مر الآن عامين بالتمام والكمال على فترة حكم السيسي لمصر وبدون الخوض في طبيعة ونتائج هذه الفترة التي قد يختلف حولها البعض ولكن في هذه السطور أطرح رأي شخصي ..وشخصي جدا عن تقييم الرجل على المستوى الفردي..
وبحكم معرفتي به.. البعض يعلم أنني أعرفه شخصيا وكتبت مذكراتي معه، وبحكم هذه المعرفة أقول الآتي:
أولا: الرجل شخصية عسكرية حازمة جدا..لكن مع عسكريته (متملق ووصولي) يعني يمكنه الصعود بأقل زمن وأقل مجهود..
ثانيا: متدين ومحافظ ، وتدينه أعطاني فكرة عنه في السابق أنه إخوان، لكن بعد ثورة يونيو اكتشفت أن تدينه نسخة (سلفية اجتماعية محافظة) ليس لها شأن بالإسلام السياسي..
ثالثا: مجتهد جدا ونشيط ومرتب في تنظيم أعماله
رابعا: لديه موقف طائفي من الشيعة ويربطه بنسخة ولاية الفقيه الإيرانية، وهذا الموقف وضح بجلاء في كراهيته للإسلام السياسي من ناحية، وتقديسه للصحابة من ناحية أخرى (راجع حواره مع صحيفة المصري اليوم في أكتوبر 2013) والعارف بالمذاهب أن تقديس الصحابة أو آل البيت هو توجه طائفي بالأساس..ويدفع أصحابه للتشدد والتحرك بناءً على أفكار تراثية..
خامسا: ليس عصاميا..هو من أسرة غنية، وربما ذلك سبب في عدم شعوره بالفقراء الذين يموتون وينتحرون في مصر هذه الأيام..
سادسا: عروبي جدا ومحب لشخصية الزعيم جمال عبدالناصر ويصفه بالخالد ويحلم أن يكون مثله
في السابق قلت أنه يصلح لإدارة الدولة في مرحلة ما بعد الإخوان لحاجة مصر إلى قائد بهذه المواصفات يجمع الدولة ويفرض الأمن في زمن قصير..وقد حدث..لكن بعد تأجيره الجيش المصري في حرب اليمن ظهر الجانب الآخر من شخصيته (الوصولية والمنفعة اندمجت مع موقفه الطائفي) وبعد بيعه للجزر المصرية تمكن منه هذا الجانب الذي يشعر عن طريقه بقداسة المملكة حكومةً وشعبا بوصفهم أصحاب الحرمين (وأحفاد الصحابة)..!
مخطئ من يظن أن تصريحات شيخ الأزهر ضد الجيش العراقي والحشد الشعبي ليس للسيسي شأن بها..الرجل جلس مع السيسي لساعات وتحدثوا أكيد في هذه الأمور ..ورأي شيخ الأزهر ينسجم تماما مع موقف السيسي..لكن لحساسية منصبه لا يصرح ويفضل السكوت..
مخطئ كذلك من يظن أن دعم وزير الثقافة .."حلمي النمنم"..للأزهر ضد إسلام بحيري ليس للسيسي شأن به، هذا موقف الرئيس والنمنم جلس مع السيسي لساعات وتحدثوا أكيد في هذه الأمور، ورأي حلمي النمنم ينسجم تماما مع موقف السيسي، لكن لحساسية منصبه لا يُصرح ويفضل السكوت..
شخصيته الدينية المحافظة أجبرت من تحته على اكتساب نفس الصفات.. ورئيس مجلس النواب علي عبدالعال نموذج، بالأمس هنأه عبدالعال بذكرى غزوة بدر..ولا أعلم ما موقع غزوة بدر في السياسة المصرية؟!
أجبرت كذلك الحكومة المصرية على رفض إلغاء قانون ازدراء الأديان، وهو الذي وعد بإلغاء هذا القانون في جلسته مع المثقفين..وقتها حذرت أنه خدع المثقفين بذلك الوعد..فالرجل محافظ واتجاهه النفسي نحو مزيد من سد الذرائع..
هذه الشخصية لا يمكنها التناغم مع آراء أخرى أو حتى تقبل بتقاسم سلطة أو شراكة أو أي وجه من أوجه الديمقراطية، لذلك وصفته بالدكتاتور ..وإدارته لمصر الآن بهذه السياسة الدكتاتورية التي تُهمّش كل مؤسسات وهيئات وأحزاب الدولة لصالح شخصه وليس للجيش..فهناك فارق..لأن لو الجيش نفسه تحكم لكان للسياسة الخارجية شأن آخر بمزيد من التحفظ والوعي وعدم التورط في مشكلة مع أي شعب..وحرب اليمن نموذج على هذا التفرد الدكتاتوري الذي أصبح سمة للسياسة المصرية..
كذلك هذه الشخصية ليست بارعة في الاقتصاد، وأرى أن سقوطها سيكون من هذا الجانب لعدم امتلاكها المشروع أو البرنامج الاقتصادي الذي امتلكه على الأقل نظيره في الستينات، وأزمة مصر الاقتصادية وارتفاع الأسعار والديون المفجعة الآن مقدمة لما قد يحدث من أزمات اجتماعية واقتصادية في مصر يصعب السيطرة عليها لا قدر الله...