• أظن أن هبة الشعب المصري يوم 30 يونيو 2013 هي نقطة مفصلية، من حيث أن النظرة لها وتقييمها وفهم دلالاتها هو الذي يحدد الطريق لكل ما تلاها. فلو نظرنا إليها باعتبارها "ثورة تصحيح" لمسار ثورة سبقتها في 25 يناير 2011، لكان الطريق الذي سرنا فيه هو تحقيق ما بدأت به الثورة بشعار "عيش. حرية. كرامة إنسانية"، مع تجنب الأخطاء التي انحرفت بتلك الثورة، وأدت لسقوط ثمرتها في حجر الإخوان الإرهابيين وأذنابهم السلفيين والجهاديين. أما إذا نظرنا إلى 30 يونيو باعتبارها "ثورة مضادة"، ترفض كل ما حدث في 25 يناير من حيث المبدأ، فإن المسار لابد وأن يكون باتجاه العودة إلى عصر مبارك. هذا مع الأخذ في الاعتبار أنه بعد 25 يناير لم يعد الشعب هو ذات الشعب، ولا الأحوال هي ذات الأحوال، بعدما استشعر الشباب إمكانياتهم للتغيير، مما يعني أن محاولة العودة لما كان لن ينتج عنها إلا خلق حالة أشبه بمسخ مشوه غير قابل للحياة أو الاستمرار.
إذا نحينا جانباً التصريحات الرسمية الناعمة، وما دون في ديباجة الدستور عن كل من ثورتي 25 يناير و 30 يونيو، فالواضح أن نظرة الممسكين بالسلطة الآن إلى 30 يونيو أنها حركة ارتداد عن 25 يناير. وهذا يفسر مسيرتنا الراهنة، بكل تخبطاتها وخطاياها وفشلها الذريع.
• أتاحت لي مرحلتي العمرية أن أعي جيداً كل ما حدث في القمة السياسية والقاعدة الشعبية وما بينهما منذ انقلاب مغامري يونيو 1952 وحتى الآن، وأشهد أن مصر تمر الآن في جميع المناحي بأسوأ من كل ما كان!!
• يمارس الإعلام المصري بصورة عامة دوره، في منطقة ما بين النفاق والتهليل والتضليل، وما بين الهوس والتهييج والتضليل المضاد. . لست بالتأكيد في صف السلطان وعسسه وسيافه مسعود، لكنني لن أخدع نفسي، بأن هناك بمصر حملة رسالة وأصحاب رأي ودعاة تنوير يستحقون ولو الحد الأدنى من الاحترام!!. . أيام انتخابات نقابة الصحفيين الأخيرة، كتبت ما معناه، أنه رغم أنني ضد كل يمثله "ضياء رشوان"، من خليط ناصرجي إخوانجي بغيض وخطير، إلا أنني لا أريد لنقابة الصحفيين أن تنحدر إلى مستوى أن يكون نقيبها هو "يحيى قلاش". . وقد كان!!
• هذه نقرة وتلك نقرة أخرى:
النقرة الأولى هي: الحجر على حرية الفكر والرأي، عبر اتهامات مصاغة بعبارات ضخمة كفيلة بالذهاب بمن توجه له إلى المشنقة.
النقرة الثانية هي: تحويل نقابة الصحفيين إلى ملجأ للهاربين من الملاحقة القضائية، وتصور حصانة لمقر النقابة، يجعلنا نسمي دخول الشرطة للقبض على هاربين من العدالة "اقتحاماً".
صارت مصر كما لو أنها تعيش في "مولد سيدي الهجاص"!!
• الانتماء الوطني للشعوب أمر حديث نسبياً في تاريخ كل الأمم، وليس في مصر وحدها. فرغم أن مصر أقدم دولة في التاريخ، إلا أنها فقدت كينونتها الخاصة منذ القرن السادس قبل الميلاد عند دخول قمبيز، وظلت من يومها تتراوح بين الفارسية واليونانية والرومانية، ثم الانتماء الديني المسيحي يتلوه الإسلامي. المؤشرات الأولى للفكرة الوطنية مع بدايات القرن التاسع عشر ثم ثورة 1919 اعترضتها الانتماءات الدينية سواء لنظم الحكم أو الجماهير. لذا فإن رفع بسطاء لعلم السعودية تحديداً ليس أمراً عارضاً بسيطاً كما يتصور البعض. هو هشاشة الانتماء الوطني، التي يخفيها ويتكتم عليها أو حتى ينكرها الكثيرون.
• ما نشاهده الآن على مواقع التواصل الاجتماعي من تمرد وخروج على المستقر والثوابت، قد يكون بالفعل بدايات ثورة شاملة، تقتلع كل الجذور العتيقة البائدة. لكنه قد يكون أيضاً مجرد ارتفاع صوت نسبي، لظواهر تمرد ومروق تصاحب دوماً وعبر التاريخ كل ما يسود من هيمنة وجمود.