ( النابغة ) التى نسبت ابنها (عمرو ) الى أبى العاص.

 1 / 4 ـ زواج المخادنة :- عشق رجل لإمرأة ومعاشرتها جنسيا . مثل البوى فرند والجيرل فريند فى المجتمع الغربى .

1 / 5 : ولأن المرأة كانت سلعة ، لذا كان يتم توارثها ، فالابن له أن يتزوج من تزوجها أبوه ، وكان أقارب الزوج المتوفى يرثون زوجته ، ولأى منهم أن يتزوجها إرثا ، ولهم حق عضلها أى منعها من الزواج .

1 / 6 : وبالتالى فلم يكن للمرأة أن ترث ، أو أن يكون لها صداق أى مهر .

1 / 7 : وإذا كان هذا هو حظ المرأة الحرة ، فوضع المرأة السبية أو الرقيقة كان أسوأ .

1 / 8 : ولم يكن هناك تشريع محدد للمحرمات فى الزواج .

1 / 9 : وكان الابن بالتبنى يأخذ حكم الابن بالصلب ، فلا يتزوج الأب من تزوجها ابنه المتبنى . بينما يكون له أن يرث زوجة ابيه بعد موت أبيه الذى تبنّاه .

1 / 10 : وكان الطلاق بمجرد كلمة يقولها الزوج ، أو مجرد إشارة بيده ، وعندها تخرج من بيته محرومة من الحقوق .

1 / 11 : ولم تكن هناك عدة للمطلقة أو الأرملة ، فيمكن للمطلقة الحامل أو الأرملة الحامل أن تتزوج وينتسب ولدها الى غير أبيه .

ثانيا : أُسُس الزواج فى الاسلام

يقوم الزواج  فى الاسلام على دعامات ثلاث : العفة والسلام والتراضى .

 العفة :

فلا زواج بالزانى والزانية ، أى المصمم والمصممة على الزنا بلا توبة. وبالتوبة يمكن الزواج . وهى توبة ظاهرية تسقط بها عقوبة الزنا ، ويُباح فيها لمن كان / كانت  زانيا أو زانية أن يبدا بالزواج حياة شريفة محترمة ، وأن ينتسب الأطفال الى ذويهم ، وأن ينالوا حقهم فى حياة مستقرة فى أسرة متماسكة . ولأن مقصد الزواج هو العفة فالتيسير وارد فى الزواج حتى لا يكون هناك مبرر للوقوع فى الزنا ، يشمل هذا تعدد الزوجات ، والحث على تزوج الأيامى ( الأرامل والمطلقات اللواى لا زوج لهن ) والفقراء وملك اليمين .  وكل ذلك منعا لانتشار الزنا الذى قال عنه رب العزة جل وعلا :(وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً (32)  الاسراء  )

  السلام :

1 ـ الاسلام بمعنى السلوك أى السلام الظاهرى والايمان السلوكى بمعنى الأمن الظاهرى . ودائما يأتى الوصف بالمؤمنين والمؤمنات بهذا المعنى فى هذا الصدد ، وبالعكس يأتى ( الكفر والشرك ) بالمعنى السلوكى أى الاعتداء . ومن هنا نفهم تحريم الزواج بالمشركين والكفار بالمعنى السلوكى أى الاعتداء أو بمفهوم عصرنا ( الارهاب ) ومن يدعو اليه .

2 ـ وكانت هجرة المؤمنين الى المدينة عملا فرديا ، فحدث انفصال فعلى بين أزواج مؤمنين هاجروا وتركوا فى مكة زوجاتهم الكافرات ، وزوجات مؤمنات هاجرن للمدينة وتركن فى مكة أزواجهن الكفار . وفى حالة هذا الانفصال الفعلى بين معسكرين متحاربين نزل التشريع بالانفصال الرسمى لتتزوج المؤمنة فى المدينة والمؤمن فى مكة ، وفي هذا السياق نزل قول رب العزة جل وعلا : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمْ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنفَقُوا وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (10) الممتحنة  ). لاحظ هنا ان الايمان المطلوب المطلوب إمتحانه هو الايمان الظاهرى بمعنى الأمن . ولا شأن لهذا بالايمان القلبى فليس فى تطبيق التشريع حُكم على غيب القلوب ، ولكن على الظواهر التى بإمكان البشر رؤيتها والحكم عليها .

3 ـ واشتعلت الحرب بينهما فنزل قول رب العزة جل وعلا فى تحريم الزواج من المشركين المعتدين ودُعاتهم :( وَلا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (221) البقرة ). ( حتى يؤمن ) أى يكنُ مأمونات الجانب .

4 ـ وعند توبة الكافر السلوكى توبة حقيقية يغفر رب العزة له (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ (38) الأنفال  ) ، وعند توبته السلوكية الظاهرية يجوز التزوج منه .

5 ـ  ونتذكر أن منافقى المدينة حكم رب العزة بأنهم فى الدرك الأسفل من النار ، ولكنهم لم يرفعوا سلاحا ، لذا كانوا من حيث الظاهر مسلمين مسالمين ، لذا لم ينزل التحريم بالزواج منهم .

6 ـ وفى الزواج بين المسلمين وأهل الكتاب يأتى الحديث عن المحصنات المؤمنات من الجانبين ، أى إشتراط العفة والايمان بمعنى الأمن والسلام ، وبهذا يكون حلالا التزاوج بين المسلمين واهل الكتاب على قدم المساواة  ، وأن يأكل بعضهم طعام بعض على قدم المساواة أيضا طبقا للعدل الاسلامى . يقول رب العزة جل وعلا : ( الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ (5) المائدة )

  التراضى :

1 ـ  فلا يصح إرغام إمرأة على الزواج بمن لا تريد . هنا يكون الزواج باطلا . ولا يصح إرغام زوجة على الحياة مع زوج تريد فراقه ، فإذا كان من حق الزوج الطلاق فمن حق الزوجة الافتداء ، بأن تفتدى نفسها منه بدفع بعض ما قدمه لها من صداق بما تحكم به السلطة القضائية ( البقرة 229) ، وقد شرع رب العزة الطلاق حقا للزوج بينما جعل الافتداء حقا للزوجة إذا أرادت أن تفتدى نفسها . وبعد فرض الصداق فريضة حقا للزوجة فإنه يمكن لهما التراضى على أى شىء ، بما فيه مدة الزواج ( زواج مؤقت ) أو زواج دائم ..

2 ـ ويرتبط بهذا إباحة التعدد فى الزوجات على أساس التراضى ، أى من ترضى أن تتزوج متزوجا ، ومن ترضى أن تبقى على ذمة رجل يريد أن يتزوج عليها ، ومن لا ترضى يمكنها الافتداء .

ثالثا :  إصلاحات الاسلام فى تشريعات الزواج والطلاق  :

1 ـ  سبق الاسلام أمريكا فى تقرير حقوق المرأة السياسية والاقتصادية ، فتعبير ( الذين آمنوا ) هو للذكور والاناث ، سواء فى البيعة فى إقامة الدولة الاسلامية أو فى حضور مجالس الشورى ، أو المعارك الحربية. والأعذار فى العبادات وفى الجهاد لا تستثنى المرأة ، بل هى أعذار للذكر والأنثى معا . وسبق الاسلام بتقرير حقوق المرأة فى الميراث بقوانين مؤسسة على العدل ، ولم تكن معرفة من قبل فى الجاهلية، هذا بالاضافة الى حقها فى الصداق أو المهر ، وفى النفقة والمتعة عند الطلاق . وللمزيد من التفصيلات ننصح بقراءة بحث : حق المرأة فى رئاسة الدولة الاسلامية .

2 ـ وبالنسبة للزواج بالذات نرى الآتى :

2 / 1 :  ( المهر ) هو بالتعبير القرآنى ( أجر ) أو ( صداق ) . والله جل وعلا فرض الصداق حقا للمرأة وقد حرّم رب العزة جل وعلا أكل شىء من حقوق الزوجة فى الصداق ، يقول جل وعلا : (وَإِنْ أَرَدْتُمْ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً (20) وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً (21) النساء ) مع إستثناء إذا هى سمحت : (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً (4) النساء ).  وفرضية الصداق أساس فى صحة عقد النكاح ، وما عداه يمكن الاتفاق والتراضى بشأنه بلا حرج وبلا جناح : (فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً (24 )النساء ) .

وللمرأة المملوكة صداق يجب أن تأخذه ممن يتزوجها ، يقول جل وعلا : ( وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمْ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ )(25) النساء ) .

الاستثناء الوحيد كان للنبى محمد فترة مؤقتة ، أن يتزوج بلا صداق :( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللاَّتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاتِكَ اللاَّتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (50) الاحزاب ) نلاحظ الاشارة هنا الى علمهم بفرضية الصداق عليهم للزوجة الحرة والزوجة المملوكة . وفى مقابل هذه المزية المؤقتة للنبى محمد فقد حرّم الله جل وعلا عليه بعدها أن يتزوج أى إمرأة حُرّة :  ( لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً (52) الاحزاب ).

2 / 2 : تحريم نكاح من نكحها الأب من قبل ، سواء طلقها الأب أو مات عنها ، قال جل وعلا : ( وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَاءَ سَبِيلاً (22) النساء ) . والنكاح هو مجرد عقد الزواج ، حتى لو كان بلا دخول بالزوجة. وبالتالى فإن مجرد عقد النكاح هو مُحرّم من البداية .

2 / 3 : تحديد مفصّل وجامع مانع للمحرمات فى الزواج (النساء 23 : 24 ). ومنع التبنى بل إعطاء الابن اسم ابيه الحقيقى إذا كان أبوه معلوما ، وإلا فهو أخ فى دين السلام ، وبالتالى إسقاط تشريع الجاهلية فى تحريم زواج الاب المتبنى ممن تزوجها الابن بالتبنى ، ولهذا كان إلزام النبى أن يتزوج بطليقة ابنه (زيد ) الذى سبق وتبناه ( الأحزاب 4 : 5 ، 36 : 40 )

2 / 4 : تحريم عضل المرأة ، وتحريم أن تورث مثل السلعة أو التركة أو الميراث ، يقول رب العزة جل وعلا يأمر بالاحسان للزوجة حتى لو كرهها زوجها : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهاً وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً (19) النساء )

2 / 5 ـ:  تحريم عضل المرأة جعل المرأة ولية أمر نفسها  فى أن تتزوج من تشاء ، وبالتالى فإن وجود الولى فى عقد النكاح لا يكون إلّا بمشيئتها ورضاها . فهذه المرأة عليها أن تبايع فى عقد إقامة الدولة الاسلامية ولها صوت فى مجالس الشورى كالرجل تماما .

2 / 6 : كان الاسترقاق شائعا بالشراء أو بسبب السبى فى الحروب والغارات ، وتلك ثقافة العصور الوسطى . ولا يزال الاسترقاق ساريا صراحة أو ضمنا ، والعادة فى التشريع أن توضع أحكام لكل الحالات حتى لو كانت نادرة الحدوث ـ أو حالات فردية أو إستثانية. وبهذا ننظر الى تشريعات ملك اليمين ، والتى جاء التشريع القرآنى فيها حازما ، بمنع الظلم وإقرار القسط والعدل كمقصد تشريعى يسيطر على التفصيلات التشريعية ، وهذا يعنى حظر ومنع الاسترقاق من المنبع ، وقصر التعامل فيه على الرقيق الذى يؤتى به الى الدولة الاسلامية بالبيع والشراء والهدية ، وهنا يكون التعامل معه بالاحسان والحث على تزويجه ذكرا أو أنثى والكفالة والرعاية والتقرب بعتقه وتحريره . وقد فصلنا هذا فى مقالات سابقة . ومن حيث الزواج فالمملوكة لا يعاشرها مالكها إلا بعقد نكاح ، وإذا طلب آخر نكاحها فيلزم إذن مالكها ، ولها فى كل الحالات الحق فى الصداق ، وتشترك مع الحرة فى إشتراط العدة والمعاملة الطيبة ، عدا العدل فى تعدد الزوجات .

2 / 7 : فى تشريع الطلاق : أكد رب العزة على وجود شاهدين ، وأن يكون الطلاق  بدرجاته مرحلة فى التوفيق بين الزوجين قبل الانفصال التام . وأكد رب العزة على حقوق المطلقة فى المُتعة والنفقة والسُّكنى وألا تخرج من بيتها فترة العدة ، وحضانة طفلها ورضاعته على نفقة الزوج . وعليها العدة لاستبراء الرحم ، وبعده ـ بعد الانفصال يكون من حقها الزواج من جديد . والتفاصيل فى مقالنا عن التناقض فى تشريع الطلاق بين القرآن والفقه السُّنّى . وننصح بالرجوع اليه لتوضيح نقاط سكتنا عنها هنا .

ثالثا عودة التشريع الجاهلى فى عصور الخلفاء

1 ـ عمليا : فى الفتوحات : عودة السبى وإغتصاب السبايا وبيعهن . ثم فى العصر الأموى تحريم أن تتزوج المرأة العربية من الموالى أى غير العرب .

2 ـ  فقهيا : فى العصر العباسى ـ عصر التدوين للأديان  الأرضية للمسلمين تمت كتابة تشريعات تخالف القرآن الكريم ، منها إستحلال الزنا بملك اليمين بلا عقد زواج ، وعدم إعتبار عدة لها كعدة الحرة ، وكشف عورتها فى البيع والشراء على اعين الناس ، وحق المشترى فى فحص ( البضاعة ) كيف شاء ،  وتحريم الجمع فى الزواج بين المرأة وعمتها وخالتها ، وتحريم الزواج بالعمة من الرضاع والخالة من الرضاع ، ( وقد فصلنا هذا فى كتاب : القرآن وكفى .. ) ، وتحريم زواج المسلمة من أهل الكتاب ، وعدم الاعتداد بالشهود فى الطلاق بحيث أصبح من حق الزوج أن يطلق زوجته بمجرد كلمة أو إشارة من يده كما كان الأمر فى الجاهلية . وبدأ هذا الافك مالك فى الموطأ ثم توسع فيه الشافعى ، وسار على سنتهما من جاء بعدهما .  

اجمالي القراءات 15650