نعيد هنا أولا معنى التوبة .
هناك توبة ظاهرية تسقط بها العقوبة الشرعية ، وهى بردّ الحقوق وإعلان الندم ، والعزم على تغيير السلوك الى الأفضل . وهناك توبة قلبية بين الفرد وربه جل وعلا ، وتكون بالايمان الحق ورد المظالم ، وتكثيف العمل الصالح ، وبهذا يبدّل الله جل وعلا سيئاتهم حسنات ، ويغفر لهم يوم القيامة. وهناك من يجمع بين التوبة الظاهرية والتوبة القلبية .
المشترك بين أنواع التوبة هو رد الحقوق لأصحابها ، فمن سرق وتاب عليه أن يعيد المسروقات لأصحابها ، ومن ظلم شخصا عليه أن يستسمحه طالبا منه العفو .
ثانيا
المسكلة هنا فى موضوع رد المظالم بالنسبة لموضوع الزنا . هناك أعزب يزنى ، وهناك محترفة للزنا ، أى لا تخون أحدا . هى تخطىء فى حق الله جل وعلا وشرعه ، ولكن لا تظلم زوجا ، وهناك أعزب يخطىء بالزنا ولا يظلم زوجته . ليس هنا حق لبشر .
يختلف الحال بالنسبة للزوجة التى تقع فى الخيانة الزوجة ، وهنا تتعقد المشكلة . مطلوب أن تعترف للزوج ، ولكن هذا الاعتراف الذى هو حق للزوج يعنى تدمير حياتهما الزوجية وتشتيت للأطفال وظلم لهم بلا ذنب إقترفوه ، ومن حقهم أن يعيشوا فى أسرة مكتملة وسط الوالدين . هنا تعارص بين حق الزوج فى أن يعرف ، ولو عرف ما غفر لأن الزوج الشرقى لا يعفر حيانة زوجته أبدا ، ولو أبقى عليها زوجة فلن تكون علاقته بها كما كانت ، فالزوج الشرقى يرى من حقه أن يفعل ما يشاء ولكن ينكر نفس الحق على الزوجة ، وهكذا يرى المجتمع الشرقى حتى النساء فيه .
فى التعارض بين حق الزوج فى المعرفة بما حدث لتتم التوبة وبين خطر هذا على الأطفال وتشردهم أرى أن حق الأطفال هو الأهم ، بناءا على أن تشريعات القرآن فى الزواج والطلاق مؤسسة على مقصد أساس هو رعاية الأسرة وحفظ كيانها .
لذا أرى ألّا تعترف الزوجة لزوجها بحيانتها ، وتعوّض هذا الحق بالتفانى فى الاخلاص له وإسعاده ، مع التفانى فى اخلاص التوبة القلبية لله جل وعلا . أى أن تكون توبة لله جل وعلا حقيقية ، مع إسعاد للزوج تعويضا عن إخفاء هذا الأمر عليه .