شهر رمضان... شهر الصيام ... فى الميزان
حل شهر رمضان ومضى
فماذا إستفدنا وحققنا خلال هذا الشهر المبارك؟
مقدمة:حل شهر رمضان وإنقضى ولنا معه موعدا فى العام القادم إن كان فى العمر بقية. فماذا إستفدنا وحققنا خلال هذا الشهر المبارك؟
هذا موضوع للنقاش وتبادل الآراء عن ماذا حققنا بعد إنقضاء هذا الشهر وهل وضعنا ممارستنا لدين الله فى الميزان وماذا كانت النتيجة ولا بد أن نكون صريحين مع أنفسنا ومع الله سبحانه أو بمعنى آخر هل مِنَّا مَن إنتقد أعماله وعبادته لله سبحانه نقد بناء لكى نصلح أى قصور فى إتباع أوامر الله ونواهيه حتى نستفيد ونفيد غيرنا من أخطائنا وقصور عبادتنا مع الله السميع العليم.
لماذا دائما نقول رمضان كريم وليس شعبان أو شوال كريم، ولماذ نقول رمضان مبارك ؟
نحن فى الشهر الذى أنزل فيه القرءآن الكريم وفى ليلة نزل فيها الحق من ربنا على قلب الرسول محمد عليه السلام ، وسُمِّىَ بشهر رمضان، ووصف سبحانه هذه الليلة بأنها خير من ألف شهر حيث تتنزل الملائكة فيها بإذن ربهم .
نقول رمضان كريم لنزول القرءآن الذى وصف بأنه قرءآن كريم:
" فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (75) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (78) لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (79) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (80) } (سورة الواقعة 75 - 80) ،
ونقول رمضان مبارك لأن القرءآن الكريم نزل فى ليلة مباركة." إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ " (سورة الدخان 3"
من هذه الكلمات البسيطة يمكن أن نقول أن هذا الشهر هو شهر مبارك والذى فيه ليلة مباركة وفيه نزل الوحى المقدس من القدوس فاطر السماوات والأرض الله جل جلاله.
حل شهر رمضان وإنقضى، فماذا إستفدتم وحققتم؟
من هنا أقول أن علينا أن ننظر فى طريقة تديننا وإقامة شعائر الله وإتباع أوامره ونواهيه ، فى هذا الشهر يجب علينا أن نقف وقفة تمحص وتفحص فى كل أعمالنا وتصرفاتنا لكى نقف على مواضع القصور فى عبادتنا لله العظيم وننظر بتمعن فى بعض من آيات الذكر الحكيم الذى يمكن أن تكون بمثابة إنطلاقة إلى تصحيح المفاهيم وبالتالى تنقية الشوائب الذى ترسخت فى عقولنا قرون وقرون حتى نقابل رب العباد بقلب سليم فتكون النتيجة فى جنب الله.
يجب أن نفعل ذلك فى كل شهور السنة وبالذات هذا الشهر الكريم.
يقول سبحانه فى آية تنطبق على الماضى وأيضا على الحاضر والمستقبل:
" وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ " (سورة يوسف 106)
فإذا نظرنا إلى هذا المقطع بنظرة النقد البناء فلا بد نبدأ بسؤال " هل نحن مشركون فى إيماننا ونحن لا نشعر ولا ندرى" ، فيجب أن نكون صادقين مع أنفسنا قبل فوات الأوان والذى ليس فيه رجوع لنصحح ما فاتنا من أخطاء. النقد البناء لصلاتنا و زكاتنا وحجنا وصيامنا وايضا كيف نتعامل مع الأهل والأقارب واليتامى والمساكين وعامة الناس. هل أعطيت الله الوقت الذى يستحقه وهل شكرته على نعمه عليك الذى لا تعد ولا تحصى، هل فكرت فى مشاكلك اليومية فى حياتك وما هو سبب ذلك ، هل رجعت إلى الله سبحانه وإستغفرته على خطأ غير متعمد ، هل صدَّقت بالقرءآن وحده مصدرا للتشريع ، هل كان لديك الوقت لتتدبر آيات الله فى الكون وفى أنفسكم .
وحقيقة... الأسئلة كثيرة ومثيرة ومرعبة فى نفس الوقت حين تصغى إلى نفسك المجردة من ملذات الدنيا وهى تناديك " غير ما بنفسك حتى يغير الله أوضاعك وأحوالك العامة والخاصة " .
إِنَّ اللهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ " (سورة الرعد 11
من معالم الكفر والشرك، الظلم - ظلم فى حق الله وظلم للنفس - وقد قرر الله سبحانه أن لا أمان ولا هداية للظالمين فإقرأ معى هذه الآية الكريمة:
" وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (81)
يأتى الجواب :الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍأُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (82) (سورة الأَنعام 81 - 82
الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْم.... وفى المقابل... الذين آمنوا ولبسوا إيمانهم بظلم ... فما هو الحل ؟
كلمة"ظلم " جائت نكرة لتدل على أى نوع من الظلم وليس بالضرورة أن تكون الشرك بالله لأن الشرك بالله سماه القرءآن " ظلم عظيم " .
" وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ " (سورة لقمان 13
ففى آية الأنعام 81 تقول " وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا " هنا إستخدم الله سبحانه لفظة أشركتم فلا تدل بالضرورة على عبادة غير الله ، لماذا ؟
يقول سبحانه فى سورة الأعراف : " اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ " (سورة الأَعراف 3
فإذا خالفت هذا الأمر وإتبعت شيئا آخر دون ما أنزل الله أو قرنت معه شيئا آخر مثل أحاديث ، فيعتبر هذا شرك بالله وظلم للنفس.
يقول سبحانه وتعالى فى سورة الجن : " وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَدًا " (سورة الجن 18
فإذا قرنت أى إسم ما فى الصلاة وفى الآذان فهذا إشراك شيئ آخر مع الله سبحانه لم ينزل به سلطانا فهذا يعتبر ظلم وتعدى على حق من حقوق الله تعالى والذى عبرت عنه الآية الكريمة بالشرك.
قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا " (سورة الجن 21"
فإذا إعتقدت وصدقت ما قيل لك بأن الرسول محمد عليه السلام يمكنه أن ينفعك أو يضرك أو يشفع لك فأنت ظلمت نفسك وتعديت على حق من حقوق الله وخالفت أمره الذى جاء فى الآية الكريمة.
شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ " (سورة آل عمران 18"
فإذا إعتقدت وصدقت ما قيل لك بأن الشهادة شهادتين فقد ظلمت نفسك واشركت مع الله ما لم ينزل به سلطانا وعصيت ما أمرتك هذه الاية الكريمة التى بدأت بشهادة الله على نفسه ، فيا حسرتا على العباد.
الآيات والأمثلة كثيرة فى القرءآن الكريم، أكتفى بهذا القدر حتى يتسنى لمن يريد أن يشترك معنا فى هذا الحوار البناء وأرجو من السادة الكتاب والقراء أن يدلوا بخبرتهم بالتعليق على السؤال الذى بدأت به وهو" حل شهر رمضان وإنقضى، فماذا إستفدتم وحققتم؟" فأرجو أن تكون التعليقات ليس شخصية ولكن بصفة عامة عما إستفدناه من هذا الشهر الكريم ومدى تمسكنا بكتاب الله العظيم حتى نستفيد من ارائكم وخبراتكم خلال هذا الشهر المبارك، وحين ننقد أنفسنا نقدا بناء صادقين مع أنفسنا، فهذا هو أعظم إستفادة لأنفسنا ولغيرنا حتى تعم الفائدة على الجميع ، ويعتبر هذا النقد البناء محاسبة النفس قبل أن يحاسبها الملك"مالك يوم الدين" .
والحمد للــــه رب العالمين....