مسلسل الدم فى خلافة ( الأمين ) العباسى (الخليفة الشاذ التافه )

آحمد صبحي منصور في الثلاثاء ١٠ - مايو - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

أولا  :   شخصية الخليفة محمد الأمين

1 ـ ( محمد الأمين ) مولود فى السنة التى تولى فيها ابوه الخلافة 170 ، وعقد له أبوه بالبيعة واليا لعهده عام 175 ، وحكم خمس سنوات ، وقُتل عام 198 . أشعل حربا كان منتظرا أن يتفرغ لها ، ولكنه أشعلها وإنشغل عنها بمجونه وإستهتاره الذى تفوق فيه على السابقين ، وسبق بشذوذه الجنسى الخلفاء العباسيين المنحلّين الذين أتوا بعده وساروا على نهجه .

2 ـ قالوا فيه : ( وأما الأمين فإنه تشاغل باللهو واللعب ، وبنى ميدانًا حول قصر المنصور للصوالجة وعمل خمس حراقات في دجلة على خلقة‏‏ الأسد والفيل والعقاب والفرس والحيّة ‏.‏ وأمر لبعض من أنشده بثلثمائة ألف دينار وأوقر لشاعر أنشده ثلاثة أبغل دراهم .)   

( ثم وجه إلأمين الى جمع البلدان في طلب الملهين، وضمهم إليه، وأجرى عليهم الأرزاق، واحتجب عن أخويه وأهل بيته، واستخف بهم وبقواده، وقسم ما في بيوت الأموال، وما بحضرته من الجواهر في خصيانه، وجلسائه، ومحدثيه، وأمر ببناء مجالس لمنزهاته، ومواضع خلواته ولهوه ولعبه، وعمل خمس حراقات في دجلة على صورة الأسد، والفيل، والعقاب، والحية، والفرس، وأنفق في عملها مالاً عظيمأ ).

 ( أمر الأمين أن يفرش له على دكان في (قصر ) الخلد يومأ ، ففرش عليها بساط زرعي، ونمارق ، وفرش مثله، وهيئ من آنية الذهب والفضة والجواهر أمر عظيم، وأمر قيّمة جواريه أن تهيئ له مائة جارية صانعة، فتصعد إليه عشراً عشراً بأيديهن العيدان، يغنين بصوت واحد، فأصعدت إليه عشراً فاندفعن يغنين.. ) .

وعن شذوذه الجنسى قالوا : ،( طلب الخصيان وأباعهم ( أى إشتراهم ) ، وغالى فيهم، ( أى تطرف فى حبهم ) ، فصيرهم لخلوته ليله ونهاره،وقوام طعامه وشرابه، وأمره ونهيه، وفرض لهم فرضاً ( أى عيّن لهم جنودا ) سماهم الجرادية، وفرضاً من الحبشان سماهم الغرابية، ورفض النساء الحرائر والإماء... )

وبعد قتله قيل فى إستحلال قتله :( كيف لا يستحل قتل محمد وشاعره ( ابو نواس ) يقول في مجلسه:  ألا فاسقني خمراً وقل لي هي الخمر ** ولا تسقني سراً فقد أمكن الجهر ).

ولم يجد المؤرخ ابن الأثير فيه ما يستحق الاشادة، فقال عنه : ( ولم نجد في سيرته ما يستحسن ذكره من حلم، أومعدله، أوتجربة، حتى نذكرهأن وهذا القدر كاف.)

3 ـ  وهجاه الشعراء إنكارا على فجوره ومجونه وشذوذه وسوء تدبيره .

فعن شذوذه الجنسى قالوا عنه :

 لهم من عمره شطر وشطر ** يعاقر فيه شرب الخندريس

وما للغانيات لديه حظ ** سوى التقطيب بالوجه العبوس

إذا كان الرئيس كذا سقيماً ** فكيف صلاحنا بعد الرئيس

ولما بايع الأمين لابنه ( الطفل )..قال الشاعر البغدادى :

أضاع الخلافة غش الوزير      وفسق الإمام وجهل المشير

ففضل وزير وبكر مشير         يريدان ما فيه حتف الأمير

وما ذاك إلا طريق غرور       وشر المسالك طرق الغرور )

ثم يقول عن شذوذ الخليفة الأمين الايجابى وشذوذ الوزير السلبى :

( لواط الخليفة أعجوبة           وأعجب منه خلاق الوزير

فهذا يدوس وهذا يداس       كذاك لعمري اختلاف الأمور

 فلو يستعينان هذا بذاك            لكانا بعرضة أمر ستير)

 ويقول عن عشق الخليفة بغلامه كوثر  

( ولكن ذا لج في كوثر       ولم يشف هذا دعاس الحمير

 فشنع فعلاهما منهما           وصار خلافا كبول البعير ).

وقال عن البيعة لابن الخليفة وهو لا يزال رضيعا يحتاج لمن ينظفه : 

( وأعجب من ذا وذا أننا           نبايع للطفل فينا الصغير

ومن ليس يحسن غسل استه    ولم يخل من بوله حجر ظير )

ومما قيل في هجائه بعد قتله تذكيرا : بمجونه وتركه الصلوات وشربه الخمر وشذوذه مع غلامه كوثر وحمقه وتعريضه بغداد لتكون ميدانا للحرب بينه وبين اخيه المأمون  :

( لم نبكيك، لماذا؟ للطرب **     يا أبا موسى، وترويج اللعب

ولترك الخمس في أوقاتها **    حرصاً منك على ماء العنب

وشنيف أنا لا أبكي له **        وعلى كوثر لا أخشى العطب

لم تكن تعرف ما حد الرضى **  لا ولا تعرف ما حد الغضب

لم تكن تصلح للملك ولم **      تعطك الطاعة بالملك العرب

لم نبكيك؟ لما عرضتنا **           للمجانيق وطوراً للسلب

 كان والله علينا فتنة **           غضب الله عليه وكتب

 

ثانيا : مسلسل الدم ( داخل  "دار السلام " ) فى الخلاف بين الأمين والمأمون

1 ـ قوة الخليفة المنصور المؤسس الحقيقى للدولة العباسية لم تسمح بوجود مراكز قوة الى جانبه ، قتل أبا مسلم الخراسانى ، وارعب وزراءه . وخفّ الحال فى خلافة المهدى ، فكان فيه نفوذ للحاجب  (الربيع بن يونس) ( ت 170 )، وحلّ محله نفوذ البرمكة فى عهد الرشيد . وكان هذا برضى الرشيد الذى كان يرتعب منه الجميع، وفى لحظة غضب أطاح بالبرامكة ، ولم يسمح الرشيد بعدها بنفوذ لأى أحد .  

2 ـ تفاهة (الأمين ) شجعت على تكوين مركز قوة تمثل فى (الفضل) ابن (الربيع ابن يونس ) الذى كان يخشى إنتقام المأمون منه فعمل على ألا يصل المأمون للخلافة بأن يزيحه الأمين من ولاية العهد ، بتقديم إبن الأمين الطفل فى ولاية العهد على (المأمون ).  

2 ـ ( محمد الأمين ) قدمه أبوه الرشيد على أخيه الأكبر (عبد الله المأمون ) لأن المأمون أمه جارية بينما أم الأمين ( زبيدة ) هى بنت عم الرشيد. وبنفوذها قام الرشيد بتقديم الأمين فى ولاية العهد على أخيه الأكبر المأمون. وقد عاشت حتى شهدت هزيمة ابنها وقتله نتيجة لتدليلها له وسوء تربيته . وكان الرشيد يتحسّر على إضطراره لهذا حين يقارن بين الأمين المدلل والمأمون المهذب. ثم بايع الرشيد لعبد الله المأمون بولاية العهد بعد الأمين عام 182 . أى وقع الرشيد فى نفس الخطأ القاتل وهو البيعة لاثنين ، وهو نفس الخطأ الذى تكرر يوقع الخلاف بين الأخوة ، حيث يعزل الأخ أخاه ويولى العهد ابنه أو إبنين. ولم يتعظ الرشيد بما حدث له من أخيه الهادى . ويقول ابن الأثير معلقا : (وهذا من العجائب، فإن الرشيد قد رأى ما صنع أبوه وجده المنصور بعيسى ابن موسى، حتى خلع نفسه من ولاية العهد، وما صنع أخوه الهادي ليخلع نفسه من العهد، فلولم يعاجله الموت لخلعه، ثم هويبايع للمأمون بعد الأمين، وحُبُّك الشيء يعمي ويصم .!!). وحاول الرشيد إصلاح الأمر مقدما بإلزام إبنيه الأمين والمأمون بالوفاء ، فكتب عقدا علقه فى الكعبة ، فى عام 186 ، تقول الرواية : ( ولما وصل الرشيد إلى مكة، ومعه أولاده، والفقهاء والقضاة والقواد، كتب كتاباً أشهد فيه على محمد الأمين، وأشهد فيه من حضر بالوفاء للمأمون، وكتب كتاباً للمأمون أشهدهم عليه فيه بالوفاء للأمين، وعلق الكتابين في الكعبة، وجدد العهود عليهما في الكعبة. ).  

3 ـ فى البداية سارت الأمور بين الأخوين بسلاسة : تسلم الأمين خزائن الرشيد من أمه زبيدة في شعبان عام 194،( وأقر الأمين أخاه المأمون على ما تحت يده من بلاد خراسان والري وغير ذلك) وإعترف المأمون بخلافة الأمين ( وكتب إليه وعظّمه ).

4 ـ بدأ الفساد فى نفس العام 194 ، بتدخل الفضل بن الربيع الذى زيّن للأمين خلع المأمون ، وأيده فى هذا علي بن عيسى بن ماهان، والسندي ، فأمر الأمين بالدعاء على المنابر لابنه موسى ( بما يعنى العهد له بولاية العهد وخلع المأمون ).  

5 ـ فلما بلغ ذلك المأمون وهو فى خراسان أسقط اسم الأمين من الطراز، وقطع البريد عنه .   وإنضم للمأمون القائد هرثمة وطاهر بن الحسين .

6 ـ وبعث الأمين الى المأمون بعض كبار العباسيين (العباس بن موسى ، وعيسى بن جعفر بن المنصور ) وبعض قواده:  (صالح صاحب المصلى، ومحمد بن عيسى بن نهيك. )،   برسالة بأن يتنازل عن ولاية العهد للطفل موسى ابن الأمين ، فرفض المأمون ، ورجع أولئك الرسل الى الأمين يخبرونه أن أهل خراسان مع المأمون . واستمال المأمون ( العباس بن موسى العباسى  ) وجعله جاسوسا على الأمين مقابل وعود . وحصّن المأمون خراسان بأعوانه فلا يدخل اليها أحد من العراق إلا بجواز سفر وبعد تفتيش .  ولما علم الأمين بموقف المأمون إستحضر كتاب الرشيد المعلق على الكعبة ومزقه ، ومنع  ذكر المأمون  لى المنابر. وتعددت الرسل بين الأمين والمأمون وانتهت الى قرار الحرب .

7 ـ أرسل الأمين جيشا من 40 ألف فارس يقوده علي بن عيسى بن ماهان لحرب المأمون وإشتبك مع جيش المأمون الذى يقوده طاهر بن الحسين ، وانهزم جيش الأمين ، ولقى قائده ابن ماهان مصرعه ..‏( وانتهى الخبر إلى الأمين وهو يصيد السمك من دجله فقال‏:‏ ويحك ‏!‏ دعني من هذا فإن كوثراً قد صاد سمكتين، ولم أصد بعد شيئاً‏.‏ ). كان الأمين يصطاد مع ( معشوقه كوثر ) فلم يؤرقه إلا إن كوثر فاز عليه بأن إصطاد سمكتين.

8 ـ أرسل الأمين جيشا آخر يقوده عبد الرحمن بن جبلة الأنباري في عشرين ألف رجل نحو همذان، وأتاه طاهر إلى همذان، فاقتتلوا قتالاً شديدأ،  وصبر الفريقان، وكثر القتل والجراح فيهم، ثم انهزم عبد الرحمن، ودخل همذان،  وانتهى الأمر بعد قتال شديد الى هزيمة جيش الأمين ( ووضع فيهم أصحاب طاهر السيوف يقتلونهم، حتى انتهوا إلى المدينة، وأقام طاهر على بابها محاصراً لهأن فاشتد بهم الحصار، وضجر أهل المدينة، فخاف عبد الرحمن أن يثب به أهل المدينة مع ما فيه من أصحابه من الجهد، فأرسل إلى طاهر يطلب الأمان لنفسه ولمن معه، فأمنه، فخرج عن همذان.).

9 ـ استولى طاهر بن الحسين على قزوبن ، ونقض عبد الرحمن بن جبلة الأمان وحارب طاهر فهزمه طاهر وقتله .  وكان الأمين قد أرسل جيشا آخر يقوده ( الحرشى ) وعندما علم بهزيمة عبد الرحمن بن جبلة هرب عائدا الى بغداد . وتوسع طاهر يأخذ البلاد بلدا بلدا الى أن وصل الى قرية من قرى حلوان فى العراق وعسكر بها .

10 ـ وفى عام  196 ، بعث الأمين جيشا آخر يقوده أسد بن يزيد بن مزيد، فى عشرين ألف فارس، وسار معه عبد الله بن حميد بن قحطبة في عشرين ألفاً، وسار بهم إلى حلوان . ودسّ طاهر الجواسيس داخل هذا الجيش ، مما جعلهم يقتتلون فيما بينهم ، ورجعوا الى بغداد . وأحتل طاهر (حلوان ) ثم حلّ محله فى قيادة الجيش هرثمة ، وتوجه طاهر الى الأهواز . وتمت الخطبة للمأمون بأمير المؤمنين، وارتفعت منزلة وزيره ( الفضل بن سهل).وغنى عن الذكر أن الذى كان يرسل الجنود ويدبر الأمور باسم ( الأمين ) كان ( الفضل بن الربيع ) . اما الأمين فقد كان مشغولا بمجونه .

11 ـ واقترح عبد الملك بن صالح ـ عم الأمين ـ عليه أن يجعله قائدا لجيش من الشام يحارب به المأمون ، وسار عبد الملك الى  ( الرقة )، وتجمع له فيها جيش هائل ، كان فيه كثيرون من أهل خراسان ، ووقع شقاق بين الخراسانيين والعرب من بقية الجيش فاقتتلوا مقتلة هائلة ، بينما مرض القائد عبد الملك بن صالح ، وانتهى الأمر بفشل الحملة .

12 ـ ومن تبقى من الجيش رجع الى بغداد ومعهم الحسين بن علي بن عيسى بن ماهان الذى أعلن خلع الأمين والانقياد الى خلافة المأمون ، واقتتل مع أتباع الأمين وهزمهم . ووثب العباس بن موسى بن عيسى العباسى بالأمين، فحبسه مع أمه زبيدة بقصر المنصور،  وانتشرت الفوضى بين الجند ، وقُتلوا الحسين ابن ماهان ، وأعيدت البيعة للأمين ، وهرب    الفضل بن الربيع .

12 ـ  سار محمد بن يزيد المهلبى لقتال طاهر بالأهواز ، وكان واليا من قبل للأمين على الأهواز ، قتقاتل مع طاهر ، وانهزم ، وقُتل . وسيطر طاهر بن الحسين على الأهواز كاملة ، وتحرك منها الى واسط ، فهرب عنها قادة الأمين ( السندى وابن شعبة ) ، وأرسل طاهر جيشا الى الكوفة فأسرع واليها بمبايعة المأمون . وبايع للمأمون ولاة البصرة والموصل ومكة والمدينة ، ثم أهل مكة والمدينة  . وأرسل الأمين جيشا لاستعادة الكوفة فانهزم الجيش . وانهزم جيش آخر للأمين حاول إستعادة الكوفة . واستولى طاهر على المدائن وهرب عنها جيش الأمين . وانهزمت جيوش أخرى للأمين فى النهروان .

13 ــ واستعمل الأمين سلاح المال ، واستمال به جزءا من جيش طاهر فخرج على طاهر ، فحاربهم وهزمهم . وانفق الأمين أموالا فى الناس ليحملوا السلاح ، فاستعمل طاهر سلاح المال أيضا مع مهارته فى بث الفت فى صفوف أعدائه ، فأوقع الفوضى فى صفوفهم ، وعمت الفوضى بدخول اللصوص وهروب المجرمين من السجون.

14 ـ ثم كان حصار بغداد عام  197 ، وحاصرها طاهر وهرثمة وزهير بن المسيب ، وضربوها بالمجانيق والعرادات ، فتخربت بغداد ، وأنفق الأمين كل أمواله فاضطر الى بيع أمتعته ، وضرب أوانى الذهب والفضة دراهم ودنانير ، وضعف جنود الأمين عن القتال ، فأخذ فى الدفاع عن بغداد العوام فيها ، وكان معظمهم عُراة ، فأتعبوا جيش طاهر بفدائيتهم ومكرهم مع قلة سلاحهم . وبايع للمأمون بعض كبار قادة الأمين  الذى إنهمك فى الشراب ، وأوكل القتال الى قائد من العوام يسمى بالهرش ، وكانوا خبراء فى السلب والنهب .وأمر طاهر بنهب وإحراق وتدمير قصور وبيوت من لا يدخل فى طاعته ، واستمر القتال داخل بغداد بين جيش طاهر و ( المقاومة الشعبية ) ، وتكاثر القتلى من الجانبين ، ووصلت الأنباء الى الأمين ، فقال : (  وددت أن الله قتل الفريقين جميعاً فأراح الناس منهم، فما منهم إلا عدوُّ لي، أما هؤلاء فيريدون مالي، وأما أولئك فيريدون نفسي.! ). وانتهى الأمر باستيلاء طاهر على بغداد عام 198 . وهرب الأمين ، ثم لحقوا به فقتلوه وإحتزوا رأسه .

 ثالثا : مسلسل آخر للدم فى خلافة الأمين 

 توقفت غارات العباسيين على البيزنطيين ، وكان ممكنا أن ينتهزها البيزنطيون فرصة للإنتقام . ولكن لم يفعلوا . توقف هجوم ( دار السلام ؟!) على ( دار الحرب ؟! ) بسبب إنهماك ( دار السلام ) بقتال بعضهم . ووقتها لم تهاجمهم ( دار الحرب ). فمن الأولى بوصف السلام ومن الأولى بوصف الحرب ؟ ..ومتى نتوقف عن الكيل بمكيالين ، ومتى نتوقف عن تزكية أنفسنا بالباطل وإنتقاص الخصم أيضا بالباطل ؟

نتابع مسلسل الدم فى خلافة الأمين :

1 ـ عام 194  ـ  خالف أهل حمص على الأمين، وعلى عامهم إسحاق بن سليمان، فانتقل عنهم إلى سلمية، فعزله الأمين واستعمل مكانه عبد الله بن سعيد الحرشي، فقتل عدة من وجوههم، وحبس عدة، وألقى النار في نواحيهأ،  فسألوا الأمان فأجابهم، ثم هاجوا بعد ذلك فقتل عدة منهم.

2 ـ  خلاف أهل تونس على ابن الأغلب:حاصروه وقتلوا جماعة من رجاله ، واستمرت الحروب هناك . واستمرت القلاقل بعدها عدة سنوات .

عام 195

  1 ـ في هذه السنة خرج السفياني، من ذرية يزيد بن معاوية، وأمه من ذرية علي بن أبي طالب، وكان يلقب بأبي المعيطر ، ودعا لنفسه بالخلافة ، واستولى على دمشق وانضمت اليه  صيدا؛ وحوصر فى دمشق وهرب منها متنكرا فى ثياب إمرأة .

 

 ‏أخيرا : حتى لايضيع منا طرف الخيط :

نذكركم بعنوان الكتاب : الأصل التاريخى لتقسيم العالم الى ( دار السلام ودار الحرب ). ونذكركم :

1 ـ بأن الله جل وعلا لم يخلق البشر ليكونا معسكرين متحاربين ، بل خلق البشر جميعا  أخوة من أب واحد وأم واحدة ، وجعلهم شعوبا وقبائل كى يتعارفوا سلميا ، لا لكى يتقاتلوا ، يقول جل وعلا يخاطب البشر جميعا : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13) الحجرات )

2 ـ إن الله جل وعلا أرسل رسوله بالقرآن الكريم رحمة للعالمين وليس لقتال العالمين ، يقول جل وعلا : ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107) الأنبياء )

3 ـ إن الله جل وعلا أمر المؤمنين بالدخول فى السلام كافة ، فقال جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (208) البقرة ). وتشريعات القتال الدفاعية هى إستثناء يخدم السلام .  ولكن الصحابة إتبعوا خطوات الشيطان بالفتوحات ، وجعلوها دينا ، نتج عنه تقسيم العالم الى معسكرين متحاربين ـ حربا مستمرة ، لا يزال الوهابيون يواصلونها حتى اليوم

 

4 ـ القتال فى الاسلام هو لرد العدوان فقط ، وهذا معنى أن يكون فى سبيل الله جل وعلا . أما القتال المعتدى الذى فعله الصحابة فهو فى سبيل الشيطان ، وليس هناك توسط : إما قتال دفاعى فى سبيل الله جل وعلا ، وإما قتال باغ معتد ظالم يريد الثروة والسلطة ، أى فى سبيل الشيطان . يقول جل وعلا عن نوعى القتال : (الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ)(76)النساء).

اجمالي القراءات 19055