تلبية لدعوة الدكتور أحمد
هجص الحديث (( إتش إج إص ))

أبو أيوب الكويتي في السبت ٠٩ - يوليو - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

هجص الحديث (( إتش إج إص ))

أولا: لهو الحديث أو هجص الحديث

عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَر وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ ، وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ ، سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ ).

هذا الحديث رواه أحمد (4987) وأبو داود (3462) وصححه الألباني في صحيح أبي داود. لن أناقش الشق الربوي من هذا الحديث لكني سوف أتناول الشق الاخر الخاص بالجهاد وبالمناسبة هذا الحديث من الأحاديث التي لها الأثر البليغ في حشد الشباب المتحمس وترغيبه بالجهاد في سوريا والعراق وفي بلاد اخرى لكن واضح للجميع الماساة في سوريا والعراق فيمكن لهذا الحديث ان يستخدم استخداما طائفيا بامتياز. 

مصدر الحديث... موقع الاسلام سوْال وجواب 

ثانيا: الرد على لهو الحديث بأحسن الحديث ((القرآن العظيم))

1- الهدف من خلق الانسان:

خلق الله عز وجل الانسان لعبادته ((وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون))  و ليستخلفه في الأرض (( وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة)) . هذا الانسان بعبادته لرب العزة واتباع سراطه المستقيم يكون قد فاز في الدنيا والآخرة  وحقق الاستخلاف في الأرض. فبعبادة الله وحده عز وجل قد تحقق شرط الايمان بالله وكتبه ورسله وملائكته واليوم الآخر و في الاستخلاف يتجلى عمل الصالحات من الأعمال التي علمها الله للإنسان وأعانه على علومها التي لم يكن ليعلمها لولا أن هداه الله: وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (30) وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (31) قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32) قَالَ يَا آَدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (33)

2- استخلاف الإنسان وتمكينه ووسائل التمكين:

ليتحقق هذا الاستخلاف لابد من وسائل متنوعة للتمكين , وقد سخر رب العزة ما في الأرض جميعا لخدمة الانسان لتمكينه من الرساله المنوطة به وهي عمل الصالحات التي بعملها يقرن الانسان المتقي لربه عمله للصالحات بالايمان بالله وتقواه بالغيب وبذلك تتحقق غاية الله عز وجل من خلقه لنا , حينها فقط يكون الانسان مؤاخذ على التقصير في العبادات وفي الواجبات حيث أن رب العزة مكن له وعلمه من العلوم مالم يعلم فلم يدع الله لنا نحن بنو آدم عليه من حجة ولا سبيل.   

تتنوع أدوات ووسائل هذا التمكين للإنسان وهذا التمكين يأتي بصور نعم قد أنعم وينعم الله بها على الإنسان وبتنوع هذه النعم اللامتناهية من حيث الكم والنوع يعجز الانسان على أن يحصيها. من هذه النعم العظيمة, جوارح الانسان وحواسه الخمس ويده التي يعمل بها ورجله التي يمشي بها وعقله وقلبه والسمع والأبصار التي يدرك بهم العالم المادي المحيط به, وتارة أخرى نجد أن من تلكم النعم ما هو أكبر من خلق الانسان كالسموات بمجراتها والشمس بضيائها والقمر بنوره والنجوم والكواكب ولا يخفى على عاقل دور تلكم النعم العظيمة في تمكين الإنسان من الأرض. اجتمعت تلكم النعم طائعة لإرادة رب العزة لتسهيل عمل الانسان بالحسنى والاصلاح في الارض فما نحن سوى ضيوف على ملكوت رب العزة وتدبر معي عزيزي القارئ بعضا من أنعم الله جل في علاه علينا نحن البشر:  

والأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ... وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ... وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ.... وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ.... وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ.... هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ.... يُنبِتُ لَكُم بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ.... وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ.... وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ.... وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ.... وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلاً لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ.... وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ.... أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ.... وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ

ليس هذا فحسب عزيزي القارئ ,,, إليك المزيد من نعم الرحمن التي تهيء لتمكين الإنسان لتعينه على حمل الأمانة التي تعجز عن حملها الجبال ,,, عظمة يا رب العزة ملك ولا غيرك ملك:  

إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (95) فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (96) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (97) وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ (98) وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (99)

3- اعانة رب العزة للإنسان على التمكين وعمل الصالحات بالتشريع:

من رحمة ربي بالانسان أنه ضبط نظام وإيقاع عمل الانسان بالأوامر والشرائع الربانية التي هي نور للمؤمنين ليهديهم سواء السبيل, تلكم الشرائع تعلم الانسان كيف له أن يدير ويحافظ على هذه الثروة بشكر أنعم الله, وشكر أنعم الله يتجلى بإطاعة أوامره واجتناب نواهيه. تشريع اخراج حق الفقير في الزروع عند الحصاد هو من تلكم الأوامر والشرائع التي تضمن رضا الرحمن وتضمن للإنسان الأمن الغذائي والاستقرار الأمني للمجتمع. بذلك يكون رب العزة قد زاوج بين وسائل التمكين الأدبية كتشريع إخراج زكاة الزروع وبين وسائل التمكين المادية من أدوات ووسائل تعين الانسان على هذا العمل مثل نعمة الأنعام, فالانسان يستفيد من الأنعام في الزراعة وحرث الرض والحصاد كما انه يستفيد من لحوم وجلود وصوف وألبان تلكم الأنعام, كل هذه النعم هي عطايا عظيمة من رب عظيم كريم وليست نقمة الا على من عصى أمر ربي واستكبر في الأرض بغير الحق ولنا في قصة صاحب الجنتين عبرة وعظة. وتدبر معي قول الحق سبحانه:   

وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآَتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (141) وَمِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (142) ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آَلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (143) وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آَلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَذَا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (144)

4- ابليس اللعين وأعوانه يستحقرون الإنسان ويستحقرون كل ما هو منتوج بشري و يعين الإنسان على حمل أمانة الرحمن:

معلوم للجميع قصة عدونا المبين ابليس الرجيم الذي يستحقرنا كما استحقر أبانا آدم عليه وعلى المرسلين أجمعين السلام, فقد قال الحق سبحانه في هذا الموقف الذي هو بالنسبة لنا غيب:

وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ ... فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ ... فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ ... إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى أَن يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ .... قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ ... قَالَ لَمْ أَكُن لِّأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ ... قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ ... وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ .... قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ... قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ .... إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ .... قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ... إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِين

الا انه الجدير بالذكر هنا هو أن ابليس وجنوده يستحقرون كل ما هو بشري ويساهم في رقي الانسان والحضارات والشعوب, فالموسيقى حرام والرسم حرام والفلسفة حرام وعمارة الأرض والزراعة والحصاد وتربية الأنعام (الإمساك بأذناب البقر) والقعود عن "الجهاد" حرام  كما يحدثنا ذلك الحديث الهجص الذي نتناوله بدراسة تحليلية في هذا المقال.

فما لاشك فيه بأن الاسلام العظيم وهو دين جميع المرسلين وهو دين لا اله الا الله الذي يحض على الايمان و العمل الصالح. ومعلوم أن الايمان في القلب ولكن العمل الصالح يستوجب عمل الجوارح بما يستوجب رضا رب العزة سبحانه, وأن رب العزة قد من على الانسان بعلم لم يكن يعلمه ليساعده على تمكينه من موارد الأرض لاستغلالها فيما ينفع الناس كما ذكرنا سابقا وبذلك يتحقق شكر نعمة العليم الحكيم بأن تستخدم نعمه في الخير وليس في الشر.

دين الله دين العمل فلقد من الله عز وجل على آل داوود بنعم كثيرة وأوصى آل داوود بعمل الصالحات وأنه جل في علاه بذاته العلية شاهدا بصيرا على الأعمال فرب العزة يريد عمل وليس أي عمل يريد العمل الصالح:

(9۞ وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا ۖ يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ ۖ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ (10أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ ۖ وَاعْمَلُوا صَالِحًا ۖ إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (11وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ ۖ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ ۖ وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ ۖ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ (12يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ ۚ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا ۚ وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (13)

الدين الأرضي دين ابليس لا يريد العمل الصالح الذي يعين الانسان على حمل أمانة الرحمن,  فلو كان رب العزة سيؤاخذنا لو أخذنا بأذناب البقر والرضى بالزرع وهما كناية عن الخير والنعم التي من الله بها علينا  لما كان الله ليهدينا الى كيفية استغلال ذلك الخير ولما هدانا حتى الى فنون المعاملات في ادارة وتوزيع ذلك الخير ككيفية الوزن والبيع والشراء بما يرضيه سبحانه وتعالى:

((وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا))

لو كان رب العزة لا يأبه بما من به على الانسان من زروع ومحاصيل لما توعد بكتابه العزيز من يغش الناس وينقص المكيال ولنا بقصة شعيب درس وعضة:

۞ وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا ۚ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ ۖ وَلَا تَنقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ ۚ إِنِّي أَرَاكُم بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ (84وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (85)

ولنا أيضا بالمطففين درس وعضة:

وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ... الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ... وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ.... أَلا يَظُنُّ أُوْلَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ.... لِيَوْمٍ عَظِيمٍ... يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ

لو كان الله حقا سيؤاخذنا على أخذنا بأذناب البقر وبرضانا بالزروع ما مكن يوسف الصديق عليه وعلى الرسل أجمعين السلام من خزائن مصر التي كانت سلة غذاء ما حولها من البلاد ولما علمه فنون الاقتصاد والادارة للموارد الزراعية :

قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ... وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاء نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاء وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ... وَلَأَجْرُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ

يأتي بعد كل هذا الدين الأرضي ويقول لنا :

إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ ، وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ ، سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ

5- الجهاد في سبيل الله تعالى يكون في رد العدوان وليس في البدء بالعدوان:

 

هل المقصود من هذا الحديث هو كفر نعمة الله وردها عليه بوقاحة واستحقارها ومقتها لهدف "الجهاد" ؟ ثم عن أي جهاد نتحدث ؟ هل قتال أهل البلاد المسالمة يسمى جهادا بحجة نشر الاسلام ؟ الرسول محمد عليه السلام لم يكن يغزوا الناس ويبادرهم بالحرب حاشاه فهو متبع لرب العزة ورب العزة لا يريد ظلما للعالمين وهو الغني عنهم وعن عبادتهم فليس ربي بحاجة إلى أن ينشر دينه العظيم  بالسيف وانما يكون ذلك بالمعاملات والرحمة والاحسان والخلق العظيم والقرآن العظيم ... لقد كان عليه السلام حاله حال الانبياء والمرسلين عليهم السلام حين يحارب فان حروبه كانت جهادا في سبيل الله عز وجل في رد العدوان وليس للبدء بالعدوان:

وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190)

ثم تدبر معي مزيدا من آيات ربي التي تتحدث عن القتال في سبيل الله لرد الظالم المعتدي وليس للبدء في العدوان:

أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلا قَلِيلا مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ( 246 )

6- عاقبة التخاذل عن الجهاد في سبيل:

 

يكون الانسان المؤمن بالله معاتب ومؤاخذ من رب العزة ان لم ينهض ليرد الظالم المعتدي عليه ,ذلك الظالم الذي يحارب الله ورسوله ويعيث في الأرض فسادا. حينها تكون نعم ربي التي ذكرناها سابقا من زروع وحرث ونسل وأنعام وأموال نقمة وسببا في زوال المتخاذلين أنفسهم الذين غرتهم الحياة الدنيا وزينتها بالقعود عن الجهاد في سبيله لردع المعتدي الظالم الذي يحارب الله ويحارب بديع صنعته في أرضه:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآَخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ (38) إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ

7-أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا

 

سؤال جوهري يفرض نفسه هنا : ألم يتم أصلا قتال وفتح البلاد والشعوب الأخرى في زمن الفتوحات بسبب الرغبة في الحصول على أنعامهم وعلى زروعهم وعلى أراضيهم ونسائهم ((البيض, وهذا يفسر عدم التوجه بالفتوحات الى أفريقيا السوداء)) وأموالهم وكنوزهم ؟

اذا لماذا الدين الأرضي يعدنا بالذل الالهي اذا رضينا بالزروع واذا اخذنا بأذناب البقر وهو بالأصل يريدنا أن "نجاهد" في سبيل احدى الحسنيين , فإما أن نجاهد في سبيل الحصول على زروع وكنوز وأنعام ونساء وغلمان القوم الآخرين وإما أن نتمتع بالحور العين ؟

اذا فالهدف هو الزروع والانعام والكنوز والاموال والسبايا والتوسع الجغرافي ! لماذا ينهانا الحديث عن الزرع والأنعام وهو في نفس الوقت يحرضنا على الجهاد في سبيل الزرع والأنعام ؟ لماذا هذا التناقض العجيب ؟ لماذا نكذب على أنفسنا ونقول اننا فتحنا تلكم الأمم والشعوب لنشر رسالة السلام ؟ هل هذا ما جاء به محمد عليه السلام ؟ محمد عليه السلام بريء من هذا الإجرام.

نحن نكذب على أنفسنا وهذا التناقض والاختلاف سببه أن هذا الحديث ليس أحسن الحديث لأنه ليس من عند الله لأنه ليس حديث القرآن العظيم لكنه حديث من عند ابليس اللعين لعنة الله عليه وعلى أولياءه وعلى جنوده أجمعين

 

8- خلاصة ودروس وعبر:

8.1- ان الذين تقتلون أنفسكم من أجلهم يا سادة تحت مسمى الجهاد لا يملكون لكم رزقا ولا حياة ولا نشورا

8.2_ ان الذين تقتلون أنسفكم من أجلهم يا سادة تحت مسمى الجهاد في قبورهم ميتون واستدعائكم لما شجر بينهم يكاد أن يهلككم فاتقوا الله

8.3_ ان جهادكم المزعوم لثارات آل البيت والحسن والحسين وعلي وفاطمة لن تزيدكم الا مقتا لانفسكم وتقتيلا وما سوريا والعراق عنا ببعيد

8.4_ ان جهادكم المزعوم بالدفاع المستميت عن عمر وأبو بكر وعثمان ومعاوية وخالد لن يزيدكم الا تمزيقا لأوطانكم وتخريبا وما العراق وسوريا عنا ببعيد

8.5_ ان الشباب حين يسمعون حديث كهذا الذي نحن تناولناه بالتحليل قد يؤمنون به ويستحقرون بلادهم كما استحقر ابليس أباهم وذريته من بني آدم واستحقر كل مايعين الانسان من سبل الحياة فهم سوف يستحقرون موارد بلادهم وخيرات بلادهم التي أنعم الله عليهم بها ويلقون أنفسهم في محارق الحروب بدلا من العمل على تنمية هذه النعم وشكر الله عليها بعمل الصالحات فيما في الوقت ذاته أباطرة الحرب وكبرائها يتكؤون على عروشهم ويتندرون ويضحكون على سذاجتكم وأنتم تقتلون بعضكم البعض وتحرقون بلادكم وتفسدون في الأرض بدلا من اصلاحها في الوقت الذي هم فيه يستغلون الطائفية ليس ايمانا بها ولكن ليركبوكم بها وما همهم لا عمر ولا علي وانما ما يهمهم هو تضخم أرصدتهم فهم لا يزجون بأولادهم في حرب قذرة يحترق فيها أبناء البسطاء لينعم بثمارها أبناء الأكابر حين تضع الحرب أوزارها حينها يصبح الأكابر من الطرفين المتقاتلين أصدقاء اليوم من بعد ما كانوا يتضاهرون لنا بأنهم أعداء الأمس حينها سنتذكر من بعد فوات الأوان أن ابنائنا ومقدرات شعوبنا قد ذهبوا مثل ما تذهب "ال.... في الحمَام"

8.6- حديث كهذا هو بمثابة أداة للتغرير بالشباب ليكونوا ساخطين وحانقين على هذه الدنيا وليكونوا حطب هذه الحروب المجنونة فاتركوا أجهص الحديث واتبعوا أحسن الحديث اتبعوا القرآن العظيم وكفى به هاديا اتبعوا الله ولا تتبعوا من يدعوكم لتقتلوا أنفسكم بسبب ما قدر شجر بين عليا وعمر وأبا بكر وعثمان فالله أكبر منهم الله أكبر منهم ... الله أكبر من الكل ... لا اله الا الله 

اجمالي القراءات 9753