خربشات على جدار الوطن

كمال غبريال في الأربعاء ٠٤ - مايو - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً


 •    أظن أن هبة الشعب المصري يوم 30 يونيو 2013 هي نقطة مفصلية، من حيث أن النظرة لها وتقييمها وفهم ‏دلالاتها هو الذي يحدد الطريق لكل ما تلاها. فلو نظرنا إليها باعتبارها "ثورة تصحيح" لمسار ثورة سبقتها في 25 ‏يناير 2011، لكان الطريق الذي سرنا فيه هو تحقيق ما بدأت به الثورة بشعار "عيش. حرية. كرامة إنسانية"، ‏مع تجنب الأخطاء التي انحرفت بتلك الثورة، وأدت لسقوط ثمرتها في حجر الإخوان الإرهابيين وأذنابهم السلفيين ‏والجهاديين. أما إذا نظرنا إلى 30 يونيو باعتبارها "ثورة مضادة"، ترفض كل ما حدث في 25 يناير من حيث ‏المبدأ، فإن المسار لابد وأن يكون باتجاه العودة إلى عصر مبارك. هذا مع الأخذ في الاعتبار أنه بعد 25 يناير ‏لم يعد الشعب هو ذات الشعب، ولا الأحوال هي ذات الأحوال، بعدما استشعر الشباب إمكانياتهم للتغيير، مما ‏يعني أن محاولة العودة لما كان لن ينتج عنها إلا خلق حالة أشبه بمسخ مشوه غير قابل للحياة أو الاستمرار.‏
إذا نحينا جانباً التصريحات الرسمية الناعمة، وما دون في ديباجة الدستور عن كل من ثورتي 25 يناير و 30 ‏يونيو، فالواضح أن نظرة الممسكين بالسلطة الآن إلى 30 يونيو أنها حركة ارتداد عن 25 يناير. وهذا يفسر ‏مسيرتنا الراهنة، بكل تخبطاتها وخطاياها وفشلها الذريع.‏
•    أتاحت لي مرحلتي العمرية أن أعي جيداً كل ما حدث في القمة السياسية والقاعدة الشعبية وما بينهما منذ انقلاب ‏مغامري يونيو 1952 وحتى الآن، وأشهد أن مصر تمر الآن في جميع المناحي بأسوأ من كل ما كان!!
•    يمارس الإعلام المصري بصورة عامة دوره، في منطقة ما بين النفاق والتهليل والتضليل، وما بين الهوس ‏والتهييج والتضليل المضاد.‏ . لست بالتأكيد في صف السلطان وعسسه وسيافه مسعود، لكنني لن أخدع نفسي، ‏بأن هناك بمصر حملة رسالة وأصحاب رأي ودعاة تنوير يستحقون ولو الحد الأدنى من الاحترام!!‏. . أيام ‏انتخابات نقابة الصحفيين الأخيرة، كتبت ما معناه، أنه رغم أنني ضد كل يمثله "ضياء رشوان"، من خليط ‏ناصرجي إخوانجي بغيض وخطير، إلا أنني لا أريد لنقابة الصحفيين أن تنحدر إلى مستوى أن يكون نقيبها هو ‏‏"يحيى قلاش". . وقد كان!!
•    هذه نقرة وتلك نقرة أخرى:‏ 
النقرة الأولى هي: الحجر على حرية الفكر والرأي، عبر اتهامات مصاغة بعبارات ضخمة كفيلة بالذهاب بمن ‏توجه له إلى المشنقة
النقرة الثانية هي: تحويل نقابة الصحفيين إلى ملجأ للهاربين من الملاحقة القضائية، وتصور حصانة لمقر ‏النقابة، يجعلنا نسمي دخول الشرطة للقبض على هاربين من العدالة "اقتحاماً". 
صارت مصر كما لو أنها تعيش في "مولد سيدي الهجاص"!!
•    الانتماء الوطني للشعوب أمر حديث نسبياً في تاريخ كل الأمم، وليس في مصر وحدها. فرغم أن مصر أقدم ‏دولة في التاريخ، إلا أنها فقدت كينونتها الخاصة منذ القرن السادس قبل الميلاد عند دخول قمبيز، وظلت من ‏يومها تتراوح بين الفارسية واليونانية والرومانية، ثم الانتماء الديني المسيحي يتلوه الإسلامي. المؤشرات الأولى ‏للفكرة الوطنية مع بدايات القرن التاسع عشر ثم ثورة 1919 اعترضتها الانتماءات الدينية سواء لنظم الحكم أو ‏الجماهير. لذا فإن رفع بسطاء لعلم السعودية تحديداً ليس أمراً عارضاً بسيطاً كما يتصور البعض. هو هشاشة ‏الانتماء الوطني، التي يخفيها ويتكتم عليها أو حتى ينكرها الكثيرون.
•    ما نشاهده الآن على مواقع التواصل الاجتماعي من تمرد وخروج على المستقر والثوابت، قد يكون بالفعل بدايات ‏ثورة شاملة، تقتلع كل الجذور العتيقة البائدة. لكنه قد يكون أيضاً مجرد ارتفاع صوت نسبي، لظواهر تمرد ‏ومروق تصاحب دوماً وعبر التاريخ كل ما يسود من هيمنة وجمود.

اجمالي القراءات 7777