دعوة لإحالة شيوخ الارهاب الى المحكمة الجنائية الدولية

آحمد صبحي منصور في الأربعاء ١٥ - يونيو - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

أولا : بين الارهابى الضحية والمجرم الحقيقى ( شيخ الارهاب ) .  

 

1 ـ ( عمر متين ) شاب أمريكى من أصل أفغانى . ويبدو من الصور التى إلتقطها لنفسه إعجابه بصورته ، ويبدو أن إلتقطها وقت أن كان شابا منطلقا ، بحيث قيل عنه أنه كان يتردد على ملهى الشواذ ، يشرب فيه الخمر . ثم حدث تغير فى حياته جعله يذهب الى نفس النادى ويحوله الى حمام دم ، يشمل دمه هو أيضا . ماهو هذا التغير الذى جعله يعلن ولاءه لجماعات الارهاب ثم يرتكب هذه المذبحة ؟   

2 ـ الانسان عندما تواجهه أزمة يلجأ الى الدين . و( المسلم ) بالذات إذا واجهته أزمة عاتية أو ( وعكة نفسية ) يلجأ الى المسجد ، وحيث يسيطر الدين الوهابى على أغلبية مساجد الأمريكية والغربية والشرق أوسطية ،فإن من يلجأ الى المسجد الوهابى يقع ضحية للفكر الوهابى ، ويكون فريسة مثالية لشيخ المسجد ، وقد يصل به الحال الى أن يتحول الى قنبلة يفجّر نفسه والآخرين . هذا الشاب الأمريكى المسلم الأفغانى المتفتح على الدنيا أصبح رقما من آلاف الأرقام لشباب مثله بحثوا عن (الأمن ) و ( الشفاء ) و ( الهداية ) فى أحضان المسجد ( الوهابى ) فتحولوا الى إرهابيين .

3 ـ أتذكر قصة مؤلمة ظهرت فى الصحف الأمريكية ونقلتها جريدة الشرق الأوسط عام 2003 حسبما أتذكر ، وكانت عن شابين من المغرب يعيشان فى لوس أنجيليس ، كانا صديقين يعيشان فى مسكن واحد ، احدهما مسلم والآخر يهودى ، وجمعتهما الصداقة وحب الحياة ، ثم حدثت أزمة نفسية للشاب المسلم فإعتاد التردد على مسجد ، وانتهى الأمر به الى أن يقتل صديقه شريكه فى السكن لأنه ( يهودى )  . أضاع مستقبله وأضاع حياة صديقه .!

 4 ـ فى القصص المؤلمة لعشرات الألوف من الشباب الارهابيين تتجلى حقيقة مؤلمة : أنهم قتلة وضحايا فى نفس الوقت ، وأن القاتل الحقيقى هم شيوخ الارهاب الذين يقنعون الشباب المتدين بالدين السّنى بقتل أنفسهم وقتل الأبرياء  معهم . وبينما يتطلع شباب العالم الى المستقبل وحُب الحياة فقد أرجع شيوخ الوهابية الارهابيين زهرة الشباب المسلم الى الماضى وإحتقار هذه الحياة وتدميرها . وبينما يدفع الشاب الارهابى الثمن قتلا وإحتقارا فإن المجرم الأكبر الذى خدعه وحرضه ودفعه لقتل نفسه والآخرين يظل يعيش متمتعا بالتكريم ، بل ويظل يمارس دوره الارهابى متمتعا بحماية الدولة التى يعيش فيها .

5 ـ وطالما يستمر هذا الوضع المخزى المحزن فسيستمر مسلسل الدم . يستمر الشيخ فى الغواية ويستمر الشباب فى قتل أنفسهم والآخرين . وطالما لا يمكن منع الأزمات من الوقوع ، وطالما يتعرض الانسان للوعكات النفسية وطالما تظل المساجد تحت سيطرة شيوخ الارهاب السلفى الوهابى فإن حمامات الدم ستستمر ، هنا وهناك .

6 ـ فى القوانين الوضعية يُعتبر المحرّض على القتل شريكا للقاتل ، مع أنها أحوال فردية ، فليس هناك قاتل مجرم عادى يقتل آلافا من البشر ويكون له من يحرّضه كلما قتل نفسا بريئة . نحن هنا أمام حالة فريدة ومُخزية ومُحزنة ، وهى أن شيخا يتمتع بالاحترام يقوم بتحويل المسجد من دار أمن وسلام ، يأتى اليه المؤمنون طلبا للسكينة والأمن وراحة البال الى مدرسة للإرهاب يتخرج فيها شباب يؤمنون أن طريقهم الى الجنة والتمتع بالحور العين مفروش ببحار من دماء الضحايا . القاتل العادى يقتل فردا ويكون له شريك يحرضه على قتل ذلك الشخص ، وقد يكون القتيل مجرما أو قاتلا سعى القاتل الى الانتقام منه وتنفيذ العدالة بيده ، وبهذا أقنعه الشريك المُحرّض ، ولكن العدالة لا تقتنع بهذا فيأخذ القاتل جزءاه بالقانون ، وكذلك يأخذ المحرض الشريك جزاءه بالقانون .

7  لماذا تسكت السلطات المعنية فى أمريكا والغرب عن مؤاخذة شيوخ الارهاب فى المساجد بإعتبارهم شركاء فى الجرائم الارهابية التى يثبت فيها أن هذا الارهابى كان يتردد على هذا المسجد ويسمع لهذا الشيخ ؟

8 ـ إن خُطب الجمعة والدروس الليلية فى المساجد الوهابية فى أمريكا والغرب تستخدم الحرية فى الخطاب فى التحريض على الارهاب وفى نشر ثقافة الكراهية للآخر المختلف فى الدين بل والمذهب ، ولهذا نجحت الجاليات الفيتنامية والآسيوية والأسبانية فى الاندماج مع المجتمعات الأمريكية ، وظلت الجاليات العربية والمسلمة ترفض الاندماج وتستعلى على الغرب الذى إستضافها ، بل وتراه وطنا للكفار مستحقى القتل ..

كل هذه بسبب سيطرة الوهابية وشيوخها على المساحد . تتجلى الخطورة فى أنّ التردد على المساجد وصلاة الجمعة  فيها هو تقليد متأصّل لدى المسلمين ، وخصوصا عند المغتربين منهم فى الغرب وأمريكا . وبالتالى يصبحون فريسة لذئاب الوهابية .

9  ـ  بعض القوانين فى بعض البلاد تجعل من يعلم أن فلانا سيقتل فلانا ثم لا يبلغ السلطات يكون مجرما يواجه السجن . وقد ذكرت قناة ( سى إن إن ) أن زوجة منفذ هجوم أورلاندو، عمر متين، أكدت لمكتب التحقيقات الفيدرالي FBI أن الأخير كان قد عبّر سابقا أمامها عن رغبته بتنفيذ ما وصفها بـ"عمليات جهادية" ولكنها نفت معرفتها المسبقة بأي تفاصيل قد تكون على صلة بالهجوم الذي أدى لمقتل وجرح قرابة مائة شخص بملهى للمثليين. و أن محققي FBI   يدرسون إمكانية توجيه اتهامات لها بسبب تقاعسها عن إبلاغ السلطات عمّا صرح به زوجها لها. لماذا لا يطبق هذا على شيوخ الارهاب فى المساجد الأمريكية ؟ اليسوا خاضعين للقانون أم أنهم فوق القانون ؟

10 ـ  لم نسمع عن إعتقال شيخ ارهابى يحرض على الارهاب فى مسجد أو قناة تليفزيونية أو موقع على الانترنت .

تتفاوت جرائم هؤلاء الشيوخ حسب نفوذهم وشهرتهم وأدواتهم الاعلامية التى يستخدمونها فى الترويج للإرهاب ، فليس إمام مسجد يرتاده المئات فى مدينة أمريكية أو أوربية او استرالية مثل شيخ كالقرضاوى تنشر له الفضائيات ، أو مثل شيخ الأزهر الذى تحول الأزهر على يديه ( غير الكريمتين ) الى معمل لتخريج الارهابيين بالألوف  كل عام ، وهو الذى يستخدم نفوذه فى سجن من ينتقد مناهج الأزهر الارهابية ، كما فعل مع الشاب إسلام بحيرى .  وفى الأزهر وفى كلية الشريعة والقانون تخرج زعيم ( بوكوحرام ) النيجيرى  ، كما تخرج من قبل فى كلية اصول الدين د عمر عبد الرحمن ، ايقونة الارهاب ، والذى أوصل الارهاب الى التراب الأمريكى . ويحرص السلفيون من خريجى الكليات العملية على الحصول على شهادات أزهرية ليكتسبوا بها   مؤهلا رسميا  لنشر الارهاب ، ومنهم ذلك الطبيب ياسر البرهامى الذى نسى الطب وتخصص فى نشر كراهية المسيحيين  باسم الدين الوهابى .

ثانيا : الحل : إحالتهم الى المحكمة الجنائية الدولية  

  أدعو احرار العالم الى القيام بحملة تدعو الى إحالة شيوخ الارهاب الى المحكمة الجنائية الدولية .

1  ـ  ينطبق على شيوخ الارهاب  ما جاء فى المادة 25: عن المسؤولية الجنائية الفردية فى قانون المحكمة الجنائية الدولية ، تقول هذه المادة  :

 1 ـ يكون للمحكمة اختصاص على الأشخاص الطبيعيين عملا بهذا النظام الأساسي.

 2- الشخص الذي يرتكب جريمة تدخل في اختصاص المحكمة يكون مسؤولا عنها بصفته الفردية وعرضة للعقاب وفقا لهذا النظام الأساسي.  

3- وفقا لهذا النظام الأساسي، يسأل الشخص جنائيا ويكون عرضة للعقاب عن أية جريمة تدخل في اختصاص المحكمة في حال قيام هذا الشخص بما يلى:
(أ) ارتكاب هذه الجريمة، سواء بصفته الفردية، أو بالاشتراك مع آخر أو عن طريق شخص آخر، بغض النظر عما إذا كان ذلك الشخص الآخر مسؤولا جنائيا؛
(ب) الأمر أو الإغراء بارتكاب، أو الحث على ارتكاب، جريمة وقعت بالفعل أو شرع فيها؛
(ج) تقديم العون أو التحريض أو المساعدة بأي شكل آخر لغرض تيسير ارتكاب هذه الجريمة أو الشروع في ارتكابها، بما في ذلك توفير وسائل ارتكابها ..)

2 ـ وحتى لا يتخوف أحد من تمتع شيوخ الارهاب بالقدسية أو النفوذ فإن المادة 27:  تتحدث عدم الاعتداد بالصفة الرسمية ، فتقول (

1 ـ يطبق هذا النظام الأساسي على جميع الأشخاص بصورة متساوية دون أي تمييز بسبب الصفة الرسمية. وبوجه خاص، فإن الصفة الرسمية للشخص، سواء كان رئيسا لدولة أو حكومة أو عضوا في حكومة أو برلمان أو ممثلا منتخبا أو موظفا حكوميا، لا تعفيه بأي حال من الأحوال من المسئولية الجنائية بموجب هذا النظام الأساسي، كما أنها لا تشكل، في حد ذاتها، سببا لتخفيف العقوبة.
2- لا تحول الحصانات أو القواعد الإجرائية الخاصة التي قد ترتبط بالصفة الرسمية للشخص، سواء كانت في إطار القانون الوطني أو الدولي، دون ممارسة المحكمة اختصاصها على هذا الشخص.)

3 ـ وحتى لا يقال إن هذا الشيخ أقلع وتاب فإن المادة 29:  تؤكد : عدم سقوط الجرائم بالتقادم ، وتقول (

لا تسقط الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة بالتقادم أيا كانت أحكامه.)

4 ـ وطالما نتحدث عن عمليات (قتل  متعمد ) يقوم شيوخ الارهاب بالتحريض عليه على مستوى واسع فإن المادة 8: عن جرائم الحرب ، تقول :

1 ـ يكون للمحكمة اختصاص فيما يتعلق بجرائم الحرب، ولا سميا عندما ترتكب في إطار خطة أو سياسية عامة أو في إطار عملية ارتكاب واسعة النطاق لهذه الجرائم.
2- لغرض هذا النظام الأساسي، تعنى "جرائم الحرب":
(أ) الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف المؤرخة 12 آب/أغسطس 1949، أي أي فعل من الأفعال التالية ضد الأشخاص أو الممتلكات الذين تحميهم أحكام اتفاقية جنيف ذات الصلة:
“1” القتل العمد؛
“2” التعذيب أو المعاملة اللاإنسانية، بما فى ذلك إجراء تجارب بيولوجية؛
“3” تعمد إحداث معاناة شديدة أو إلحاق أذى خطير بالجسم أو بالصحة؛
"4" إلحاق تدمير واسع النطاق بالممتلكات والاستيلاء عليها دون أن تكون هناك ضرورة عسكرية تبرر ذلك وبالمخالفة للقانون وبطريقة عابثة؛).  

 

أخيرا :

1 ـ منذ تسيدت الوهابية وحمامات الدم قد أصبحت خبرا عاديا ، وآلاف الأبرياء يتم قتلهم وسط الهتاف باسم رب العزة جل وعلا وبصيحة ( الله أكبر ) . المجرم العادى قد يتوب ، أما الارهابى الذى يعتقد أن قتل الآخرين يُدخله الجنة فمستحيل أن يتوب ، وكيف يتوب وقد أقنعه شيخ الارهاب أن ما يفعله هو جهاد فى سبيل الله ، مع ان الله جل وعلا يلعن من يقتل نفسا بريئة ، ويتوعده بالعذاب ، هذا فى قتل نفس واحدة فكيف بحمامات دم مستمرة ؟!

2 ـ أتمنى أن تنطلق هذه الدعوة ( لاحالة شيوخ الارهاب لمحكمة الجنايات الدولية ) فلعلها توقفهم وتُسكتهم .

3 ـ تذكروا الضحايا السابقين ، وتفكروا فى الضحايا القادمين ، وتحركوا لإنقاذ البشرية وحضارتها الانسانية من شيوخ الارهاب .

4 ـ السكوت ـ كما يقول المثل المصرى ـ يعنى الرضا . فهل أنتم راضون عن جريمة شيوخ الارهاب ؟ 

اجمالي القراءات 16789