العلاقة بين الآيات 19-23 بما قبلها من سورة النجم .

عثمان محمد علي في الأحد ٢٩ - مايو - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

 

العلاقة بين الآيات 19-23 بما قبلها من سورة النجم .

بسمالله الرحمن الرحيم .

كتبت الأستاذة الفاضلة –عائشه حسين – مقال تحت عنوان ((هل تمثُل الملائكة في صورة بشر يعني تحولهم إلى بشر ))  http:// http://ahl-‎alquran.com/arabic/show_article.php?main_id=14793‎

  عن تحول الملائكة لصور بشرية مرأية عند تبليغهم لأوامر ربانية مُحددة لبعض الأنبياء وقيامهم بتنفيذها على الأرض . فقمت بالتعقيب عليه بنعقيب قلت فيه ((نعم يا استاذه   فسبحانه  رب العالمين اودع فى الملائكة القدرة على أن أتوا  لبعض من  الأنبياء ،ولمريم إبنت عمران فى صورة بشرية مع إحتفاظهم بخصائصهم الملائكية  الأخرى ، وبذلك تمكن  الأنبياء،وتمكنت مريم أن يتحاوروا معهم .  لكن مُحمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام فقد  كان الأمر مختلفا فإنه قد رأى جبريل عليه السلام على صورته الملائكية مرتين كما أخبرت بذلك آيات سورة النجم  ،ومع وجود ولكن مسافة كبيرة بينهما ، وذلك بعدما تحول بصر خاتم المرسلين وتغيرعن طبيعته البشرية ليتمكن من رؤية   جبريل على صورته الملائكية ،اى حدث عكس ما حدث للأنبياء ))..

فكتب الدكتور رضا عامر = تعقيبا بعنوان سورة النجم  قال فيه ((بالنسبة لفهمى المتواضع من أكثر السور غموضا لكثرة وجود ضمير الغائب فيها .. وعلر من يعود الضمير .. فالتفسير المشهور أن شديد القوى هو جبريل عليه السلام .. وعلى هذا فالايات التالية تكزن معطوفا ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعْلَى ثم دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى.. ثم يقول رب العزة فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى.. هنا الحيرة فى كلمة عبده .. كما يحيرنى سؤال عن ما هى العلاقة بين الاسراء وذكر الايات التالية أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى)).

فكتبت تعقيبا وعدته فيه أن أُجيب على سؤال سيادته فى مقالة منفصلة .فهاهى الإجابة  .أسأل الله العلى القدير أن يوفقنا جميعا فى الإجتهاد والتدبر فى كتابه المجيد،  وأن يهدينا سبيل الرشاد .

اهلا بك دكتور رضا . وإسمح لى بالمُشاركة فى الإجابة.

‎-‎        نعم الضمير فى قوله تعالى ولقد رآه نزلة أخرى يعود على رؤية محمد بن عبدالله  لجبريل عليهما السلام  مرة أخرى  .والضمير فى( فأوحى ) يعود على جبريل حال  أو حين تنزيله الوحى على  قلب  ‏خاتم الأنبياء والمرسلين محمد بن عبدالله   ، ونُسب الوحى إلى جبريل  لأنه هو الذى قام بإنزاله وتنزيله على قلب  خاتم المرسلين عليه السلام . والأحداث والأفعال والأقوال الربانية  التى ذُكرت فى القرآن الكريم  تُنسب إلى الله جل جلاله  لأنه صاحب الخلق والأمر وله الحكم سبحانه ، وتُنسب فى بعض المرات  للملائكة  لأنها هى من تتولى تبليغها أو تنفيذها على أرض الواقع  . اما الضمير فى (عبده ) فيعود على عبودية محمد ‏بن عبدالله للواحد الأحد جل جلاله ،وليست لعبوديته لجبريل ،لأن محمد كان عبدا لله ‏وليس لجبريل .

أما عن الإجابة على سؤال حضرتك ...

ما هى العلاقة بين الاسراء وذكر الايات التالية أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى؟؟

اقول  اولا أن الآيات هى

.((((وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى 1مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى 2وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى 3إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى 4عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى 5ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى 6وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى 7ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى 8فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى 9فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى 10مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى 11أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى 12وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى 13عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى 14عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى 15إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى 16مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى 17لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى18أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى 19وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى 20)))

عادة لكى افهم علاقة الموضوعات المُنفصلة عن بعضها ،اوعن السياق القرآنى لما سبقها من آيات (من وجهة نظرى ). أقوم بالآتى ..1- إذا جاء ما بعدها  من سياق شارحا ومفسرا لها ،فالحمد لله رب العالمين .

2- أما  إذا كانت منفصلة ولم يشرحها ما تلاها من سياق للآيات التى تلتها فأتبع  فى ذلك إحدى وسيلتين  . إذا كانت آيات تشريعية ،فأبحث عن موضوعها  طبقا لترتيب نزول القرآن مكيا ثم مدنيا . أما إذا كانت آيات عن القصص القرآنى أو المعاملات  فأعود  للسور التى سبقت السورة التى ذُكرت فيها  الآيات طبقا لترتيب المُصحف من الفاتحة إلى الناس  ، فمثلا  فى آياتنا هذه (أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى) وعلاقتها بقصة الوحى ونزوله وبالإسراء ،وبأوائل   سورة النجم . عدت للسور السابقة للسورة  وبدأت بسورة ق، ثم الذاريات ،ثم  الطور ،ثم عُدت  لسورة النجم  لأبحث عن الصلة الموضوعية بينهم وبين سورة النجم وما فيها من آيات وحقائق عن الوحى ونزوله ،ووموقف  المُكذبين بالله والكافرين به ،وإتخاذهم من دونه آلهة يعبدون .  فوجدت الآتى .

1-فى سورة ق :بدأت بالقسم بالقرآن (الوحى المُنزل على محمد بن عبدالله –موضوع سورة النجم ) ((ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ 1))-

--2 -تعجب وإستغراب قريش واهل مكة من   نزول القرآن على محمد تحديدا ((بَلْ عَجِبُوا أَن جَاءهُمْ مُنذِرٌ مِّنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ 2- ))  

  3-إنكارهم لقدرة المولى عزُوجل على بعثهم ونشورهم بعد موتهم  .((أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ ))

  4- فرد القرآن  عليهم  بآيات يُعدد فيها  قدرة الخالق جل جلاله فى خلقه لعلهم يرشدون .

   5- ثم تلاها الحديث عن تكذيب الأمم السابقة لرسالة رب العالمين ،وبما فيها من تذكير بالموت والبعث والنشور والحساب والجنة والنار، وعن عذاب المُكذبين الكافرين بالقرآن الذين جعلوا مع الله آلهة أخرى فى النار هم وآلهتهم ،وبالتأكيد سيكون معهم من آمن باللات والعُزى ،ومناة الثالثة الآخرى ......(((وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ 23أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ 24مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُّرِيبٍ 25الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ 26قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِن كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ 27قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِالْوَعِيدِ 28مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ 29يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ ))))

6- ثم  الأمرالإلهى  للنبى محمد عليه السلام بالصبر على إيذائهم وتكذيبهم لللوحى (((فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ 39وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ 40)).

  7- ثم الأمر المباشر الآخر له وتذكيره بدوره الذى بُعث من أجله ،وألا يُكرههم على الإيمان ،وإنما يُذكر بالقرآن من يخاف الله ويتقيه  ((نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيد 4))..

8- إذن سورة (ق ) فى مُجملها تتحدث عن القرآن ، ونبى القرآن ، وتكذيب قومه له وللوحى الذى نزل عليه فى القرآن .

===  ثم إنتقلت إلى سورة الذاريات ..فوجدت الآتى .

1-بدأت بالقسم ببعض آيات الله الكونية على صدق القرآن  وما جاء فيه عن اليوم الآخر من حساب وعقاب وعقاب للذين  كفروا بالله وكذبوا باليوم الآخر.  

  2-ثم  الحديث والأمر الإلهى بتقديس رب العالمين وإخلاص الدين له وحده  سبحانه جل جلاله وعدم إتخاذ ألهة  تُعبد معه    ((فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ 50وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ 51)).

   3—ثم وصف لحال السابقين المُكذبين بالرسالات  ونعتهم لأنبيائهم بالسحر والجنون ،وهذا ما حدث ايضا للنبى محمد من قومه  . ((كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ 52أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُون 53َ))  

4- ثم تكرار الأمر للنبى عليه السلام بأن يتولى ويُعرض عنهم  ،وينشغل برسالته وتذكير المؤمنين بها لعلهم ينتفعون بها . (((فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنتَ بِمَلُومٍ 54وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ 55))  

  5- جاء  التحذير من الإشراك بالله ،وإتخذا ألهة أخرى من دونه ضمن الحديث عن الرسالات السابقة ،وموقف السابقين منها ،وضمن الحديث عن الرسالة الخاتمة القرآن الكريم (الوحى المُنزل على النبى عليه السلام ) ،،واوامره بتذكير المؤمنين به .

6- إذن سورة الذاريات ايضا ذكرتنا بالحديث عن القرآن ،ورسول القرآن ، و موقف المُكذبين به وبرسوله ،  وإتخاذهم آلهة يعبدونها من دون الله ، وبالأمر للنبى عليه السلام أن يتولى ويُعرض عنهم .

=====  ثم إنتقلت إلى سورة الطور فوجدت الآتى .

1- أقسم رب العزة  بالطور ، وهو  (المكان الذى أُسرى بالنبى محمد عليه السلام إليه  ) ،ثم أقسم  سبحانه بالكتاب والوحى الذى نزل على محمد فى المسجد الأقصى بجبل الطور ، ثم أ قسم ببيت الله الحرام الذى أُسرى منه بمحمد إلى جبل الطور ....((وَالطُّورِ 1وَكِتَابٍ مَّسْطُورٍ 2فِي رَقٍّ مَّنشُورٍ 3وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ 4))     .

 2- ثم  القسم بآيات من آيات الله الكونية  الأخرى على أن (جواب القسم ) عذاب رب العالمين للمُكذبين به وبرسالته وبرسوله واقع  بهم  يوم القيامة لا محالة (إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ)).  ثم الحديث بعد ذلك عن الجنة والنار وما سيحدث فيهما .

 3-  ثم الحديث عن  تبرأة النبى عليه السلام مما إتهموه به من كهانة وجنون . فقال  رب العالمين ((فَذَكِّرْ فَمَا أَنتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ 29أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ 30قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُتَرَبِّصِينَ 31أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُم بِهَذَا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ 32أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَل لَّا يُؤْمِنُونَ33)).  

   4-- ثم التحدى الأعظم  لهم إذا كان هذا سحر و شعر وقول كُهان فلتأتوا  بمثله إن كُنتم  صادقين . ((فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُوا صَادِقِينَ 34))  

   5- ثم تحدثت الآيات  سريعا عن إفتراءهم  وزعمهم بأن الملائكة هم  بنات الله  ، وعن تقسيم الكافرين  فى أن يكون لهم البنين ،ولله ما يكرهون  من البنات ((أَمْ لَهُ ٱلْبَنَـٰتُ وَلَكُمُ ٱلْبَنُونَ  39 )))   . 

 5- ثم تكرار الأمر للنبى عليه السلام  كما فى السور السابقة  بالإعراض عنهم ،وعن اقوالهم وأفعالهم وإشراكهم بالله وتكذيبهم به وبآياته ،وبأن موعدهم يوم القيامة  ((فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ 45يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ 46))..وقوله سبحانه ((وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ 48وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ49)).  

6- إذن سورة الطور تحدثت ايضا بين اياتها عن القرآن والرسالة (الوحى ) ،ومكان تلقى  الوحى ،والمكان الذى إنطلق منه النبى لتلقى الوحى ، ثم الحديث عن المُكذبين بالوحى ، ثم إشارة إشارة سريعة عن موقفهم من الملائكة وتسميتهم لها بالأنثى  ونسبتها لله (تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ) ثم تحدثت عن اوامر المولى عزّوجل للنبى بأن يُعرض عنهم وعن تكذيبهم ..

==== وفى سورة النجم الموضوع الرئيسى للإجابة على السؤال . وجدت الآتى .

1- تحدث القرآن الكريم بتفصيل أكثر عن الوحى ،وكيفية نزوله ،ورؤية النبى عليه السلام لجبريل عليه السلام اثناء تلقيه الوحى (القرآن ) ،وأن مُحمد عليه السلام على عكس الأنبياء قد رأى جبريل على هيئته الملائكية  مرتين بعد أن تغيرت قدرته البصرية مؤقتا لتكتسب القدرة على رؤية ما وراء الطبيعة من شكل جبريل وصورته الملائكية التى لا يُمكن ان يراه وهو بقدرته البصرية البشرية  المحدودة المحصورة بمجال رؤية محدد ومرتبط  بتردد موجات ضوئية محدد  . فيقول القرآن عن رحلة محمد عليه السلام لتلقى الوحى ،وعن تبرأته  من أن يكون قد  ضل وقال هذا القرآن من عند نفسه ،وبأنه ليس كما وصفوه من قبل فى السور السابقة بالكهانة والسحر والجنون ((وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى 1مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى 2وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى 3إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى 4عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى 5ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى 6وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى 7ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى 8فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى 9فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى 10مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى 11أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى 12وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى 13عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى 14عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى 15إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى 16مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى 17لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى 18)). ..

2- ثم تحدث القرآن بعد ذلك  تفصيلاعن أسماء  تلك الآلهة التى إتخذوها من دون الله ،ومنعتهم من الإيمان الخالص  بالواحد الأحد ،وبالتصديق بنبيه والوحى الذى نزل على نبيه ،وما حدث له عند تلقيه لهذا الوحى ، وعن قولهم أن لهم البنين ولله البنات ، وتسميتهم للملائكة  تسمية الأنثى  ،ثم إتخاذهم هذه الأسماء أصناما  (اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى )  يسجدون لها من دون الله ، وأن هذه الآلهة المزعومة وأسماءها ما هى إلا أسماء من عند أنفسهم  ما أنزل الله بها من سلطان ،وأن هذه هى الآلهة التى أشار إليها القرآن مجملا سور (ق-الذاريات –الطور ) ،فقال عنها القرآن هُنا (((أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى 19وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى 20أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنثَى 21تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى 22إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى23))     ....((  إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنثَى 27وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا 28))  

 3—ثم تحدثت سورة النجم  كذلك عن  الأمر الإلهى المُتكرر فى السور المذكورة  سابقا  للنبى عليه السلام بالإعراض عنهم فى قوله تعالى (((فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّى عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا 29ذَلِكَ مَبْلَغُهُم مِّنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى 30))  .

 4-  ثم ذهبت السورة  للحديث عن الرسالة والقرآن والتذكير بها مرة أخرى  فى قوله تعالى  ((أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ 59وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ 60وَأَنتُمْ سَامِدُونَ 61فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا62))..

 ومن كل ما سبق يتضح لنا كيف ربط القرآن الكريم فى سور (ق ،والذاريات ،والطور ،والنجم ) بشرح وتفسير آياته بعضها ببعض التى  ورد فيها  قصص عن (الوحى ) وملك الوحى ، ونبى الوحى ، ومكان تلقى الوحى ،والليلة التى تلقى فيها النبى الوحى ، وموقف المُكذبين والكافرين من الوحى  ،وسبب تكذيبهم ،وعن طبيعة آلهتهم التى أتخذوها من دون الله وعلاقتها بتكذيبهم بالوحى ،وأن إيمانهم بها كان السبب الرئيسى لكُفرهم برب الوحى جل جلاله  و بالوحى وبنبى الوحى  .ولماذا سموها بهذه الأسماء الأنثوية .  ومن هُنا فإن ما جاء فى سورة النجم هو بمثابة تفصيل لما جاء مُجملا  عن الوحى الإلهى ، والألهة التى منعتهم عبادتها من أن يؤمنوا به واسماءها فى السور السابقة لها فى ترتيب المُصحف .

هذا والله أعلم . مع إنتظارى لأراء وإجتهادات أخرى من أهل القرآن فى هذا الموضوع  ننتفع بها .

اجمالي القراءات 11817